بعض تطبيقات الغبن
في
القانون الوضعي
في ضوء الشريعة الإسلامية
بقلم
الشيخ المحامي
الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد
المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقا
و الباحث
في الدراسات الفهقية والقانونية
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره وسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و
من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
وقال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ
الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
(النساء:1) .
وقال جل جلاله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل
، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة
بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .
و بعد :
هذا المبحث جديد لنا سوف نبحث فيه – بفضل الله
تعالى - بعض تطبيقات الغبن في القوانين العربية{المصرية،السورية،اللبنانية}ذلك أن
هناك حالات أخذ المتشرع فيها بفكرة الغبن وفق النظرية المادية وذلك بمقتضى نصوص
خاصة بكل حالة على حده،وقد أشارت المادة/130/ مدني مصري والمادة/131/مدني سوري إلى
هذه الحالات بقولها:{يراعى في تطبيق المادة السابقة عدم الإخلال بالأحكام الخاصة
بالغبن في بعض العقود أو بسعر الفائدة}.
والذي دعا المتشرع إلى الأخذ بفكرة الغبن وفق
هذه النظرية في هذه الحالات حرصه على أن يضمن الحماية فيها للطرف المغبون على أساس
محدود وبطريقة يسهل فيها الإثبات.
وعلى هذا نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب هي :
المطلب الأول : الغبن في ظل شركة حصة الأسد .
المطلب الثاني : الغبن في ظل عقد الإذعان.
المطلب الثالث: الغبن في ظل القسمة الاتفاقية
.
المطلب الرابع : الغبن في ظل عقد الوكالة.
المطلب الأول
الغبن في شركة حصة الأسد
شركة
الأسد: هي
التي يعفى فيها أحد الشركاء من تحمل الخسائر مع مقاسمته للأرباح ، أو يحرم من
الأرباح مع تحمله للخسائر.
ذلك
أن من مقومات عقد الشركة أن يساهم كل شريك في أرباحها و في خسائرها بنصيب ما، و إلا
كانت الشركة باطلة لإنتقاء نية المشاركة ، فإذا نص عقد الشركة على ألا يساهم شريك
في الربح ، فمعنى ذلك أن يحقق الربح دون خسارة ، فيكون له الغنم ولغيره الغرم .
ولا
شك أن الطرف الذي يأخذ الأرباح دون أن يتحمل الخسائر هو الغابن ، لذلك من الواجب
حماية هذا المغبون و إعادة الأمور إلى نصابها، فليس من الضروري أن يتم توزيع
الأرباح بالتساوي بين الشركاء مادام كل منهم يحصل على نسبة جدية من الربح.
لنرى
الآن كيف عالجت التشريعات العربية {اللبنانية ، السورية ، المصرية } هذا الموضوع:
ذهبت القوانين العربية { اللبناني في المادة 835 موجبات وعقود ، والمصري في
المادة515 مصري ، و السوري في المادة 483 مدني إلى بطلان الشركة المتضمنة شرط
الأسد ، فنصت المادة: 483مدني سوري على ما يلي :
1-إذا
اتفق على أن أحد الشركاء لايساهم في أرباح الشركة أو في خسائرها ،كان عقد الشركة
باطلاً .
2- يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم
غير عمله من المساهمة في الخسائر بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله .
فإذا
اتفق الشركاء على أن يأخذ أحد الشركاء بعض أرباح الشركة دون أن يتحمل أي خسارة
تتناسب مع حصته ، أو اتفقوا على أن يتحمل أحد الشركاء الخسائر من دون غيره مع
حرمانه من كافة الأرباح ، فلا جرم بأن هذا الاتفاق يحوي بين طيّاته غبناً فاحشاً
وشاذاً عن العادة المألوفة ، لذلك رأينا ان المتشرع قد تفاعل مع هذا الغبن فنص على
بطلان ، ليس فقط ذلك الشرط بل بطلان الشركة كلها بطلاناً مطلقاً.
وكذلك الأمر إذا نص عقد الشركة على أن أحد
الشركاء يجني الأرباح مع أن نصيبه تافهاً إلى حد أنه غير جدي ، فإن هذه الشركة
تكون باطلة ، وتكون أيضاً باطلة إذا نص العقد على أن أحد الشركاء لا يتحمل الخسائر
أو أن يتحمل بعض الخسائر إلى حد عدم الجدية.
ويجوز التفاق على إعفاء الذي قدم عمله فقط كحصة
في الشركة من الخسائر إذا لم يقرر له أجراً عن عمله ، لأنه سوف يتحمل الخسائر عن
طريق عدم أخذه لأي مبلغ لقاء عمله إن خسرت الشركة.
نصت
الفقرة الثانية من المادة 515 مدني مصري والمادة 483 مدني سوري صراحة على هذا
الحكم ، وقد رأينا مما سلف أنه يجوز الإتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم إلا
عمله كحصة من الخسائر على أن لا يكون قد تقرر له أجراًلقاء عمله.
وشركة حصة الأسد في أي صورة من صورها باطلة
بطلاناً مطلقاً في القوانين اللبنانية والمصرية والسورية ، بحيث يجوز لكل ذي مصلحة
أن يتمسك بهذا البطلان،كما يمكن أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا ترد على
هذه الشركة الإجازة ولا يسري في حقها التقادم .
وبعد
ما أوردنا فيما تقدم حكم هذه الشركة في القوانين الثلاثة لنر مدى انطبات الغبن
عليها ، وإذا ما انطبق الغبن عليها ، فهل ينطبق عليها الغبن في ضوء النظرية
المادية أم في ضوء النظرية الشخصية ، وهل كانت تلك القوانين موفقة في نصها على
بطلان تلك الشركة بطلاناًمطلقاً أم لا ؟؟.
في
البداية كما نعلم أن للغبن في ضوء النظرية المادية عنصرين بينما الغبن في ضوء
النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر، لنطبق هذه العناصر على شركة الأسد لنرى أي
النظريتين أجدر لحل مشـكلة هذه الشــركة.
{أ}
ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية المادية على شركة الأسد؟؟:
لا
حظنا أن أحد صور شركة الأسد أن يستأثر أحد الشركاء بالربح دون أن يتحمل أي خسارة ،
ولنطبق هذه الصورة على عناصر الغبن وفق النظرية المادية.
{العنصر الأول}قيمة الشيء:
فالعبرة
بقيمة الشيء بحد ذاته تبعاً للقوانين الاقتصادية ، ولنفترض أن الشركاء في المثال
السابق قد دفعوا حصصاًمتساوية في القيمة النقدية.
{العنصر الثاني}درجة الاختلال في هذا التعادل:
نرى
أن الشريك الذي حصل على حصة الأسد قد تقدم بحصة مثله مثل باقي شركائه ومع هذا فإنه
يأخذ ربحاً فاحشاً لايتعادل مع حصته ودون أن يتحمل أية خسارة .
{ب} ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية الشخصية على شركة الأسد:
كما
أصبحنا نعلم أن الغبن في ضوء النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر لنطبق تلك
العناصر على شـركة الأسـد.
{1} قيمة الشيء:
قيمة
الحصص لا تقيم بسعر السوق ولكن بالسعر الشخصي ، فربما قيّم أحد الشركاء حصته بأنها
تساوي حصة الأسد وبالتالي يجب أن يستأثر بالأرباح دون أن يتحمل أي خسـارة.
{2} استغلال ضعف الشريك
المغبون:
قد
يكون الشريك صاحب حصة الأسد من ذوي النفوذ والسلطة مما يجعله يستغل باقي الشركاء
ليحصل على هذه الحصة دون خسارة فعلية.
{3} أن هذا الاستغلال هو
الذي دفع إلى التعاقد:
فلولا
سلطة وبطش ذاك الشريك لما رضخ له باقي الشركاء على الرغم مما تحوي هذه الشركة من
الغبن الفاحش.
ومما تقدم نلاحظ أن الشرط الأول قد لا يتحقق أما
باقي الشروط فقد تحققت وبالتالي لا يمكن أن يكون للغبن وفق النظرية الشخصية أي
مفعول إلا بتحقيق شروطها الثلاث معاً.
أما إذا طبقنا على شركة الأسـد شروط الغبن وفق
النظرية المادية فإنها تستطيع أن تفرش جناحيها حامية بذلك الشريك المغبون من هذا
الغبن الفاحش وتعيد الأمور إلى نصابها بأن يتعادل الشركاء بالخسائر والأرباح كل
وفق حصته.
وبعد
أن شاهدنا أن الغبن ينطبق انطباقاً تاماً على شركة الأسد فلماذا لا نطبق عليها أيضاً
حلول الغبن !!.
فجزاء
الغبن هو إما البطلان و إما إعادة التوازن بين الإلتزامات أما جزاء شركة الأسـد في
القانون هو البطلان المطلق مع العلم بأن نص المادة/515/مدني مصري،ونص
المادة/483/مدني سوري كانا في المشروع التمهيدي كما يلي:
{الشركة
تكون قابلة للإبطال لمصلحة من يضار من الشركاء بشرط عدم المساهمة في الخسارة /وهم
سائر غير من أعفى من المساهمة في الخسارة/أو لمصلحة الشريك الذي اشترط عليه عدم
المساهمة في الربح}.
بيد أن النص أجود
حكماً من نص المادة /515/مدني مصري،و/483/مدني سوري لأنه يحقق هدفين وهـما:
1-المحافظة على المراكز القانونية التي نشأت في
ظل هذه الشركة.
2-حماية الطرف المغبون من هذا الشرط بأن يكون
البطلان لصالح المغبون إن لم تصبح الموجبات بين الشركاء متعادلة كل وفق حصته في
الأرباح والخسائر.
فالتشريعات
الوضعية العربية {اللبنانية،المصرية،السورية}أرادت أن تضع نصاً يُرهب من يريد مثل
هذه الشركة ولم ترد أن تعترف بها ثم تحل مشاكلها وتعقيداتها ومع هذا أميل إلى أن
تطبق على هذه الشركة حلول الغبن و آثاره .
أما
بالنسبة لشرط الأسد فهو الباطل وهذا البطلان لا يسري عليه التقادم الطويل ويستطيع
كل ذي مصلحة أن يطلب بطلان هذا الشرط ،كما تستطيع المحكمة أن تحكم من تلقاء ذاتها
ببطلان هذا الشرط.
المطلب الثاني
الغبن في عقد الإذعان
الأصل في التعاقد أن يتم عن طريق التفاوض
والمناقشة والمساومة ، بحيث يتفاوض أطرف العقد على بنوده على نحو يحقق لهما
مصالحهما ، بيد أن هناك من العقود ما يشذ عن هذه القاعدة،فلا يكون هناك مفاوضات أو
مساوم على بنود العقد ، وإنما يضع الطرف القوي في العقد شروطه وما على الطرف
الثاني إلا أن يرضخ لهذه الشروط جملة وتفصيلاً أو يرفضها كلها مما قد يترتب على
هذا العقد غبناً فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفةى ، وعلى هذا سوف نبحث كيف يحمي
القانون الطرف المذعن المغبون ، وما مدى هذه الحماية.
اعتبرت القوانين المدنية السورية والمصرية
واللبنانية عقد الاذعان من العقود الصحيحة ، واعتبرت أن تسليم الطرف المذعن لمشيئة
الطرف الآخر أنه قبول للعقد،إلا أن تلك القوانين لم تغفل عن أن عقد الإذعان يتميز
بطبيعة خاصة فالعقد قائم التفاوت الكبير بين مركز كل من طرفيه ، الأول يفرض شروطه
والثاني عليه أن يقبلها دون أدنى مناقشة وربما أدى ذلك إلى وقوع الطرف المذعن تحت
رحمة الطرف القوي ، فيشتغله بأن يفرض عليه شروطاً تعسفية مما جعل رجال الفقه
القانوني يسعون جاهدين في سبيل حماية الطرف المذعن من تلك الشروط التعسفية.
نص القانون
اللبناني في المادة /172/موجبات وعقود القانون المدني المصري في المادة/150/ على
أنه {إذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي أن يعدل
هذه الشروط أو يعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة ، ويقع
باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك}.
فالمظهر
السياسي للحماية التي يضعها القانون للطرف المذعن المغبون تتمثل في رفع هذا الغبن
عن طريق رفع هذا الغبن عن طريق رفع الأمر للقضاء طالباً منه تعديل الشروط التعسفية
وفقاص لما تقضي به العدالة عن طريق رفع الغبن عن الطرف المذعن وإعادة الموجبات إلى
حالتها الطبيعية.
ويلاحظ
أن بعض الفقهاء يحرص على إبعاد أحكام الغبن عن العقود التجارية ، وجعلها محصورة في
عقود القانون المدني فقط.
يقول
الدكتور مصطفى كمال طه:{أما البطلان في المغالاة التدليسية في التأمين ، فلا يشترط
فيه ارتكاب المستأمن بطرق احتيالية بل يكفي المؤمن إثبات أن المستأمن قد غالى في
تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية}.
فالفقيه
هنا يجعل المغالاة في تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة
الشيء الحقيقية تديساً، ولا يخفى على أحد بأن التدليس لابد أن يقترن بطرق
احتيالية،أما إذا انتقت هذه الطرق فلم يعد هذا تدليساً بل غبناً.
والدليل
على ما أقول هو أن شروط الغبن متوفرة في المثال السابق فهناك اختلال بين الموجبات فالمؤمن يريد الحصول على التعويض أعلى من قيمة
الشيء الحقيقية وهذا التعويض فاحش جداً بالنسبة للقيمة الحقيقية للأشياء المؤمن
عليها وبالتالي فإن هناك اختلالاً بين الموجبات وعليه فإن هناك غبناً ، وغني على
البيان أن تعديل الشروط التي يتضمنها عقد الإذعان لا يقرره القاضي من تلقاء نفسه ،
وإنما بناء على طلب الطرف المذعن.
بعد أن يطلب الطرف المذعن رفع الغبن عنه ، فالقاضي هو الذي يملك حق تقدير
ما إذا كان هناك غبناً أم لم يكن،فإذا اكتشف أن هناك غبناً فله أن يزيله كلياً أو
يزيل جزءاً منه ، فالمتشرع لم يرسم للقاضي حدوداً في ذلك إلا ما تقتضيه العدالة ، ولا
يجوز للمتعاقدين أن ينزعا من القاضي سلطته
هذه باتفاق خاص لأن هذا الإتفاق إذا ما وجد فهو باطل لمخالفته النظام العام.
المطلب الثالث
الغبن في القسمة الإتفاقية
تنص المادة /835/من
القانون المدني المصري والمادة /789/ من القانون المدني السوري على أن :{الشركاء
إذا انعقد إجماعهم أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها، فإذا كان بينهم
من هو ناقص الأهلية ، وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.
وتنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة /779/من القانون المدني
السوري على أنه :
1-يجوز نقض القسمة الحاصلة يالتراضي إذا أثبت
احد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس،على أن تكون العبرة في
التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.
2- ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية
للقسمة ، وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل المدعي نقداً ،
أو عيناً ما نقص من حصته.
ومن
هاتين المادتين نستطيع أن نستنتج أحكاماً تكون خطة بحث لهذا المطلب لذا سوف نقسم
المطلب إلى النقاط التالية :
أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية .
ثانياً: كيفية إجراء القسمة الإتفاقية .
ثالثاً:حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء .
رابعاً: نقض القسمة
الإتفاقية .
أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية:
تنص المادة /835/ مدني مصري والمادة
/789/ مدني سوري على أن:{للشركاء إذا انعقد إجماعهم ، أن يقتسموا المال الشائع
بالطريقة التي يرونها}.
ومن
ذلك يتبين لنا أن القسمة الرضائية عقد أطرافه الشركاء المشتاعون ،ومحله المال
الشائع وعلى هذا العقد تسري أحكام سائر العقود من رضى جميع الشركاء على هذه
القسمة،فإذا لم يتوفر رضى الجميع وأبرم بعض الشركاء عقد القسمة،ولم يبرمه البعض
الآخر،فلا يترتب على ذلك إنهاء حالة الشيوع،وإنما يسري هذا الاتفاق على من رضي به
فقط،حتى إذا رضي باقي الشركاء أصبحت هذه القسمة نافذة بحق الجميع.
ويتعين ألا يكون من بين هؤلاء الشركاء من هو
ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية
وجب اتباع الإجراءات التي يقضي بها القانون في هذا الصدد.
ويخضع إثبات عقد القسمة للقواعد العامة في
الإثبات فلما زادت قيمة المال المقسوم على المبلغ المحدد في القانون فلا يجوز
إثباته إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة وكما يكون الإتفاق على القسمة صريحاً
يمكن أن يكون ضمنياً،وفي هذه الحالة يكون للقضاء أن يستخلص من تصرفات الشركاء أنهم
قد ارتضوا جميعاً قسمة المال الشائع طالما كان تصرف كل منهم في حدود حصته فقط وصدر
التصرف من جميع الشركاء.
ثانياً:كيفية
إجراء القسمة الرضائية:
من
نص المادة /835/مدني مصري،والمادة /789/مدني سوري،والمادة /941/ موجبات لبناني ، يتبين
أن المتشرع ترك للشركاء الحرية التامة في اختيار طريقة اقتسام المال الشائع فيما بينهم،كأن يتصرف أحد الشركاء
بجزء مفرز من عقار شائع لم يجري تحديده وتحريره،يوازي حصته،ثم يتبعه الشركاء
الآخرون،فيتصرف كل منهم بحصة مفرزة أيضاً تعادل نصيبه،فيعد تصرفهم على هذا الوجه
دالاً على رضىائهم الضمني بالقسمة الفعلية التي تمت بفعل جميع الشركاء على
السواء،هذا إذا لم يكن فيما بين الشركاء قاصر أو غائب،فإذا كان إحد الشركاء غائباً
أو لا تتوافر فيه الأهلية،فيجب على الوصي{على القاصر} أو القيم {على المجنون أو
السفيه أو المعتوه أو المغفل}أو الوكيل القضائي{عن الغائب}بإذن من المكمة إلى
إجراء القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق
القاضي.
ثالثاً: حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء:
رأينا في المادة
/835/مدني مصري والمادة /789/مدني سوري تنص على أنه {إذا كان بين الشركاء من هو
ناقص الأهلية وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.
وأن المادة /941/موجبات وعقود لبناني تنص على
أنه:{إذا كان بينهم غير ذي أهلية ،أوغائب غيبة متقطعة ،فلا تكفي موافقة ممثله
الشرعي بل يجب أن يحكم القاضي المختص بالتصديق على القسمة لتصبح نافذة }.
إذن يجب الحصول على الإذن من القاضي الشرعي
حتى تصبح القسمة نافذة بحق جميع الشركاء ،وبذلك تنص المادة /181/ من الأحوال
الشخصية السوري:{إذا كان للقاصر حصة شائعة في عقار فللوصي بإذن المحكمة إجراء
القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ،ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق القاضي}.
وتنص المادة /206/من
قانون الأحوال الشخصية السوري:{يسري على القيم والوكيل القضائي ما يسري على الوصي
من الأحكام إلا ما يستثنى بنص صريح}وبذلك لا ير هذا الحكم على وصي القاصر وحده بل
يشمل أيضاً القيم والوكيل القضائي.
ومن ذلك يتبين أنه إذا كان من بين الشركاء من هو ناقص الأهلية أو عديمها،أو
كان فيهم غائب،فعلى وصي القاصر والقيم والوكيل القضائي الحصول على إذن القاضي
الشرعي لإجراء القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على أذن القاضي الشرعي لإجراء
القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على تصديق القاضي الشرعي على هذه القسمة بعد
إجرائها حتى تكون نافذة في مواجهة الكافة.
رابعاً:نقض القسمة الإتفاقية بسبب
الغبن:
تنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة/799/ من
القانون المدني السوري على أنه:
1-
يجوز نقض القسمة الحاصلة
بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منه غبن يزيد عن الخمس على أن تكون
العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.
2-
يجب أن ترفع الدعوى
خلال السنة التالية للقسمة،وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا
أكمل للمدعي نقداً أوعيناً ما نقص حصته.
أما القانون اللبناني فقد تكلم في المادة
/947/موجبات وعقود عن الغبن بصفة مطلقة بالنسبة لكل أنواع الغبن.
ومن تلك النصوص يتبين أن المتشرع قد أجاز للشريك المغبون أن يطلب نقض
القسمة الإتفاقية ،إذا وقع فيها غبن بالمقدار الذي حدده القانون.
ما هو مقدار الغبن
الذي يؤثر في القسمة الرضائية؟؟؟.
لم يتفق القانونان المصري والسوري مع
التقنين اللبناني على مقدار واحد للغبن المؤثر في القسمة فقانون موجبات وعقود
اللبناني لم يحدده الغبن بنسبة معينة بل وصفه أن يكون فاحشاً وشاذاً عن العادة
المألوفة.
بينما ذهب كل من القانون المصري
والقانون السوري إلى تحديده بما يزيد على الخمس ،أسوة ببيع عقار القاصر ،ولأن
الخمس هو المقدار المألوف في الشريعة الإسلامية.
وأعتقد أن القانونين
المصري والسوري كانا أحكم من القانون اللبناني لأنهما حددا مقدار الغبن حسماً
للخلاف وسرعةً في الحكم.
والعبرة في تقدير الغبن ،النظر في قيمة المال
الشائع وقت القسمة لأنه الوقت الذي يراعى في التقدير لتحقيق المساواة بين
المتقاسمين.
دعوى إبطال القسمة
الإتفاقية للغبن:
إذا تحقق الغبن على
النحو الذي ذكرنا بأن كان فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة،كما هو في القانون
اللبناني أو كان يزيد على الخمس كما في القانونين المصري والسوري جاز للمتقاسم
المغبون،طلب إبطال القسمة والعودة إلى حالة الشيوع،أما الشريك الذي لم يلحقه غبن
فلا يستطيع رفع دعوى إبطال الغبن القسمة للغبن.
والمدعي عليه دعوى الغبن هم سائر
الشركاء ،لأن دعو الغبن ترمي إلى إبطال القسمة الرضائية كلها،ويقع عبء الإثبات في
هذه الدعوى على عاتق المدعي المغبون وله أن يثبت الغبن بجميع طرق الإثبات بما فيها
القرائن،لأنها واقعة مادية،وعند ثبوت وقوع الغبن فإنه يجوز للقاضي أن يبطل القسمة.
هذا ويجب أخيراً أن ترفع الدعوى
خلال السنة التالية للقسمة وإذا ما رفعت الدعوى كان للمدعي عليه أن يوقف سيرها
ويمنع إجراء القسمة من جديد إذا أكمل المغبون نقداً ،أو عيناً ما نقص من حصته هذا
في القانون المصري والسوري،أما القانون موجبات وعقود اللبناني فإنه وضع حكماً
خاصاً في شأن ميعاد رفع دعوى الإبطال إذ قرر إنه يجب أن تقام دعوى الإبطال في
السنة التي تلي القسمة ولاتقبل الدعوى بعد انقضائها والمدة هنا مدة السقوط.
ما هي الآثار التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن؟؟؟.
الآثار
التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن هي إعادة الحالة إلى ما كانت عليها
قبل القسمة وإعتبار المال المملوك للشركاء شائعاً منذ أن بدأ الشيوع أول مرة وكأن
الشيوع لم ينقطع أبداً، عندها يجوز لأي شريك سواء أكان المغبون أو الغابن أن يطلب
القسمة سواء أكانت اتفاقية أو قضائية.
*هل
يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة الإتفاقية؟؟؟.
نعم
يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة بسبب الغبن إذا أكمل للمغبون نقداً
أو عيناً ما نقص من حصته ،هذا الأكمال ليس فقط بما يرفع الفحش وجعله يسيراً بل يجب
أن يرتفع الغبن كاملاً بحيث يتعادل برفعه نصيب الشريك المغبون مع حصته الشائعة.
ويستطيع المدعى عليه أن يوقف سير الدعوى في أي مرحلة كانت عليها الدعوة
طالما لم يصدر حكم نهائي بإبطال القسمة،لأنه بصدور حكم نهائي تعود حالة الشيوع إلى
ما كانت عليه قبل القسمة،ولم يعد مقبولاً أن يكون من حق المدعى عليه الغابن أن
يطلب تكملة نصيب الشريك المغبون.
في
القانون الوضعي
في ضوء الشريعة الإسلامية
بقلم
الشيخ المحامي
الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد
المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقا
و الباحث
في الدراسات الفهقية والقانونية
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره وسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و
من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
وقال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ
الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
(النساء:1) .
وقال جل جلاله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً
( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل
، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة
بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .
و بعد :
هذا المبحث جديد لنا سوف نبحث فيه – بفضل الله
تعالى - بعض تطبيقات الغبن في القوانين العربية{المصرية،السورية،اللبنانية}ذلك أن
هناك حالات أخذ المتشرع فيها بفكرة الغبن وفق النظرية المادية وذلك بمقتضى نصوص
خاصة بكل حالة على حده،وقد أشارت المادة/130/ مدني مصري والمادة/131/مدني سوري إلى
هذه الحالات بقولها:{يراعى في تطبيق المادة السابقة عدم الإخلال بالأحكام الخاصة
بالغبن في بعض العقود أو بسعر الفائدة}.
والذي دعا المتشرع إلى الأخذ بفكرة الغبن وفق
هذه النظرية في هذه الحالات حرصه على أن يضمن الحماية فيها للطرف المغبون على أساس
محدود وبطريقة يسهل فيها الإثبات.
وعلى هذا نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب هي :
المطلب الأول : الغبن في ظل شركة حصة الأسد .
المطلب الثاني : الغبن في ظل عقد الإذعان.
المطلب الثالث: الغبن في ظل القسمة الاتفاقية
.
المطلب الرابع : الغبن في ظل عقد الوكالة.
المطلب الأول
الغبن في شركة حصة الأسد
شركة
الأسد: هي
التي يعفى فيها أحد الشركاء من تحمل الخسائر مع مقاسمته للأرباح ، أو يحرم من
الأرباح مع تحمله للخسائر.
ذلك
أن من مقومات عقد الشركة أن يساهم كل شريك في أرباحها و في خسائرها بنصيب ما، و إلا
كانت الشركة باطلة لإنتقاء نية المشاركة ، فإذا نص عقد الشركة على ألا يساهم شريك
في الربح ، فمعنى ذلك أن يحقق الربح دون خسارة ، فيكون له الغنم ولغيره الغرم .
ولا
شك أن الطرف الذي يأخذ الأرباح دون أن يتحمل الخسائر هو الغابن ، لذلك من الواجب
حماية هذا المغبون و إعادة الأمور إلى نصابها، فليس من الضروري أن يتم توزيع
الأرباح بالتساوي بين الشركاء مادام كل منهم يحصل على نسبة جدية من الربح.
لنرى
الآن كيف عالجت التشريعات العربية {اللبنانية ، السورية ، المصرية } هذا الموضوع:
ذهبت القوانين العربية { اللبناني في المادة 835 موجبات وعقود ، والمصري في
المادة515 مصري ، و السوري في المادة 483 مدني إلى بطلان الشركة المتضمنة شرط
الأسد ، فنصت المادة: 483مدني سوري على ما يلي :
1-إذا
اتفق على أن أحد الشركاء لايساهم في أرباح الشركة أو في خسائرها ،كان عقد الشركة
باطلاً .
2- يجوز الاتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم
غير عمله من المساهمة في الخسائر بشرط ألا يكون قد تقرر له أجر عن عمله .
فإذا
اتفق الشركاء على أن يأخذ أحد الشركاء بعض أرباح الشركة دون أن يتحمل أي خسارة
تتناسب مع حصته ، أو اتفقوا على أن يتحمل أحد الشركاء الخسائر من دون غيره مع
حرمانه من كافة الأرباح ، فلا جرم بأن هذا الاتفاق يحوي بين طيّاته غبناً فاحشاً
وشاذاً عن العادة المألوفة ، لذلك رأينا ان المتشرع قد تفاعل مع هذا الغبن فنص على
بطلان ، ليس فقط ذلك الشرط بل بطلان الشركة كلها بطلاناً مطلقاً.
وكذلك الأمر إذا نص عقد الشركة على أن أحد
الشركاء يجني الأرباح مع أن نصيبه تافهاً إلى حد أنه غير جدي ، فإن هذه الشركة
تكون باطلة ، وتكون أيضاً باطلة إذا نص العقد على أن أحد الشركاء لا يتحمل الخسائر
أو أن يتحمل بعض الخسائر إلى حد عدم الجدية.
ويجوز التفاق على إعفاء الذي قدم عمله فقط كحصة
في الشركة من الخسائر إذا لم يقرر له أجراً عن عمله ، لأنه سوف يتحمل الخسائر عن
طريق عدم أخذه لأي مبلغ لقاء عمله إن خسرت الشركة.
نصت
الفقرة الثانية من المادة 515 مدني مصري والمادة 483 مدني سوري صراحة على هذا
الحكم ، وقد رأينا مما سلف أنه يجوز الإتفاق على إعفاء الشريك الذي لم يقدم إلا
عمله كحصة من الخسائر على أن لا يكون قد تقرر له أجراًلقاء عمله.
وشركة حصة الأسد في أي صورة من صورها باطلة
بطلاناً مطلقاً في القوانين اللبنانية والمصرية والسورية ، بحيث يجوز لكل ذي مصلحة
أن يتمسك بهذا البطلان،كما يمكن أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه ، ولا ترد على
هذه الشركة الإجازة ولا يسري في حقها التقادم .
وبعد
ما أوردنا فيما تقدم حكم هذه الشركة في القوانين الثلاثة لنر مدى انطبات الغبن
عليها ، وإذا ما انطبق الغبن عليها ، فهل ينطبق عليها الغبن في ضوء النظرية
المادية أم في ضوء النظرية الشخصية ، وهل كانت تلك القوانين موفقة في نصها على
بطلان تلك الشركة بطلاناًمطلقاً أم لا ؟؟.
في
البداية كما نعلم أن للغبن في ضوء النظرية المادية عنصرين بينما الغبن في ضوء
النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر، لنطبق هذه العناصر على شركة الأسد لنرى أي
النظريتين أجدر لحل مشـكلة هذه الشــركة.
{أ}
ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية المادية على شركة الأسد؟؟:
لا
حظنا أن أحد صور شركة الأسد أن يستأثر أحد الشركاء بالربح دون أن يتحمل أي خسارة ،
ولنطبق هذه الصورة على عناصر الغبن وفق النظرية المادية.
{العنصر الأول}قيمة الشيء:
فالعبرة
بقيمة الشيء بحد ذاته تبعاً للقوانين الاقتصادية ، ولنفترض أن الشركاء في المثال
السابق قد دفعوا حصصاًمتساوية في القيمة النقدية.
{العنصر الثاني}درجة الاختلال في هذا التعادل:
نرى
أن الشريك الذي حصل على حصة الأسد قد تقدم بحصة مثله مثل باقي شركائه ومع هذا فإنه
يأخذ ربحاً فاحشاً لايتعادل مع حصته ودون أن يتحمل أية خسارة .
{ب} ما مدى انطباق الغبن وفق النظرية الشخصية على شركة الأسد:
كما
أصبحنا نعلم أن الغبن في ضوء النظرية الشخصية يتكون من ثلاثة عناصر لنطبق تلك
العناصر على شـركة الأسـد.
{1} قيمة الشيء:
قيمة
الحصص لا تقيم بسعر السوق ولكن بالسعر الشخصي ، فربما قيّم أحد الشركاء حصته بأنها
تساوي حصة الأسد وبالتالي يجب أن يستأثر بالأرباح دون أن يتحمل أي خسـارة.
{2} استغلال ضعف الشريك
المغبون:
قد
يكون الشريك صاحب حصة الأسد من ذوي النفوذ والسلطة مما يجعله يستغل باقي الشركاء
ليحصل على هذه الحصة دون خسارة فعلية.
{3} أن هذا الاستغلال هو
الذي دفع إلى التعاقد:
فلولا
سلطة وبطش ذاك الشريك لما رضخ له باقي الشركاء على الرغم مما تحوي هذه الشركة من
الغبن الفاحش.
ومما تقدم نلاحظ أن الشرط الأول قد لا يتحقق أما
باقي الشروط فقد تحققت وبالتالي لا يمكن أن يكون للغبن وفق النظرية الشخصية أي
مفعول إلا بتحقيق شروطها الثلاث معاً.
أما إذا طبقنا على شركة الأسـد شروط الغبن وفق
النظرية المادية فإنها تستطيع أن تفرش جناحيها حامية بذلك الشريك المغبون من هذا
الغبن الفاحش وتعيد الأمور إلى نصابها بأن يتعادل الشركاء بالخسائر والأرباح كل
وفق حصته.
وبعد
أن شاهدنا أن الغبن ينطبق انطباقاً تاماً على شركة الأسد فلماذا لا نطبق عليها أيضاً
حلول الغبن !!.
فجزاء
الغبن هو إما البطلان و إما إعادة التوازن بين الإلتزامات أما جزاء شركة الأسـد في
القانون هو البطلان المطلق مع العلم بأن نص المادة/515/مدني مصري،ونص
المادة/483/مدني سوري كانا في المشروع التمهيدي كما يلي:
{الشركة
تكون قابلة للإبطال لمصلحة من يضار من الشركاء بشرط عدم المساهمة في الخسارة /وهم
سائر غير من أعفى من المساهمة في الخسارة/أو لمصلحة الشريك الذي اشترط عليه عدم
المساهمة في الربح}.
بيد أن النص أجود
حكماً من نص المادة /515/مدني مصري،و/483/مدني سوري لأنه يحقق هدفين وهـما:
1-المحافظة على المراكز القانونية التي نشأت في
ظل هذه الشركة.
2-حماية الطرف المغبون من هذا الشرط بأن يكون
البطلان لصالح المغبون إن لم تصبح الموجبات بين الشركاء متعادلة كل وفق حصته في
الأرباح والخسائر.
فالتشريعات
الوضعية العربية {اللبنانية،المصرية،السورية}أرادت أن تضع نصاً يُرهب من يريد مثل
هذه الشركة ولم ترد أن تعترف بها ثم تحل مشاكلها وتعقيداتها ومع هذا أميل إلى أن
تطبق على هذه الشركة حلول الغبن و آثاره .
أما
بالنسبة لشرط الأسد فهو الباطل وهذا البطلان لا يسري عليه التقادم الطويل ويستطيع
كل ذي مصلحة أن يطلب بطلان هذا الشرط ،كما تستطيع المحكمة أن تحكم من تلقاء ذاتها
ببطلان هذا الشرط.
المطلب الثاني
الغبن في عقد الإذعان
الأصل في التعاقد أن يتم عن طريق التفاوض
والمناقشة والمساومة ، بحيث يتفاوض أطرف العقد على بنوده على نحو يحقق لهما
مصالحهما ، بيد أن هناك من العقود ما يشذ عن هذه القاعدة،فلا يكون هناك مفاوضات أو
مساوم على بنود العقد ، وإنما يضع الطرف القوي في العقد شروطه وما على الطرف
الثاني إلا أن يرضخ لهذه الشروط جملة وتفصيلاً أو يرفضها كلها مما قد يترتب على
هذا العقد غبناً فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفةى ، وعلى هذا سوف نبحث كيف يحمي
القانون الطرف المذعن المغبون ، وما مدى هذه الحماية.
اعتبرت القوانين المدنية السورية والمصرية
واللبنانية عقد الاذعان من العقود الصحيحة ، واعتبرت أن تسليم الطرف المذعن لمشيئة
الطرف الآخر أنه قبول للعقد،إلا أن تلك القوانين لم تغفل عن أن عقد الإذعان يتميز
بطبيعة خاصة فالعقد قائم التفاوت الكبير بين مركز كل من طرفيه ، الأول يفرض شروطه
والثاني عليه أن يقبلها دون أدنى مناقشة وربما أدى ذلك إلى وقوع الطرف المذعن تحت
رحمة الطرف القوي ، فيشتغله بأن يفرض عليه شروطاً تعسفية مما جعل رجال الفقه
القانوني يسعون جاهدين في سبيل حماية الطرف المذعن من تلك الشروط التعسفية.
نص القانون
اللبناني في المادة /172/موجبات وعقود القانون المدني المصري في المادة/150/ على
أنه {إذا تم العقد بطريق الإذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي أن يعدل
هذه الشروط أو يعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة ، ويقع
باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك}.
فالمظهر
السياسي للحماية التي يضعها القانون للطرف المذعن المغبون تتمثل في رفع هذا الغبن
عن طريق رفع هذا الغبن عن طريق رفع الأمر للقضاء طالباً منه تعديل الشروط التعسفية
وفقاص لما تقضي به العدالة عن طريق رفع الغبن عن الطرف المذعن وإعادة الموجبات إلى
حالتها الطبيعية.
ويلاحظ
أن بعض الفقهاء يحرص على إبعاد أحكام الغبن عن العقود التجارية ، وجعلها محصورة في
عقود القانون المدني فقط.
يقول
الدكتور مصطفى كمال طه:{أما البطلان في المغالاة التدليسية في التأمين ، فلا يشترط
فيه ارتكاب المستأمن بطرق احتيالية بل يكفي المؤمن إثبات أن المستأمن قد غالى في
تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة الشيء الحقيقية}.
فالفقيه
هنا يجعل المغالاة في تقدير الشيء المؤمن عليه بقصد الحصول على تعويض أعلى من قيمة
الشيء الحقيقية تديساً، ولا يخفى على أحد بأن التدليس لابد أن يقترن بطرق
احتيالية،أما إذا انتقت هذه الطرق فلم يعد هذا تدليساً بل غبناً.
والدليل
على ما أقول هو أن شروط الغبن متوفرة في المثال السابق فهناك اختلال بين الموجبات فالمؤمن يريد الحصول على التعويض أعلى من قيمة
الشيء الحقيقية وهذا التعويض فاحش جداً بالنسبة للقيمة الحقيقية للأشياء المؤمن
عليها وبالتالي فإن هناك اختلالاً بين الموجبات وعليه فإن هناك غبناً ، وغني على
البيان أن تعديل الشروط التي يتضمنها عقد الإذعان لا يقرره القاضي من تلقاء نفسه ،
وإنما بناء على طلب الطرف المذعن.
بعد أن يطلب الطرف المذعن رفع الغبن عنه ، فالقاضي هو الذي يملك حق تقدير
ما إذا كان هناك غبناً أم لم يكن،فإذا اكتشف أن هناك غبناً فله أن يزيله كلياً أو
يزيل جزءاً منه ، فالمتشرع لم يرسم للقاضي حدوداً في ذلك إلا ما تقتضيه العدالة ، ولا
يجوز للمتعاقدين أن ينزعا من القاضي سلطته
هذه باتفاق خاص لأن هذا الإتفاق إذا ما وجد فهو باطل لمخالفته النظام العام.
المطلب الثالث
الغبن في القسمة الإتفاقية
تنص المادة /835/من
القانون المدني المصري والمادة /789/ من القانون المدني السوري على أن :{الشركاء
إذا انعقد إجماعهم أن يقتسموا المال الشائع بالطريقة التي يرونها، فإذا كان بينهم
من هو ناقص الأهلية ، وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.
وتنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة /779/من القانون المدني
السوري على أنه :
1-يجوز نقض القسمة الحاصلة يالتراضي إذا أثبت
احد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس،على أن تكون العبرة في
التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.
2- ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية
للقسمة ، وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل المدعي نقداً ،
أو عيناً ما نقص من حصته.
ومن
هاتين المادتين نستطيع أن نستنتج أحكاماً تكون خطة بحث لهذا المطلب لذا سوف نقسم
المطلب إلى النقاط التالية :
أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية .
ثانياً: كيفية إجراء القسمة الإتفاقية .
ثالثاً:حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء .
رابعاً: نقض القسمة
الإتفاقية .
أولاً: طبيعة القسمة الإتفاقية:
تنص المادة /835/ مدني مصري والمادة
/789/ مدني سوري على أن:{للشركاء إذا انعقد إجماعهم ، أن يقتسموا المال الشائع
بالطريقة التي يرونها}.
ومن
ذلك يتبين لنا أن القسمة الرضائية عقد أطرافه الشركاء المشتاعون ،ومحله المال
الشائع وعلى هذا العقد تسري أحكام سائر العقود من رضى جميع الشركاء على هذه
القسمة،فإذا لم يتوفر رضى الجميع وأبرم بعض الشركاء عقد القسمة،ولم يبرمه البعض
الآخر،فلا يترتب على ذلك إنهاء حالة الشيوع،وإنما يسري هذا الاتفاق على من رضي به
فقط،حتى إذا رضي باقي الشركاء أصبحت هذه القسمة نافذة بحق الجميع.
ويتعين ألا يكون من بين هؤلاء الشركاء من هو
ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية فإذا كان هناك من هو ناقص الأهلية
وجب اتباع الإجراءات التي يقضي بها القانون في هذا الصدد.
ويخضع إثبات عقد القسمة للقواعد العامة في
الإثبات فلما زادت قيمة المال المقسوم على المبلغ المحدد في القانون فلا يجوز
إثباته إلا بالكتابة أو بمبدأ ثبوت بالكتابة وكما يكون الإتفاق على القسمة صريحاً
يمكن أن يكون ضمنياً،وفي هذه الحالة يكون للقضاء أن يستخلص من تصرفات الشركاء أنهم
قد ارتضوا جميعاً قسمة المال الشائع طالما كان تصرف كل منهم في حدود حصته فقط وصدر
التصرف من جميع الشركاء.
ثانياً:كيفية
إجراء القسمة الرضائية:
من
نص المادة /835/مدني مصري،والمادة /789/مدني سوري،والمادة /941/ موجبات لبناني ، يتبين
أن المتشرع ترك للشركاء الحرية التامة في اختيار طريقة اقتسام المال الشائع فيما بينهم،كأن يتصرف أحد الشركاء
بجزء مفرز من عقار شائع لم يجري تحديده وتحريره،يوازي حصته،ثم يتبعه الشركاء
الآخرون،فيتصرف كل منهم بحصة مفرزة أيضاً تعادل نصيبه،فيعد تصرفهم على هذا الوجه
دالاً على رضىائهم الضمني بالقسمة الفعلية التي تمت بفعل جميع الشركاء على
السواء،هذا إذا لم يكن فيما بين الشركاء قاصر أو غائب،فإذا كان إحد الشركاء غائباً
أو لا تتوافر فيه الأهلية،فيجب على الوصي{على القاصر} أو القيم {على المجنون أو
السفيه أو المعتوه أو المغفل}أو الوكيل القضائي{عن الغائب}بإذن من المكمة إلى
إجراء القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق
القاضي.
ثالثاً: حماية من كان ناقص الأهلية من الشركاء:
رأينا في المادة
/835/مدني مصري والمادة /789/مدني سوري تنص على أنه {إذا كان بين الشركاء من هو
ناقص الأهلية وجبت مراعاة الإجراءات التي يفرضها القانون}.
وأن المادة /941/موجبات وعقود لبناني تنص على
أنه:{إذا كان بينهم غير ذي أهلية ،أوغائب غيبة متقطعة ،فلا تكفي موافقة ممثله
الشرعي بل يجب أن يحكم القاضي المختص بالتصديق على القسمة لتصبح نافذة }.
إذن يجب الحصول على الإذن من القاضي الشرعي
حتى تصبح القسمة نافذة بحق جميع الشركاء ،وبذلك تنص المادة /181/ من الأحوال
الشخصية السوري:{إذا كان للقاصر حصة شائعة في عقار فللوصي بإذن المحكمة إجراء
القسمة بالتراضي مع باقي الشركاء ،ولا تكون هذه القسمة نافذة إلا بتصديق القاضي}.
وتنص المادة /206/من
قانون الأحوال الشخصية السوري:{يسري على القيم والوكيل القضائي ما يسري على الوصي
من الأحكام إلا ما يستثنى بنص صريح}وبذلك لا ير هذا الحكم على وصي القاصر وحده بل
يشمل أيضاً القيم والوكيل القضائي.
ومن ذلك يتبين أنه إذا كان من بين الشركاء من هو ناقص الأهلية أو عديمها،أو
كان فيهم غائب،فعلى وصي القاصر والقيم والوكيل القضائي الحصول على إذن القاضي
الشرعي لإجراء القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على أذن القاضي الشرعي لإجراء
القسمة الإتفاقية والحصول أيضاً على تصديق القاضي الشرعي على هذه القسمة بعد
إجرائها حتى تكون نافذة في مواجهة الكافة.
رابعاً:نقض القسمة الإتفاقية بسبب
الغبن:
تنص المادة /845/من القانون المدني المصري والمادة/799/ من
القانون المدني السوري على أنه:
1-
يجوز نقض القسمة الحاصلة
بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منه غبن يزيد عن الخمس على أن تكون
العبرة في التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة.
2-
يجب أن ترفع الدعوى
خلال السنة التالية للقسمة،وللمدعي عليه أن يوقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا
أكمل للمدعي نقداً أوعيناً ما نقص حصته.
أما القانون اللبناني فقد تكلم في المادة
/947/موجبات وعقود عن الغبن بصفة مطلقة بالنسبة لكل أنواع الغبن.
ومن تلك النصوص يتبين أن المتشرع قد أجاز للشريك المغبون أن يطلب نقض
القسمة الإتفاقية ،إذا وقع فيها غبن بالمقدار الذي حدده القانون.
ما هو مقدار الغبن
الذي يؤثر في القسمة الرضائية؟؟؟.
لم يتفق القانونان المصري والسوري مع
التقنين اللبناني على مقدار واحد للغبن المؤثر في القسمة فقانون موجبات وعقود
اللبناني لم يحدده الغبن بنسبة معينة بل وصفه أن يكون فاحشاً وشاذاً عن العادة
المألوفة.
بينما ذهب كل من القانون المصري
والقانون السوري إلى تحديده بما يزيد على الخمس ،أسوة ببيع عقار القاصر ،ولأن
الخمس هو المقدار المألوف في الشريعة الإسلامية.
وأعتقد أن القانونين
المصري والسوري كانا أحكم من القانون اللبناني لأنهما حددا مقدار الغبن حسماً
للخلاف وسرعةً في الحكم.
والعبرة في تقدير الغبن ،النظر في قيمة المال
الشائع وقت القسمة لأنه الوقت الذي يراعى في التقدير لتحقيق المساواة بين
المتقاسمين.
دعوى إبطال القسمة
الإتفاقية للغبن:
إذا تحقق الغبن على
النحو الذي ذكرنا بأن كان فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة،كما هو في القانون
اللبناني أو كان يزيد على الخمس كما في القانونين المصري والسوري جاز للمتقاسم
المغبون،طلب إبطال القسمة والعودة إلى حالة الشيوع،أما الشريك الذي لم يلحقه غبن
فلا يستطيع رفع دعوى إبطال الغبن القسمة للغبن.
والمدعي عليه دعوى الغبن هم سائر
الشركاء ،لأن دعو الغبن ترمي إلى إبطال القسمة الرضائية كلها،ويقع عبء الإثبات في
هذه الدعوى على عاتق المدعي المغبون وله أن يثبت الغبن بجميع طرق الإثبات بما فيها
القرائن،لأنها واقعة مادية،وعند ثبوت وقوع الغبن فإنه يجوز للقاضي أن يبطل القسمة.
هذا ويجب أخيراً أن ترفع الدعوى
خلال السنة التالية للقسمة وإذا ما رفعت الدعوى كان للمدعي عليه أن يوقف سيرها
ويمنع إجراء القسمة من جديد إذا أكمل المغبون نقداً ،أو عيناً ما نقص من حصته هذا
في القانون المصري والسوري،أما القانون موجبات وعقود اللبناني فإنه وضع حكماً
خاصاً في شأن ميعاد رفع دعوى الإبطال إذ قرر إنه يجب أن تقام دعوى الإبطال في
السنة التي تلي القسمة ولاتقبل الدعوى بعد انقضائها والمدة هنا مدة السقوط.
ما هي الآثار التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن؟؟؟.
الآثار
التي تترتب على إبطال القسمة الرضائية للغبن هي إعادة الحالة إلى ما كانت عليها
قبل القسمة وإعتبار المال المملوك للشركاء شائعاً منذ أن بدأ الشيوع أول مرة وكأن
الشيوع لم ينقطع أبداً، عندها يجوز لأي شريك سواء أكان المغبون أو الغابن أن يطلب
القسمة سواء أكانت اتفاقية أو قضائية.
*هل
يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة الإتفاقية؟؟؟.
نعم
يستطيع الشريك الغابن أن يتفادى إبطال القسمة بسبب الغبن إذا أكمل للمغبون نقداً
أو عيناً ما نقص من حصته ،هذا الأكمال ليس فقط بما يرفع الفحش وجعله يسيراً بل يجب
أن يرتفع الغبن كاملاً بحيث يتعادل برفعه نصيب الشريك المغبون مع حصته الشائعة.
ويستطيع المدعى عليه أن يوقف سير الدعوى في أي مرحلة كانت عليها الدعوة
طالما لم يصدر حكم نهائي بإبطال القسمة،لأنه بصدور حكم نهائي تعود حالة الشيوع إلى
ما كانت عليه قبل القسمة،ولم يعد مقبولاً أن يكون من حق المدعى عليه الغابن أن
يطلب تكملة نصيب الشريك المغبون.