الطعن رقم 28486 لسنة 59 بتاريخ 19/11/1990
 
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة كلا من (1) .....  (2) .....  (3) .....  بأنهم أولا: شرع المتهم الأول في قتل .....  عمدا مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلها وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض أداة حادة (قطعة من الحديد) واقتحم عليها مخدعها وانهال عليها ضربا على رأسها قاصدا بذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليها بالعلاج وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان أخريان هما أنه وباقي المتهمين في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا المبلغ النقدي المبين قدرا والمنقولات المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليها سالفة الذكر من مسكنها بطريق التسور والتهديد باستعمال سلاح (مطواة قرن غزال) كان يحملها المتهم الثاني ويشهرها في وجه المجني عليها وابنتها ..... كما شدوا وثاق المجني عليهما وكمموا فاه أولاهما فتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة وقام المتهم الأول بتعطيل الخط التليفوني الخاص بالمجني عليها والمنشأ من قبل الحكومة لمنفعة عامه بأن قطع الأسلاك الموصلة إليه الأمر المنطبق على المواد 163، 166، 234/1، 313 من قانون العقوبات. ثانيا: المتهم الثاني (1) هتك عرض المجني عليها بأن رفع عنها ملابسها وكشف وتحسس بيده مواضع العفة من جسمها على النحو المبين بالتحقيقات. (2) أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنيا قبل المتهمين الثلاثة متضامنين بمبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 314، 268/1 من قانون العقوبات، 1/1، 25 مكرر*/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة ومعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعين بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيها على سبيل التعويض المؤقت وذلك باعتبار أن التهمة الأولى سرقة بإكراه.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدول محكمة النقض برقم ..... لسنة ..... القضائية ومحكمة النقض قضت أولا: بعدم قبول طعن المحكوم عليه الأول شكلا. ثانيا: بقبول طعن كل من المحكوم عليها الثاني والثالث شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه للطاعنين والمحكوم عليه الآخر وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى وألزمت المدعين بالحقوق المدنية المصروفات.
ومحكمة الإعادة (مشكلة من دائرة أخرى) قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام أولا: بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه. ثانيا: بمعاقبة الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليهما.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) ... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
 
 المحكمة
المحكمة
 
حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسبابا لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلا عملا بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة السرقة بإكراه ودان أولهما أيضا بجريمتي هتك العرض بالقوة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أن المحكمة لم تلتزم صورة الواقعة ووصفها القانوني كما ورد بأمر الإحالة وأجرت تعديلا مما كان يتعين معه لفت نظر الدفاع، وجاء الحكم مضطربا في تسبيبه على خلاف ما تتطلبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، وقد اعتبر أن جريمة السرقة تامة مع أنها لم تتجاوز حد الشروع، كما أنه عول على الاعترافات المعزوة للطاعنين رغم عدم صحتها ورد على الدفع بصدورها عنهما وليدة إكراه ردا غير سائغ، ولم يدفع التناقض الذي كشفت عنه الأوراق بالنسبة لكيفية دخول مسكن المجني عليها أو يفطن لقصور معاينة النيابة العامة في هذا الشأن، وعول على التقرير الطبي الشرعي مع أنه لم يجزم بحدوث إصابات المجني عليها نتيجة الاعتداء عليها، وأخيرا فإن الحكم لم يعرض لقرائن في الدعوى من شأنها أن تشكك في صحة الاتهام، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها بحقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي لما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسا للوصف الجديد الذي دان به الطاعنين، وكان مرد التعديل هو استبعاد الحكم تهمة الشروع في القتل المنسوبة إلى المحكوم عليه الآخر واعتبار ما وقع منه من اعتداء على المجني عليها عنصرا من عناصر الإكراه في جريمة السرقة المسندة إلى ثلاثتهم ومؤاخذتهم عن هذه الجريمة بمقتضى المادة 314 من قانون العقوبات بدلاً من المادة 313 من ذات القانون، الواردة بأمر الإحالة وهو ما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع، ومن ثم فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص بأنه انطوى على إخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، هذا إلا أن النعي على الحكم بالاضطراب بدعوى اختلال فكرته عن واقعة الدعوى قد جاء مرسلا ومجهلا ومن ثم لا يلتفت إليه. لما كان ذلك، وكانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن الطاعنين والمحكوم عليه الأول اقتحموا مسكن المجني عليها وتمكنوا بطريق الإكراه الواقع عليها من الاستيلاء على المسروقات ومغادرة المسكن بها، وتم بعد ذلك ضبط أحدهم بالطريق العام أمام المسكن حاملا بعض المسروقات بينما كان الآخران قد انصرفا ببقية المسروقات، وإذ كان من المقرر أن السرقة تتم بالاستيلاء على الشيء المسروق استيلاءً تاماً يخرجه من حيازة صاحبه ويجعله في قبضة السارق وتحت تصرفه، فإن الحكم إذ اعتبر الواقعة سرقة تامة لا شروعا فيها يكون قد أصاب صحيح القانون والنعي عليه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع من بطلان اعترافات الطاعنين والمحكوم عليه الأول بدعوى أنها كانت وليدة إكراه وأطرحته للأسباب السائغة التي أوردتها استنادا إلى سلامة إجراءات استجوابهم بمعرفة النيابة العامة وخلوها من أي شائبة للإكراه المادي أو المعنوي، وأبانت أنها اقتنعت بصدق تلك الاعترافات وأنها تمثل الحقيقة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل في واقعه إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد اعتنق صورة واحدة للواقعة مؤداها أن المتهمين اقتحموا مسكن المجني عليها ليلا عن طريق التسلل من السطح إلى شرفة المسكن وأورد مؤدى أدلة الثبوت - بغير تناقض - بما يتفق وهذا التصوير، وكان من المقرر أن التناقض في أقوال الشهود أو المتهمين لا يعيب الحكم مادام استخلص الإدانة منها بغير تناقض، فإن النعي على الحكم في هذا الوجه لا يكون له محل، أما ما يثار في شأن معاينة النيابة العامة ورميها بالقصور فلا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق السابق على مرحلة المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للنعي على الحكم. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان من أن التقرير الطبي الشرعي لم يجزم بحدوث إصابات المجني عليها نتيجة الاعتداء عليها مردودا بما هو مقرر لمحكمة الموضوع من سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره، فضلا عن أن العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعنين تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية السرقة بإكراه مجردة من الظرف المشدد الناشئ عن تخلف جروح عن الإكراه ومن ثم فإن مصلحتهما في النعي على الحكم في شأن الإصابات التي وجدت بالمجني عليها وصلتها بما وقع عليها من إكراه تكون منتفية. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا عليها إن هي أغفلت القرائن المشار إليها بأسباب الطعن لأن في عدم إيرادها لها أو التحدث عنها ما يفيد أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها إليه، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم في هذا الشأن. لما كان ما تقدم. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا