الطعن رقم 1289 لسنة 35 بتاريخ 08/02/1966
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 16 مارس سنة 1963 بدائرة مركز قليوب: أهان بالإشارة والقول والتهديد السيدين ............ قاضي محكمة قليوب للأحوال الشخصية و.......... الكاتب بالمحكمة أثناء تأديتهما وظيفتهما وبسببها وذلك بأن لوح بيديه في وجه المجني عليه الأول ونعى عليه تجرده من الأدب واللياقة وتوعده بالقتل والسجن كما هم بالاعتداء عليه بأحد المقاعد عندما طلب منه السكوت حتى يتسنى له سماع إجابة المدعى عليه في الدعوى 3م سنة 1963 أحوال شخصية قليوب وكذلك حاول انتزاع محضر الجلسة من المجني عليه الثاني عندما حاول إثبات ما أتاه في حق المجني عليه الأول وطلبت عقابه بالمادة 133 فقرة ثانية من قانون العقوبات. ومحكمة قليوب الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 18 نوفمبر سنة 1963 عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبتدئ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائيا مع جعل الإيقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والنيابة العامة. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 30 من أبريل سنة 1964 بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي الذي دان الطاعن بجريمة إهانة محكمة قضائية، قد شابه القصور والبطلان، ذلك بأنه أغفل الرد على ما تمسك به الدفاع من أن الألفاظ التي صدرت من الطاعن إنما كانت ردا على ألفاظ وجهها إليه قاضي المحكمة في أثناء انعقاد الجلسة تعد إهانة له. هذا فضلا عن أن ممثل النيابة في محاكمته التي جرت أمام محكمة أول درجة هو وكيل النيابة الذي استشهد به القاضي المجني عليه والذي قدم مذكرة بمعلوماته إلى زميله وكيل النيابة المحقق بناء على طلب هذا الأخير، وبذلك جمع بين صفته كممثل للاتهام وصفته كشاهد في الدعوى مما يبطل تشكيل المحكمة التي أصدرت الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى ما أثاره الطاعن في دفاعه من أن ما بدر منه إنما كان ردا على إهانة وجهها إليه قاضي المحكمة في أثناء انعقاد الجلسة، ورد عليه وهو في صدد التحدث عن ثبوت التهمة في حقه بقوله: "ولا يغير من هذا النظر ما قاله المتهم (الطاعن) من أن المجني عليه الأول قد أثاره أولا إذ أنه كان في مكنته الإمساك عن وقوع الحادث منه محتفظا باقتضاء حقه الذي يكفله القانون له إذا ما صح عزمه". لما كان ذلك، وكانت عبارة المادة 133 من قانون العقوبات عامة تشمل كل إهانة بالإشارة أو القول أو التهديد بلا فرق بين أن تكون الإهانة حصلت ابتداء من المعتدي أو حصلت ردا لإهانة وقعت عليه.
وكان ما قاله الحكم سائغا وكافيا في الرد على دفاع الطاعن الذي يردده في وجه طعنه، فإن النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أعضاء النيابة العامة في حضورهم جلسات المحاكمة الجنائية ليسوا خاضعين كالقضاة لأحكام الرد والتنحي لأنهم في موقفهم وهم يمثلون سلطة الاتهام في الدعوى لا شأن لهم بالحكم فيها بل هم بمثابة الخصم فقط، فالتنحي غير واجب عليهم والرد غير جائز في حقهم، ومن ثم فليس يبطل المحاكمة أن يكون ممثل النيابة في الجلسة قد أدلى بشهادته في التحقيقات التي أجريت في شأن الواقعة. ولما كان الطاعن لا يدعي شغار كرسي الاتهام، في أي وقت، في أثناء نظر الدعوى لتأدية الشهادة فيها، فإن ما ينعاه على الحكم الابتدائي، الذي أيده الحكم المطعون فيه، يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا