الطعن رقم 1187 لسنة 35 بتاريخ 08/02/1966
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 21/2/1961 بدائرة مركز طوخ محافظة القليوبية: (1) قذف علانية في حق السيد الأستاذ ........... قاضي محكمة طوخ بأن وجه إليه العبارات المبينة بالمحضر والتي تتضمن إسناد أمور إليه لو كانت صادقة لأوجبت معاقبته قانونا واحتقاره عند أهل وطنه (2) أهانه بالقول والإشارة أثناء تأديته لأعمال وظيفته وبسببها. وطلبت عقابه بالمواد 133/1 و171 و302/1 و303/1 - 2 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح طوخ الجزئية قضت حضوريا في 11/4/1963 عملا بمواد الاتهام والمادتين 55 و56 من قانون العقوبات (أولا) بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا عن التهمة الأولى (ثانيا) بتغريم المتهم عشرين جنيها عن التهمة الثانية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا في 22/1/1964 عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم خمسين جنيها عن التهمتين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
من حيث إن الطاعن قرر بالطعن بالنقض وأودع أسبابه موقعا عليها منه في الميعاد القانوني.
وحيث إنه لما كانت الفقرة الرابعة من المادة 34 من القانون 57 لسنة 1959 - في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - لم تستلزم في حالة رفع الطعن من غير النيابة العامة إلا أن يوقع أسبابه محام مقبول أمام محكمة النقض وكان الطاعن محاميا مقبولا أمام هذه المحكمة، وكانت الفقرة الرابعة من المادة 34 سالفة الذكر لم توجب المغايرة بين الطاعن والمحامي الذي يوقع أسباب الطعن فيما لو كان الطاعن ذاته محاميا مقبولا أمام محكمة النقض فإن الطعن يكون قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القذف وإهانة موظف عمومي بالقول والإشارة أثناء تأديته لأعمال وظيفته قد جاء معيبا بالخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن العبارات المنسوب صدورها من الطاعن تتضمن الطعن في أعمال موظف عام وفي أمر يتعلق بوظيفته وقد قدم الطاعن الدليل على صحة ما أسنده من وقائع إلى المجني عليه وكان ذلك القذف منه بسلامة نية وتمسك الطاعن بذلك أمام محكمة الموضوع إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري، كذلك فإن ركن العلانية لم يتوافر في الواقعة ولم يقصد الطاعن إذاعة ما قاله بل كان الحادث عارضا نتيجة لحديث خاص بينه وبين المجني عليه في غرفة المداولة المغلقة ولم يتوفر لدى الطاعن قصد الإسناد بل كان ما حصل منه نتيجة ثورة نفسية بسبب إهانة لحقته من المجني عليه وأثبت الطاعن أنه لم يعن مدلول العبارات التي أسندها إلى المجني عليه كما أن جريمة الإهانة لم يتوافر فيها القصد الجنائي ولا وجود لها لأنها والقذف فعل واحد، كذلك أخطأ الحكم المطعون فيه حين قضى بتغريم الطاعن خمسين جنيها عن الجريمتين المنسوبتين إليه مع أنه استأنف وحده دون النيابة العامة الحكم الابتدائي القاضي بحبسه شهرا مع الشغل وإيقاف تنفيذ العقوبة عن جريمة القذف وغرامة قدرها عشرين جنيها عن جريمة الإهانة ويكون قضاء الحكم المطعون فيه تشديدا للعقوبة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القذف وإهانة موظف عمومي بالقول والإشارة أثناء تأديته لأعمال وظيفته اللتين دان الطاعن بهما وأقام عليهما في حقه أدلة مستفادة مما قرره المجني عليه في المذكرتين المقدمتين منه لوكيل النيابة وما قرره وكيل نيابة طوخ والأستاذان ....... و....... المحاميان وكاتب النيابة ....... من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبها عليها ورد على ما دفع به الطاعن من سلامة نيته بأن العبارات التي أسندها إلى المجني عليه لم يكن معتقدا بصحتها وفي دفاعه هذا ما ينفي دعوى سلامة النية فيما صدر عنه. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن كنه حسن النية في جريمة قذف الموظفين هو أن يكون الطعن عليهم صادرا عن سلامة نية أي عن اعتقاد بصحة وقائع القذف ولخدمة المصلحة العامة لا عن قصد التشهير والتجريح شفاء لضغائن أو دوافع شخصية ولا يقبل من موجه الطعن في هذه الحالة إثبات صحة الوقائع التي أسندها إلى الموظف. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أستدل على إثبات ما قذف به إلى برقية صادرة من بعض الأشخاص لاحقة في تاريخها على الأفعال المسندة إليه موجهة إلى الجهة التي تتبعها المحاكم وتتضمن الأمر الشائن الموجه إلى المجني عليه وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع ظاهر البطلان فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين توافر ركن العلانية في جريمة القذف المسندة للطاعن في قوله "ولما كان يبين من أقوال المجني عليه وشهادة الشهود أن المتهم (الطاعن) وجه عبارات القذف سالفة الذكر إلى السيد القاضي أثناء وجوده بغرفة المداولة جهرا بصوت عال وكان يصرخ بها في وجه السيد القاضي أمام الشهود السالف ذكرهم وأمام جمهور المتقاضين الواقفين بباب الغرفة الذي كان مفتوحا وتحت نافذة الغرفة وكان جهر المتهم بهذه العبارات على هذا النحو بقصد الإذاعة مستفادا أيضا من علانية الإسناد" وكان ما أورده الحكم في ذلك صحيحا وسائغا يتوافر به ركن العلانية فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من عدم توافر ركن العلانية في الواقعة يكون في غير محله. أما النعي على الحكم بدعوى عدم توافر قصد الإسناد فمردود بما قرره الحكم صراحة بمدوناته في قوله "وقد اشتملت العبارات التي وجهها المتهم (الطاعن) للمجني عليه على إسناد أمر معين وهو قبوله مبالغ من النقد ومن أرباب القضايا على سبيل الرشوة" ولما كان من المقرر أن القذف الذي يستوجب العقاب قانونا هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه وكان ما أسنده الطاعن إلى المجني عليه يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية فضلا عن أنه يوجب احتقاره عند أهل وطنه فإن النعي بأن الطاعن لم يكن لديه قصد الإسناد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين توافر ركن القصد الجنائي في جريمة الإهانة في قوله "إن المتهم (الطاعن) كان يصرخ في وجه القاضي المجني عليه بعبارات القذف السابق الإشارة إليها وكان يلوح له بيده مرددا أنه - أي المتهم - (رد سجون ولا يهمني قبض ولا حبس وأنا طول عمري في السجون) كما ذكر عبارة أنا آسف اللي جيت لك وقلت الكلام ده في حجرة المداولة وكان في إمكاني أقوله في قاعة الجلسة وأقول أكثر من كده وأسمع الناس باعتباري محامي) وكان يقف ويجلس أثناء ذلك فإن هذه الأقوال والأفعال والإشارات كافية لاعتبارها إهانة للسيد القاضي" وكان ما أورده الحكم لإثبات توافر القصد الجنائي في جريمة الإهانة كافيا، ذلك أن من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة إهانة موظف عمومي بالقول والإشارة أثناء تأديته لأعمال وظيفته مجرد تعمد توجيه الألفاظ التي تحمل معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، وكان من المقرر في القانون أنه يجوز أن يكون الفعل الواحد جرائم متعددة، فإن النعي بعدم توافر القصد الجنائي في جريمة الإهانة وأنها لا وجود لها لأنها والقذف في فعل واحد يكون على غير أساس. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم - حين قضى عليه بغرامة قدرها خمسين جنيها عن الجريمتين المسندتين إليه مع أن الحكم الابتدائي قضى بحبسه شهرا واحدا مع الشغل وإيقاف تنفيذ العقوبة عن جريمة القذف وغرامة عشرين جنيها عن جريمة الإهانة مما يعتبر تشديدا للعقوبة مع أنه هو الذي أستأنف الحكم وحده دون النيابة العامة، فمردود بما هو مقرر قانونا من أنه يجوز للمحكمة الاستئنافية إذا ألغت عقوبة الحبس أن تبدله مهما قلت مدته بالغرامة مهما بلغ قدرها لأن العبرة بدرجة العقوبة في ترتيب العقوبات.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة