الطعن رقم 911 لسنة 46 بتاريخ 02/01/1977
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من (1) الرقيب/ ... ... ... (2) العقيد/ ... ... (الطاعن) (3) النقيب/ ... ... ... (4) الملازم أول/ ... ... ... بأنهم في الفترة من 2 من أكتوبر سنة 1974 إلى 5 من أكتوبر سنة 1974 بدائرة مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة - المتهم الأول - ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو دفتر أحوال مركز شرطة إيتاي البارود حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت على غير الحقيقة إخلاء سبيل كل من ... ... و... ... المتهمين في الجناية رقم 3272 لسنة 1974 إيتاي البارود مع علمه بذلك - المتهمين الثلاثة الآخرون (1) اشتركوا مع المتهم الأول بطريق التحريض والاتفاق في ارتكاب الجريمة السالفة الذكر بأن طلبوا منه أن يثبت في دفتر أحوال المركز ما يفيد إخلاء سبيل كل من ... ... ... و... ... ... في الساعة 10.30 صباح يوم 3/10/1974 خلافا للحقيقة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض (2) حبسوا كل من ... ... ... و... ... ... في غير الأحوال المصرح بها قانونا وبعد الإفراج عنهما بالقرار الصادر من القاضي الجزئي المختص في 2/10/1974 في الجناية رقم 3272 سنة 1974 - ج إيتاي البارود - المتهم الثاني (الطاعن) أيضا - (1) استعمل التهديد مع موظف عام ليحمله بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته وكان ذلك بأن تعدى بالقول على السيد الأستاذ ... ... ... وكيل نيابة إيتاي البارود أثناء وبسبب تأديته وظيفته بأن وجه إليه العبارات المبينة في المحضر قاصدا منعه من الاستمرار في تفتيش سجن المركز ومكان الحجز فيه وقد ترتب على التعدي بالإهانة والتهديد والاستمرار فيها استحالة قيام وكيل النيابة بواجبه وقد توصل المتهم بهذا الاعتداء إلى بلوغ مقصده وهو عدم تمكين وكيل النيابة من استكمال تفتيش مكان الحجز في مركز الشرطة (2) أهان بالقول السيد الأستاذ ... ... ... وكيل نيابة إيتاي البارود في أثناء وبسبب تأديته وظيفته بأن وجه إليه العبارات المبينة بالمحضر (3) أهان بالقول والتهديد الأستاذ ... ... ... المحامي في أثناء تأدية واجبات مهنته بأن وجه إليه العبارات المبينة في المحضر وطلبت إلى السيد مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/1, 2 - 41 و133 - 137 مكررا "أ"، 211 - 213 - 280 من قانون العقوبات والمادة 98 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 65 لسنة 1970 فصدر القرار بذلك. وادعى كل من (1) ... ... (2) ... ... ... مدنيا بمبلغ قرش صاغ. كما ادعى الأستاذ ... ... ... المحامي بصفته مدنيا بمبلغ 51ج قبل المتهم الثاني (الطاعن) على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بالمواد 133 و280 من قانون العقوبات والمادة 19 من القانون رقم 61 لسنة 1968 الخاص بالمحاماة والمواد 32 و55 و56 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة العقيد/ ... ... بغرامة قدرها عشرة جنيهات وذلك عن ارتكابه لجريمة حبس ... ... و... ... وبمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة شهرين عن ارتكابه لجريمتي إهانة الأستاذين ... ... ... وكيل النيابة و... ... ... المحامي أثناء تأدية الأول لوظيفته والثاني لواجبات مهنته وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس ثلاث سنوات تبدأ من اليوم على أن يكون الإيقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم وبإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدني ... ... ... و... ... ... قرشا واحدا على سبيل التعويض المدني المؤقت والمصاريف المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبأن يدفع للمدعي بالحق المدني الأستاذ ... ... المحامي بصفته مبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية (ثانيا) ببراءته من باقي التهم المنسوبة إليه (ثالثا) ببراءة باقي المتهمين من التهم المسندة إليهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم وإلزام مدعيها المصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه (الطاعن) في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم حبس شخصين بدون وجه حق وإهانة وكيل نيابة ومحام بالقول، قد انطوى على فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن دفاع الطاعن - في خصوص الجريمة الأولى - كان مؤسسا على أنه أخطأ إذ اعتقد أن ثمة تعليمات تكسبه حقا في احتجاز المحبوسين لمدة أربع وعشرين ساعة منذ صدور قرار القاضي بالإفراج عنهما، وقال أنه وقد ارتكب الفعل بحسن نية فإن ذلك الخطأ يغتفر له عملاً بالمادة 63 من قانون العقوبات، بيد أن الحكم - مع ما سجله، في معرض تبرئة الطاعن من تهمة أخرى، من أنه أمر بإثبات تاريخ الإفراج بدفتر أحوال المركز وفقا للحقيقة في اليوم التالي لصدور ذلك القرار - لم يلتفت إلى دلالة هذه الواقعة على حسن نية الطاعن، ورد على دفاعه بما لا يصلح ردا كما أن الحكم أخطأ في الرد على دفاعه القائم - بصدد الجريمتين الأخريين - على أن ما نسب إليه فيهما لا يكون في القانون إهانة، ولم يكن هو يقصدها، علاوة على أنه وقع بعد فراغ وكيل النيابة من تفتيش السجن - وحال شروعه في دخول مكان الحجز الملحق بالمركز - وبالتالي لم يقع أثناء تأدية وكيل النيابة وظيفته ولا أثناء قيام محامي المحبوسين بأعمال مهنته، لأن ذلك المكان ظاهر للعيان فلم تكن ثمة حاجة لممارسة حق الدخول فيه، فضلا عن أن هذا الحق مقصور على النائب العام أو من ينيبه من رجال النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل. هذا إلى خطأ الحكم في رفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية - المقامة من رئيس مجلس نقابة المحامين الفرعية قبل الطاعن - الذي أسسه الطاعن على قيامه بتنفيذ أهم شروط المجلس بقبول الاعتذار، وهو صدوره منه في مكتب المحامي، الأمر الذي يؤكد أن النزاع قد أنحسم صلحا، وعلى انعدام صفة رئيس المجلس في الدعوى ما دام الأمر قد عرض على الجمعية العمومية للنقابة الفرعية ولم يقدم ما يثبت تصديق مجلس نقابة المحامين على قرار تلك الجمعية مواصلة السير في الدعوى المدنية أو رفع قرارها إلى هذا المجلس وفقاً للمادة 29 من قانون المحاماة الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1968.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة حبس شخصين بدون وجه حق التي دان بها الطاعن، عرض لما تمسك به من أحكام المادة 63 من قانون العقوبات ورد عليه بقوله: "أما ما قاله الدفاع من أن المتهم الثاني - الطاعن - كان يعتقد بحسن نية أن من حقه إبقاء المدعيين بالحق المدني في المدة من 2/10/1974 إلى 3/10/1974 وأن هذا الأمر جائز في قانون الإجراءات فإن الثابت بالأوراق أن المتهم الثاني وهو مأمور مركز ورئيس للسجن المركزي لا يستساغ القول منه بأنه يجهل الأمور التي ينفذها في كل يوم لأن قانون الإجراءات الجنائية في خصوص حبس الأشخاص وإيداعهم في السجن ومدة الحبس وكيفية قبول الشخص في السجن هي أمور واضحة في نصوص قانون الإجراءات الجنائية التي ينفذها المتهم الثاني كل يوم ومن ثم فإن عدم تنفيذ نصوصه لا تفترض فيه حسن النية لأنه على درجة من الثقافة العالية التي تجعله محيطا بكل دقائق الأمور في قانون الإجراءات الجنائية في خصوص ما يتصل بعمله اليومي ومن ثم فإن المحكمة لا تعول على هذا الدفاع" ولما كان هذا الذي أورده الحكم سائغا في الرد على دفاع الطاعن الخاص بحسن نيته، ذلك بأن المادة 63 من قانون العقوبات إذ قضت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من الموظف تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه منى حسنت نيته، قد أوجبت عليه فوق ذلك - أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته اعتقادا مبنيا على أسباب معقولة. وإذ كان البين من الحكم أن الطاعن لم يثبت شيئا من ذلك، علاوة على أن ما ساقه الحكم في مدوناته - على النحو المتقدم بيانه - من شأنه أن يؤدي إلى انتفاء حسن النية الذي تمسك به الطاعن على نحو مرسل، فإن تعييبه الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دون الألفاظ المقذعة المنسوب إلى الطاعن التفوه بها في جريمتي الإهانة بالقول اللتين دانه بهما، وبين الواقعة بما تتوافر به - في الوقت ذاته - كافة الأركان القانونية المكونة لهاتين الجريمتين، وإذ كان من المقرر أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ الإهانة إنما هو بما تطمئن إليه محكمة الموضوع من تحصيلها لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض ما دامت هي لم تخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة - كما هي الحال في الدعوى الماثلة - وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الإهانة بالقول مجرد تعمد توجيه الألفاظ التي تحمل بذاتها معنى الإهانة، بغض النظر عن الباعث على توجيهها، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره بصدد الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، ومن ثم فلم تعد بالحكم حاجة - من بعد ثبوت صدور الألفاظ المهينة من الطاعن - إلى التدليل على أنه كان يقصد بها الإهانة، لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن وكيل النيابة انتقل إلى المركز أثر علمه - من شكوى قدمها محامي المحبوسين - بوجودهما فيه بصفة غير قانونية وبقيام الطاعن بحبسهما بدون وجه حق بالرغم من صدور قرار القاضي بالإفراج عنهما، وأن الإهانة قد وقعت على كل من وكيل النيابة والمحامي من الطاعن - لما أن علم بأمر الشكوى والانتقال وبتولي وكيل النيابة، دون إخباره، تفتيش السجن - وذلك أثناء قيام وكيل النيابة بإجراء التحقيق المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 43 من قانون الإجراءات الجنائية بديوان المركز وحضور المحامي الشاكي هذا التحقيق بناء على الحق المخول له بالمادتين 82 و85 من قانون المحاماة الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1968، فإن في ذلك ما يحقق وقوع جريمتي الإهانة - المنصوص عليهما في المادتين 133 من قانون العقوبات و98 من قانون المحاماة المذكور - أثناء تأدية وكيل النيابة وظيفته وبسبب تأديتها وأثناء قيام المحامي بأعمال مهنته وبسببها، ومن ثم لا يجدي الطاعن ما يثيره في هذا الصدد. لما كان ذلك وكان الحكم قد سجل - من واقع الاطلاع على جدول محاضر جلسات نقابة المحامين الفرعية - أن الجمعية العمومية وافقت على قبول الاعتذار بالشروط التي يحددها المجلس، وأن هذا المجلس قد اشترط - فيما اشترطه - توقيع جزاء إداري على الطاعن أو نقله، وإذ لم تتحقق الشروط فقد قرر المجلس دعوة الجمعية العمومية لاجتماع غير عادي وفيه قررت الجمعية الاستمرار في الدعوى المدنية المقامة من النقابة، فإن ما تمسك به الطاعن من اعتذاره للمحامي في مكتبه وما يرتبه  على ذلك من نعي على قضاء الحكم بصدد قبوله تلك الدعوى يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الواقع الذي أثبته الحكم أن الدعوى المشار إليها قد رفعت من رئيس مجلس النقابة الفرعية استعمالا لحقه المنصوص عليه في المادة 22 من قانون المحاماة سالف الذكر - التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 40 منه - واللتين خولت أولاهما للنقيب أن يتخذ صفة المدعي في كل قضية تتعلق بكرامة النقابة أو أحد أعضائها، وخولت أخراهما لرئيس مجلس النقابة الفرعية اختصاصات وسلطات النقيب بالنسبة للنقابة الفرعية - فلا يؤثر في قبول الدعوى كون هذا المجلس قد قرر بعد ذلك دعوة الجمعية العمومية للنقابة الفرعية لاجتماع قررت هي فيه مواصلة السير في تلك الدعوى المقامة بالفعل، وذلك بفرض أن قرارها هذا لم يرفع إلى مجلس النقابة وفقا للمادة 29 من القانون أسوة بسائر قراراتها، ما دام حق رئيس مجلس النقابة الفرعية في رفع الدعوى ومباشرتها غير مقيد بموافقة مجلس النقابة، وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا