الطعن رقم 1216 لسنة 49 بتاريخ 27/01/1983
 الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 6187 سنة 1975 مدني كلي جنوب القاهرة على السيد رئيس مجلس الوزراء والطاعنين بصفتهما بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 15000 جنيها وقال شرحا لها أنه اعتقل في 27/11/1954 بدعوى أنه من جماعة الإخوان المسلمين وأفرج عنه في يونيو سنة 1956 ثم أعيد اعتقاله في أغسطس سنة 1965 واستمر معتقلا إلى أن أفرج عنه في ديسمبر سنة 1967 وأن أضرارا قد لحقت به من جراء اعتقاله دون وجه حق وعانى أقصى أنواع التعذيب الأمر الذي يحق له معه المطالبة بتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به، دفعت الحكومة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وبالتقادم وبتاريخ 29/1/1977 حكمت المحكمة أولا: بقبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى فيما يتعلق التعويض عن قرارات الاعتقال ... ثانيا: بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته "رئيس مجلس الوزراء". ثالثا: بإحالة الدعوى إلى التحقيق، وبتاريخ 3/12/1977 حكمت محكمة أول درجة برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وبإلزام الطاعنين بصفتهما متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده ثلاثة آلاف جنيه. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 210 سنة 95 ق القاهرة طالبا تعديله إلى الحكم له بالمبلغ المطالب به أمام محكمة الدرجة الأولى كما استأنفه الطاعنان بالاستئناف رقم 231 سنة 95 ق القاهرة طالبين إلغائه والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى واحتياطيا سقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي أو رفض الدعوى. وبتاريخ 31/3/1979 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ خمسة آلاف جنيه ... طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
 
 المحكمة
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي الطاعنان فيه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه وفي بيان الوجه الأول يقولان أن دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع طبقا لنص المادة 172 مدني تسقط بمضي ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بمحدث الضرر وبشخص المسئول عنه وإذ أفرج عن المطعون ضده في 4/7/1967 كما زال المانع من إقامة دعوى التعويض بقيام ثورة التصحيح في 15/5/1971 ومن هذا التاريخ الأخير تحسب مدة التقادم وإذ قام المطعون ضده دعواه في 20/12/1975 فإنها تكون سقطت بالتقادم الثلاثي ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
 
وحاصل النعي بالوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه خلص إلى أن الدستور صدر في 11/9/1971 قبل انقضاء المدة المحددة للسقوط بالتقادم الثلاثي وأن الوقائع التي تضمنتها الدعوى تعد جريمة لا تسقط الدعوى المدنية الناشئة عنها بالتقادم في حين أن مفاد نص المادة 57 من الدستور والمواد الثالثة والرابعة والثامنة من القانون رقم 37 سنة 1972 ومذكرته الإيضاحية أن القاعدة العامة هي انقضاء الدعوى الجنائية وفقا للمدد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية وانقضاء الدعوى المدنية وفقا للمواد الواردة في القانون المدني – أما عدم سقوط الدعوى بالتقادم فهو استثناء أورده المشرع في الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية ويقتصر الاستثناء على الجرائم المنصوص عليها في المواد 117، 126، 127، 282، 309 مكررا، (309مكررا) (أ) من قانون العقوبات والتي تقع بعد يوم 24/9/1972 تاريخ العمل بالقانون رقم 37 سنة 1972 سالف الذكر، وعلى الدعاوى المدنية الناشئة عن هذه الجرائم الواردة في ذلك القانون وإذ كانت الدعوى الماثلة لم تنشأ عن إحدى هذه الجرائم كما وأن وقائعها حصلت في سنة 1967 أي قبل العمل بأحكام القانون رقم 37 سنة 1972 فإنها لا تخضع في شأن التقادم للاستثناء الوارد به وإنما تنقضي بالتقادم بانقضاء ثلاثة سنوات من تاريخ العلم بالضرر وشخص المسئول عنه وفقا لنص المادة 172 من القانون المدني وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
 
وحاصل النعي بالوجه الثالث أن مفاد المادتين 165، 188 من الدستور والمادتين الأولى والثانية من قانون الإجراءات الجنائية والمادة الثامنة من القانون رقم 27 سنة 1972 والمادتين الأولى والثانية من القانون المدني أنه يجب على المحاكم أن تطبق على الدعوى القانون الذي يحكمها وهو بخصوص الدعوى الماثلة القانون المدني والمادة 172 منه بشأن التقادم وكذلك قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من المادتين 15، 259 المعدلتين بالقانون رقم 37 سنة 1972 من أن القاعدة العامة هي انقضاء الدعوى الجنائية والاستثناء هو عدم انقضائها بالنسبة لجرائم معينة إذا وقعت بعد 28/9/1972 تاريخ العمل بالقانون الأخير وانقضاء الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة من القانون المدني فيما عدا الدعاوى الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية إذا وقعت بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 37 سنة 1972 وذلك حتى لو كانت تلك النصوص تتضمن أحكاما مخالفة للدستور طالما لم يدفع أمامها بعدم دستوريتها فإذا دفع أمامها بعدم دستوريتها تعين على المحكمة أن توقف نظر الدعوى حتى تفصل المحكمة العليا في الدفع بعدم الدستورية باعتبار أن هذه المحكمة الأخيرة هي المختصة دون غيرها – بالفصل في دستورية القوانين - طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون 81 سنة 1969 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق نص المادة 57 من الدستور دون النصوص الواردة في القانون المدني وقانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للتقادم فيكون قد خالف القانون