الطعن رقم 22 لسنة 25 بتاريخ 21/12/1980
 المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 22 لسنة 25 ق أمام محكمة القضاء الإداري في 6 من مارس سنة 1975 بعد أن قبل في 6 من فبراير سنة 1975 طلبه المؤرخ 3 من يوليه سنة 1974 الإعفاء من رسومها وقال فيها أنه يشغل منصب رئيس فرع الأشغال العسكرية بالقوات الجوية برتبة عقيد مهندس وأنه أتهم في القضية رقم 20 لسنة 1969 أمن دولة عسكرية عليا بعدة اتهامات وحبس احتياطيا على ذمتها من 30/4/1969 ثم حكم عليه في 31/8/1971 بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاما وبغرامة مالية قدرها 2000 جنيه وعزله من الوظائف الأميرية ست سنوات فطعن في الحكم بطريق التماس إعادة النظر وهو باب الطعن الوحيد فيه طبقا للمادة 112 من قانون الأحكام العسكرية برقم 25 لسنة 1968 ولم يشئ فاستصرخ طالبا رفع ما وقع عليه وأسرته من جور وعسف فصدر في 15/5/1974 القرار الجمهوري رقم 648 لسنة 1975 بالعفو عنه فأفرج عنه ولما كانت إدارة المدعي العام العسكري قد استحصلت منه على مبلغ 118.425 جنيه تورد لبنك القاهرة فرع ثروت بالإشعار رقم 50808 في 29/3/1972 ما قيمته 6405 وتورد مبلغ 112.020 إلى خزينة العباسية بالمنطقة العسكرية المركزية بالإيصال رقم 112486 في 4/4/1972 خصما من قيمة الغرامة المحكوم بها فقد طالبها بردها فرفضت مع أن المادة الأولى من قرار العفو تقضي بالعفو عن كافة العقوبات التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم الصادر ضده ولم تستثن منها سوى عقوبة العزل فيشمل لذلك هذه الغرامة ويجوز له استرداد ما تم سداده منها قبل صدور العفو إذ ينسحب القرار به إلى تاريخ صدور الحكم ماحيا كل آثاره علما بأنه عند نظر طلبه المعافاة من رسم هذه الدعوى أفتت الإدارة العامة للقضاء العسكري بمذكرتها المؤرخة في 3/11/1974 بأن العفو يشمل الغرامة ولكن لا يجوز استرداد ما دفع منها ولذلك ولأن العفو صدر به قرار جمهوري تنفيذا لحكم المادة 149 من الدستور وقانون تفويض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون فهو يخلع عن الجريمة وصف التأثيم ويرد له حقوقه فهو يطلب الحكم بإلزام المدعى عليها برد ما حصل عنه وبعدم جواز التنفيذ عليه بباقيها مع إلزامها المصروفات وردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى ولائيا لأن الغرامة المطلوب استرداد ما حصل منها تحصلت بناء على حكم قضائي وليس بقرار إداري واختصاص مجلس الدولة المحدد في المادة 10 من قانون رقم 47 لسنة 1972 على سبيل الحصر لا يشمل المنازعة موضوع الدعوى فهي نزاع مدني يدخل في اختصاص القضاء العادي وطلبت احتياطيا رفض الدعوى لأن المدعي على ما ورد في صورة الحكم التي قدمتها اتهم بأنه 1) أهمل إطاعة الأوامر العسكرية 2) أخذ مبالغ على سبيل الرشوة 3) طلب وعدا بتخفيض 2% من قيمة العمليات نظير استعمال نفوذه في توجيه عمليات المقاولة 4) حصل بصفته موظفا عموميا لنفسه على ربح من عملية المشروع 13035 المسندة من القوات الجوية إلى شركة النقل العام للطرق والكباري وطلبت النيابة عقابه بالمواد 153 ق.أ.ع و103 و104 و106 مكرر و107 و110 و111/1 و116 و118 و119 عقوبات والمحكمة العسكرية حكمت عليه بجلسة 20/8/1971 بالأشغال الشاقة لمدة 15 سنة وغرامة مالية قدرها ألفان من الجنيهات وتصدق على الحكم في 26/6/1971 وبذلك فالغرامة توقعت عليه بصفة أصلية والقرار الجمهوري رقم 684 لسنة 1974 ينص على أن يعفى عن باقي العقوبة المحكوم بها على المدعي في القضية رقم 20 لسنة 1969 أمن دولة عسكرية رقم 20 لسنة 1969 القاهرة وعن كافة العقوبات التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم المشار إليه ومعنى ذلك أن الإعفاء ينصب على باقي عقوبتي الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة المحكوم بها فلا حق للمدعي في استرداد الغرامة السابق سدادها قبل العفو وهي ليست عقوبة تبعية والمحكمة نظرت الدعوى وقضت فيها بجلسة 9 من أكتوبر سنة 1978 بحكمها الوارد منطوقة في مقام بيان إجراءات الطعن وأقامت قضاءها هذا على أنه لا نزاع بين الطرفين على ما قضى به الحكم الصادر، من المحكمة العسكرية ضد المدعي في القضية رقم 20 لسنة 1969 وأن محور النزاع بينهما إنما يدور حول ما تضمنه القرار الجمهوري رقم 684 لسنة 1974 وما إذا كان العفو الذي تضمنه يشمل كل الغرامة المحكوم بها عليه أم الجزء الباقي منها فقط بعد صدور القرار ومن ثم يكون النزاع في حقيقته متعلقا بقرار إداري هو القرار الجمهوري رقم 684 لسنة 1974 المشار إليه وهو ما تختص محاكم مجلس الدولة وحدها بالفصل فيه ومن ثم يكون الدفع بعدم اختصاصها بذلك في غير محله وعن الموضوع فإن العفو الوارد بنص القرار المذكور شمل أمرين: أولهما: العقوبة السالبة للحرية التي قضى بها على المدعي وهذه قد اقتصر العفو عنها على باقي المدة المحكوم بها عليه. والثاني: كافة العقوبات التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم وقد شملها قرار العفو بأكملها ومن ثم فلا صحة إزاء صراحة النص لما تقول به الجهة الإدارية من أن القرار اقتصر على باقي العقوبة المحكوم بها بشطريها وأن من حقها أن تمتنع عن رد المبالغ التي سددت قبل صدور القرار بالعفو كما أنه لا محاجة أيضا بقولها أن الغرامة المحكوم بها عليه هي عقوبة أصلية اقتصر أثر قرار العفو على باقيها لأنه أيا كانت طبيعة الغرامة المحكوم بها على المدعي فإن قرار العفو في شطره الأول الخاص بالإعفاء عن باقي العقوبة قد نص صراحة على المدة وهي لا ترد عقلا إلا على العقوبة السالبة للحرية ومن ثم فإن دعوى المدعي بطلب استرداد المبالغ التي حصلت منه لحساب الغرامة قبل قرار العفو تكون قائمة على أساس سليم فيتعين القضاء بإجابته له. أما طلبه الخاص بعدم جواز التنفيذ عليه ومطالبته بباقيها فإنه أقر في صحيفة الدعوى بأن الإدارة العامة للقضاء العسكري انتهت في فتوى لها بأن قرار العفو يشمل عقوبة الغرامة المحكوم بها عليه ومن ثم فطلبه هذا يصبح غير ذي موضوع مما يتعين الالتفات عنه وفي هذا الحكم طعنت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزير الحربية بطعنها هذا.
ومن حيث أن هذا الطعن بني أصلا على أن ذلك الحكم أخطأ في قضائه برفض الدعوى بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى التي صدر فيها إذ أقام قضاءها بذلك على أن القرار الجمهوري الصادر بالعفو عن باقي العقوبة المقضي بها على المطعون ضده هو قرار إداري وهو تكييف غير سليم لأن اختصاص رئيس الجمهورية بالعفو عن العقوبة أو تخفيضها ورد في المادة 149* من الدستور الواردة بين مواد الفرع الخاص برئيس الجمهورية من الفصل الثالث الخاص بالسلطة التنفيذية وكافة المواد التي تضمنها الفرع الأول بشأن اختصاصات رئيس الجمهورية هي اختصاصات سياسية وتشريعية وقرارات عامة غير فردية وليس فيها على الإطلاق ما يعد من قبيل القرارات الإدارية غير ما ورد بالمادة 143 من الدستور بشأن تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم على الوجه المبين بالقانون للإحالة على القوانين الخاصة بذلك فيها مما تعتبر معه قرارات إدارية يطعن عليها أمام القضاء الإداري أما العفو فهو قرار سياسي يصدره ولي الأمر لا باعتباره عضوا إداريا بل باعتباره سياسيا لأنه يعمل في المجال القضائي وإن كان لا يمس الحكم القضائي ومع ذلك فإنه وأيا ما كان الأمر فلو افترض جدلا أن القرار الجمهوري بالعفو قرار إداري فالمنازعة لا تنصب عليه ولا يطلب المدعي إلغاءه في أي جزء منه وإنما تنصب على استرداد مبلغ معين سبق تحصيله من قيمة الغرامة المحكوم بها استنادا إلى تفسيره له وهي على هذا دعوى، حق ولا يختص بها مجلس الدولة إلا في حدود معينة هي الفقرة ثانيا من المادة 10 من قانون مجلس الدولة التي تنص على اختصاصه بالمنازعات الخاصة بالمرتبات والمكافآت والمعاشات المستحقة للموظفين العموميين أو ورثتهم والفقرة العاشرة من المادة 10 التي تنص على طلبات التعويض المنصوص عليها في البنود السابقة سواء رفعت بصفة أصلية أو تبعية وموضوع المنازعة لا يندرج نحن أي من النصين ولذلك تخرج الدعوى عن اختصاصه.
ومن حيث أن طلبات المدعي في الدعوى وهي التي تحدد موضوعها على ما انتهت إليه لا تعدو أحقيته في استرداد ما استأدى منه من مال تنفيذا للحكم الصادر ضده من المحكمة العسكرية بتاريخ 20/8/1971 في القضية رقم 20 سنة 1969 أمن دولة عسكرية عليا المتضمن معاقبته بغرامة مالية قدرها ألفان من الجنيهات وسببها - على ما أسس عليه دعواه هو أنه بصدور القرار الجمهوري رقم 684 لسنة 1974 بالعفو عنه على الوجه الوارد به زال سبب مديونيته بهذا المبلغ الذي أداه وقدره مائة وثمانية عشر جنيها ونصف جنيه تقريبا بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ الحكم الصادر ضده بحسبانه من قبيل العفو الشامل على ما يذهب إليه والدعوى على هذا تتعلق بالمديونية بالمبلغ المحكوم بتغريمه به من المحكمة العسكرية في القضية سالفة الذكر وفي حدود ما أدى منه إذ لا نزاع على تناول العفو باقي المبلغ وطبقا للمادة 110 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بشأن الأحكام العسكرية "تنفذ المبالغ المحكوم بها بالطرق المنصوص عليها في القانون العام" وهو في الخصوص القوانين المدنية، التي تحكم ذلك بالنسبة إلى الكافة والمنازعة في كل ما تعلق بها من أصل المديونية أو تفرع عنها من إجراءات لتحصيل المبالغ أو رد ما دفع بالزيادة أو زال سبب استحقاقه هي منازعة مدنية محضة مما يدخل في اختصاص القضاء العادي وهي كذلك في واقع الدعوى التي هي فرع منها مداره صحة أو عدم صحة احتفاظ الحكومة بما استأدته من المبلغ المحكوم به بعد صدور قرار العفو المشار إليه وهو ما يعتمد الفصل فيه أساسا حول بحث ما إذا كان قد زال بهذا العفو سبب المديونية بأثر رجعي حتى يعتبر ما أدى من الغرامة قبله قد أخذ بغير حق فيحق للمدعي عندئذ استرداده طبقا لأحكام القانون المدني في هذا الشأن (المادة 182) لزوال سبب المديونية به بعد أن تم الوفاء به. ومن ثم فلا اختصاص للقضاء الإداري بمثل هذه المنازعة إذ كل ما يثور من منازعات في الخصوص وإن كانت الإدارة طرفا فيه إلا أنه ليس من قبيل المنازعات الإدارية ولا المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية أو الطعن في القرارات الإدارية أو المسائل المتعلقة بعلاقات الإدارة بموظفيها أو تأديبهم إذ المنازعة كما تقدم القول - تدور حول تحصيل المبلغ المحكوم وصحة إجراءات التحصيل ابتداء أو انتهاء فرعا من المديونية به بمقتضى ذلك الحكم وما قال به الحكم المطعون فيه خلافا لذلك لا وجه له لأنه لا يتجه إلى المنازعة في أساسها موضوعا أو سببا ولا يتصل بشيء من أمر القانون الذي يحكمها ونظائرها من المنازعات المدنية التي تتعلق باسترداد ما أدى من مبالغ محكوم بها من المحاكم العادية أو العسكرية فيما أخذته من اختصاص تلك أو ما عقد لها أصلا وأيا كان وجه الرأي في تكييف القرار بالعفو من حيث كونه قرارا إداريا أو أنه ليس كذلك فالمنازعة في الدعوى تدور حول ما ذكره وليست طعنا في مشروعيته أو تقتضي التعرض له.
ومن حيث أنه لما سلف يكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى غير ما سبق بيانه في شأن تحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله فيتعين لذلك الحكم بإلغائه والقضاء بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وطبقا للمادة 110 مرافعات، متعين مع ذلك الأمر بإحالتها إلى محكمة الدرب الأحمر الجزئية لدخول قيمة الدعوى في حدود اختصاصها مع إبقاء الفصل في المصروفات إليها.
 
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الدرب الأحمر الجزئية للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ