الطعن رقم 26014 لسنة 59 بتاريخ 03/05/1990
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولا: المتهم الأول: بصفته موظفا عاما "أمين عهدة السكر بالشركة العامة لـ .......... فرع .........." اختلس أموالا عامة وجدت في حيازته بسبب وظيفته وذلك بان احتبس لنفسه وبنية التملك كمية السكر المبينة بالتحقيقات البالغ قيمتها 90000 ج ( تسعين ألف جنيه) المملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والمسلمة إليه بمقتضى وظيفته سالفة البيان حال كونه من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة. ثانيا: المتهم الثاني: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الاول في ارتكاب الجناية المسندة إليه المبينة بالبند الأول وذلك بان اتفق معه على ارتكابها وساعده على ذلك بأن نقل كمية السكر المضبوطة دون احتفاظه بفواتير أو سند نقلها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالزقازيق لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 4/2، 3، 41/1، 112/1، 2أ، 118، 118 مكرراً، 119ب، 119 مكرراً من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما متضامنين 3600 جنيه وبعزل الأول من وظيفته عما نسب إليهما.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأن عول في إدانته - ضمن ما عول عليه - على الدليل المستمد من استجوابه بمحضر جمع الاستدلالات دون أن يرد على دفع الطاعن ببطلانه، ولم يدلل تدليلا كافيا على توافر أركان الجريمة في حقه، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن سرد واقعات الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة، بين الأدلة، التي استند إليها في إدانة الطاعنين مستمدة من أقوال ضابط الواقعة وباقي شهود الإثبات. لما كان ذلك، وكان الأصل طبقا لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه - دون أن يستجوبه - وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة، ويكون هذا المحضر عنصرا من عناصر الدعوى تحقق النيابة العامة ما ترى وجوب تحقيقه منه، وكان الاستجواب المحظور قانونا على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكرا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف، وكان من المقرر أن المواجهة كالاستجواب هي من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائي مباشرتها. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة تحقيقا لوجه الطعن، أن مأمور الضبط القضائي أثبت في محضر الضبط ما أسفرت عنه تحرياته من أن الطاعنين - الأول بصفته أمين مخزن السكر التابع للشركة العامة لـ...... فرع.....، والثاني متعهد النقل بها قد اتفقا على التصرف في كميات من السكر التمويني المدعم إلى بعض مصانع الحلوى وأنه تمكن من ضبط عربة بها بعض كميات من رسالة السكر حالة إنزالها أمام إحدى هذه المحال، وبعد أن تلقى مأمور الضبط القضائي إنكار الطاعن الأول معرفته شيئا عن الواقعة أو استلامه أية كمية من رسالة السكر، استرسل مأمور الضبط القضائي في مناقشته تفصيليا وفي مواجهته بما قرره الطاعن الثاني وبما أسفرت عنه التحريات ثم خلص إلى توجيه الاتهام إليه بمخالفة المادتين 115، 116 من قانون العقوبات وأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945. لما كان ذلك، وكان ما صدر عن مأمور الضبط القضائي، على النحو سالف البيان، من مواجهة الطاعن الأول بالأدلة القائمة ضده ومناقشته تفصيليا فيها وتوجيه الاتهام إليه، إنما هو بعينه الاستجواب المحظور قانونا على غير سلطة التحقيق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند - ضمن ما استند إليه في إدانة الطاعنين - إلى الدليل المستمد من هذا الاستجواب دون أن يعرض لما تمسك به الطاعن الأول من بطلانه، على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة، فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب ولا يغني في ذلك ما ساقه الحكم من أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي خلصت إليه أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ذلك، وكان الشارع إذ فرض في المادة 112 من قانون العقوبات العقاب على عبث الموظف العام بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته، قد اشترط لذلك أن تنصرف نية الموظف العام - باعتباره حائزا للمال - إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به هو نية إضاعة المال على ربه. لما كان ذلك، وكان من اللازم في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤديا إلى ما رتب عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق، وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته - قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس دون أن يورد الأدلة المنتجة على اجتراحه لها وأن نيته قد انصرفت إلى إضافة المال إلى ذمته وإنما جاء مشوبا بالإبهام ويرين عليه الغموض، بما يتعذر معه على محكمة النقض تبين صحته من فساده، فإنه يكون مشوبا بالقصور في التسبيب من هذه الناحية أيضا. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه طعنه، وكذلك بالنسبة للطاعن الثاني لاتصال الوجه الأول من وجهي الطعن اللذين بني عليهما النقض به عملا بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 فضلا عن وحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك بغير حاجة إلى النظر في أسباب الطعن المقدم منه