الطعن رقم 6496 لسنة 62 بتاريخ 15/09/1993
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة الطاعن واخرين بانه اولا : بصفته موظفا عموميا ( امين مساعد سجل مدنى .............) ارتكب تزويرا فى محررات رسمية هى بطاقته العائلية رقم ........... ذات مطبوع رقم ...... ونموذج 37 الخاص بـ........... بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة بان اثبت بها انه يعمل كاتبا ماليا واداريا ثالثا بسجل مدنى ........... - وبالنموذج .............. صاحبه يحمل رخصة قيادة درجة اولى وذلك على خلاف الحقيقة على النحو المبين بالتحقيقات . ثانيا : اشتراك مع اخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو تموذج 81 قيد ميلاد .......... بان اتفق معه على تحريره وساعده بان املى عليه بياناته فقام بذلك ومهره بتوقيعات نسبها زورا الى سجل مدنى ........... فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة . ثالثا : قلد اختاما لاحدى الجهات الحكومية هى بصمة خاتم شعار الجمهورية لكل من - مديرية التعاون الزراعى بـ ......... ، وحدة القيادة لـ............. ، الوحدة المحلية بـ............ وشعار الجمهورية الكودى لسجل مدنى ........، مركز شرطة ......، سجل مدنى ............. واستعمل تلك الاختام بان صم بها على المستندات المزورة موضوع الاتهام . رابعا : استعمل المحرر المزور ( بطاقته العائلية ) موضوع التهمة الاولى بان قدمها لوحدة جوازات ........... وحصل بموجبها على جواز السفر رقم ............... مع علمه بتزويرها . خامسا : استعمل بدون وجه حق خاتم سجل مدنى ....... استعمالا ضارا بتلك الجهة بان بصم به على البطاقة العائلية موضوع التهمة الاولى . واحالته الى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بامر الاحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/2 - 3 ، 41 ، 206 ، 207 ، 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات مع اعمال المادة 32 من القانون نفسه بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما نسب اليه .
 فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ...............الخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تزوير في أوراق رسمية واستعمال محرر مزور وتقليد أختام حكومية واستعمال خاتم خاص بإحدى الجهات الحكومية بدون وجه حق استعمالا ضارا بها قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم رد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لصدوره بناء على تحريات غير جدية ردا قاصرا، وأطرح الدفع ببطلان الاستجواب الذي تم بمعرفة العقيد ..............، بقالة أن المحكمة لم تعول على ذلك الاستجواب، في حين أن تحقيقات النيابة بنيت على الأقوال المستمدة منه، ولم تعن المحكمة بتحقيق واقعة تزوير النموذج 37 الخاص بـ ...................، برغم ما قرره الأخير بالتحقيقات من سبق حصوله على رخصة قيادة درجة أولى، وقد فقدت منه، ونفى صلته أو معرفته بالطاعن، ولم يفطن الحكم إلى أن تغيير مهنة الطاعن في البطاقة العائلية المضبوطة لا يعد تزويرا، إذ ليس ما يمنع من أن تشتمل البطاقة على أكثر من بيان للوظيفة أو المهنة، بما ينتفي معه القصد الجنائي، واستدل الحكم بأقوال العقيد ............. على ثبوت واقعة تزوير تاريخ ميلاد ................ في حق الطاعن، دون أن يعنى بالإلمام بالظروف التي أحاطت بتلك الواقعة، أو يدلل على أن الطاعن هو الذي قام بتزوير ذلك البيان، ولم تتحقق المحكمة بنفسها من تقليد الأختام - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات، وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، ومن اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة، وما قرره المتهم الثاني، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة بالقبض والتفتيش لصدوره بناء على تحريات غير جدية واطرحه في قوله "فإن المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أجريت وترتاح إليها لأنها تحريات جدية وواضحة وتحوي بيانات كافية لإصدار الإذن وتصدق من أجراها وتقنع بأنها أجريت فعلا بمعرفة العقيد .......... وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش، هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - كافيا في الإفصاح عن أن المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش اطمئنانا منها إلى جدية الاستدلالات التي بني عليها، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على دليل مستمد من استجوابه بمحضر الضبط، وهو ما سوغت به المحكمة إطراحها الدفع ببطلان استجوابه بذلك المحضر، فإنه لا جدوى مما ينعاه على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية تعد أوراقا رسمية، فكل تغيير فيها يعتبر تزويرا في أوراق رسمية، وإثبات بيانات غير صحيحة في استمارات تلك البطاقات وتغيير بيان المهنة أو الوظيفة لها على خلاف الحقيقة، يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات ويخرج عن نطاق المادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أن الطاعن أثبت بالنموذج 37 باسم ............. - على خلاف الحقيقة - أن الأخير يحمل رخصة قيادة درجة أولى برقم .......... مرور ..................، وتبين أن تلك الرخصة صادرة من إدارة مرور .............. باسم شخص آخر يسمى .................. - وفق ما أفصح عنه كتاب تلك الإدارة في هذا الخصوص - كما أثبت الحكم في حق الطاعن أنه قام بتغيير بيان الوظيفة في بطاقته العائلية رقم .............. بجعل وظيفته كاتب مالي وإداري ثالث بدلا من وظيفة أمين مساعد سجل مدني ...............، وأن بيان الوظيفة الأولى غير صحيح إذ لم يرد لتلك الوظيفة توصيف بالجهة التابع لها الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد دلل على توافر جريمة التزوير في هذين المحررين الرسميين وثبوتها في حق الطاعن، وطبق القانون تطبيقا سليما، ويضحى ما يثيره الأخير في شأن هذه الجريمة، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن توافر هذا الركن، ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن استعماله للمحرر المزور وهو بطاقته العائلية بأن قدمها لوحدة جوازات ميت غمر وحصل بموجبها على جواز سفر رقم .............. مع علمه بتزويرها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن انتفاء القصد الجنائي لديه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقا خاصا، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغا تبرره الوقائع التي بينها الحكم، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، ومتى أخذت بشهادة الشهود، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها - على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأقوال الشهود بشأن ضبط النموذج رقم 81 مواليد باسم ..............، في حيازة الطاعن بمسكنه وثبوت تزوير بيان تاريخ الميلاد بذلك المحرر، إنما ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت بواقعة تزوير ذلك المحرر والظروف التي أحاطت بها، واستخلصت منها ما يكفي لتكوين عقيدتها بحصول اشتراك الطاعن مع آخر مجهول في تزوير بيان تاريخ الميلاد بالمحرر الرسمي - المار ذكره - ولا يقدح في ذلك أن تكون المحكمة قد عولت في ثبوت تلك الواقعة في حق الطاعن على أقوال الشاهد - العقيد .............. - لأن في أخذها بأقواله ما يفيد اطمئنانها إليها واقتناعها بها، وهو من أطلاقاتها، مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها في المادة 106 من قانون العقوبات، تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور في المعاملات، ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقنا بحيث ينخدع به الفاحص المدقق، بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن بصمات الأختام الثابتة بالنموذج 37 الخاص بـ ..............، وقرار إنهاء الخدمة، لم تؤخذ من الخاتم الصحيح وإنما من بصمة أخرى غيره، وأن البصمات المذكورة ينخدع بها الشخص العادي، وأضاف الحكم بأن الأختام المقلدة للجهات المنسوب صدورها منها تشبه الأختام الصحيحة، فإن ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - كافيا في بيان تحقق المحكمة بنفسها من تقليد الأختام موضوع الجريمة المسندة إلى الطاعن وتقرير أوجه التشابه بين تلك الأختام المقلدة والأختام الصحيحة، بما تتوافر به عناصر تلك الجريمة، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص بدعوى القصور غير سديد، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا