الطعن رقم 11 لسنة 14 بتاريخ 13/12/1943
إن القانون إذ نص في المادة 237 عقوبات على أن "من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال هي ومن يزني بها يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة في المادتين 234 و236" قد أفاد أنه أراد أن يجعل من القتل في هذه الحالة جريمة خاصة أقل جسامة، ثم إنه لما كان قد عرف في المادة 10ع الجنايات بأنها هي المعاقب عليها بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو السجن، وفي المادة 11ع الجنح بأنها هي المعاقب عليها بالحبس الذي يزيد أقصى مدته على أسبوع أو الغرامة التي يزيد أقصى مقدارها على جنيه مصري، فإن الجريمة المنصوص عليها في تلك المادة تكون بحكم القانون جنحة. لأن عقوبتها الأصلية هي الحبس وجوباً، لا جوازاً، كما هو الشأن في الجنايات التي تلابسها الظروف المخففة القضائية أو الأعذار القانونية. وإذن فإن الحكم فيها يكون من اختصاص محكمة الجنح لا محكمة الجنايات. وذلك طبقاً للمادة 156 من قانون تحقيق الجنايات التي تقضي بأن "يحكم قاضي الأمور الجزئية في الأفعال التي تعتبر جنحاً بنص قانوني"، والمادة الأولى من قانون تشكيل محاكم الجنايات التي تنص على أن "الأفعال التي تعد جناية بمقتضى القانون تحكم فيها محاكم الجنايات ما عدا ما يكون الحكم فيه من خصائص محاكم مخصوصة". ولا يصح القول بأن تقدير قيام العذر يجب أن يترك إلى محاكم الجنايات، فإن القانون لا يوجد فيه نص يقضي بذلك، أو بإخراج الوقائع التي تعتبر جنحاً لما لابسها من عذر قانوني مخفف من اختصاص محاكم الجنح. وخصوصاً أن القانون الصادر في 19 أكتوبر سنة 1925 قد نص في مادته الأولى على أنه في حالة ما يرى قاضي الإحالة وجود شبهة تدل على أن الواقعة جناية وأن الدلائل المقدمة كافية يجوز له، بدلاً من تقديم المتهم إلى محكمة الجنايات، أن يصدر أمراً بإحالة الدعوى إلى القاضي الجزئي المختص إذا رأى أن الفعل المعاقب عليه قد اقترن بأحد الأعذار المنصوص عنها في المادتين 60 و215 من قانون العقوبات "66 و251 من القانون الحالي" أو بظروف مخففة من شأنها تبرير تطبيق عقوبة الجنحة... إلخ. وهو وإن لم يذكر ضمن الجنايات، التي يجوز لقاضي الإحالة تقديم مرتكبيها إلى محكمة الجنح بدلاً من محكمة الجنايات، الأفعال التي يلابسها الظرف المنصوص عليه في المادة 237ع إلا أن عدم ذكره إياها لا يمكن أن يحمل على أن الشارع أراد أن يكون لمحكمة الجنايات دون غيرها تقدير هذا الظرف الذي لا يختلف في طبيعته عن العذر المنصوص عليه في المادة 251ع إلا من جهة أنه يجب على القاضي متى ثبت له قيامه أن يطبق عقوبة الجنحة، على حين ترك له الخيار في أن يطبق عقوبة الجناية أو الجنحة إذا ثبت له العذر المنصوص عليه في المادة 251ع. ولو كان مراد الشارع أن تنفرد محاكم الجنايات بتقدير الأعذار القانونية إطلاقاً لكان الأولى بذلك عذر المادة 251ع، لأن العقوبة المقررة أصلاً للجريمة المقترنة بهذا العذر هي عقوبة جناية، في حين أن العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها في المادة 237 هي عقوبة جنحة. وإنما السبب في هذا الإغفال - على ما يظهر من روح التشريع ومن المذكرة الإيضاحية المرفوعة مع مشروع القانون القاضي بجعل بعض الجنايات جنحاً - هو أن المشرع يعتبر الجريمة المنصوص عليها في المادة 237 جنحة لا جناية ما دام العقاب المقرر لها هو الحبس، ولذلك لم ير هناك من حاجة إلى النص على جواز إحالتها إلى محكمة الجنح. فقد جاء بتلك المذكرة أن "الغرض المقصود منه هو إيجاد طريقة ... لا تحول دون مقتضيات الزجر ولكنها تخول الفصل في القضايا التي لا تتجاوز العقوبة فيها عادة بسبب الظروف العقوبات المنصوص عليها في مواد الجنح"، ثم جاء بها في موضع آخر أن المشرع رأى أن يسترشد في بيان الجنايات التي يجوز لقاضي الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنح "بنوع العقوبة المنصوص عليها قانوناً". وهذا النظر لا يصح الاعتراض عليه بأن المادة الأولى من ذلك القانون نصت على الجريمة التي يلابسها العذر المنصوص عليه في المادة 60 ضمن الجرائم التي يجوز لقاضي الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنح، مما مفاده أنه يجوز له أيضاً أن يحيلها على محكمة الجنايات مع أن العقاب المقرر في تلك المادة هو الحبس فقط - لا يصح الاعتراض بذلك لأن العذر المنصوص عليه في المادة 460 يتصل بشخص الجاني فقط ولا تأثير له في طبيعة الجريمة التي يرتكبها الصغير من حيث خطورتها وجسامتها الذاتية. أما الظرف المنصوص عليه في المادة 237 فهو متصل بذات الجريمة يخفف من وقعها ويقلل من جسامتها