الماده 93 مدنى
1- إذا عُيّن ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد.
2- وقد يستخلص الميعاد من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة.
========================================
01-لنصوص العربية المقابلة
======================================== 
  هذه المادة تقابل فى نصوص القانون المدنى بالأقطار العربية، المواد التالية:
مادة 93 ليبى و 94 سورى و81 عراقى و 77 سودانى و179 لبنانى و 69 كويتى و 33 تونسى.
_______________
========================================
02-الأعمال التحضيرية
======================================== 
  الأعمال التحضيرية:
                يظل الموجب مرتبطا بإيجابه فى خلال الميعاد المحدد للقبول، متى حدد له ميعاد، سواء فى ذلك ان يصدر الإيجاب لغائب أو لحاضر، فإذا إنقضى الميعاد ولم يصدر القبول، فلا يصبح الإيجاب غير لازم فحسب، بعد ان فقد ما توافر له من قوة الالزام، بل هو يسقط سقوطا تاما، وهذا هو تفسير المعقول لنية الموجب، فهو يقصد الا يبقى بقاء الإيجاب، الا فى خلال المدة المحددة، مادام قد لجأ إلى التحديد. ولكن مثل هذا النظر يصعب تمشية مع ما يغلب فى حقيقة نية الموجب، ويراعى ان القول بسقوط الإيجاب، عند إنقضاء الميعاد، يستتبع إعتبار القول المتأخر بمثابة إيجاب جديد، وهذا هو الرأى الذى اخذ به المشروع فى نص لاحق. وغنى عن البيان ان الإيجاب الملزم بتميز فى كيانه عن الوعد بالتعاقد، فالأول إرادة مفردة، والثانى إتفاق إرادتين.
                ويكون تحديد الميعاد فى غالب الاْحيان صريحا، ولكن قد يقع احيانا ان يستفاد هذا التحديد ضمنا، من ظروف التعامل أو طبيعته، فإذا عرض مالك آله ان يبيعها تحت شرط التجربة، فمن الميسور ان يستفاد من ذلك انه يقصد الإرتباط بإيجابه، طوال المدة اللازمة للتجربة، وعند النزاع فى تحديد الميعاد يترك التقدير للقاضى، وتختلف هذه الصورة من صور الإيجاب الموجه إلى الغائب، بغير تحديد صريح أو ضمنى لميعاد ما، وقد عالجها المشروع فى المادة التالية، فقضى بأن يبقى الموجب ملتزما بإيجابه إلى الوقت الذى يتسع لوصول قبول يكون قد صدر فى وقت مناسب وبالطريق المعتاد- واذ كان الإيجاب غير ملزم، فى رأى القضاء المصرى، فقد انحصر لاشكال فى تعيين للفترة التى يظل الإيجاب قائما فى خلالها، إذا لم يكن قد عدل عنه، وقد جرى القضاء فى هذا الشأن عن ان الإيجاب لا يسقط، الا إذا عدل عنه الموجب، أو مالم يكن قد إتفق على ميعاد يسقط بانقضائه، أو مالم يكن قد تبين بجلاء ان المتعاقدين قد إتفقا ضمنا على ميعاد. اما فيما يتعلق بتحديد الميعاد الذى يتفق عليه ضمنا، فللقاضى ان يقوم بتحديده، إذا لم يحدده المتعاقدان بوجه من الوجوه، بالرجوع إلى نية الموجب وفقا لظروف كل حالة بخصوصها
(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني -جزء 2- ص 36 و 37)
_______________
========================================
03-لشرح والتعليق
======================================== 
  1 - نعنى بقوة الإيجاب الملزمة ان يكون الموجب ملزما بالبقاء على إيجابه إلى وقت معلوم، فلا يستطيع الرجوع فيه قبل إنتهاء هذا الوقت، لا ان يكون الموجب ملتزما بالعقد الذى اوجب له، لان هذا العقد لم يتم ولن يتم الا بعد ان يقترن به القبول، فالإيجاب لا يكون ملزما إلا إذا تعين فيه ميعاد لإقتران القبول به، سواء أكان تعييناً صريحا أو مستخلصا من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة، ويستخلص الميعاد من ظروف الحال إذا تقدم شخص بعطاء فى مناقصة بالمظاريف، فهذا العطاء إيجاب مقترن بميعاد ضمنى هو الوقت الذى تفض فيه المظاريف، ويرسو العطاء، فيكون الإيجاب ملزما إلى هذا الوقت، ويستخلص الميعاد من طبيعة المعاملة إذا صدر الإيجاب لغائب، فما لم يحدد صراحة ميعاد للقبول، وجب ان يكون هذا الميعاد هو الوقت الذى يتسع لوصاية قبول يكون قد صدر فى وقت مناسب وبالطريق المعتاد. وللموجب ان يفرض ان إيجابه قد وصل غير متأخر. فإذا ما حددت المدة صراحة اوضمنا، وبقى الموجب ملتزما بالقاء على إيجابه طول هذه المدة، وإلتزامه هذا مصدره الإيجاب ذاته، اى إرادة الموجب المنفردة، فقد نص القانون على انها ملزمة.
اما إذا لم تحدد مدة للقبول لا صراحة ولا ضمنا، فإن الإيجاب لا يكون ملزما ولو انه إيجاب قائم، ومن ثم يجوز للموجب الرجوع فيه فى اى
وقت شاء، ما دام انه لم يقترن بالقبول، ونرى من ذلك ان الإيجاب قد يكون قائما ملزما، وقد يكون قائما غير ملزم.
فإذا كان الإيجاب قائما ملزما، فإنه يسقط فى حالتين:
1- إذا انفض المدة التى حددت لإقتران القبول به.
2- إذا رفضه من وجه إليه ولو قبل إنقضاء هذه المدة.
وإذا كان الإيجاب قائما غير ملزم، وهذا لا يكون الا فى التعاقد ما بين حاضرين فى مجلس العقد، فإنه يسقط ايضا فى حالتين:
1- إذا نقض مجلس العقد دون ان يقترن به القبول
2- إذا رجع فيه الموجب قبل إقتران القبول به ولو قبل انفضاض مجلس العقد.
فإذا سقط الإيجاب فى حالة من هذه الحالات الاربع، فكل قبول يأتى بعد ذلك يكون متاخرا لا يعتد به على إعتبار انه قبولا لإيجاب سابق، ولكن يصح ان يكون هذا القبول المتأخر إيجابا جديدا موجها لمن صدر منه الإيجاب الأول(1).
2 - اجاز جمهور الفقهاء المسلمين للموجب ان يرجع عن إيجابه قبل صدور القبول، فللموجب الخيار فى ان يظل على إيجابه حتى ينفض مجلس العقد أو يرجع عنه طالما يصدر قبول من المتعاقد الاخر، ويسمى هذا بخيار الرجوع (الاحناف والشافعية والحنابلة)- اما المالكية فقد جعلوا الإيجاب لازما للموجب، ولم يجيزوا الرجوع فيه قبل قبول المتعاقد الاخر أو رفضه أو انفضاض مجلس العقد.
وتأخذ السعودية واليمن بالرأى الذى يجعل الإيجاب غير لازم، وبالتالى يثبت للموجب خيار الرجوع عن إيجابه قبل صدور القبول- اما تشريعات مصر وليبيا وسوريا والعراق ولبنان وتونس فتجعل للموجب فى الأصل ان بعدل عن إيجابه طالما لم يقترن به قبول موافق له، كما يلاحظ ان تكرار الإيجاب قبل القبول يبطل الإيجاب الأول ويعتبر فيه الإيجاب الثانى،
ويستثنى من الأصل السابق حالة ما إذا عين ميعاد القبول (م93و 94 مدنى مصرى).
 ان الإيجاب فى التشريعات العربية يسقط: (أ) إذا رفضه من وجه إليه (ب) أو كان القبول غير موافق له(ج) أو انقضى ميعاد القبول دون ان يصدر هذا القبول (د) أو عدل الموجب عنه عدولا صحيحا، وانفض مجلس العقد دون ان يصدر قبول، وإذا سقط الإيجاب إعتبر كل القبول بعد ذلك إيجابا جديدا يحتاج إلى قبول من الطرف الاخر.
وإعتبار الإيجاب غير لازم فى الأصل فى التشريعات العربية هو مذهب جمهور الفقهاء المسلمين، اما إعتباره لازما فى حالة تحديد ميعاد للقبول فهو حل جديد(2).
3 - الأصل فى النظر القانونى ان للموجب ان يرجع عن إيجابه قبل القبول ذلك لان العقد لا يتم الا بالقبول، فقيل ذلك لا يكون الموجب قد إرتبط بعقده، وإذا رجع عن الإيجاب بطل، ولم يبق صالحا لبناء قبول عليه.
غير أن القانون السورى كأصله، قد القى على هذا الأصل قيدا قيد به حرية الموجب فى الرجوع، وذلك إذا عين ميعاد للقبول، فحينئذ يلتزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى ان ينقضى هذا الميعاد، سواء اكان تعيينه صراحة فى الإيجاب، أو كان يستخلص من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة، فهذا فى القانون من تطبيقات مبدأ الإلتزام بالإرادة المنفردة، وفيما سوى حالة تحديد موعد للقبول صراحة أو ضمنا، يعتبر الإيجاب غير ملزم، مالم يقترن به القبول قبل سقوطه.
ويبطل الإيجاب فى حالات قد يختلف فيه المبطل بحسب كون الإيجاب ملزما، أو غير ملزم فإذا كان الإيجاب ملزما، يبطل ما يلى:
1 - برفض الموجه إليه ولو قبل إنقضاء الموعد المعين للقبول.
2 - بإنقضاء المدة المعينة للقبول، ولو لم يرفض من وجه اليه، وذلك لان تحديد موعد للقبول، كما ينبى بالالزام، ينبئ ايضا بأن الموجب لا يريد البقاء على إيجابه اكثر من هذا الموعد.
اما إذا كان الإيجاب غير ملزم فيبطل:
1 - برفض الموجه إليه رفضا صريحا أو مستنتجا- والرفض المستنتج يكون بكل ما يدل على الاعراف وعد الرغبة، ومن ذلك انفضاض مجلس العقد دون قبول، لا انفضاض المجلس يكون بالانصراف عن عملية التعاقد، وهذا الانصراف ينطوى على الاعراض المفسر بالرفض.
2 - بموت الموجب أو فقد اهليته قبل القبول، وكذا بموت الموجه إليه الإيجاب، أو بفقد اهليته قبل صدور القبول منه، اما إذا مات احدهما بعد وقوع القبول، فإن العقد يكون قد انبرم بمجرد القبول فى القانون السورى، لانه قد اخذ فى إنشاء العقد بنظرية تمام العقد بوقوع القبول.
وعلى هذا لم يبق فى القانون السورى ما يختلف فيه التعاقد بين حاضرين عن التعاقد بين غائبين، الا من حيث تحديد مجلس العقد ومكان العقد(3).
4 - تقرر المادة 82 من النقنين المدنى العراقى بأن المتعاقدين بالخيار بعد الإيجاب إلى اخر المجلس، فلو رجع الموجب بعد الإيجاب وقبل القبول، أو صدر فى احد المتعاقدين قول أو فعل يدل على الاعراض يبطل الإيجاب ولا عبرة بالقبول الواقع بعد ذلك- هذه المادة تفرض لنظرية (مجلس العقد) وهى فكرة اسلامية لاقت عناية كبيرة من الفقهاء- وأثارت بينهم خلافات طويلة فى تحديدها وتفسيرها، والغرض من هذه النظرية هو تحديد المدة التى يصح ان تفصل القبول عن الإيجاب، حتى يتمكن من عرض عليه الإيجاب من المتعاقدين ان يتدبر امره فيقبل الإيجاب أو يرفضه، وواضح ان المشرع العراقى- كمجلة الأحكام العدلية- لم يأخذ بخيار المجلس الذى يعطى للمتعاقدين حق الرجوع ماداما فى مجلس العقد حتى بعد صدور القبول.
وتقرر المادة 83 من النقنين المدنى العراقى ان تكرار الإيجاب قبل القبول يبطل الإيجاب الأول يعتبر فيه الإيجاب الثانى، والحكم الذى تقرره هذه المادة من البديهيات القانونية عن المجلة إلى اقصى حد ممكن (م185 المجلة).
 وتقرر المادة 84 منه انه إذا حدد الموجب ميعادا للقبول إلتزم بإيجابه إلى ان ينقضى هذا الميعاد، وظاهر ان هذه المادة تعرض لفكرة (الإيجاب الملزم)، ويفهم منهما ان القاعدة العامة التى اقرها المشرع العراقى هى انه ليس للإيجاب قوة ملزمة أو قدرة على إنشاء الروابط القانونية مادام لم يقترن به قبول الطرف الثانى، فلمن وجه الإيجاب ان يعدل عنه فى اى وقت يشاء قبل القبول، وليس عليه ان يبرر سبب العدول- هذه هى القاعدة فى التقنين المدنى العراقى، ولكن المادة المتقدمة تقرر حالة استثنائية خاصة يكون فيها الإيجاب ملزما ولو لم يقترن به القبول بعد، وتلك هى حالة ما إذا حدد الموجب لإيجابه فترة القبول، وواضح ان الالزام هنا يستمد قوته من الإرادة
المنفردة للموجب. واحب ان الفت النظر فى هذا الصدد إلى ان فكرة الإيجاب الملزم ليست غريبة عن الفقه الاسلامى، فإنه إذا كان جمهور الفقهاء يذهبون إلى انه  ليست للإيجاب قوة ملزمة حتى ولو قيد الموجب نفسه بوقت محدد الا ان  المالكية منهم يذهبون إلى انه إذا قيد الموجب نفسه بمدة محددة نقيد بها، ولا يجوز له الرجوع قبل انقضائها، بل انهم ذهبوا إلى ابعد من هذا، فقرروا كما قرر المشرعان المصرى والسورى، ان الميعاد قد يستخلص من ظروف الحال أو من طبيعة التعامل (4).
____________________
(1)   الوسيط - 1- للدكتور السنهوري - ط 1952- ص 209 وما بعدها ، وكتابه : الوجيز - ص 9 وما بعدها .
(2) نظرية الإلتزام في الشريعة الاسلامية والتشريعات العربية - للدكتور عبد الناصر العطار المرجع السابق - ص 20 وما بعدها .
(3)   القانون المدني السوري - للاستاذ مصطفي الزرقا - المرجع السابق - ص 47 وما بعدها .
(4)  القانون المدنى العراقى- الدكتور حسن القانون- المرجع السابق- ص  وما بعدها.
_______________
 
========================================
04-] التعليــــــق [
======================================== 
  هذه المادة تقابل من نصوص المواد العربية السوري م94، العراقي م 84، الليبي
م 93، السوداني م 77، اللبناني 179/2، التونسي م 23، الكويتي م 110.
وقد جاء عنها بمذكرة المشروع التمهيدي بأن " الإيجاب الملزم يتميز في كيانه عن الوعد بالتعاقد فالأول إرادة منفردة والثاني اتفاق إرادتين .. أما فيما يتعلق بتحديد الميعاد الذي يتفق عليه ضمناً فللقاضي أن يقوم بتحديده إذا لم يحدده المتعاقدان بوجه من الوجوه بالرجوع إلى نية الموجب وفقاً لظروف كل حالة بخصوصها".
========================================
05-الشرح
======================================== 
  •            الإيجاب المقترن بميعاد للقبول ملزم للموجب : فالإيجاب المقترن بميعاد للقبول ملزم للموجب طبقاً لنص القانون الجديد، ولم نعد بعد هذا النص في حاجة إلى البحث عن الأساس الذي تقوم عليه هذه القوة الملزمة، فالنص صريح في أن الإيجاب وحده هو الملزم، أي أن الإلزام يقوم على الإرادة المنفردة طبقاً لنص القانون، وهذه هي إحدى الحالات التي نص القانون الجديد على أن الإرادة المنفردة تكون فيها مصدراً للالتزام. ويكون تحديد الميعاد الذي يبقى فيه الإيجاب ملزماً صريحاً في الغالب، ولكن يقع أحياناً أن يستفاد هذا التحديد ضمناً من ظروف التعامل أو من طبيعته، فإذا عرض مالك آلة أن يبيعها تحت شرط التجربة، فمن الميسور أن يستفاد من ذلك أنه يقصد الارتباط بإيجابه طوال المدة اللازمة للتجربة، وعند النزاع في تحديد الميعاد يترك التقدير للقاضي، وإذا صدر الإيجاب لغائب دون أن يحدد ميعاد للقبول، فإن الموجب يبقى ملتزماً إلى الوقت الذي يتسع لوصول قبول يكون قد صدر في وقت مناسب وبالطريق المعتاد، وله أن يفرض أن إيجابه قد وصل في الميعاد المقدر لوصوله. ويبقى الموجب ملتزماً بالبقاء على إيجابه المدة التي حددها، ما لم يكن إيجابه قد سقط برفض الطرف الآخر له قبل انقضاء هذه المدة. أما إذ لم يحدد الموجب أية مدة للقبول، فإن إيجابه يبقى قائماً، ولكنه لا يكون ملزماً بل يجوز له الرجوع فيه أي وقت شاء مادام أنه لم يقترن بالقبول. ومن ثم نتبين أن الإيجاب قد يكون قائماً ملزماً، وقد يكون قائماً غير ملزم، فالقيام غير الإلزام، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
وقد قضت محكمة النقض بأن " النص في الفقرة الأولى من المادة 93 من القانون المدني على أنه ”إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد “ يدل على أن الإيجاب المقترن بميعاد للقبول ملزم للموجب ويبقى الموجب ملتزماً بالبقاء على إيجابه المدة التي حددها، فإذا صدر القبول خلال الأجل مطابقاً للإيجاب انعقد العقد وأصبح ملزماً ولا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين وللأسباب التي يقررها القانون فلا يستطيع أحد المتعاقدين أن ينفرد بنقض العقد أو تعديله" (الطعن رقم 1358 س 48 ق جلسة 1/2/1982) وبأنه "مؤدى المادتين 91، 93 من القانون المدني أن التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إلا من وقت اتصاله بعلم من وجه إليه، فإذا كان الموجب قد التزم في إيجابه بالبقاء على هذا الإيجاب مدة معينة فإن هذا الإيجاب لا يلزم الموجب إلا من وقت اتصال علم من وجه إليه به وإلى هذا الوقت يعتبر أن الإيجاب لا يزال في حوزة الموجب فله أن يعدل عنه أو أن يعدل فيه لأن التعديل ما هو إلا صورة من صور العدول لا يملكه إلا في الفترة السابقة على وصول الإيجاب إلى علم من وجه إليه. وعلى ذلك فمتى تبين أن طالب الشراء أبدى في طلبه الموجه إلى عضو مجلس الإدارة المنتدب للشركة البائعة رغبته في شراء قدر من الأطيان المملوكة لها بثمن محدد وبشروط معينة وضمن الطلب أنه لا يصبح نافذ الأثر بين الطرفين إلا بعد موافقة مجلس إدارة الشركة كما تعهد فيه بأن يظل مرتبطاً بعطائه في حالة إشهار مزاد بيع الأطيان لحين إبلاغه قرار الشركة باعتماد البيع من عدمه. فتحقق بذلك علم الشركة بمجرد وصول الطلب إلى عضو مجلس الإدارة المنتدب فإن هذا الإيجاب يعتبر نافذ الأثر في حق الموجب لا يجوز العدول عنه أو تعديله حتى تبت الشركة في طلبه بالقبول أو الرفض وذلك عملاً بنصوص الطلب ونزولاً على حكم المادتين 91، 93 المشار إليهما. ولا يجدي الموجب التمسك بأن الموافقة المعتبرة في إتمام التعاقد هي موافقة مجلس إدارة الشركة دون غيره من موظفي الشركة مادام أن النزاع يدور فقط حول معرفة من الذي نكل من الطرفين عن إتمام التعاقد لأن مجال البحث في هذا الذي يتمسك به الموجب هو في حالة ما إذا كانت الشركة تتمسك بتمام التعاقد والمطالبة بتنفيذه". (الطعن رقم 97 سنة 24ق جلسة 10/4/1958) وبأنه "النص في المادة 89 من القانون المدني على أن ”يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين، مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد“ والنص في المادة 93 من ذات القانون على أنه ”إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه... ولما كان الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد وإذا عين ميعاد للقبول فإن الإيجاب ملزم للموجب طوال المدة المحددة ما لم يكن إيجابه قد سقط برفض الطرف الآخر له قبل انقضاء هذه المدة ولا يعتد بعدول الموجب بل ينعقد العقد بالرغم من هذا العدول متى تم القبول وإذا أوجب المشرع في المادة 20 من القانون 136 لسنة 1981 على المستأجر أن يلتزم مدة شهر على إيجابه من تاريخ إعلانه المالك فإن هذه المهلة حددها الشارع ميعاداً للإيجاب فيظل الإيجاب منتجاً لآثاره من وقت علم من وجه إليه به وليس له أن يعدل عنه بعد ذلك، ولما كان إعلان المستأجر للمالك برغبته في البيع هو رضاء بات بالبيع وإذ أبدى المالك رغبته في الشراء مودعاً قيمة ما يخص المستأجر من ثمن البيع خلال الميعاد القانوني فإن ذلك يعد منه رضاء بات بالشراء وإذ توافق الإيجاب والقبول خلال الميعاد فيعقد بذلك العقد" (الطعن رقم 579 سنة 59 ق جلسة 24/6/1993) وبأنه "رفع أحد الشريكين دعوى مطالباً بنصيبه في أرباح الشركة وعرض إنهاء للنزاع أن يدفع إليه شريكه مبلغاً معيناً كتقدير جزافي لأرباحه وقيد هذا الإيجاب بشرط الدفع فوراً وحدد الغرض منه فلم يقبل شريكه ذلك فإن هذا الإيجاب يكون قد سقط لتخلف شرطه والغرض منه ورفض قبوله، فإذا كان الحكم رغم ذلك قد أخذ بهذا الإيجاب الساقط وقيد به الموجب فإن الحكم يكون قد اعتمد في قضائه على دليل معدوم مما يجعل قضاءه مخالفاً للقانون" (الطعن رقم 9 سنة 24 ق جلسة 13/3/1958) وبأنه "لقاضي الموضوع في حالة صدور الإيجاب لغائب دون تحديد صريح لميعاد القبول أن يستخلص من ظروف الحال وطبيعة المعاملة وقصد الموجب الميعاد الذي التزم البقاء فيه على إيجابه، والقاضي فيما يستخلصه من ذلك كله وفي تقديره للوقت الذي يعتبر مناسباً لإبلاغ القبول لا يخضع لرقابة محكمة النقض متى كان قد بين في حكمه الأسباب المبررة لوجهة النظر التي انتهى إليها، والمحكمة وهي بسبيل استخلاص الميعاد الذي قصد الموجب الالتزام فيه بإيجابه لها أن تتحرى هذا القصد من كل ما يكشف عنه، ولا تثريب عليها إذا استظهرته من أفعال تكون قد صدرت من الموجب بعد تاريخ الإيجاب وكشفت عن قصده هذا، كما أنه لا على المحكمة في حالة صدور الإيجاب من شركاء متعددين عن صفقة واحدة أن تستدل عن قصدهم المتحد بأمور قد تكون قد صدرت من أحدهم كاشفة لهذا القصد" (2/7/1964 الطعن رقم 187 سنة 29ق جلسة 2/7/1964) وبأنه " إذا لم يعين ميعاد للقبول فإن الإيجاب لا يسقط إلا إذا عدل عنه الموجب، فإن بقى الموجب على إيجابه حتى صدر القبول من المعروض عليه الإيجاب فقد تم العقد بتلاقي الإرادتين ومن ثم فلا يجوز بعد ذلك لأي من الطرفين بإرادته المنفردة التنصل منه أو التحلل من آثاره" (جلسة 18/4/1963 السنة 14 ص 550 ، جلسة 2/7/1964 الطعن رقم 187 سنة 28ق س15 ص895 ، جلسة 24/6/1993 الطعن رقم 579 سنة 59ق س44 ص759)