الدليل الثامن : في إثبات ونفي التعاقد موضوع دعوى الصحة  والنفاذ (اليمين )
اليمين الحاسمة - اليمين المتممة
 
اليمين كدليل وارتباطها  بمقدسات الإنسان :
تعرف اليمن بأنها إخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالي علي صدق الخبر ويكلف بها - باليمين - الشهود قبل أن يؤدوا شهادتهم ، كما أنها توجه إلى أحد الخصوم عندما يعوز خصمه الدليل علي دعواه ، والاستشهاد بالله تعالي حال أداء اليمين يقع بصحة القول بخصوصية هذا الدليل ، وقد راعي مشرع قانون الإثبات هذه الخصوصية فنصت المادة 128 منه علي : لمن يكلف حلف اليمين أن يؤديها وفقا للأوضاع المقررة في ديانته إذا طلب ذلك .
 
ويقول السنهوري تعليقاً علي ذلك : إذا كان دين من يحلف يفرض عليه ألا يقسم باسم الله ، بل يقتصر علي التأكيد باسم الذمة والضمير ، جاز له أن يكتفي بذلك ما دام مثل هذا التأكيد يعتبر يميناً في دينه ، ولكن لا يلزم الخصم باتباع أوضاع دينه في الحلف إذا عرض أن يحلف وفقاً للأوضاع المدنية   ، وفي ذلك تنص المادة 127 من قانون الإثبات : تكون تأدية اليمين بأن يقول الحالف " أحلف " ويذكر الصيغـة التي أقرتهـا المحكمة .
 
وعن طقوس حلف اليمين :
 
يقول السنهوري : يجوز للخصم الذي وجه اليمين أن يطالب من خصمه أن يضع يده علي ما يعتبر في دينه الكتاب المقدس إمعاناً في إشعاره بجلالة الموقف وبخطر اليمين ، وقد قضت بعض المحاكم بأنه لا مانع يمنع الخصم عند توجيه اليمين الحاسمة لخصمه من أن يطلب منه أن يضع يده علي المصحف أو الإنجيل أو التوراة وقت الحلف ، فإن قبل الخصم حلف اليمين ورفض وضع يده علي الكتاب عد ناكلاً عن اليمين  .
ويري البعض من الفقه وكذا اتجاه المحاكم الآن أن وضع اليد علي المصحف الشريف ليس من الشرع في شيء وعليه فمن يرفض حلف اليمين علي هذه الصورة لا يكون ناكلاً عن حلف اليمين  .
 
التقسيم الأساس لليمين إلى يمين قضائية ويمين غير قضائية
اليمين علي النحو السابق نوعان ، النوع الأول : يمين قضائية وتؤدي في مجلس القضاء ، وهذا ما يميزها ، النوع الثاني اليمن غير القضائية وهي التي تؤدي في غير مجلس القضاء .
 
النوع الأول وأحكامه : النوع الأول من اليمين . اليمين القضائية ، وهي كما سبق القول ما تؤدي قي مجلس القضاء ، وهي نوعان : اليمين الحاسمة ، واليمين المتممة ، ويلحق باليمين الحاسمة يمين الاستيثاق ويمين عدم العلم ، ويلحق باليمين المتممة يمين التقويم .
النوع الثاني وأحكامه : النوع الثاني من اليمين . اليمين غير القضائية هي التي يتم الاتفاق على حلفها بين الخصوم خارج مجلس القضاء ، ويخضع إثبات الاتفاق عليها للقواعد العامة في الإثبات ، فالاتفاق يجب إثباته بالكتابة إذا كان موضوع
الحلف يتجاوز ألف ، إما إذا كانت واقعة الحلف واقعة مادية جـاز إثبات الاتفاق على الحلف بكافة طرف الإثبات القانونية  .
 
والتساؤل : ما قيمة اليمين غير القضائية … ؟
 
يقول المستشار عز الدين الدناصوري : أن اليمين الغير قضائية إذا تم حلفها ترتب عليها جميع آثار اليمين القضائية ، وتحديداً اليمين الحاسمة علي ما سيلي ، وبالتالي فإن الحال يعتبر محقاً في دعواه وخصمه مبطلاً فيها ، وعلي عكس ذلك يعتبر الناكل مبطلاً في دعواه وخصمه محقاً ، وإذا لجأ أحدهما بعد ذلك إلى للقضاء فإن ذلك لا يكون إلا لإثبات حصول الحلف أو النكول  .
 
وفي أجملت محكمة النقض وفي قضاء رائع لها تعريف الشهادة وارتباطها بالمقدس لدي الإنسان وأبانت خطورة ما يترتب عليها من آثار :  قررت : اليمين هي إشهاد الله عز و جل على قول الحق ، و قد تكون قضائية تؤدى فى مجلس القضاء أو غير قضائية تحلف فى غير مجلس القضاء باتفاق الطرفين و من ثم تعتبر الأخيرة نوعاً من التعاقد يخضع فى إثباته للقواعد العامة ، أما حلفها ، فهي واقعة مادية تثبت بالبينة و القرائن إذ هي تؤدى شفها أمام المتفق على الحلف أمامهم ، و متى تم حلفها من أهل لها ، ترتبت عليها جميع آثار اليمين القضائية متى حسم النزاع و منها حجيتها في مواجهة من وجهها إلى خصمه  .
 
بيان القواعد العامة التي تحكم اليمين كدليل سواء كان يمين قضائي أو يمين غير قضائي
أولا : موضوع حلف اليمين لا يصح أن يكون مسألة قانونية أو تفسر حكم قانوني نص فذلك من اختصاص القضاء ، سواء بدفع أو بدعوى مبتدأه طبقـاً لأحكام قانون المرافعات .
 
ثانياً : يجوز توجيه اليمين في جميع المواد المدنية ، سواء كانت مما يقبل فيه الإثبات بالبينة ، أو مما يجب الإثبات فيه بالكتابة ، بل يجوز أن يكون موضوع اليمين أمرًا يخالف ما هو ثابت بدليل كتابي أو يجاوز ما ثبت بالكتابة ، فيما عدا ما لا يجوز الطعن فيه إلا تزوير ، فيجوز تحليف من يتمسك بورقة رسمية أو عرفية على أن هذه الورقة ليست صورية ، أو أن يكون موضوع اليمين أمرًا يخالف قرينة قضائية أو قرينة قانونية غير قاطعة كقرينة الوفاء بقسط من الأجرة دليل على الوفاء بالأقساط السابقة  .
ثالثاً : لا يجوز أن يكون موضوع اليمين واقعة مخالفة للقانون للنظام العام أو الآداب العامة ، و يقصد بالنظام العام في دولة ما مجموعة الأصول والقيم العليا التي تشكل كيانها المعنوي وترسم صورة الحياة الإنسانية المثلي فيها وحركتها نحو تحقيق أهدافها ، سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية ، وهي بهذه المثابة مبادئ وقيم تفرض نفسها علي مختلف أنواع العلاقات القانونية في الدولة ، وجوداً وأثراً ، غالباً في صورة قواعد قانونية آمرة تحكم هذه العلاقة ، والمظهر العملي لهذه القواعد والوظيفة التي تؤديها هو بطلان كل عمل إرادي يأتيه المخاطب بها بالمخالفة لها ، عقداً كان هذا العمل أو عملاً منفرداً من ناحية ، وعدم جواز النزول عن الحقوق والمراكز القانونيــة التي تقررها للبعض منهم قبل البعض الآخـر ، من ناحية أخري  ، ومن ثم لا يجوز توجيه يمين في هبة عقار لم تكتب في ورقة رسمية لأن هذا يخالف القانون ، ولا في النسب أو الجنسية لأن هذا يخالف النظام العام ، ولا يجوز توجيه اليمين في إيجار منزل يدار لأعمال الدعارة أو المقامرة لأن هذا مما يخالف الآداب العامة .
 
رابعاً : يوجه اليمين من الخصوم في الدعوى أو من المحكمة سواء أكان ذلك من
تلقاء نفسها أو بناء على طلب من أحد الخصوم .
خامساً : يجب في من يوجه اليمين أن تتوافر لديه أهلية التصرف فيجب أن يكون قد بلغ سن الرشد ، وألا يكون محجورًا عليه لجنون أو عته أو غفلة أو سفه ، فليس لأي منها توجيه اليمين إلا عن طريق النائب القانوني عنه ، ويجب توافر الأهلية أو الولاية وقت توجيه اليمين ووقت الحلف  فإذا لم تتوافر وقت توجيه اليمين فإن توجيهها باطلاً ، وإذا توافرت وقت توجيه اليمين وزالت وقت الخلف كان توجيه اليمين وحلفها بدورها باطلين ، وإلا أن البطلان في هذه الحالة بطلان نسبي لا يصح التمسك به إلا في تقرير لمصلحته ، ويترتب على ذلك قابلية اليمين ، للإبطال بناء على طلب ناقص الأهلية  .
 
سادساً : ليس لوكيل الخصم توجيه اليمين إلا بناء على توكيل خاص من الأصيل لأن توجيه اليمين لا يكون إلا من الوكيل فهو لا يملك القيام بأعمال التصرف ، وإنما يملك أعمال الإدارة فقط ، ومن ثم لا يجوز له ذلك إلا بناء على تفويض خاص من الموكل .
 
سابعاً : يكون توجيه اليمين في أي حالة تكون عليها الدعوى أمام محكمة الموضوع أي سواء أمام محكمة أول درجة أو محكمة الاستئناف ولكنه لا يجوز توجيه اليمين لأول مرة أمام محكمة النقض .
 
ثامناً : إذا حجزت الدعوى للحكم مع التصريح بمذكرات للطرفين  فطلب أحد الخصوم توجيه اليمين إلى خصمه ، وجب على المحكمة إعادة الدعوى مرة أخرى للمرافعة لتمكين الخصم من توجيه اليمين إلى خصمه ، فإن تغاضت المحكمة عن  هذا الطلب وحكمت في الدعوى كان حكمها معيبا ، لأنها تكون قد أغفلت دفاعا جوهريا ، قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى .
 
تاسعاً : يجوز الرجوع في طلب توجيه اليمين حتى بعد صدور الحكم بتحليفها بل وحتى بعد إعلان الخصم الأخر بذلك ، ولا يسقط حق الرجوع في اطلب توجيه اليمين إلا إذا أعلن الخصم الذي وجه إليه اليمين أنه مستعد للحلف ، فإن لم يعلن
هذا الاستعداد بقي حق موجه طلب اليمين قائما في الرجوع عنه .
 
عاشراً :  إذا نازع من وجه إليه اليمين في جواز توجيهها إليه أو في صياغتها ، فإنه يجوز لموجهها العدول عنها ، إذا لا يصبح توجيه اليمين لازما إلا من الوقت الذي تفصل فيه المحكمة في هذه المنازعة ، وتقر توجيه اليمين بالصيغة التي تعتمدها ، بشرط إلا يكون فيها تعديل جوهري للصيغة التي وضعها من وجه اليمين ، وإلا فلا تكون المحكمة وقبل توجيهها فبهذه الصيغة أو العدول عن طلب توجيه اليمين إلى خصمه ، فإذا حلف من وجهت إليه اليمين كان مضمون الحالف حجة ملزمة للقاضي فإن تضمن إقرار بدعوى المدعي ، حكمت المحكمة للمدعي بموجب هذا الحلف ، إن تضمن إنكارًا حكم برفض الدعوى لعدم قيام دليل عليها ، مادام قد سقط بتوجيه اليمين ، ويعتبر الحكم برفض الدعوى نهائيا ويجوز حجية قوة الأمر المقضي به .
 
اليمين الحاسمة كدليل
يقصد باليمين الحاسمة تلك اليمين التي يوجهها الخصم إلى خصمه في الدعوى ليحسم بها النزاع إذا ما عجز عن إقامة الدليل القانوني علي ما يدعيـه ، فهي يمين يوجهها الخصم إلى خصمه عندما يعوزه الدليل القانوني على خصمه فيما يدعيه فيركن إلى ضميـره ، فيطلب منـه أن يحلف أن الواقعة المطالب بها غير صحيحة .
 
ضوابط اليمين الحاسمة كدليل :
أولا : يجـوز لأي من الخصمين توجيه اليمين الحاسمة إلى الآخر ، ولكنـه لا
يجوز للقاضي أن يوجه اليمين الحاسمة من تلقاء نفسه ، وفي ذلك تنص المادة 114 من قانون الإثبات - الفقرة الأولي : يجـوز لكل من الخصمين أو يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الآخر . على أنه يجوز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفًا في توجيهها .
 
ثانياً : يجب أن يكون الخصم الذي يوجه اليمين الحاسمة أهلاً للتصرف في الحق المطلوب توجيه اليمين الحاسمة بشأنه ، لأن الخصم الآخر قد يحلف فيخسر الدعوى ، وتفريعاُ علي ذلك ولذات العلة لا يجوز للوصي أو القيم أو الوكيل عن الغائب أن يوجه اليمن الحاسمة إلا في حدود ما يجوز له التصرف فيه ، أما ما يجاوز سلطة التصرف فلا يكون أهلا فيه لتوجيه اليمين الحاسمة إلا بإذن من المحكمة ، كما لا يجوز للوكيل وكالة عامة أن يوجه اليمين الحاسمة لأن الوكالة العامة لا تنصرف إلا لأعمال الإدارة كما لا يملك المحامي توجيه اليمين الحاسمة نيابة عن موكله إلا إذا سمح له التوكيل الصادر من موكله بصف خاصة بتوجيه اليمين .
 
ثالثاً : يشترط في توجيه اليمين - كتصرف قانوني - أن يكون خاليا من أي عيب من عيوب الإدارة ، أي أن يصدر غير مشوب بغلط أو تدليس أو إكراه ، وفي جميع الأحوال التي يكون فيها توجيه اليمين مشوبا بغلط أو تدليس أو إكراه ، يعتبر توجيه اليمين غير صحيح بصفته تصرفا قانونيا ويجوز عن وجه اليمين أن يبطله حتى بعد أن يقبل الخصم الآخر الحلف بل ولو حلف .
 
رابعاً : ولمن وجهت إليه اليمين الحاسمة الحق في ردها إلى خصمه الآخر ، فإن ردها وحلف الأخير ، حسم النزاع لصالحه ، وحكمت له المحكمة ، ويتشرط أن يكون رد اليمين إلى الخصم الآخر واردًا على ذات اليمين ، فيجب إذن تكون واقعـة قانونية محددة غير مخالفة للقانون أو النظام العام أو الآداب العامـة ،
ويشترط أيضا أن يكون الرد في واقعة مشتركة بين الخصمين .
 
خامساً : لا يجوز رد اليمين في واقعة يستقل بها شخص من وجهت إليه ، مثال إذا وجه الشفيع اليمين المشتري في خصوص مقدار ثمن المبيع ، فلا يجوز للمشتي أن يرد اليمين مرة أخرى إلى الشفيع ، لأن الأخير أجنبي عن الاتفاق الخاص بالثمن فلا يمكنه التأكد من حقيقة مقداره ، غير أنه في الحالات التي لا تكون فيها الواقعة القانونية مشتركة بين الطرفين يجوز لمن وجهت إليه اليمين أن يردها على موجهها ، إذا  اكتفى منه بيمين عدم العلم .
 
سادساً : يترتب على رد اليمين أن يصبح من ردت إليه اليمين في مراكز الشخص الذي وجهت إليه اليمين ، فيكون ملزم بالحق ، فإن أنكر فلا يجوز له الرد من جديد ، فإن أنكر فسر دعواه ، ويجب أن يكون الرد بذات الصيغة التي وجه اليمين بها فلو تضمن إضافة ممن رد اليمين إلى خصمه كانت بمثابة يمين جديد ، فيجوز للأخير ردها عليه ، مثال : يوجه شخص يمين إلى خصمه بشأن دين معين ، فيرد الثاني اليمين إليه مطالبا له بأن يحلف أن هذا الدين لم تقع بشأنه مقاصة مع دين آخر ، فيكون ذلك منه توجيه ليمين جديد على الدين المدعي حصول المقاصة عليه ، ويجوز رد هذه اليمين عليه .
 
سابعاً : يشترط فيمن يرد اليمين الحاسمة أيضًا أن تتوافر فيه الأهلية القانونية الكاملة ، لأنه يرده لليمين قد يحلف الخصم الآخر فيخسر الحق المتنازع عليه ، وأن يكون الرج صادرًا منه بمحض إرادته ، ولا يشوب إرادته أي عيب من عيوب الإدارة من غلط وإكراه وتدليس .
 
وقد قضت محكمة النقض : المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اليمين الحاسمة ملك للخصوم لا للقاضي ، وأن على القاضي أن يجيب طلب توجيهها متى توافرت شروطها ، إلا إذا بان له أن طالبها يتعسف في هذا الطلب ، كما أن اليمين الحاسمة هي من أوجه الدفاع التي يجوز في أية حالة كانت عليها الدعوى سواء كانت في الدرجة الأولى أن في الدرجة الثانية ، وسواء طلبت اليمين قبل كل دفاع أو بعده  .
كما  قضت محكمة النقض : اليمين الحاسمة ملك للخصم لا للقاضي وأن على القاضي أن يجيب طلب توجيهها متى توافرت شروطها ، وإلا إذا بان له أن طالبها يتعسف في هذا الطلب  .
كما  قضت محكمة النقض : الغاية من اليمين الحاسمة هي حسم النزاع ، فإنه يتعين أن تكون الواقعة محل الحلف قاطعـة في النزاع ، بحيث يترتب على أدائهـا تحديد مصير الدعوى قبولا أو رفضًا  .
 
بعد العرض السابق : التساؤل : هل للقاضي سلطة رقابية في طلب توجيه اليمين الحاسمة  …؟
لمحكمة الموضوع سلطة رقابية على الخصم في طلب بتوجيه اليمين إذا كانت الواقعة المطلوب تحليف اليمين بشأنها غير متعلقة بشخص من وجهت إليه أو غير منتجة في النزاع باستغلال ورع وتقواه أو للتشهير به أو لتعطيل الفصل في الدعوى ، فإذا توافرت هذه المشرط أو بعضها جاز للقاضي رفض طلب توجيه اليمين .
فإذا كانت اليمين الحاسمة ملك الخصوم لهم حق توجيهها لبعض ، وأنها ليست ملك للقاضي وانه يتعين على القاضي إجابة الخصم إلى طلبه في توجيهها إلا أن ذلك لا يمنع دور القاضي في التأكد توافر شروط توجيه اليمين الحاسمة ، وبيان ما إذا كان الخصم متعسف في استعمال هذا الطلب من عدمه .
وفي استخلاص كيدية اليمين قضت محكمة النقض : المحكمة الموضوع كامل السلطة في
استخلاص كيدية اليمين متى أقامت استخلاصها على اعتبارات من شأنها أن تؤدي إليه ، فكان تقدير قيام العذر في التخلف من الحضور بالجلسة المحددة  لحلف اليمين هو مما يستقل به قاضي الموضوع ، متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي الحملة ، وكان اليمين من مديونات الحكم الطعون فيه أن محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية وجدت في إصدار الطاعنة على توجيه اليمين الحاسمة للمطعون عليه رغم علمها  بإقامته في كذا وتعذر حضوره لحلف اليمين تعسفا منها ، في توجيهها إليه وهي أسباب سائغة تكفي لحل قضاء الحكم ، ومن ثم يكون الحكم ، ومن ثم يكون الحكم الابتدائي بتوجيه اليمين الحاسمة للمطعون عليه ، قد وقع على خلاف أحكام القانون بما يجيز الطعن عليه بالاستئناف ، ويكن هذا النص في غير محله  .
وفي استخلاص كيدية اليمين قضت محكمة النقض :  جرى قضاء المحكمة النقص على أن اليمين ملك للخصوم لا للقاضي ، وأن على القاضي أن يجيب طلب توجيهها متى توافرت شروطها ، إلا إذا بان له أن طالبها يتعسف في هذا الطلب ، ومحكمة الموضوع وإن كان لها كامل السلطة في استخلاص كيدية اليمين فإنه يتعين عليها أن تقيم المحكمة حكمها بكيدية اليمين على مجرد الوقائع المراد إثباتها منتفية بمبررات صادرة من طالب توجيه اليمين ، فهذا منها قصور في التسبيب ، فإن كون الواقعة المراد إثباتهـا باليمين تتعارض مع الكتابة لا يفيد بذاته أن اليمين كيدية  .
 
كيدية اليمين الحاسمة : قضت محكمة النقض :
مناط السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في استخلاص كيدية اليمين الحاسمة ومنع توجيهها ، أو استخلاص عدم جدية الدفع بالجهالة ، ورفضه دون تحقيق صحــة
التوقيع المنسوب إلى المورث ، أن يكون هذا الاستخلاص سائغًا ، وله أصل ثابت في وقائع الدعوى ومستنداتها ، لما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من مجرد إقرار الطاعنة الأول بصحة بصمتها على الورقة محل النزاع أن اليمين الحاسمة ، التي طلبت توجيهها إلى المطعون ضده ، وبشأن حقيقة مضمون هذه الورقة وقبضها الثمن المبين فيها ويمين كيدية ، وأن دفع الطاعنتين بالجهالة بالشبهة لبصمة الخصم المنسوبة لمروثتها على العقد هو دفع غير جدي ، وأخذ بالعقد بناء على ذلك ، دن توجيه اليمين الحاسمة أو يمين عدم العلم ، ودون تحقيق بصمة الختم المنسوبة للموارثة عليه ، حتى أن إقرار الطاعنة بصمة بصمة أصبعها على ورقة العقد وإن كان يكفي حجة على إنها ارتضت مضمون هذه الورقة والتزمت به ، وإلا أنه وقد ادعت أنه اختلس منها غشا ، لا يبرر مصادرة حقها في إثبات هذا الادعاء ، ولا تفيد أنها متعسفة في استعمال حقها هذا بالأحتكام إلى ذمة أخيها باليمن الحاسمة وعدم ترتيب أحدها على الأخر ، فإن الحكم يكون قد اخطأ في تطبيق القانون ، وأقام قضاءه على اعتبارات غير سائغة وليس من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه وبذلك فساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن  .
 
حلف من وجهت إليه اليمن الحاسمة يحسم النزاع
قضت محكمة النقض : إن حلف من وجهت إليه اليمن الحاسمة يحسم النزاع فيما انصبت عليه ، ويقوم مضمونها حجة ملزمة للقاضي ،فإن تضمن الحالف إقرار بدعوى المدعي حكم له بموجبه ، وإن تضمن إنكارًا حكم برفض الدعوى لعدم قيام دليل عليها ، بعد أن سقط بحلف تلك اليمين حق من وجهها في أي دليل أخر  .
 
كما قضت محكمة النقض في ذات الصدد : الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة له قوة الشيء المقضي فيه ، ولا يقبل الطعن فيه بأي طريقة من طرق الطعن في الأحكام ، ما لم يكن الطعن مبنيا على بطلان في الإجراءات الخاصة بتوجيه اليمين أو حلفها  .
 
بقي الإجابة علي التساؤل التالي : هل تعد اليمين الحاسمة دليلاً …؟
 
لما كان الدليل في أبسط تعاريفه هو ما يستدل به علي الحق ، فإنه يمكننا القول أن اليمين الحاسمة دليل ، صحيح أنه دليل ذي خصوصية ، فصاحب الحق لا يقدمه وإنما يستدعيه ويطلبه من خصمه ، الذي له أن يقرر به فيخسر الأخير دعواه أو يقر فيكسب الأول دعواه ، واعتبار اليمين الحاسمة دليل مسألة يرفضها المستشار الدناصوري إذا يقرر أن اليمين الحاسمة هي يمين يوجهها الخصم الي خصمه عندما يعوزه الدليل وهي ليست دليلاً يقدمه المدعي علي صحة دعواه ، بل هي طريقة احتياطية لا تخلو من مجازفة يلجأ إليها المدعي عندما يعوزه كل دليل آخر علي صحة الدعوى  .
 
اليمين المتممة كدليل ؛
 
تعرف اليمين المتممة بأنها اليمين التي يوجهها القاضي - محكمة الموضوع - من تلقاء نفسه ، إلى أي من الخصوم حتى يستكمل بها أدلة غير كاملة في الدعوى ، والغرض من ذلك أن يبني على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في قيمة ما يحكم به ، وفي ذلك تنص المادة 119 من قانون الإثبات : للقاضي أن يوجه اليمين المتممة من تلقاء نفسه إلى أي من الخصمين ليبنى على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في قيمة ما يحكم به .
ويشترط في توجه هذه اليمين ألا يكون في الدعوى دليل كامل وألا تكون الدعوى خالية من أي دليل .
 
 
وقد قررت محكمة النقض  في هذا الصدد : اليمين المتممة ليست إلا إجراء يتخذه القاضى من تلقاء نفسه رغبة منه فى تحرى الحقيقة ثم يكون له من بعد اتخاذه سلطة مطلقة فى تقدير نتيجته . فهي ليست حجة ملزمة للقاضى بل له أن يأخذ بها بعد أن يؤديها الخصم أو لا يأخذ بها و لا تتقيد محكمة الاستئناف بما رتبته عليها محكمة أول درجة لأنها لا تحسم النزاع و لا تحول دون استئناف الحكم المؤسس عليها ، من ثم فلا يعيب الحكم عدم رده على الدفع بعدم قبول الاستئناف المؤسس على أن اليمين المتممة قد حسمت النزاع إذ هو دفع غير منتج لا يغير بإغفاله وجه الحكم فى الدعوى  .
 
ضوابط اليمين المتممة كدليل :
 
أولا : اليمين المتممة ليس الغرض منها أن تكـون طريقا يلجأ إليه الخصم عندمـا يعوزه الدليل لكي يحسم به النزاع ، وإنما الغرض منها إنارة القاضي وإراحة ضميره عندما تكون الأدلة المقدمة في الدعوى غير كافية للفصل  فيها أو لتكوين عقيدة القاضي ، فيلجأ القاضي إلى توجيه اليمين المتممة إلى أحد الخصوم لاستقصاء الحقيقة ، ثم يكن له بعد ذلك السلطة المطلقة في تقدير نتيجته ، فهي ليست ملزمة للقاضي مثل اليمين الحاسمة ، فهي لا تقيد القاضي في حكم أو تكوين عقيدته ولا تتقيد محكمة الاستئناف بما رتبته عليها محكمة أول درجة لأنها إجراء من إجراءات التحقيق ، وهي ملك للقاضي يوجهها إلى أن من الخصوم ، ولا يملك أحد الخصوم أن تقوم بتوجيه اليمين المتممة إلى خصمه الآخر ، وإن كان له إن يلفت نظر المحكمة إلى توجيه هذا اليمين ويشترط لتوجيه اليمين المتممة ، ألا يكون في الدعوى دليل كامل من هذا جاء اسم اليمين المتممة ، فهي إذن متممة لدليل غير  كامل ، ولكنها لا تقوم وحدها لدليل ولكنها ولا تقوم وحدها الدليل إثبات  .
 
ثانياُ : لا يجوز للقاضي - لمحكمة الموضوع - توجيه يمين متممة إذا وجد دليل كتابي ولكن يجوز توجيهها إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة أو إذا وجدت أو شهادة ناقصة أو قرين ضعيفة لا يطمئن إليها القاضي اطمئنانا كافيا .
 
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : ان شرط توجيه اليمين المتممة هو أن يكون لدى كل من الطرفين مبدأ ثبوت لا يرقى إلــى مرتبة الدليل الكامل فإذا ما وجهت المحكمة اليمين إلي أحد الخصمين و حلفها و قدرت من ذلــك أن الدليل الكامل قد توافر على صحة ما يدعيه فليس في ذلك ما يناقض ما سـبق أن قررتـه في حكمها الصادر بتوجيه اليمين من أن كلا من الطرفين يستند في دعواه إلى دليل له قيمته  .            
 
ثالثاً : ليس شرطا أن توجه اليمين المتممة إلى الخصم الذي قدم الدليل الناقص بل يجوز للقاضي توجيهها إلى الخصم الآخر ، حتى يستكمل عقيدته ، في القاضي يملك سلطة تقديرية مطلقه في توجيه اليمين المتممة إلى أي من الخصوم  باعتبار هذه اليمين من إجراءات التحقيق .
 
رابعاً : لا يجوز لم وجهت إليه اليمين المتممة أن يقوم بردهـا إلى الخصم الآخر ، كما هو الشأن في اليمين الحاسمة ، لأن الذي يوجهها هنـا هو القاضي ليس الخصم .
 
خامساً :  لا يلزم أن تكون الواقعة التي توجه عنها اليمني المتممة هي الواقعـة المتنازع عليها ، بل يجوز أن تكون واقعة أخرى فرعية تفرعت عنها تصلح أن تكون مجرد قرينة على ثبوت الواقعة الأولى أو على نفيها ، كما لو كان موضوع الدعوى مطالبة بقرض بدفع المدعي عليه الدعوى بسابقة الوفاء ثم أقرض هو المدعي مبلغًا آخر بعد حلول أجل الدين سداده ، وأن المدعي قام بدوره بوفائه بهذا الدين الآخر ، فإن هذه الواقعة لو صحت تصلح قرينة على أن المدعي عيه سبق أن أوفى  القرض الأول وبالتالي يجوز توجيه اليمين المتممة عليها ليستخلص القاضي ما يترتب على حلفها قرينة على وفاء القرض الأول .
 
سادساً : إذا ما تم حلف اليمين المتممة ، فهي ليست حجة قاطعة ، بل يجوز للقاضي الاعتداد بها أو التجاوز عنها ، فله أن يقض على أساس اليمين المتممة أو على عناصر إثبات أخرى ، توافرت لديه قبل أداء اليمين المتممة أو بعد أدائها  .
 
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : لما كانت اليمين المتممة ليست إلا إجراء يتخذه القاضى من تلقاء نفسه رغبة منه فى تحرى الحقيقة و كانت هذه اليمين لا تحسم النزاع فإن القاضى -من بعد توجيه هذا اليمين- يكون مطلق الخيار أن يقضى على أساس اليمين التي أديت أو على أساس عناصر إثبات أخرى اجتمعت له قبل حلف هذه اليمين أو بعد حلفها . و لا تتقيد محكمة الاستئناف بما رتبته محكمة أول درجة على اليمين المتممة التي وجهتها و من ثم فلا تثريب عليها إن هي لم تقض بإلغاء حكم توجيه اليمين المتممة مع إلغائها الحكم الابتدائي الصادر فى موضوع الدعوى و حسبها أن تورد فى أسباب حكمها ما جعلها تطرح نتيجة هذه اليمين . ذلك أن الحكم بتوجيه اليمين هو من الأحكام التي تصدر قبل الفصل فى الموضوع و لا تنته به الخصومة كلها أو بعضها  .
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض أيضاً: لا يشترط فى الدليل الناقص الذى يكمل باليمين المتممة أن يكون كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة بل يصح أن يكون بينة أو قرائن يرى فيها القاضى مجرد مبدأ ثبوت عادى وإن كان يجعل الإدعاء قريب الاحتمال إلا أنه غير كاف بمفرده لتكوين دليل كامل يقنعه فيستكمله باليمين المتممة ومن ثم فلا تثريب على محكمة الاستئناف إذا هى عمدت إلى تكملة القرائن التي تجمعت لديها باليمين المتممة وإذ هي رأت بعد حلف هذه اليمين أن الدليل قد اكتمل لديها على انقضاء الدين   .
 
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض أيضاً: يشترط لتوجيه اليمين المتممة ألا تكون الدعوى خالية من أي دليل و أن يكون بها مبدأ ثبوت يجعل الإدعاء قريب الاحتمال و إن كان لا يكفى بجرده لتكوين دليل كامل فيستكمله القاضى باليمين المتممة ، و لقاضى الموضوع الحرية فى تعيين من يوجه إليه هذه اليمين من الخصوم و هو يراعى فى ذلك من كانت أدلته أرجح و من كان أجدر بالثقة فيه و الاطمئنان إليه  .
 
سادساً : من نكل عن حلف اليمين المتممة فلا يحسم الحكم عليه لمجرد نكوله عن الحالف ، فقد تظهر بعد نكوله من الحالف أدلة جديدة أخرى تكمل أدلته الناقصة فيحكم له ، وقد يعيد القاضي بعد نكوه الخصم عن أداء اليمين المتممة تقدير الأدلة فيراها كافية للحكم له.
 
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : توجيه اليمين المتممة و إن كان إجراء يتخذه القاضى من تلقاء نفسه وقوفاً على الحقيقة إلا أن له السلطة التامة فى تقدير نتيجة ، إذ اليمين المتممة دليل تكميلي ذو قوة محدودة ، و لأن العبرة أساساً هي بمدى اطمئنانه إلى صحة الواقعة محل النزاع فى مجموعها سواء حلف اليمين
جميع الورثة - الموجهة إليهم - أو بعضهم  .
 
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض أيضاً: لا تثريب على محكمة الموضوع إن لم تستعمل حقها فى توجيه اليمين المتممة إذ هو من الرخص القانونية التي تستعملها إن شاءت بلا إلزام عليها فى ذلك و لو تحققت شروط الحق فى توجيهها  .
 
بقي الإجابة علي التساؤل التالي : هل تعد اليمين المتممة دليلاً …؟
 
اليمين المتممة إجراء يتخذه القاضى من تلقاء نفسه رغبة منه فى تحرى الحقيقة ليستكمل به دليلاً ناقصاً فى الدعوى ، و هذه اليمين و إن كانت لا تحسم النزاع إلا أن للقاضى بعد حلفها أن يقضى على أساسها باعتبارها مكملة لعناصر الإثبات الأخرى القائمة فى الدعوى ليبنى على ذلك حكمه فى موضوعها أو فى قيمة ما يحكم به  .
والتساؤل : ما هي أوجه الاختلاف بين اليمين الحاسمة واليمين المتممة …؟
 
فيما يلي نورد أهم أوجه الاختلاق بين نوعي اليمين ، اليمين الحاسمة واليمين
المتممة :-
أولا : اليمين الحاسمة يملك كل خصم أو يوجهها إلى خصمه الآخر ، أما اليمين المتممة فلا يملك توجيهها إلا القاضي وحده .
ثانياً : اليمين الحاسمة يملك من وجهت إليه أن يرجها مرة أخرى إلى خصمه الآخر الذي وجهها إليه ، أما اليمين المتممة فلا يملك من وجهت إله أن يردها مرة أخرى إلى خصمه ، لأن الذي يقوم بتوجيهها هو القاضي وليس الخصم .
ثالثاً : اليمن الحاسمة تقيد القاضي كما تقيد الخصم الذي وجهها ، فلا يجوز له
الرجوع فيها متى قبل الخم الأخر ملفها .
رابعاً : اليمين الحاسمة تقيد القاضي بنتيجتها ، أما اليمين المتممة فهي ليست لها قوة ملزمة.
خامساً : اليمن الحاسمة يتعين توجهها لحسم النزاع جميعه ، أما اليمين المتممة فيجوز توجيهها في أمر غير حاسم في الدعوى ، أو في بعض الطلبات دون البعض الآخر.
سادساً : اليمين الحاسمة الحكم الذي يصدر تأسيسًا عليها يكون حائزًا على قوة الأمر المقضي به ، فلا يجوز الطعن فيه إلا إذا ثبت كذب اليمن بحكم جنائي قبل انقضاء مواعيد الاستئناف أو الالتماس ، أما اليمين المتممة فإن الحكم الذي يصدر تأسيسًا عليها لا يحوز قوة الأمر المقضي به ويجوز لخصمه أن يثبت أمام محكمة الاستئناف كذب هذه اليمين وأن يقدم من الأدلة ما ينقضها .
 
يمين التقويم  كدليل
 
يمكنا القول بأن يمين التقويم هي صورة خاصة من اليمين المتممة موضوعها تقدير قيمة شيء واجب رده واستحال رده عينا ، مثال : أن يطالب شخص آخر بقية شيء مودع لديه ، في الوقت الذي يثبت فيه هلاك الشي المودع بخطأ المودع لديه ، فتوجه يمين التقويم إلى المودع لتحديد هذه القيمة ، ولا يجوز توجيه يمين التقويم إلا في حالة ما إذا استحال تحديد قيمة الشي بطريق آخر ، وفي هذه الحالة يحدد القاضي حـد أقصى للقيمة التي يصرف عليها المدعي يمينه .
وفي ذلك تنص المادة 121 من قانون الإثبات : لا يجوز للقاضي أن يوجه إلى المدعى اليمين المتممة لتحديد قيمة المدعى به إلا إذا استحال تحديد هذه القيمة بطريقة أخرى .
ويحدد القاضي حتى في هذه الحالة حدًا أقصى للقيمة التي يصدق فيها المدعى
بيمينه .
ويترتب علي اعتبار يمين التقويم صورة خاصة لليمين المتممة تصور خضوعهما لقواعد واحدة وبالأدنى متشابهة ، وحاصل هذه القواعد :
 
1- لا يجوز لمن وجهت إليه يمين التقويم ردها إلى خصمه الآخر .
2- يمين التقويم لا تقييد القاضي - محكمة الموضوع - فيجوز وعلى الرغم من حلفها أن يحكم بأقل من المبلغ الذي حلف عليه .
3- لا يترتب على النكول عن  الحلف - يمين التقويم - خسارة المدعي لدعواه أو  انتقاص من حقه .
 
يمين الاستيثاق  كدليل
تعرف يمين الاستيثاق بأنها نوع خاص من اليمين يمكن لمحكمة الموضوع توجيهها إلى أي الخصوم في الدعوى لتأييد دليل تضمنته الدعوى على براءة ذمة الخصم ، فهي ليست يمين حاسمة ولا يمين متممة ، وإن كانت تأخذ بعض من خصائصهم ، فهي يمين ينص عليها المشرع لتأييد دليل تضمنتـه الدعوى على براءة ذمة الخصم .
 
تنص المادة 378 من القانون المدني :
1- تتقادم بسنه واحدة الحقوق الآتية :
 
أ. حقوق التجار والصنـاع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فى هذه الأشياء ، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم.
ب. حقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ، ومن ثمن ما قاموا به من توريدات.
2- ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنه أن يحلف اليمين على أنه أدي الدين فعلاً ، وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه ، وتوجه إلى ورثة المدين أو أوصيائهم إن كانوا قصراً ، بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعملون بحصول الوفاء.
نخلص من النصوص المتقدمة - كما يقول السنهوري - أن حقوق التجار والصناع وأصحاب الفنادق والمطاعم والعمال والخدم والأجراء تتقادم كلها بسنة واحدة ، وهي مدة قصيرة لأن المألوف في التعامل أن هؤلاء الدائنين يتقاضون حقوقهم فور استحقاقها ، وإذا أمهلوا المدين فلا يمهلونه أكثر من عام لأن هذه الحقوق هي مورد عيشهم ، فإذا مضت سنة ميلادية كاملة دون أن يطالبوا بها فرض القانون انهم استوفوها فعـلاً ، ولا يطالب المدنين بتقديم ما يثبت براءة ذمتهم ، بل يجعل هـذه الحقوق تنقضي بالتقادم  .
قيام التقادم الحولي علي افتراض سداد المدين للدين وكيف يثبت الدائن عكس ذلك .
 
التقادم الحولي قائم علي فرض جدلي حاصلة أن فوات مدة السنة قرينة علي وفاء المدين بما عليه من دين ، يدعم ذلك ويبرره أن الحقوق التي تسقط بفوات السنة
الميلادية هي مورد عيش الدائنين فلا يتصور أن يهملوا في المطالبة بها هذه المدة ، لذا عد فوات هذه المدة - نكرر - قرينة علي السداد .
وقرينة وفاء المدين وسداده للدين ، قرينة قابلة لإثبات العكس .
والتساؤل : كيف نهدم هذه القرينة . قرينة السداد بفوات مدة السنة …؟
 
قرينة سداد الدين بمرور السنة يمكن إهدارها ولكن بطريق واحد هو توجيه محكمة الموضوع لليمين من تلقاء نفسه إلى المدين فيحلف المدين أنه أدى فعلاً فإذا حلف سقط الدين بالتقادم ، وإذا نكل المدين عن الحلف ثبت الدين في ذمته والتزم بالوفاء به ، ولا يتقادم الدين بعد ذلك إلا بخمس عشرة سنة من وقت صدور الحكم بإلزامه بالدفع أو من وقت نكول المدين عن الحلف .
اليمين التي يحلفها المدين أنه دفع الدين إلى الدائن :
 
اليمين التي يحلفها المدين لقبول الدفع بالتقادم الحولي هي يمين الإستيثاق ، وهذه اليمين وكما يفصح عنها مسماها ، تكمل القصور الموجود بقرينة الوفاء ، فهذه القرينة ليست دليلاً كاملاً لذا كان لزاماً أن تكمل بهذه اليمين والمسماة بيمين الإستيثاق .
 
وفي ذلك قضاء مطابق لمحكمة النقض : التقادم الحولي المنصوص عليه فى المادة 378 من القانون المدني يقوم على قرينة الوفاء ، و هي " مظنة " رأى الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه - هي يمين الإستيثاق - و أوجب " على من يتمسك بأن الحق تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً " بينما لا يقوم التقادم الخمسى المنصوص عليه فى المادة 375 على تلك القرينة . و إذ كان الثابت فى الدعوى أن الطاعن أنكر على المطعون ضدها حقها فى فروق الأجر مما لا محل معه لإعمال حكم المادة 378 من القانون المدني و كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر و أعمل حكم المادة 375 من ذلك القانون ، فإنه يكون قد
طبق القانون تطبيقاً صحيحاً و يكون النعي على غير أساس  .
 
من يحلف يمين الاستيثاق  ...؟
توجه يمين الاستيثاق إلى شخص المدين ، فإذا توفي المدين توجه اليمين إلى الورثة أو أوصيائهم أن كانوا قصراً  ، والفارق بين اليمن الذي يحلف المدين الأصلي والورثة أو الأوصياء ، أن المدين يحلف بأنه دفع الدين ، أما الورثة والأوصياء
فيحلفوا علي عدم العلم بالدين أو علي علمهم بحصول السداد .
ويمين الإستيثاق - في الدفع بالتقادم الحولي - يمين إجبارية لا بد للقاضي أن يوجهها إما إلى المدين أو إلى ورثة إن توفي ، ويمين الإستيثاق رغم أنها تحسم موضوع الدعوى بمجرد حلفها أو النكول عنها إلا أنها ليست يمين حاسمة بل يمين متممه ، فهي ونعني يمين الإستيثاق مجرد دليل تكميلي يعزز الدليل الأصلي وهو قرينة الوفاء المستخلصـة من انقضاء سنة ميلادية علي وجود الدين .
 
شروط صحة الإثبات باليمين
 
ثمة شروط يتطلبها مشرع قانون الإثبات في الواقعة التي يراد أن تكون محلاً لليمين وهذه الشروط هي :
 
الشرط الأول : يشترط أولا أن تكون الواقعة محل اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين ، بمعني أن تكون الواقعة شخصية ، فإذا كانت الواقعة محل اليمين غير شخصية وجب أن تقتصر اليمين على عدم العلم بها ، وفي ذلك تنص الفقرة الثانية من المادة 115 من قانون الإثبات : ……………………………………….
ويجب أن تكون الواقعة التي تنصب عليها اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه
فإن كانت غير شخصية له انصبت على مجرد علمه بها .
 
ويترتب علي شرط شخصية الواقعة موضوع اليمين ومحله أنه لا يجوز كمثال توجيه إلى الوارث بأن مورثه لم يبرم العقد محل النزاع ، ولكن يجوز توجيه يمين عدم العلم ، بأن يطلب منه الحالف بأنه لا يعلم بانعقاد هذا العقد بين مورثه والمدعي في الدعوى ، ويمين العلم هي نوع من اليمين الحاسمة ويترتب عليها آثارها  .
الشرط الثاني : يشترط ثانياً أن تكون الواقعة موضوع حلف اليمين منتجة في الدعوى بمعني أن يكون من شأن ثبوتها باليمين إنهاء الدعوى وبالأدنى بيان وجه الحق في الدعوى ، وتبدوا بديهية هذا الشرط ، فالإثبات - سواء تولاه المدعي أو المدعي عليه - عملية منتجة بطبيعتها بمعني أن الغاية من الإثبات هو تأكيد ثبوت واقعة محـددة تنتج أثارا قانونية ، لذا  فان عجز من يقع عليه عبء الإثبات يجعـل طلب الإثبات عقيم ، وبالتالي يعد عاجزاً عن الإثبات ويستفيد الخصم الأخر من هذا العجز .
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : إذا رأت المحكمة أن الوقائع المطلوب إثباتها غير متعلقة بالدعوى وجب عليها أن تقضي برفض التحقيق ، ولو من تلقاء نفسها - ذلك أمر متروك لمطلـق تقدير المحكمة  .
 
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : إن تقدير ما إذا كانت الوقائع المطلوب إثباتها بالبينة منتجه في الدعوى أم لا ، من سلطة محكمة الموضوع  .
 
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : طلب إحالة الدعوى إلي التحقيق ، شرطـة أن
تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجها فيها - تقدير ذلك - قرينه
استقلال قاضي الموضوع به ، حسبه إقامة قضائه علي أسباب مؤيده للنتيجة التي أنتهي إليها  .
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفــاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانونا هو حق له يتعين علي محكمة الموضوع إجابته إليه متي كانت هذه الوسيلة منتجة في النزاع ولم يكن في أوراق الدعوى والأدلة الأخرى المطروحة فيها ما يكفي للفصل فيه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذا أغفل الرد علي طلب الطاعنين تمكينهم من إثبات قضاء الحكم المستأنف المحال إلية في رفضه الدفع بالإبطال علي عدم توافر شرائط الخلط المبطل لعقد البيع بالبيئة وأهل الخبرة بينما قام بتقديم الدليل علي الإدعاء بوقوع غلط في قيمة البيع - وإنه كـان الدافع إلي التعاقد يكـون معيبا بالقصور  .
 
الشرط الثالث : يشترط ثالثاً ألا تكون الواقعة محل اليمين مخالفة للنظام العام ، وفي ذلك تنص الفقرة 1من المادة 115 من قانون الإثبات ، لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام  . و يقصد بالنظام العام في دولة ما مجموعة الأصول والقيم العليا التي تشكل كيانها المعنوي وترسم صورة الحياة الإنسانية المثلي فيها وحركتها نحو تحقيق أهدافها ، سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية ، وهي بهذه المثابة مبادئ وقيم تفرض نفسها علي مختلف أنواع العلاقات القانونية في الدولة ، وجوداً وأثراً ، غالباً في صورة قواعد قانونية آمرة تحكم هذه العلاقة ، والمظهر العملي لهذه القواعد والوظيفة التي تؤديها هو بطلان كل عمل إرادي يأتيه المخاطب بها بالمخالفة لها ، عقداً كان هذا العمل أو عملاً منفرداً من ناحية ، وعدم جواز النزول عن الحقوق والمراكز القانونيـة التي تقررها للبعض منهم قبـل البعض الآخـر ، مـن ناحيـة أخري  .
 
لذا لا يصبح أن تكون موضوع اليمين دين قمار أو إيجار منزل مدار للدعارة ، في لا يجوز أن تكون موضوع واقعة لو صحت لكونت جريمة جنائية معاقب عليها قانونيا ، لأنه لا يصبح أن يكون النكول عن اليمين دليلا على ارتكاب الجريمة ، فلا يجوز لشخص أن يوجه يمين إلى آخر أن لم يتقاضى رشوة أو ربا فاحش ..
 
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض : مفاد النص في الفقرة الأولى من المادة (115) من
قانون الإثبات على أنه لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة من لفه للنظام العام ، وهو نص منقول عن مصدر المادة (411) من القانون المدني الملقاة أن الشارع _ وعلى ما يؤخذ من مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني - وقد أقر الفقه والقضاء على ما قيدا من نطاق تطبي اليمين الحاسمة ، ومنه ما رجح في القضاء المصري من عدم جواز التحليف على واقعة تكون جريمة جنائية تأسيسًا على أنه يكون  النكول عن اليمين دليلا على ارتكاب الجريمة ، ولا يجوز أحراج مركز الخصم وتحليفه مدنيا على ما يجوز التحليف عليه جنائيا ، ولما كان اليمين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الإدعاء بتزوير عقد التخارج على دعامة ولعدة ، وهي أن الطاعن وجه يمينا حاسما في واقعة اختلاس توقيعه على بيان محلفتها الطعون ضدها ، وكان اختلاس التوقيع على بياض جريمة مأخذه عقوبة التزوير في الأوراق العرفية ن هي عقوبة الحبي مع الشغل طبقا للمادتين 215 و 340 عقوبات - لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة فيها ، فإن الحكم يكون قد أقام قضاءه على سند من إجراء باطل ، قع على خلاف القانون ، بما يجيز الطعن عليه بالنقض ، ويوجب نقضه بإلغاء ما كان أساسا له  .
 
سلطة محكمة الموضوع في القول بتوافر أو انتفاء شروط الإثبات باليمين ..؟
يخضع تقدير توافر الشروط القانونية في الواقعة محل اليمين ، لكي تصلح بأن تكون موضوع يمين لتقدير محكمة الموضوع من حيث توافر الشروط القانونية بها أو عدم توافرها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض غير أن تقدير مخالفة الواقعة للنظام العام أو عدم مخالفته يعتبر مسألة قانون يخضع فيها قاض الموضوع لرقابة محكمة النقض  .