التفتيش الإدارى
 
 تعريف التفتيش الإدارى
هو ذلك الإجراء التحفظي الذي يتم بمعرفة بعض الموظفين العموميين أو من في حكمهم ، وذلك بقصد تحقيق أهداف إدارية عامة. ونظراً لأن هذا الإجراء لا يستهدف البحث أو التنقيب عن أدلة جريمة معينة ، لذلك فإنه لايشترط أن تتوافر حالة تلبس بجريمة ، أو أن يكون مسبوقاً بإذن من سلطة التحقيق بإجرائه ، كما أنه ليس إجراءاً من إجراءات التحقيق ، ولذلك فإنه لا يلزم فيمن يباشره توافر صفة الضبط القضائي ، فيمكن أن يعهد به إلي أي شخص ، بيد أنه متي بوشر صحيحاً ، وأسفر عن دليل صح الإستناد اليه.
حالات مباشرة التفتيش الإداري : 
تنقسم حالات مباشرة التفتيش الإداري الي أنواع أربعة هي :
أولاً - التفتيش المقرر بمقتضي نص قانوني. 
ثانياً - التفتيش المبني علي الرضاء. 
ثالثاً - التفتيش الإداري بحكم الضرورة. 
( أولاً ) التفتيش المقرر بمقتضي نص قانوني :
إن التفتيش المقرر في هذا المجال ينتظمه نص قانوني يقرره ، ويعتبر هذا النص بمثابة المرجع التشريعي للإجراء ، وذلك كما تقرر في قانون السجون وفي قانون الجمارك.
التفتيش في السجون : 
تنص المادة التاسعة من قانون تنظيم السجون علي أنه " يجب تفتيش كل مسجون عند دخوله السجن ، وأن يؤخذ ما معه من ممنوعات أو نقود أو أشياء ذات قيمة "(6). 
كما تنص المادة 41 من القرار رقم 396 لسنة 1956 بشأن اللائحة التنفيذية للسجون علي أنه " إذا اشتبه مدير السجن أو مأموره في أي زائر جاز له أن يأمر بتفتيشه ، فإذا عارض الزائر جاز منعه من الزيارة ".
ولا يهدف هذا التفتيش الي ضبط جريمة معينة بناء علي توافر أدلة كافية تسوغ القيام به ، ولكنه محض إجراء إداري تقتضيه متطلبات حفظ الامن والنظام في السجون ، ولذلك فإنه لا يعتبر من إجراءات التحقيق (7).  
وقد قضت محكمة النقض بأن تفتيش السجن الذي يقوم به حارسه بغية الكشف عن الممنوعات التي تحظر لوائح السجن إحرازها يعتبر إجراءاً إدارياً وقائياً ، وليس من أعمال التحقيق ويجوز التعويل علي ما يسفر عنه التفتيش من أدلة كاشفة عن جريمة مخالفة (Cool ، بيد أنه يشترط لصحة هذا التفتيش وجود أمر قانوني بإيداع الشخص السجن (9).
ـــــــــــــــــــــ
 (6)  ولذلك فقد قضي بأنه " إذا كان القانون يوجب علي جاويش السجن أن يفتش جميع أجزاء السجن التي فى عهدته وأن يتأكد من أن المسجونين غير موجود معهم أشياء ممنوعة ،   ولتنفيذ ذلك يجب أن يفتش المسجون شخصياً ، وإذا كانت واقعة الدعوي هي أن جاويش السجن أخرج مساجين إحدي الغرف لتناول الغذاء ، وعندئذ قام بتفتيشهم فعثر مع أحدهم علي قطعة من القماش لفها حول خصيته ووجد بها قطعة من الافيون فهذا التفتيش صحيح تترتب عليه نتائجه" .      
 أنظر نقض 23 مايو سنة1950 مجموعة أحكام محكمـة النقض س1 رقم 227 ص 699 .
(7)  وينطبق لفظ المسجون علي المحبوس احتياطياً ولذلك فإنه يجوز تفتيشه لدي دخوله السجن .        أنظر نقض 21 يناير سنة 1948 مجموعة القواعـد القانونية ج 7 رقم 493 ص 453 .
(Cool  أنظر نقض 23 مايو سنة 1976 مجموعة أحكام محكمة النقض س27 رقم 113 ص 506 .
(9)  أنظر نقض 13 ديسمبر سنة 1954مجموعـة احكام محكمة النقـض س 6 رقم 89 ص 292 .
التفتيش في الدائرة الجمركية : 
تقضي أحكام اللائحة الجمركية بتفتيش الاشخاص والامتعة في نطاق الدائرة الجمركية ، ويستهدف هذا التفتيش الكشف عن تهريب البضائع من أو إلي داخل أراضي الجمهورية (10) ، ويجري هذا التفتيش عادة رجال الجمارك الذين أناط بهم المشرع هذه المهمة ومنحهم لذلك صفة الضبطية القضائية لتسهيل تأدية مهام وظائفهم ، وذلك دون أن يتطلب الشارع توافر قيود التفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية (11).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(10) أنظر مؤلفنا جريمة التهريب الجمركي في ضوء الفقه واحكام النقض : الاسكندرية ، دار الفكر الجامعي ، 1995 ، بند 22 ، ص 92 ومابعدها .
(11) أنظر نقض 20 ابريل سنة 1959 مجموعة احكام محكمة النقض س 10 رقم 97 ص 441 ؛ نقض 6 فبراير سنة 1961 س12 رقم 28 ص181 .
( ثانياً ) التفتيش المبنى على الرضاء : 
التفتيش الوارد في هذا المجال ليس له نص قانوني يقرره ، ولكنه نشأ بمقتضي رضاء ممن وقع عليه إجراء التفتيش وذلك كما يحدث في المصانع والمؤسسات ونحوهما من الأماكن.
 
التفتيش في المصانع والمؤسسات ونحوهما : 
تنص بعض اللوائح الخاصة بالمصانع علي تفتيش العمال حال دخولهم وخروجهم من المصنع ، ويتم ذلك بناء علي رضاء من يقع عليه التفتيش بهذا الإجراء ، ومفهوم ذلك أنه تنازل عن الحصانة التي اقتضت إحاطة التفتيش بالقيود والإجراءات التي يقررها القانون. ولا يشترط الرضاء في كل مرة يجري فيها التفتيش ، فمن المفترض أن صاحب الشأن قد قبل ذلك بصفة مستديمة طالما أنه قد قبل الإلتحاق بهذا العمل علي مقتضي التقيد بهذا النظام (12). 
ولما كان هذا التفتيش صحيحاً ، فإنه إذا عثر القائم به في ملابس العامل أو نحوه من العاملين في المؤسسات الاخري علي شئ تعد حيازته جريمة تحققت بذلك حالة التلبس ، ويكون الدليل المستمد من هذا التفتيش صحيحاً ، ويكون علي القائم بالتفتيش أن يتحفظ علي المتهم ويسلمه لأقرب مأمور ضبط قضائي.
ــــــــــــــــــــــــــ
(12) قضت محكمة النقض بأن " قبول المتهم الاشتغال فى شركة عاملاً فيها يصح أن يفيد رضاءه بالنظام الذي وضعته الشركة لعمالها ، فإذا كان مقتضي هذا النظام ان يفتش العمال علي أبواب مصانع الشركة عند انصرافهم منها كل يوم فإن التفتيش الذي يقع عليه يكون صحيحاً علي أساس الرضاء به رضاء صحيحاً " .      
      أنظر نقض 9 ابريل سنة 1945 مجموعة القواعد القانونيـة ج 6 رقم 549 ص 693 .
( ثالثاً ) التفتيش الإداري بحكم الضرورة :
قد يقع التفتيش الإداري لحالة ضرورة ، وذلك كالتفتيش الذي يجريه رجل الاسعاف في ملابس شخص مصاب فاقد الوعي قبل نقله للمستشفي لجمع متعلقاته والتحفظ عليها حتي يعود لوعيه ، أو بقصد تسليمها لذويه. وهذا التفتيش لا مخالفة فيه للقانون و لا يعتبر من قبيل التفتيش الذي يعتبر من أعمال التحقيق (13) ، ولما كان هذا الإجراء مشروعاً ، فإنه إذا ترتب عليه معاينة جريمة ، كما لو عثر رجل الاسعاف علي دليل بجيب الشخص المصاب أو بحقيبة كانت بحوزته تحققت بذلك حالة التلبس ، وجاز الاستناد الي هذا الدليل في إدانة المتهم (14).
ــــــــــــــــــــــــ
(13) قضت محكمة النقض بأن " مايقوم به رجل الاسعاف من البحث فى جيوب الشخص الغائب عن صوابه قبل نقله الي المستشفي لجمع ما فيها وتعرفه وحصره ، هذا الاجراء لامخالفة فيه للقانون اذا هو من الواجبات التي تمليها علي رجال الاسعاف الظروف التي يؤدون فيها خدماتهم ، وليس من شأنه ان يكون فيه اعتداء علي حرية المريض أو المصاب الذين يقومون باسعافه فهو بذلك لايعد تفتيشاً بالمعني الذي قصد الي اعتباره عملاً من أعمال التحقيق ".       أنظر نقض 10 يناير سنة 1956 مجموعـة أحكـام محكمة النقض س 7 رقم 9 ص 21 .
(14) أنظر الدكتور محمود محمود مصطفي : المرجع السابق ، بند 10 ، ص 222 .