حالات التلبس
 
 نص قانوني : 
تنص المادة30 من قانون الإجراءات الجنائية علي أن " تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة. وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا اتبع المجني عليه مرتكبها ، أو تبعته العامة مع الصياح أثر وقوعها ، أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقاً أو أشياء أخري يستدل منها علي أنه فاعل أو شريك فيها ، أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك "(1).
ــــــــــــــــــــ
(1)  أنظر الدكتور توفيق الشاوي : المرجع السابق ، ص 294 ؛ الدكتور محمود محمود مصطفي : شرح قانون الاجراءات الجنائية . القاهرة ، الطبعة العاشرة ، 1970 ، ص 236 ؛ الدكتور محمود نجيب حسني : شرح قانون الاجراءات الجنائية . القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1982 ، بند 593 ، ص 556 . 
 
عرفه  الفقهاء التلبس بأنه حالـة تقارب زمني بين وقوع الجريمة ولحظة اكتشافها(2) ، بينما يعرفه البعض الآخـر بأنه حالة تتعلق بإكتشافها لا بأركانها القـانونية ، وتعتمد إما علي مشاهدتها وقت ارتكابـها أو بعده بوقت يسير (3).
ــــــــــــــــــ
(2) أنظر نقض 27 مايو سنة 1935 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 381 ص 483 ؛ نقض 23 مايو سنة 1938 ج 4 رقم 226 ص 237 ؛ نقض 15 نوفمبر سنة 1943 ج 6 رقم 357 ص 333 ؛ نقض 9 ابريل سنة 1962 مجموعة أحكام محكمة النقض س 13 رقم 80 ص 322 ؛ نقض 30 ديسمبر سنة 1963 س 14 رقم 184 ص 1011 . 
(3) أنظر الاستاذ علي زكي العرابي : المبادئ الاساسية للاجراءات الجنائية - شرح قانون الاجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 الصادر بتاريخ 3 سبتمبر سنة 1950 .
      القاهرة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، 1951 ، ج 1 ، بند 482 ، ص 248 ؛ الدكتور رمسيس بهنام : الاجراءات الجنائية تأصيلاً وتحليلاً . الاسكندرية ، منشأة المعارف ، 1984 ، بند 159 ، ص 475 .
 
( ثانياً ) خصائص التلبس :
(أ‌) - أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها (4):
فهو وصف ينطبق علي الجريمة دون فاعلها(5)، فقد تشاهد الجريمة دون أن يشاهد فاعلها. 
(ب‌) - أن التلبس نوعان :
الأول حقيقي : ويقع بمشاهدة الجريمة حال ارتكابها ، أو عقب ارتكابها ببرهة قصيرة.
والثاني اعتباري : ويقع حيث لا تشاهد الجريمة وإنما تشاهد آثارها ، وهي تلك التي بينتها المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) أنظر الدكتور حسن صادق المرصفاوي : أصول الاجراءات الجنائية . الاسكندرية ، منشأة المعارف ، 1977 ، بند 124 ، ص 267 ومابعدها .
(5) أنظر الدكتور رؤوف عبيد : مبادئ الاجراءات الجنائية فى القانون المصري . القاهرة ، الطبعة الحادية عشرة ، 1976 ، ص 346 .
 
ضرورة الإختصاصات الإستثنائية لسلطة الضبط القضائي في حالة التلبس : 
تكون أدلة الجريمة في حالة التلبس واضحة وناطقة بدلالتها ، ولذلك فقد آثر المشرع الخروج علي القاعدة الأصولية التي تقضي بحصر أعمال التحقيق الإبتدائي في يد السلطة القضائية ، وخول لمأموري الضبط القضائي القيام ببعض أعمال التحقيق الإبتدائي حتي ييسر لهم فحص أدلة الجريمـة وتحقيقها علي الفور (6).
ـــــــــــــــــــــ
(6) أنظر الاستاذ علي زكي العرابي : المرجع السابق ، ج 1 ، بند 843 ، ص 249 ؛ الدكتور محمود محمود مصطفي : المرجع السابق ، بند 179 ، ص 233 ؛ الدكتور توفيق الشاوي : المرجع السابق ، بند 238 ، ص 293 . 
حصر حالات التلبس :
مفاد نص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية أن حالات التلبس خمس وهي :
 
 ( أولاً ) مشاهدة الجريمة حال ارتكابها : 
وتتحقق هذه الحالة بأن تكون المشاهدة قد وقعت في لحظة ارتكاب الجريمة وقبل الإنتهاء منها ، ويكفي أن تتحقق المشاهدة في أية مرحلة من مراحل ارتكاب الجريمة حتي ولو كانت المرحلة النهائية ، وتعتبر هذه الحالة أظهر حالات التلبس بالجريمة (7). 
وينصرف قصد الشارع بلفظ " المشاهدة " الي الرؤية البصرية أو الي أي حاسة من الحواس الأخري التي يدرك بها الشاهد وقوع الجريمة ، ولذلك فإنه يستوي أن يكون الشاهد قد أدرك الجريمة إما بحاسة البصر أم بحاسة الشم أم
بحاسة السمع (Cool
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأن مشاهدة الضابط للمتهم يقف علي باب الكشك وسماعه أصوات ارتكاب الفحشاء تنبعث من داخله كاف لقيام حالة التلبس التي تتيح لرجل الضبط القضائي دخول المحل إذ أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ، ويكفي أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه متي كان هذا الإدراك بطريقة يقينيه لا تحتمل شكاً (9). 
ولايلزم لتوافر هذه الحالة من حالات التلبس أن يؤدي التحقيق الي ثبوت الجريمة قبل مرتكبها (10) ، كما لا يلزم أن تكون متوافرة الأركان ، بل يكفي توافر مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة.
ـــــــــــــــــــــ
(7) أنظر نقض 8 أكتوبر سنة 1957 مجموعة احكام محكمة النقض س 8 رقم 205 ص 765 .
(Cool أنظر نقض 7 ديسمبر سنة 1955 مجموعة احكام محكمة النقض س 6 رقم 42 . 
(9) أنظر نقض 20 مايو 1957 مجموعة احكام محكمة النقض س 8 رقم 144 ص 524 .
(10) أنظر نقض 9 فبراير سنة 1970 مجموعة أحكام محكمة النقض س 21 رقم 64 ص 260 .
( ثانياً ) مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة :
تتحقق هذه الصورة بمشاهدة نتيجة الجريمة أو آثار هذه النتيجة ، وقد تطلب المشرع أن تكون معاينة الجريمة بعد ارتكابها ببرهة يسيرة (11) ، ومعني ذلك ألا يكون قد انقضي غير " وقت يسير" بين ارتكاب الجريمة ومعاينتها ، ولم يحدد المشرع الضابط في تقدير " الوقت اليسير " ، ومن ثم فإن أمر تقديره يكون موكلاً الي قاضي الموضوع (12).
ــــــــــــ
(11) بيد أنه اذا كان من الجائز الدخول فى المكان العام فإنه يجوز من باب أولي النظر من ثقب بابه للاطلاع علي مايجري فيه ، فإذا نظر مأمور الضبط القضائي من ثقب باب المكان العام فعاين جريمة ترتكب فى داخله تحقق التلبس بذلك . 
      أنظر نقض 28 فبراير سنة 1944 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقم 310 ص 415 . 
(12) أنظر
  Jurisclassur Periodiqu ( Semaine Juridique ) , 1964  . 2 . 135 .
( ثالثاً ) تتبع الجاني بالصياح من قبـل المجني عليه أو العامة : 
وتتحقق هذه الصورة بأن يجهر فرد أو مجموعة من الافراد بأنه يتابع شخصاً سواء بجسمه وهو يصيح ، أو بصوته وهو مكانه علي أنه مرتكب الجريمة ، ويشترط أن يقع ذلك بعد وقوع الجريمة مباشرة ، ولا يشترط أن يكون الصياح بصوت عال ومرتفع وإنما يكفي الصوت المسموع أو الإشارة بالأيدي .
( رابعاً ) مشاهدة الجاني بعد وقوع الجريمة بوقت قريب حاملاً أشياء يستدل منها علي أنه فاعل لها أو شريك فيها :
ويشترط لتحقق هذه الصورة أن يكون ضبط الجاني قد تم بعد وقوع الجريمة بوقت قريب ، وأن يكون حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراق أو أشياء أخري ، ويشترط أن تكون هناك صلة بين وجود هذه الأشياء مع المتهم وبين وقوع الجريمة.
( خامساً ) مشاهدة الجاني عقب وقوع الجريمة بوقت قريب وبه آثار أو علامات يستدل منها علي أنه فاعلها أو شريك فيها : 
ومن ذلك حدوث آثار بجسم المتهم أو ملابسه ، كالخدوش أو الجروح التي يحتمل أن تكون نتيجة ارتكابه الجريمة .
 
الطبيعة القانونية لحالات التلبس : 
نظراً لأن حالات التلبس تخول مأمور الضبط القضائي سلطات استثنائية لضبط أدلة الجريمة ، لذلك فإن هذه الصورة قد وردت في القانون علي سبيل الحصر لا المثال ، فلا يجوز القياس عليها ، كما يلزم أن تكون مستنتجة علي سبيل الجزم والتثبت ، لا عن طريق الظن أو التخمين (13). 
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأن من المقرر أنه لا يضير العدالة افلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الإفتئات علي حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق ، وكان من المقرر أيضاً أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وكان مؤدي الواقعة التي أوردها الحكم ليس فيه مايدل علي أن المتهمة شوهدت في حالة التلبس المبينة بطريقة الحصر بالمادة 30 من قانون الاجراءات الجنائية ، ولايصح القول بأنها كانت وقت القبض عليها في حالة تلبس بالجريمة حتي ولو كانت المتهمة من المدونات لدي الشرطة بالإعتياد علي ممارسة الدعارة ذلك أن مجرد دخولها إحدي الشقق لا ينبئ بذاته عن ادراك الضابط بطريقة يقينة ارتكاب هذه الجريمة ، ومن ثم فإن ما وقع علي الطاعنة هو قبض صريح ليس له مايبرره ولاسند له في القانون(14).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(13)  أنظر نقض 27 ديسمبر سنة 1943 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقم 283 ص 372 .
(14) أنظر نقض 24 فبراير سنة 1980 مجموعة أحكام محكمة النقض س 31 رقم 52 ص 92 ؛ نقض 26 فبراير سنة 1985 س 36 رقم 52 ص 306 .