يوجب القانون على المحقق عند حضور المتهم لأول مرة فى التحقيق أن يتثبت من شخصيته ثم يحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه . وتحديد التهمة قبل الاستجواب شرط لازم حتى يكون المتهم على بينة من أمره عندما يجيب بعد ذلك على أسئلة المحقق ، إذ يتيح له ذلك تهيئه دفاعه . ولا يجوز للمحقق أن يخفى التهمة عن المتهم ثم يشرع على الفور فى مناقشته فى وقائع الدعوى واقوال الشهود ، لأن ذلك من شأنه حرمان المتهم من ترتيب دفاعه . وهذا المسلك لا ينم عن براعة المحقق فى فن التحقيق، بل إنه ينطوى على تجهيل وتغرير يبطلان الاستجواب .
وضمانات الاستجواب من حيث الحقوق أو المصالح التى تتعلق بها قسمان : قسم يتعلق بالنظام العام ، وقسم يتعلق بمصالح جوهرية للمتهم . ويتحدد نوع البطلان تبعا لنوع المصلحة التى وقع الإخلال بها . فإذا كان العيب الذى شاب الاستجواب متصلا بصفة القائم به أو بسلامة إرادة المتهم عند استجوابه كان البطلان متعلقا بالنظام العام وتعين على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ولو لم يثره المتهم ، بل ولو تنازل عنه . وفيما عدا ذلك يكون البطلان نسبيا ، فلا تقضى به المحكمة إلا إذا تمسك به المتهم ، وإذا تمسك به وجب القضاء به . وإذا بطل الاستجواب وجب استبعاد الدليل المستمد منه فلا يصح التعويل عليه .
          من ثم يكون البطلان متعلقا بالنظام العام إذا كان هناك تأثير على إرادة المتهم ويكون ذلك فى حالتين الحالة الأولى إذا كان الاستجواب قد يؤشر تحت تأثير إكراه تهديد أو ارهاق متعمد للمتهم أو كانت إرادته معدومة أو معيبة بسبب إعطائه جواهر تؤثر على حرية إرادته ووعيه الكامل بما يدلى به . والحالة الثانية إذا كان المحقق قد عمد الى خداع المتهم أو كانت الأسئلة التى وجهها إليه من النوع الايحائى أما مخالفة الضمانات الخاصة بمصلحة المتهم فى الدفاع مدعوة المحامى للحضور أو تمكينه من الاطلاع فيترتب عليها بطلانا متعلقا بمصلحة الخصوم وليس متعلقا بالنظام العام وذلك يتعين التمسك به أمام محكمة الموضوع ولا يجوز اثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .( انظر الدكتور عوض محمد عوض والدكتور مأمون سلامه).
وقد قضت محكمة النقض بأن : لا يجدى الطاعن ما تمسك به من بطلان استجوابه بمعرفة رجال الشرطة طالما أنه لا ينازع فى سلامة اعترافه فى تحقيقات النيابة الذى استند اليه الحكم فى قضائه .(الطعن رقم 248 لسنة 43ق جلسة 6/5/1973). وبأنه" الدفع ببطلان استجواب المتهم فى جناية واعترافه المستمد منه لعدم دعوة محاميه للحضور – رغم تنازله عن هذه الدعوة صراحة – هو دفع جوهرى لتعلقه بحرية الدفاع وبالضمانات الأصلية التى كفلها القانون صيانة لحقوق هذا المتهم مما يقتضى من المحكمة أن تعنى بالرد عليه بما يفنده فإن هى أغفلت فإن حكمها يكون معيبا بالقصور فى التسبيب" .( الطعن رقم 175 لسنة 38ق جلسة 28/10/1968).وبأنه" استفسار المحكمة من المتهم عما إذا كان أحد من عائلته قد قتل قبل الحادث عمن اتهم فى قتله هو مجرد استيضاح ليس فيه أى خروج على القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع" .( الطعن رقم 1625 لسنة 31ق جلسة 28/11/1961). وبأنه" عدم سؤال المتهم عن التهمة لا يبطل المحاكمة مادام فى مقدوره أن يتكلم عندما يكون ذلك فى صالحه".( الطعن رقم 749 لسنة 26ق جلسة 2/10/1956). وبأنه" ان ما يتطلبه القانون من سؤال المحكمة للمتهم عن الفعل المسند اليه هو من الاجراءات التنظيمية التى لا يترتب البطلان على اغفالها" .( الطعن رقم 651 لسنة 47ق جلسة 7/11/1977). وبأنه" متى كان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة التى صدر بها الحكم المطعون فيه ان الطاعن مثل أمام المحكمة وتخلف محاميه الموكل عن الحضور وحضر عنه محام آخر أبدى سبب تغيبه وطلب التأجيل لجلسة أخرى حتى يتسنى لزميله أن يحضر فلم تستجب المحكمة الى طلبه وطلبت منه ان يترافع فى الدعوى واستمرت فى نظرها ممهلة المحامى الحاضر والمحامى الأخر الذى سبق أن ندبته للدفاع عن الطاعن فترة الإطلاع بذات الجلسة رغم إصرار الطاعن على التمسك بحضور محاميه الموكل . ويعد أن سمعت المحكمة مرافعة المحامى الحاضر والمحامى المنتدب قضت بإدانة الطاعن لما كان ذلك ، وكان من المقرر ان للمتهم مطلق الحرية فى اختيار المحامى الذى يتولى الدفاع عنه ، وحقه فى ذلك حق أصيل مقدم على حق القاضى فى تعيين محام له وكان يبين مما تقدم أن الطاعن اعتراض على السير فى الدعوى فى غيبة محاميه الموكل وأصر هو – والمحامى الحاضر – على طلب التأجيل نظرها حتى يتسنى لمحاميه الأصيل أن يحضر للدفاع عنه ، غير ان المحكمة التفتت عن هذا الطلب ومضت فى نظر الدعوى وحكمت على الطاعن بالعقوبة مكتفية بمثول المحامى الحاضر والمحامى المنتدب ، دون أن تفصح فى حكمها عن العلة التى تبرر عدم إجابة طلب الطاعن وان تشير الى اقتناعها بأن الغرض منه عرقلة سير الدعوى ، فإن ذلك منها إخلال بحق الدفاع مبطل لإجراءات المحاكمة وموجب لنقض الحكم والإحالة بغير حاجة لبحث باقى أوجه الطعن" . (الطعن رقم 263 لسنة 54ق جلسة 15/10/1984 س35 ص667). وبأنه" لما كان القانون يوجب ان يكون مع المتهم بجناية أمام محكمة الجنايات محام يتولى الدفاع عنه ، والأصل فى هذا الوجوب ان المتهم حر فى اختيار محاميه ، وأن حقه فى ذلك مقدم على حق المحكمة فى تعيينه إذا اختار المتهم محاميا ، فليس للقاضى ان يقتات على اختياره ، ويعين له مدافعا آخر ، إلا إذا كان المحامى المختار قد بدا منه ما يدل على انه يعمل على تعطيل السير فى الدعوى . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر الجلسة المحاكمة ان الطاعن الثانى طلب التأجيل لحضور محاميه الموكل كما طلب الطاعن الرابع توكيل مدافع عنه ، غير ان المحكمة التفتت عن طلبهما ومضت فى نظر الدعوى وحكمت عليهما بالعقوبة مكتفية بمثول من انتدبتهما للدفاع عنهما ، ودون ان تفصح فى حكمها عن العلة التى تبرر عدم إجابتها للتأجيل ، أو تشير الى إقتناعها بأن الغرض منه هو عرقلة سير الدعوى ، فإن ذلك منها إخلال بحق الدفاع مبطل لإجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم والإحالة وذلك بالنسبة لمن وقع الإخلال بشأنهما وللطاعنين الآخرين حتى من لم يودع منهما أسبابا لطعنه وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة . دون حاجة الى بحث باقى ما يثيره الطاعنان الثانى والرابع فى طعنهما أو بحث وجه طعن الطاعن الأول".( الطعن رقم 5560 لسنة 52ق جلسة 9/1/1983 س34 ص85). وبأنه" من المقرر ان للمتهم مطلق الحرية فى اختيار المحامى الذى يتولى الدفاع عنه ، وحقه فى ذلك حق أصيل مقدم على حق القاضى فى تعيين محام له وكان يبين مما تقدم ان الطاعن إعترض على السير فى الدعوى فى غيبة محاميه الموكل ، وأصر هو والمحامى الحاضر على طلب تأجيل نظرها حتى يتسنى لمحاميه الأصيل ان يحضر للدفاع عنه ، غير ان المحكمة التفتت عن هذا الطلب دون ان تفصح فى حكمها عن العلة التى تبرر عدم إجابته ، فإن ذلك منها إخلال بحق الدفاع مبطل لإجراءات المحاكمة .( الطعن رقم 469 لسنة 57ق جلسة 24/3/1987 س38 ص479).