بسم الله الرحمن
الرحيم



قضاء الصلح وأثره في إنهاء
الخصومات في الشريعة الاسلامية



والقانون الوضعي


[ دراسة مقارنة ]


صفوت عو ض كبلو


مقدمة :



تهدف هذه الورقة إلي دراسة قضاء الصلح وأثر ذلك القضاء في إنهـاء الخصومات.
والدعاوى وذلك وفق مبادئ الشريعة الإسلامية التي أفردت عقداً كاملاً في
المعاملات
المالية الإسلامية للصلح ووفق التشريعات في القانون الوضعي كالقانون المصري
ولفرنسي والسوري والسوداني الذي استعار أحكامه من مبادئ الشريعة الإسلامية.



تعريف
الصلح :



1
- في الشريعة الإسلامية (1)




) في المذهب الحنفي : عقد وضع لرفع المنازعة أو عقد وضع لرفع المنازعة
بالتراضي .



(ب)
في المذهب المالكي : هــو انتقال عن حق أو دعوى لرفع نزاع أو خوف وقوعــه .



(ج)
في المذهب الشافعي : عقد مخصوص يحصل به قطع النزاع .




) في المذهب الحنبلي : معاقدة يتوصل بها إلي موافقة بين مختلفين أو
متخاصمين .



2
- في القانون الوضعي :



(أ)
القانون الفرنسي :



المادة
2044م.ف - عقد يحسم به المتعاقدان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً
محتملاً .



(ب)
القانون المصري :



م
635 م.م - الصلح عقد به يترك كل من المتعاقدين جزءاً من حقوقه . علي وجه
التقابل
لقطع النزاع الحاصل أو لمنع وقوعه (2) .



(ج)
في قانــون المعاملات المدنيـة السودانـي لعام 1984م



م
286 : الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي (3) .




ويلاحظ أن القانون السوداني قد أخذ نوعاً ما بتعريف عقد الصلح في المذهب
الحنفي
. وعلي ذلك فإن الصلح في القانون السوداني لا يعالج النزاع المتوقع أو
المحتمل إنما يكتفي بالنزاع القائم فعلاً هذا وقد نظم المشرع السوداني عقد
الصلح
في المواد 286- 294 من قانون المعاملات المدنية لعام 1984م بينما نظم
التقنين
المصري عقد الصلح في المواد 549 - 557 في الفصل السادس من الباب الأول
الخاص بالعقود
. التي تقع علي الملكية من الكتاب الثاني الخاص بالعقود المسماة . وقد عللت
المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ورود الصلح من بين العقود التي تقع علي
الملكية لا لأنه ينقلها ، فسيأتي أن الصلح كاشف للحقوق لا ناقل بل لأنه
يتضمن
تنازلاً عن بعض ما يدعيه الطرفان من الخصومة والتنازل عن الحق يرد علي
كيانه لا
علي مجرد ما ينتجه من الثمرات.




وقد اعترض بعض الفقهاء علي هذا التبرير لأن الصلح قد يقتصر أثره في الواقع
علي
التنازل عن مجرد إدعاء لا عن حق ولأنه من جهة أخري قد ينصب علي حق شخصي
يصعب القول
بأنه مملوك للدائن وقد أجيب عن هذا الاعتراض بأن التنازل عن حق شخصي هو
تنازل عن
كيان الحق ذاته أو عن ملكيته كما أن حوالة الحق هي نقل الملكية للحق من
دائن قديم
إلي دائن جديد ويمكن أن يدفع هذا الاعتراض هنا بأن الصلح في بعض الأحوال قد
يكون
منشئاً للحق لا ناقلاً له (4).




يلاحظ الدكتور اكثم الخولي علي مسلك التقنين المصري في هذا الشأن أنه إن
كان له
فائدة من بين الاستقرار والوضوح فإنه يضفي علي العقد المرونة التي يحققها
ترك
المجال مفتوحاً أمام الفقه والقضاء ليضعا من الحلول عما عساه أن يكون اصلح
من
الناحية العملية في كل موطن من المواطن يؤيد هذا القضاء الفرنسي مع أخذه
بفكرة
الأثر الكاشف للصلح لم يلتزم منطقها التقليدي التزاما جامداً بل خرج عليه
حيث تبين
له ضرورة هــذا الخروج وذلك دون أن يصطدم بنص جامد يسد من جهة باب الاجتهاد
كنص
التقنين المصري (5).



عناصر
الصلح :



1
- الأركان العامة ( رضا - محل - سبب ).



2
- وجود نزاع قائم أو محتمل.



3
- نزول عن ادعاءات متقابلة.



4
- قصد إنهاء النزاع أو نية حسم النزاع.



تحديد
معيار النزاع :



1
- ذهبت طائفة من الفقهاء إلي أن المعيار ذاتي محض أي أن العبرة بما يقوم
في
ذهن كل من الطرفين لا بوضوح الحق في ذاته فالمهم أن يكون هناك نزاع جدي ولو
كان
أحد الطرفين هو المحق دون الآخر وكان حقه واضحاً ما دام هو غير متأكد من
حقه.




وذهب البعض إلي أن النزاع يعرض في حالة وجود مسألة قانونية محل خلاف بين
الطرفين
وأنه لا يهتم بعد ذلك أن يكون الصلح الذي أبرمه الطرفان بشأن هذه المسألة
قد يوافق
حكم القانون أو يخالفه ويعدون هذا بأنه لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في
القانون (6).



أهمية
الصلح (7) من الناحية النظرية :




) في الفقه الإسلامي :



لعقد
الصلح مكان الصدارة من بين سائر العقود في الفقه الإسلامي ، ذلك أن هذا
العقد يأخذ صوراً شتي في المعاملات المالية فتارة يتمخض عن كونه عقد معاوضة
بيعاً
أو سلما أو إجارة . وتارة أخرى يؤول إلي عقد من عقود التبرع وتارة ثالثة
يتمخض عن
محض إبراء أو إسقاط .



(ب)
في الفقه الوضعي :



أثار
عقد الصلح جدلاً كثيراً منذ عهد القانون الفرنسي القديم واشتهرت دراسته
بالصعوبة
والغموض ومع ذلك اعتبر من أهم العقود الواردة في مجموعة جستنيان وأكثرها
فائدة ولم
تهدأ الخلافات بشأن هذا العقد بصدور التقنين المدني الفرنسي في مطلع القرن
التاسع
عشر بل ظلت قائمة وتتركز هذه الخلافات بصفة خاصة حول ماهية محل الصلح وسببه
وما وجه
إلي تعريفه الوارد في التقنين من نقد وما انفرد به من قواعد خاصة بقاعدة
عدم جواز
الطعن في الصلح لغلط في القانون وتأصيل هذه القاعدة وبيان الأساس القانوني
لها
وكذلك ثار خلاف بين الفقهاء بشأن الطبيعة القانونية لعقد الصلح في حسمه
للنزاع هل
هو كاشف للحق المتنازع عليه أو ناقل له أو هو ذو طبيعة مزدوجة.



أهمية
الصلح من الناحية العملية :



1
- تخفيف العبء عن القضاء :



فقد
يتم الصلح بين الخصوم قبل رفع الدعوي أمام القضاء ، وفي هذا وذلك تخفيف
للعبء الواقع علي القضاء وتحقيق لمعني من معاني المثل القائل "لو انصف
الناس استراح
القاضي وبات كل عن أخيه راضياً".



2
- تخفيف العبء عن الخصوم :




إن إنهاء النزاع بين الخصوم صلحاً فيه تخفيف كبير عنهم ذلك أن إجراءات
التقاضي
فيها كثير من التعقيد والمشقة كما أنها تستغرق وقتاً طويلاً وتكاليف باهظة ،
وفي
هذا عنت للخصوم واستنزاف لجهودهم وأموالهم.



3
- تحقيق العدالة :



إن
حسم النزاع بين طرفي الخصومة كعقد الصلح أدعى إلى الإنصاف وأدني إلي تحقيق
العدالة
ذلك أن طرفي الخصومة هما - ولا ريب - أعلم من غيرهم بمعرفة استحقاق كل منهم
فيما
يدعيه أو فيما يدعي عليه لأن كلا منهما يعلم في قرارة نفسه حقيقة مركزه
القانوني
إزاء النزاع القائم بينهما.




ومصداق ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال "إنما أنا بشر
وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فاقضي له بنحو ما
اسمع منه
فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئاً فإنما اقطع له قطعة من
نار".



وقد
شاع في المثل الفرنسي أن الصلح السيئ خير من الخصومة الجيدة



une muvaize transation vieux mieux bon proces


4
- نشر السلم الاجتماعي :



إن
عقد الصلح بإنهائه للنزاع القائم أو المحتمل بين طرفي الخصومة إنما يسهم
بحق في
تحقيق السلام الاجتماعي وإشاعة الأمن بين أفراد المجتمع ذلك أنه يستأصل
شافة
الخصومة ويؤلف بين القلوب المتنافرة ويضع حداً لما تتركه الخصومات من أحقاد
في
النفوس وضغائن في الصدور وشقاق بين أفراد الأسرة الواحدة.



مشروعية
الصلح :



إن
عقد الصلح ثابت بالكتاب والسنة والإجماع .



أولاً
: الكتاب :



1
- قوله تعالي (وان امرأة خافــت من بعلها نشوزاً أو إعراضا فلا جناح
عليهما
أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير وأحضرت الأنفس الشـح وإن تحسنوا وتتقوا
فإن الله
كان بما تعملون خبيراً) النساء الآية (128).



2
- (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي
الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء إلي أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما
بالعدل
واقسطوا إن الله يحب المقسطين ، إنما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين أخويكم
واتقوا
الله لعلكم ترحمون) الحجرات الآية (9 10).



ثانياً
: السنة :



عن
كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) الصلح
جائز
بين المسلمين " زاد أحمد " إلا صلحا حرم حلالاً أو أحل حراماً "
وزاد سليمان بن داود وقال - رسول الله (ص) " المسلمون عند شرطهم "
.



ثالثاً
: الإجماع :



وقد
أجمعت الأمة علي مشروعية الصلح :



1
- وقال ابن رشد الحفيد في بداية المجتهد وهو يتكلم عن الصلح بعد أن أورد
أصله في القرآن والسنة ( اتفق المسلمون علي جوازه علي الإقرار واختلفوا في
جوازه
علي الإجارة).



2
- كما حكي الإجماع قدامة المقدسي في المغني بعد أن بين أنواع الصلح بقوله
" ويتنوع أنواعاً صلح بين المسلمين والكفار وصلح بين أهل البغي وأهل العدل
وصلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما ثم قال "وأجمعت الأمة علي جوازه في
هذه الأنواع".






تمييز
عقد الصلح عما يشتبه به (9) :



1
- التحكيم :



1
- التحكيم هو تولية الخصمين حاكماً يحكم بينهما .



2
- فإذا لم يرد شخصان أو أكثر ، رفع ما بينهما من المنازعة إلي المحكمة ،
لأي
سبب من الأسباب ، واتفقوا علي تحكيم حكم يقضي بينهما صح ذلك ، لأن لهم
الولاية علي أنفسهم فصح تحكيمهم لغيرهم.



3
- التحكيم جائز في كل حق بين الخصوم إلا في الحدود والعقود والدية علي
العاقلة علي رأي فريق من العلماء.



4
- وعلي ذلك فإن التحكيم يختلف من الصلح في الآتي :




) الصلح مُـنْـهٍ للخصومة وقاطع لإجراءاتها بخلاف التحكيم الذي هو مرحلة
جديدة من مراحل الخصومة .



(ب)
التحكيم ينتج عنه حكم قضائي بخلاف الصلح فإنه ينتج عنه عقد بتراضي الطرفين
وفرق
بين الحكم القضائي والعقد الرضائي وأحياناً يكون حكماً قضائياً.



(ج)
الصلح فيه تنازل من أحد الطرفين أو كليهما عن حقه بخلاف التحكيم ليس فيه
تنازل.



2
- ترك الدعوي :




إن ترك الدعوي ليس صلحاً حسب قوانين المرافعات المعمول بها ، لأن لكلا
الطرفين ترك
الدعوي من طرف واحد وبذلك لا يمنع المدعي من تجديد دعواه مرة أخري ولو كان
صلحاً
لما جاز له تجديد النزاع مرة أخرى.



3
- الإبراء :



الإبراء
في الشرع إسقاط ما في الذمة من حق أو دين ولفظه أبرأت أو بريء في حل أو
احللتك
والحق أن الإبراء فيه ما هو إسقاط محض وفيه ما يجري فيه خلاف.



4
- اختلاف الصلح عن الإبراء :



1
- الصلح يكون بعد النزاع عادة والإبراء لا يشترط فيه ذلك.



2
- الصلح قد يتضمن إبراء وقد لا يتضمن ، بأن يكون مقابل التزام ، وعليه
فبينهما عموم وخصوص ، يجتمعان في الإبراء بمقابل في حالة النزاع ويتفرد
الإبراء في الإسقاط بغير مقابل أو في غير النزاع كما يتقرر الصلح في حالة
ما إذا
كان بدل الصلح التزاماً لا ابراء ، لأن الابراء يكون من الأشياء المتعلقة
بالذمة
عامة كالديون مثلاً.



5
- العفـــو :



العفو
يعني الترك وعليه تدور معانيه فيفسر في كل كلام ما يناسبه ممن ترك عقاب أو
عدم
إلزام . فالعفو يختلف عن الصلح في الآتي :



1
- العفو يكون من طرف واحد والصلح من طرفين.



2
- العفو والصلح قد يجتمعان في العفو عن القصاص إلي مال.






أقسام
الصلح (10) :



يعالج
الفقه الإسلامي أقساماً مختلفة من الصلح.



1
- الصلح بين المسلمين والكفار :



وتتناوله
كتب الفقه عادة في باب الجزية والهدنة والأمان وظاهر أن ذلك يدخل حالياً في
القانون الدولي العام.



2
- الصلح بين الإمام والبغاة :



أي
بين الفئة العادلة والفئة الباغية ومحله في باب البغاة وذلك يدخل في قسم
القانون
الدستوري والجنائي حالياً.



3
- الصلح في الجنايات :



ويبحث
إما في باب الصلح أو في باب الجنايات وغني عن القول أنه لا يجوز الصلح في
جرائم
الحدود بينما يجوز في جرائم القصاص والتعازير كقاعدة عامة.



4
- الصلح في مسائل الأحوال الشخصية :



وأهمها
الصلح بين الزوجين ومحل بحثهما باب النكاح.



الصلح
في المعاملات المدنية (11) :




وهو محل بحثنا حيث يجوز الصلح في المعاملات المالية وفقاً لعقد الصلح طبقاً
لمبادئ
الشريعة الإسلامية.



يقصد
بالمعاملات المالية هنا ما لا يدخل فيه الأحوال الشخصية ولا الجنايات كما
يقصد
بالصلح في المعاملات المالية ما كان بسبب المال المدعي وهو المصالح عليه -
معاملات
مالية - كالبيع والشراء والإجارة والشركة.



وباستقراء
الفقهاء وضح أن الصلح في المعاملات المالية إما أن يقع بيع (أو في معني
البيع) ،
أو إجارة (أو في معني الإجارة) أو هبة (أو في معني الهبة) فهو يقع بيعاً إن
كان
العوضان عيناً . ويقع إجارة إن كان أحد العوضين فيه منفعة ويقع الهبة (أو
في معني
الهبة) إن كان العوض فيه من جانب واحد.



وبما
أن الصلح قد يكون في دين فقد رأينا الكلام عن الصلح في الدين.



1
- وقوع صور الصلح بيعاً :



إذا
ادعي شخص علي آخر (خمسة دنانير) واخبر المدعي عليه بالدعوى فصالحه المدعي
عليه على
مائتي درهم ، كان هذا الصلح صحيحاً لوقوعه بيعاً بشرط عدم النسيئة
(الهداية شرح
بداية المجتهد الميرغناني بهامش فتح القدير 2/7) فإن أنكر المدعي عليه
الدعوي أو
سكت كان الصلح غير جائز عند الشافعية والزيدية والظاهرية.




ووجهة نظر الشافعية والزيدية والظاهرية عدم الجواز إن كان المصالح عليه غير
ثابت
فيكون العوض المأخوذ غير مقابل بشيء ، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل.



ووجهة
نظر المالكية والحنفية والحنابلة أن هنالك مقابلاً في هذه الحالة وهو سقوط
الخصومة
واندفاع اليمين عنه وبذلك قال أبو حنيفة رضي الله عنه إن أجوّز ما يكون
الصلح في
الإنكار لأن الإقرار مسالمة فلا يحتاج إلي صلح.



2
- وقوع صور الصلح إجارة :



1
- إذا ادعي مدع علي آخر بأردب قمح فأنكر المدعي عليه بالدعوى وصالحه علي
استئجار منزله بالجهة الفلانية لمدة شهر مثلاً كان هذا الصلح صحيحاً لوقوعه
إجارة
لأنه علي إقرار عن يمين بمنفعة العين هي القمح والمنفعة هي أجرة المنزل.



2
- في نفس الصورة السابقة إذا صالحه علي أن يؤجر له منزله المذكور أبداً أو
من غير تحديد مدة أو إلي أن يعود الغائب أو مدة حياة المؤجر أو المستأجر
كان هذا
صلحاً باطلاً لا يترتب عليه اثر لأن عقد الصلح تمخض عن إجارة باطلة للجهالة
فإن
أنكر المدعي عليه الدعوي كان الصلح غير جائز عند الشافعية والظاهرية
والزيدية .
لأن المدعي عاوض عما لم يثبت له فلم تصح المعاوضة ولأن ذلك من أخذ أموال
الناس
بالباطل.




ويرى المالكية والأحناف والحنابلة أن المصالح عليه هنا مقابل سقوط الخصومة
واندفاع
اليمين عنه ...






3
- وقوع صور الصلح هبة :




لو ادعي مُدَّعٍ علي آخر ملكية دار فأقر المدعي عليه الدعوي وصالحه المدعي
علي
نصفها أو ربعها أو علي حجرة منها فهذا صلح صحيح عند المالكية والشافعية
والزيدية
وغير صحيح عند الحنابلة إذا كان مقترنا بشرط أداء الباقي أو تعليق الإبراء
بشرط أو
إذا امتنع المدعي عليه من أداء الحق المدعي به إلا بإسقاط بعضه ، لأن كل
ذلك من
باب هضم الحق كما لا تجوز هذه الصورة عند الأحناف لأنها من باب الإبراء عند
الأعيان فهو باطل.



4
- الصلح في الدين :



الدين
هو ما يثبت في الذمة :



1
- إذا ادعي مُدَّع علي آخر بألف جنيه حالة في ذمته ، وصادق المدعي
عليه علي الدعوي فصالحه المدعي علي خمسمائة حالة كان هذا الصلح صحيحاً عند
الأحناف
والمالكية والشافعية باعتبار أن المدعي استوفي بعض حقه ، بإبراء المدين من
الباقي
ولا يجوز عند الحنابلة إذا كان بلفظ الصلح أو الإبراء أو الهبة المعلقين
علي شرط
علي أساس أن هذا هضم للحقوق.



2
- ادعي مدعٍ علي آخر بعشرة دنانير ذهبية حالة فأقر أو أنكر وصالحه علي
اثني
عشر دينار مؤجلة كان هذا الصلح غير صحيح عليه ، رأي جميع الفقهاء للزيادة
والتأخير
. لأن الذهب من الأموال الربوية وقد أجمع الفقهاء علي عدم جواز التفاضل
والنسيئة
فيها.



3
- إذا ادعى مدع علي آخر باردب من القمح حال وصادق المدعي عليه علي الدعوي
ثم
صالحه علي أردبين من الشعير حالين كان الصلح جائزاً.




وإنما صحت الزيادة مع أن كليهما من الأموال الربوية لاختلاف الجنس ولاختلاف
بين
الفقهاء في جواز التفاضل بين الجنسين الربوين .



أنواع
الصلح عند الحنفية (12) :



يقسم
المذهب الحنفي الصلح إلي ثلاثة أنواع :



1
- الصلح علي إقرار :




أما أن يقر المدعي عليه بمحل الدعوي ولا يزيد علي ذلك شيئاً فهذا هو
الإقرار الذي
يبحث في باب الإقرار.



وأما
أن يقر المدعي عليه بمحل الدعوي مع طلب التأجيل في أداء ما في ذمته أو طلب
الإبراء
عن بعضه أو كله من المدعي وينتهي الأمر به إلي الصلح مع المدعي فهذا هو
الصلح عن
إقرار .



2
- الصلح على إنكار :



أن
ينكر المدعي عليه الدعوي ثم يصالحه المدعي.



3
- الصلح علي سكوت :




أن يسكت المدعي عليه أي لا يجيب بالإقرار أو الإنكار ثم يصالحه المدعي فهذا
هو
الصلح علي السكوت . أما في الفقه الوضعي فإنه لا يعرف هذا التقسيم الثلاثي
الذي
عرفه المذهب الحنفي فالصلح في هذا الفقه جائز سواء كان عن إقرار المدعي أو
إنكاره
أو سكوته وفي أية حالة تكون عليها الدعوي بل هو جائز بعد صدور حكم نهائي
إذا ثار
نزاع بشأن تنفيذ هذا الحكم.



خصائص
الصلح (13) :



مقارنة
بين خصائص الصلح في الفقه الإسلامي والفقه الوضعي :



2
- الصلح في الفقه الإسلامي :




قد يكون من عقود المعاوضة إذا كان كل من المتعاقدين يأخذ مقابلاً لما أعطاه
وقد يكون
من عقود التبرع إذا كان احد الطرفين لا يأخذ مقابل ما أعطي.



أما
في الفقه الوضعي فإن الصلح دائماً من عقود المعاوضة بوجود التزامات متبادلة
بين
طرفي العقد.



وسبب
الاختلاف بين الفقهين في الشأن أن للصلح في الفقه الإسلامي مدلولاً أوسع
منه في
الفقه الوضعي إذا هو عقد وضع لرفع المنازعة وأنه بناء علي هذا التعريف
الواسع
يندرج تحته صور مختلفــة للصلح بعضها قد يكــون معاوضــة وبعضها الآخر قد
يكون
تبرعاً ، فإذا تمخض الصلح عن بيع أو إجارة أو سلم أو غيرها من عقود
المعاوضة فإنه
يكون معاوضة أما إذا تمخض عن تبرع لهبة أو قرض أو إبراء من الدين فإنه يكون
من
عقود التبرع.




هذا مع ملاحظة ما ذهب إليه بعض الفقهاء من القول بأن الصلح إذا كان عن
إقرار فإنه
معاوضة وكذلك الصلح عن إنكار وسكوت معاوضة في حق المدعي واقتداء لليمين
وقطع
للخصومة في حق المدعي عليه.



2
- الصلح في الفقه الإسلامي :




عقد رضائي يكفي في انعقاده التراضي بالإيجاب والقبول دون حاجة إلي إتباع
شكل مخصوص
والأمر كذلك في الفقه الوضعي فالصلح عقد رضائي أيضا وان كان التقنين المدني
المصري
قد اشترط الكتابة لإثباته فإن الكتابة هنا للإثبات وليست ركناً للعقد.



3
- الصلح في الفقه الإسلامي : عقد لازم كقاعدة عامة فليس لواحد من الطرفين
فسخه بمفرده وإنما يجوز فسخه باتفاق الطرفين مع استثناءات.




ويقابل هذا في الفقه الوضعي أن الصلح عقد ملزم للجانبين إذ ينشئ التزامات
متقابلة في
ذمة كل من الطرفين ويترتب علي ذلك النتائج التي سبق ترتيبها علي العقد
الملزم
لجانبين والملزم لجانب واحد وهو يتعلق بالفسخ والدفع بعدم التنفيذ وتحمل
التبعة
ونظرية السبب يجعلها بمفهومها التقليدي . ويلاحظ هنا اختلاف معني اللزوم في
الفقه
الإسلامي عنه ي الفقه الوضعي وان الفقه الإسلامي لا يعرف التقسيم الذي يأخذ
به
الفقه الوضعي للعقود من حيث آثارها باعتبارها ملزمة للجانبين أو ملزمة
لجانب واحد.



4
- الصلح في الفقه الإسلامي :




عقد مجرد ولا يجوز أن يكون عقداً احتمالياً لأن الاحتمال قائم علي فكرة
الغرر
والفقه الإسلامي ينفر من الغرر لأنه يشترط أن يكون محل العقد موجوداً فعلاً
وقت
التعاقد فإن لم يكن موجوداً فالعقد باطل.



5
- الصلح في الفقه الإسلامي :




قد يكون منجزاً أو مضافاً أو معلقاً علي حسب الأحوال كما سبق أن أوضحنا.



والفقه
الوضعي يعرف الأجل والشرط كأوصاف للالتزام التعاقدي فيكون الالتزام لأجل
إذا كان
نفاذه أو انقضاؤه مترتباً علي أمر مستقبل محقق الوقوع حتي كان وقوعه ممثلاً
ولو لم
يعـــرف الوقت الذي يقع فيه (م 271م.م).



ويكون
الالتزام معلقاً علي شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمــــر
مستقبل غير
محقق الوقوع (م . 365 م.م ).




ومن هذا تبين أن عقد الصلح يجوز في الفقه الإسلامي أن يكون منجزاً أو
مضافاً إلي
أجل أو معلقاً علي شرط واقفاً أو فاسحاً مع مراعاة القواعد العامة في نظرية
الالتزامات في هذا الشأن.



6
- الصلح في الفقه الإسلامي :




قد يكون عقداً فورياً إذا لم يكن الزمن عنصراً جوهرياً فيه كما إذا كان
الصلح في معني البيع أو السلم أو الهبة أو الإبراء من الدين ، وقد يكون
عقداً
زمنياً طبقاً لاصطلاح الفقه إذا كان الزمن عنصراً ضرورياً فيه وذلك كما إذا
كان
الصلح في معني الإجارة فإن المنفعة في الإجارة لا تقدر إلا بالزمن وهي تحدد
ساعة
فساعة كما يعبر الفقهاء.



مقارنة
بين الفقه الإسلامي والفقه الوضعي في محل الصلح :



أولاً
:



يشترط
في عمل الصلح أن يكون موجوداً أو قابلاً للوجود إذا كان شيئاً أو ممكناً
إذا كان
عملاً - وهذا الشرط يجب توافره في كل من الفقهين غير أن مدلوله في الفقه
الإسلامي
يختلف عنه في الفقه الوضعي ذلك أنه في الفقه الإسلامي يشترط في المحل أن
يكون
موجوداً فعلاً وقت التعاقد كقاعدة عامة فإن لم يكن موجوداً فالعقد باطل حتي
لو كان
المحل محققاً أو محتمل الوجود في المستقبل وذلك مخافة الغرر هذا هو الأصل
العام
عليه بعض الاستثناءات كما في عقد السلم والاستصناع.



ثانياً
: يشترط أن يكون محل الصلح معيناً أو قابلاً للتعيين ويعبر عن هذا الشرط
في
الفقه الإسلامي بأنه يشترط أن يكون المتصالح عليه معلوماً إن كان يحتاج إلي
القبض
أو التسليم فإن لم يكن يحتاج إلي القبض والتسليم فيجوز أن يكون مجهولاً
جهالة
يسيرة.



وعلة
هذا الشرط في الفقه الإسلامي أن الجهالة تفضي إلي المنازعة .



أما
في الفقه الوضعي فيشترط أن يكون محل الالتزام الناشئ من الصلح معيناً بذاته
أو
جنسه ونوعه ومقداره أو قابلاً للتعيين ويقارب هذا الشرط في كل من الفقهين
الإسلامي
والوضعي.



ثالثاً
: يشترط أن يكون محل الصلح صالحاً للتعامل فيه ويعبر عن هذا الشرط في
الفقه
الإسلامي بأنه يشترط أن يكون محل الصلح حقاً من الحقوق التي يجوز التصرف
فيها أي
من حقوق العباد لا مِنْ حقوق الله سبحانه وتعالي ومن ثم يجوز الصلح عن
القصاص
والتعزير لأنهما من حقوق العباد ولا يجوز الصلح في الحدود لأنها من حقوق
الله
تعالي.




وفي الفقه الوضعي يشترط أن يكون المحل مشروعاً أو قابلاً للتعامل معه
وبعبارة أخرى
لا يكون مخالفاً للنظام العام والآداب العامة وبناء علي ذلك لا يجوز الصلح
عن
المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية كالأهلية والنسب والزواج والطلاق
والولاية
والوصاية والقوامة وغيرها وكذلك لا يجوز الصلح عن الجرائم بصفة عامة ولكن
يجوز
الصلح عن الحقوق المالية الناتجة عن الحالة أو ارتكاب إحدى الجرائم.




ويلاحظ أن هذا الشرط في الفقه الإسلامي له نظيره في الفقه الوضعي مع ملاحظة
اختلاف
مدلول حق الله وحق العباد في الفقه الإسلامي عن مدلول النظام العام في
الفقه
الوضعي ومع ملاحظة أن حق الله أكثر انضباطاً وثباتاً عن النظام العام وذلك
أن
النظام العام يختلف من بلد إلي آخر ومن عصر إلي عصر كما قد يختلف في البلد
الواحد
من هيئة إلي أخري ومن ثم من العسير وضع معيار له ، ولا كذلك حق الله
سبحانه
وتعالي فإنه يجد حده في الكتاب الكريم والسنة النبوية وقد ضبطه الفقهاء
بضوابط
واضحة وهو غير قابل للتعديل أو التحويل " ولن تجد لسنة الله تبديلا "
" ولن تجـد لسنة الله تحويلا " (62/الأحزاب 34/ فاطر) حتي لو كان المحل
محتمل الوجود ، بل حتي لو كان محقق الوجود في المستقبل أما في الفقه الوضعي
فإن
الأصل في الصلح أنه عقد محدد ومع ذلك فإنه قد يكون عقداً احتماليا في بعض
الصور.



أما
في الفقه الوضعي فإن الصلح لا يكون عقداً فورياً لأن الزمن ليس عنصراً
جوهرياً فيه
كما سبق القول.



مقارنة
بين السبب في عقد الصلح في الفقه الإسلامي والفقه الوضعي :



تبين
لنا من المقارنة بين السبب في عقد الصلح في الفقه الإسلامي والفقه الوضعي
النتائج
الآتية :



أولاً
: السبب في الصلح في الفقه الإسلامي يختلف مدلوله حسبما إذا كان عقد الصلح
في معني
المعاوضة أو في معني التبرع وذلك للمدلول الواسع لمفهوم الصلح في الفقه
الإسلامي
فقد يكون عقداً من عقود المعاوضة وقد يكون عقداً من عقود التبرع وقد يكون
محض
إبراء كلي أو جزئي وقد يكون محض إسقاط من ثم فإن السبب يختلف تبعاً لذلك
كما سبق
القول أما في الفقه الوضعي فعقد الصلح يكون دائماً من عقود المعاوضة ومن ثم
فلا
محل لهذا الاختلاف في مدلول السبب.



ثانياً
: هناك اتجاهان أساسيان في تحديد طبيعة السبب في الفقه الإسلامي :



1
- الاتجاه الأول :




ويأخذ بالإرادة الظاهرة فلا يعتد بالسبب إلا إذا تضمنه التعبير عن الإرادة
أو صيغة العقد فإذا لم يذكر في صفة العقد فلا يعتد به وهذا الاتجاه يمثله
المذهب
الحنفي والمذهب الشافعي وهو يشبه في هذا الفقه الجرماني.



2
- الاتجاه الثاني :




ويأخذ بالإرادة الباطنة تأسيساً علي الاعتبارات الدينية والأدبية فيعتد
بالسبب ولو
لم يكن يتضمنه التعبير عن الإرادة ومع ذلك يكون محلاً للاعتبار فيؤثر في
مشروعية
العقد بمعني أن العقد يكون صحيحاً إذا كان السبب مشروعاً وباطلاً إذا كان
السبب
غير المشروع وهذا الاتجاه يمثله المذهب المالكي والمذهب الحنبلي وهو أقرب
إلي
النظرية الحديثة في السبب في الفقه اللاتيني إذ طبقا لهذه النظرية فإن
السبب هو
الباعث علي التعاقد يعتد به سواء ذكر في العقد أو لم يذكر ما دام معلوماً
من الطرف
الآخر أو يستطيع أن يتبينه فإذا كان الباعث مشروعاً فالعقد صحيح وإن كان
غير مشروع
فلا يصح العقد.




ثالثاً : أنه لا يمكن تطبيق النظرية التقليدية في السبب في الفقه الوضعي في
عقد
الصلح في الفقه الإسلامي بالقول بأن سبب التزام كل متصالح هو نزول المتصالح
الآخر
عن جزء من ادعائه ذلك لأن هذا التحليل لا ينطبق إلا علي عقود المعاوضة
والصلح في
الفقه الإسلامي ليس في كل صورة من عقود المعاوضة.




رابعاً : رأينا أنه لا يكفي اعتبار رفع النزاع سبباً لعقد الصلح في الفقه
الإسلامي وقد انتقد اعتبار رفع النزاع سبب لعقد الصلح في الفقه الوضعي لأن
وجود
النزاع هو من مقومات عقد الصلح وليس سبب له.




خامساً : يشترط في السبب في عقد الصلح بمعني الباعث الدافع علي التعاقد أن
يكون
مشروعاً وهذه المشروعية مشروطة في كل من الفقهيين الإسلامي والوضعي مع
اختلاف
مدلول المشروعية في كل من الفقهيين.




سادساً : هنالك فرق بين الس
بب في عقد الصلح في كل
من الفقهيين الإسلامي والوضعي طبقاً للرأي الذي اعتنقناه من حيث اعتبار
إرادة
إنهاء النزاع عنصراً مشتركا بين السبب في الفقهيين مع ملاحظة أنه في الفقه
الإسلامي إذا كان عقد الصلح في معني المعارضة فان سببه هو إرادة إنهاء
النزاع
والحصول علي البدل أو العرض الذي التزم به المتعاقد الأخر أما إذا كان عقد
الصلح
في معني التبرع فان سببه هو إرادة إنهاء النزاع بنية التبرع المشروعة وهذا
التحليل
يتفق مع نصوص الفقه الإسلامي.



أما
في الفقه الوضعي فإن سبب عقد الصلح مركب من عنصرين :



1-
أحدهما : نية أو إرادة وضع حد للنزاع القائم أو المحتمل.



2-
العنصر الآخر : أن يكون الباعث الدافع علي ذلك مشروعاً.



تعريف
الخصومة (41) :




يقصد بالخصومة الحالة القانونية التي تنشأ منذ رفع الدعوي إلي القضاء كما
يقصد بها
مجموعة الأعمال التي ترمي إلي تطبيق القانون في حالة معينة بواسطة القضاء .
فالخصومة بهذا الاعتبار الأخير هي أداة تطبيق القانون بوساطة القضاء
وبعبارة أخرى
أداة تحقيق الحماية القضائية وتتميز الخصومة كعمل قانون مركب بأنها عمل
قانوني
مجرد بمعني أنها تبدأ وتسير وتنتهي سواء بحكم قضائي يفصل في الدعوي أو بغير
حكم
فيها بصرف النظر عن وجود الحق الموضوعي أو المركز القانوني الذي تحمله
الدعوي وعلة
هذا أن الخصومة من الناحية الفنية إنما ترمي إلي التحقق من وجود الحق في
الدعوي أو
عدم وجوده فإذا تبين وجوده صدر حكم بقبول الدعوي وتتم الحماية المطلوبة
وإذا تبين
عدم وجوده صدر الحكم برفض الدعوي .



وقد
يصدر الحكم بناء علي تصالح الخصوم من قضاء الصلح أو محاكم الصلح.






قضاء
الصلح :




وتهتم القوانين الوضعية الإجرائية بالصلح بين الخصوم وقد تجعل له محاكم أو
مجالس
خاصة بالصلح كما في جمهورية مصر العربية وفرنسا والجمهورية السورية كما قد
تجعله
من اختصاص محكمة الموضوع كما في مشروع قانون الإجراءات المدنية لعام 1997م.



1
- ففي فرنسا : يسمي القاضي الجزئي أو قاضي الدرجة الأولي قاضي
الصلح
Juge
de paix.


2
- أما في جمهورية مصر العربية : نص قانون المرافعات المدنية والتجارية
لسنة
1968م طبقاً للمادة 46 علي أنه يكون حضور الخصوم في الدعاوى الجزئية التي
ترفع
ابتداء في اليوم والساعة المحددين بصحيفة افتتاح الدعوي أمام مجلس صلح
يتولى
التوفيق بين الخصومة وذلك فيما عدا الدعاوى التي لا يجوز الصلح فيها
والدعاوى
المستعجلة ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بأوامر الأداء.




والدعاوى التي لا يجوز الصلح فيها كالدعاوى المتعلقة بالحالة الشخصية
كالبنوة أو
الدعاوى المتعلقة بالصالح العام كالصلح علي الجرائم هذا ويشكل مجلس الصلح
المشار
إليه برئاسة أحد وكلاء النائب العام ويعقد جلساته في مقر محكمة المواد
الجزئية
المختصة بنظر النزاع ، وعليه أن ينتهي من مهمته في مدي ثلاثين يوماً لا
يجوز مدها
إلا باتفاق الطرفين ولمدة لا تجاوز ثلاثين يوماً أخري فإذا تم الصلح في هذا
الأجل
أعد بذلك محضر تكون له قوة السندات التنفيذية وإذا لم يتم الصلح في الأجل
المذكور
أحال الدعوي إلي المحكمة لنظرها في جلسة يحددها هذا ويصدر تنظيم هذا المجلس
وبيان
الإجراءات التي تتبع أمامه قرار من رئيس الجمهورية ويحدد وزير العدل بقرار
منه
المحاكم الجزئية التــــي يشكل مجالس الصلح بدائرتها (15).



فإذا
لم يكن هنالك نزاع قائم أو بالأقل نزاع محتمل ، فلا يكون العقد صلحاً ، كما
إذا تنازل
المؤجر للمستأجر عن بعض الأجرة ليسهل عليه الحصول علي الباقي فهذا إبراء من
بعض
الدين وليس صلحاً (16).



3
- اختصاص محكمــة الصلح في قانون أصـول المحاكمات المدنيــة السوري (17) :



لمحكمة
الصلح في الجمهورية السورية اختصاص في قضاء الخصومة وآخر في غرفة المذاكرة
(المشورة).



أولاً
: اختصاص محكمة الصلح في قضاء الخصومة وهو علي نوعين :



1
- اختصاص قيمي .



2
- اختصاص نوعي .



3
- الاختصاص القيمى :



ويشمل
جميع الدعاوى الشخصية والعينية والمدنية والتجارية ، المنقولة والعقارية
التي لا تزيد
قيمة أي منها علي عشرة آلاف ليرة سورية (م 62 معدلة بالمادة 9 من المرسوم
التشريعي
رقم 12 سنة 1979م).



2
- الاختصاص النوعي :




ويشمل الدعاوى التي نصت علي اختصاص محكمة الصلح في المادتان 63/64 من
الأصول كما
يشمل كل دعوى جعلها نص وارد في قانون خاص من اختصاص محكمة الصلح كما هو
الحال مثلا
بالنسبة للنزاعات المتعلقة بتطبيق قانون العمل أو قانون التأمينات
الاجتماعية أو
قانون تصفية التركات.



أما
الدعاوى التي نصت عليها المادتان 63/64 المشار إليها في الدعاوى التالية :



1
- الدعاوى المتعلقة بعقد الإيجار وفسخه وتسليم المأجور وتخليته.



2
- الدعاوى المتعلقة باجرة مثل العقارات.



3
- الدعاوى المتعلقة بطلب التعويض عما يصيب أراضي الزراعة والمحصولات أو
الثمار من ضرر بفعل إنسان أو حيوان.



4
- الدعاوى المتعلقة بقسمة [ الأمــوال المنقولــة والعقاريــة ( دعاوى
إزالة
الشيوع ).



5
- الدعاوى المتعلقة بأجور الخدم والصناع والعمال ومرتبات المستخدمين ...



6
- الدعاوى المتعلقة بإدارة الملكية الشائعة (ملكية الطبقات).



7
- الدعاوى المتعلقة بإحداث حق الإرفاق التعاقدي واستعمال حقوق الارتفاق
الطبيعية والقانونية والتعاقدية.



8
- الدعاوى المتعلقة بتعيين الحدود وتقدير المسافات .



9
- دعاوى الحيازة الثلاث وهي دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض ودعوى
وقف الأعمال .



2
- اختصاص محكمة الصلح في غرفة المذاكرة ( غرفة المشورة ) :



تختص
محكمة الصلح أيضاً بالنظر في غرفة المذاكرة - أي بدون جلسة علنية - في
مسائل ينص
القانون عادة علي تحديدها وأهمها :



1
- إعطاء القرار بالحجز التحفظي.



2
- إعطاء القرار بإجراء معاينة أو خبرة.



3
- إعطاء قرار بتصحيح الأخطاء المادية والكتابية والحسابية.



4
- إعطاء قرار بوضع اليد علي التركة وجردها .



5
- إعطاء القرار بتعيين الحصص الإرثية علي أساس الإرث القانوني .



3
- قضاء الصلح في السودان :



في
غياب نصوص قانون مدني موضوعي في السودان وسير المحاكم علي نظام السوابق
القضائية
جري قضاء المحاكم السودانية سابقاً علي اعتبار الحكم الرضائي حكم نهائي لا
يكون الطعن فيه أما المحاكم العليا وذلك إعمالاً لنص المادة 155 من قانون
الإجراءات المدنية التي تحظر الاستئناف أو الطعن في الحكم الذي رضي به
الخصوم أو
قبله ومن هنا جاء مصطلح الحكم الرضائي في السوابق القضائية باعتبار أن
الصلح سيد
الأحكام وقد قررت المحكمة العليا في قضية حسين عبد الله ضد يونس علي محمود
عدم
جواز الطعن في الحكم الرضائي وان استبعاده يتم عن طريق رفع دعوى جديدة
مستندة إلي
بطلانه واعتباره في حكم المعدوم (17).



غير
أن المحكمة العليا قبل نفاذ قانون الإجراءات المدنية 1983م وقانون
المعاملات
المدنية لعام 1984م الذي نظم عقد الصلح . كما سبق الإشارة إليه سابقاً ،
قضت في
سابقة حسن الطاهر الحاج ضد ورثة مدثر سليمان 5/1405هـ بأنه يحق للخصم أن
يطعن في
الحكم الرضائي علي أساس أن الحكم لم يكن في حقيقته رضائياً ويجب علي
المحكمة ألا
ترفض الطعن إلا بعد أن تقتنــع أن الأطراف قد رضوا بذلك الحكم (18).



كما
قررت المحكمة العليا في حكم لها أن نص المادة 175 من قانون الإجراءات
المدنية لعام
1983م التي تمنع الطعن بالنسبة لمن قبل الحكم أو رضي به لا يفهم منه عدم
جواز
الطعن علي إطلاقه فالقبول المعني لا بد أن يكون بصورة صحيحة ومجرد أن يكون
الحكم
رضائياً أو اتفاقياً لا يعني بالضرورة أن الحكم لا يطعن فيه متي وجد عيب
فيه يخالف
ما تراضي أو اتفق عليه الأطراف لإصدار الحكم أو لوجود عيب إجرائي أو قانوني
يؤثر
تأثيراً مباشراً في صحة الحكم أو حقوق الأطراف الاتفاقية أو القانونية
(19).



من
الجانب الموضوعي فقد نص علي عقد الصلح لأول مرة في القانون السوداني في
المواد 244
- 844 من القانون المدني السوداني لعام 1791م ( قانون رقم 29 لعام 1971م ثم
الغي
ذلك القانون ولم ينص علي عقد الصلح كعقد من العقود المسماة في القانون
السوداني .
إلا عند صدور قانون المعاملات المدنية (السوداني) لعام 1984م في المواد
(286 -
294) من القانون.



أما
من الجانب الإجرائي فإن المشرع السوداني وان كان لم ينص علي إجراءات الصلح
في
قانون الإجراءات المدنية لعام 1983م إلا أنه نص علي إجراءات التوفيق وهو
نوعاً ما
أقرب إلي الصلح حيث نص المادة 139(2) من القانون أعلاه علي أن يحال الأمر
للتوفيق
إما بوساطة القاضي أو بناء علي طلب الأطراف فإذا رأي القاضي طبقاً لنص
المادة
139(3) أن الدعوي بسبب موضوعها أو علاقة أطرافها صالحة للتوفيق فيجوز له أن
يقوم
بالتوفيق بين الأطـــراف بنفسه أو أن يعين لهذا الغرض موفقين وفق أحكام
القانون.



كما
أوجبت المادة 140(1) أن يتضمن القرار الصادر من المحكمة بإحالة النزاع
للتوفيق
أسماء الموفقين والمسائل المطلوب النظر فيها والميعاد المناسب لتسليم
القرار كما
أجازت المادة 139(2) للمحكمة أن تبين في أمر الإحالة مكافأة الموفقين بينهم
وذلك
طبقاً لنص المادة 141(1) ، كما تتم إجراءات التوفيق بالطريقة التي يراها
الموفقون عادلة ومناسبة في مدة لا تزيد عن شهر من تاريخ إحالة الدعوي لهم .
هذا
ويلاحظ أن التوفيق في النزاعات المتعلقة بقوانين العمل كانت تنظم في ذلك
الوقت في
قانون العلاقات الصناعية لعام 1976م (الملغي) حيث ينظم نزاعات العمل في
مراحلها
الثلاث التفاوض والتوفيق والتحكيم.



وبإلغاء
قانون العلاقات الصناعية لعام 1976م بصدور قانون العمل لسنة 1997م الذي
أصبح ساري
المفعول من 23 يونيو 1997م أصبحت منازعات العمل ينظمها ذلك القانون في
الفصل
الثالث عشر تحت مراحل تسوية النزاع من مرحلة التفاوض والتوفيق والتحكيم حيث
نصت
المادة 106(1) من القانون أعلاه علي أنه (إذا لم يتوصل الطرفان المتنازعان
إلي
اتفاق لتسوية النزاع بموجب المادة 155 (التفاوض) جاز لكل منهما أن يقدَّم
بنفسه أو بوساطة ممثله . طلباً للسلطة المختصة للسعي في حسم النزاع بالطرق
الودية
ويبين الطلب أسماء طرفي النزاع وممثليهما وعناوينها وموضوع النزاع وظروفه
وأسماء
من يتولون المفاوضات علي ألا يزيد عدد مندوبي كل طرف علي ثلاثة أشخاص.



وإذا
ما قدم احد الطرفين المتنازعين طلباً لتدخل السلطة المختصة التزام الطرف
الآخر
بتدخلها وذلك طبقاً لنص المادة 101(2) من القانون أعلاه.




وقد نصت المادة 106(3) علي أنه إذا لم يتقدم أي من الطرفين المتنازعين بطلب
التوفيق جاز للسلطة المختصة أن تصدر قراراً بإحالة النزاع إلي التوفيق دون
الحصول
علي موافقتهما ويجب علي الطرفين الالتزام بذلك القرار.




أما تنظيم عقد الصلح من الناحية الإجرائية فلم يضعه المشرع السوداني في كل
من
قوانين القضاء المدني أو الإجراءات المدنية السارية حتي الآن ولأول مرة ضمن
المشرع
بعض إجراءات الصلح في مشروع قانون الإجراءات المدنية لعام 7991م الذي نحن
بصدده
حيث نظمت ذلك المواد 226-118 من القانون.



كما
نظم المشرع التوفيق في المواد 229-223 من القانون.



الصلح
في مشروع القانون المواد ( 226 - 228 ) :




أجازت المادة 226(1) من المشروع للخصوم ، في أي وقت قبل صدور الحكم في
الدعوي بموجب اتفاق تصالح بالنسبة لكل أو بعض المسائل محل النزاع أن ينهوا
النزاع
الذي قامت الدعوي بسببه ويجوز أن يتم التصالح أمام المحكمة أو خارجها.



ودون
مساس بأحكام الصلح في هذا المجال تطبق أحكام المواد 286-294 شاملة من قانون
المعاملات المدنية عام 1984م المتعلقة بالصلح علي اتفاقيات التصالح في
الدعاوى.



وعلي
ذلك عرف السودان نَوْعَي الصلح وهما :



1
- الصلح القضائي الذي يتم في مجلس القضاء.



2
- الصلح غير القضائي الذي يتم خارج مجلس القضاء.




كما أجازت المادة 227 للمحكمة ، في أي وقت قبل إصدار حكمها ، إذا رأت
بالنظر
لطبيعة الدعوي وموضوعها وطبيعـة العلاقة بين الخصوم فيها وكل ظروفها ، أن
من
المناسب أو الممكن أن يتم الصلح فيها ، أن تدعو الخصوم أو توجه النصح إليهم
للتصالح ، وفي هذه الحالة تصدر المحكمة أمراً بوقف الدعوي وتحدد أجلاً
معقولاً يتم
فيه التصالح.



أما
فيما يتعلق بإثبات الصلح فقد نصت المادة 228(1) علي أنه إذا تم التصالح في
الدعوي
أمام المحكمة فعليها أن تثبته كتابة في المحضر ، ولها أن تطلب من الخصوم أن
يوقعوا
عليه إذا رأت ذلك ضرورياً.



وعلي
المحكمة إذا حضر أمامها الخصوم ورفعوا لها صلحاً مكتوباً تم بينهم أن تأمر
بضمه
لمحضر الدعوي.



كما
أجازت المادة 228(2) للمحكمة وبناء علي طلب الخصوم أن تصدر حكماً في الدعوي
وفقاً
لاتفاق الصلح الذي أثبته أو أمرت بضمه للمحضر بعد أن تقتنع بأن ذلك الصلح
لا
يتعارض مع القانون أو حسن الآداب أما إذا تم التصالح خارج المحكمة وبدون
تدخل منها
فقد أوجبت المادة 228(3) من المشروع علــي الأطراف أن يبلغـــوا به المحكمة
، فإذا
حضر أمامها الخصوم ورفعوا لها اتفاق الصلح مكتوباً يجب عليها أن تأمر بضمه
لمحضر
الدعوي ويجوز لها ، بناء علي طلب الخصوم ، أن تصدر حكماً وفقاً لذلك
الاتفاق بعد
أن تقتنع بأنه لا يتعارض مع القانون و حسن الآداب.




وطبقاً لنص المادة 228(4) إذا صدر قرار من المحكمة بوقف الدعوي للصلح وفشل
الخصوم
في الوصول إلي صلح في الميعاد الذي حددته المحكمة لذلك فعليها أن تمضي في
نظر
الدعوي ويتض