مقدمة:([1])






الطفل قرة العين للوالد فهو يهنأ به ويبدو ان
هذا هو الشعور الذي انتاب إمرأة فرعون (المؤمنة) عندما عثر آل فرعون على (الطفل)
سيدنا موسى في نهر النيل واراد فرعون ان يقتله فقالت له لتستبقي موسى على قيد
الحياة : (قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولداً)
(1) ومن
الناحية المقابلة (اصبح فؤاد ام موسى فارغاً)
(2) لأنها
فقدت ابنها ولو مؤقتاً فبشرها الله بأربع بشائر (ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه
اليك وجاعلوه من المرسلين)
(3).





هذا هو الطفل انه القلب الطاهر البريء انه لا
يعرف الكره لأحد ولا الأذى والافساد للمجتمع لا يعرف الحقد ومن سره ان ينظر الى
الفطرة التي فطر الله الناس عليها فلينظر الى الطفل الذي له من الضعف ما يدفع
الابوين الى رعايته ومن الجاذبية ما يدفع العائلة كلها لمحبته .






بهذا الطفل نصل الحاضر بالمستقبل فهو وارث لتاريخ
المجتمع واملاكه وحضارته وثقافته ولذا نحيطه بكل الرعاية : من الحب والحنان الا الأمن
والغذاء وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حفيده الحسن بن علي رضي الله عنهما
و عنده (الأقرع بن حابس التميمي) فقال الأقرع : ان لي عشيرة من الولد ما قبلت
واحدا منهم. فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال Sadمن لايرحم لا يُرحم)
(4) .





فالطفل لم يأت الى الوجود بطريق الصدفة فلقد
خلق الله ابويه وهما يملكان من الخصائص ما يمكنها من انجابه فلدى كل منهما خصائص
خلقية عضوية تبدأ في العمل عند البلوغ ولدى كل منهما من الصفات الخلقية ما يدعوهما
للزواج كما ان الميل النفسي والجنسي لدى كل منهما نحو الآخر كفيل – اذا اقترن
بالصفات الخلقية – بتكوين نواة الاسرة التي تنجب الاطفال .



والسعادة بالانجاب كبيرة جداً لدى الابوين لأن
الطفل المولود يعني استمرار الاسرة واستمرار المجتمع واستمرار رسالة ذلك المجتمع
فالطفل حلقة جديدة من حلقات تجديد المجتمع وهو في النتيجة يحفظ المجتمع من الزوال
انه هبة الله خلقاً لانه استمرار الاسرة والمجتمع .





كوين الاسرة في الاسلام: ([2])





تعرف الاسرة بأنها مؤسسة اجتماعية تنبعث من
ظروف الحياة المختلفة والمتشعبة وهي ضرورية لبقاء الجنس البشري ودوام الوجود
الاجتماعي.



والاسرة في حقيقتها اجتماع بين الرجل والمرأة واتحاد
دائم ومستمر بينهما والتقاء في الرغبات والميول فهي في الحقيقة احدى الحلقات
المهمة في الكيان الاجتماعي اذا حسنت التربية ووضحت الاهداف .






وقد حرص الاسلام حرصاً شديداً على تكوين الاسرة
وحدد لها شروطاً وعين الواجبات والحقوق للزوجين والابناء لكن المهم في الامر ان
الاسلام لم يعترف الا بالأسرة الناتجة عن طريق شرعي اي انها لا تتم الا عن طريق
الزواج الواضح المعلن وبهذا يقطع الطريق على اية علاقة مشبوهة .






لقد اهتم الاسلام بالاسرة ومن اجل هذا حرص على
تكوين الاسرة بالزواج فقط لأن الذكر والانثى لا مفر من اتصال احدهما بالآخر فإذا
تركت هذه العلاقة بينهما بغير ضوابط اصبحت حياة اي منهما فوضى جنسية شهوانية
حيوانية بحتة فكان لا بد من الزواج الذي يحفظ للانسان انسانيته (ومن آياته ان خلق
لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة)






ضرورات الزواج :


هذا، وإذ يأمر الاسلام بالزواج فلمجموعة من
الضرورات هي :



ضرورة الاستمرار : من فطرة الانسان التي فطر
عليها ان يعيش ويستمر في الحياة ولولا الاستمرار من خلال الاسرة لا نقطع النسل
وانتهت البشرية ولقد لبى الاسلام هذه الفطرة بأن امر بالزواج الشرعي .



الضرورة النفسية : يحتاج الانسان ان يعيش في
مجتمعه الخاص هو واسرته في أمن واستقرار نفسيين وفي هناء نفسي من اجل ان يعيش
فيهما الاب والام والاطفال فيرتاحون ويخرجون مبدعين الى الحياة ونحن نلمس اثر هذا
عند دراسة حالات القلق والانحراف الناتجة عن موت احد الابوين او كليهما او انعدام
العطف نتيجة الطلاق ، ولأمر ما، كان الطلاق ابغض الحلال الى الله .



ضرورة الجنس : عندما يصل الانسان سن البلوغ
فإنه يطلب الجنس الآخر ولهذا يأمره الاسلام بالزواج (النكاح من سنتي فمن لم يعمل
بسنتي فليس مني) واذا لم تلب هذه الضرورة بالحلال فقد تقود الى الحرام وهنا يبدأ
الخلل. ([3])



الضرورة الاجتماعية : لا يستطيع الانسان ان
يعيش منعزلاً فالعزلة مهلكة له فمن الضروري ان يرتبط بأسرة يعيش في كفنها فيحبها
وتحبه فإذا تم هذا (الحب) كان العطاء من ثمراته ويتعلم الصغار – مما يتعملون – من
ابويهم والمجتمع البر والتعاون والوفاء والايثار والمشاركة الاجتماعية .






إنجاب الاطفال :


اذا تم الزواج ولم تكن فيه عوائق جاء الطفل
الذي هو قرة العين، ولا يكون الطفل العاق لوالديه قرة لعينهما بقدر ما يكون الطفل
المتفاعل معهما والمطيع لهما ولكي يكون متفاعلاً معهما ينبغي ان يحسنا تربيته
وبعبارة اخرى ان يأخذا بعين الاعتبار التعامل معه في فترات نموه على النحو التالي
:



أ- في فترة الرضاعة : ينبغي ان يرضع الطفل من
ثدي امه لأن امه تعطيه الغذاء الطبيعي والسكينة والحنان فيناغيها وتناغيه وتنشئه
تنشئة اجتماعية وهذه اول فرصة للتفاعل الاجتماعي فينبغي الا تفوت داخل الاسرة .



ومن فوائد الرضاعة الطبيعية – في أيامها الاولى
بشكل خاص – ان حليب الايام الثلاثة الاولى يتميز بوفرة في الاملاح والبروتينات
وبقلة في الدسم وهذا كله يفيد الرضيع ويعطيه المناعة الاولى من الامراض .



ولكي ينشأ الطفل ملتصقاً بأمه حدد الاسلام فترة
اقصاها سنتان للرضاعة (والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم
الرضاعة) وتعد هذه الفترة (مرحلة الانجازات الكبيرة) اذ انها تشهد النمو الجسمي
وفيها يتعلم الكلام ويكتسب اللغة وفيها تنمو الذات ويتكون مفهومها الذي يعد الحجر
الاساس لبناء الشخصية وتقوم الرباطة بين الطفل وابويه والاسرة على اساس من الحب
المتبادل والتفاعل السليم .



ب- في فترة الطفولة المبكرة 2-4 سنوات : النمو
الإجتماعي أساسي في هذه الفترة ، فيجب ان يتعود الطفل على رؤية من هم خارج الأسرة
و محادثتهم و الإختلاط بهم ، كما يجب تنمية الثقة بالنفس عنده.



ج- في فترة الطفولة الوسطى (6-9 سنوات) : الطفل
هنا قادر على الذهاب الى المدرسة فينبغي الا يحرم منها – وبخاصة البنات – وينبغي
ممارسة الالعاب الحركية والالعاب الجماعية ايضاً وتشجيعه على الملاحظة والنشاط
وتوسيع عالمه الخارجي بالزيارات والرحلات وتنمية الابتكار لديه من خلال اللعب
والرسم والنشاط الحركي .



هذه المراحل يتم فيها ما يسميه الفقهاء
(بتأديب) الطفل وهي كلها مباحة في نظر الاسلام لأن الاصل هو (الاباحة ما لم يرد نص
التحريم) .



الخلق وتكوين الجنين :


يتكون الجنين باكتمال عملية الاخصاب التي تعني
اندماج (الحيوان المنوي) الناتج من الرجل مع (البويضة) الموجودة في رحم الانثى وقد
وصف القرآن مراحل تكوين الجنين في ادق وصف وكأنه كتاب علمي حديث في علم الأجنة .



فقد وردت نصوص علمية كثيرة في القرآن الكريم في
مجال الطب والفلك واستكشاف كل ما في الارض فقد أوصى الاسلام الانسان ان يعرف كل
شيء عن هذا الكون (قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق) وقال ايضاً (أفلا
ينظرون الى الإبل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الارض كيف سطحت) .



وبالاضافة الى ذلك أمر الاسلام بالنظر الى داخل
الجسم البشري فقال (وفي انفسكم افلا تبصرون)، وقال الله تعالى : (وصوركم فأحسن
صوركم) والتصوير هنا لغة يعني التشكيل اي جعل له صورة مجسمة قال تعالى Sadهو الذي
يصوركم في الارحام كيف يشاء) ويؤكد هذا المعنى سؤال الخالق للانسان : (يا ايها
الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعداك في اي صورة ما شاء ركبك) .



لهذا أمر الإسلام بالنظر في الجسم وكيف خلق
(فلينظر الانسان مم خلق. خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب)
(6) والنظر
هنا يعني التدبر والتفكر وهذا التدبر والتفكر مطلوبان من الانسان العادي غير
المتخصص اما الإنسان المتخصص كالطبيب وعالم الوراثة فالنظر عندهما هو النظر العميق
الى الداخل في دراسة الجسم من الداخل ومعرفة العلاقات بين الاجهزة وطبيعة كل جهاز
وطريقة عمله ومداواته إذا إختل عمله ومن هنا بدأ الطب عند المسلمين في العمل منذ
القديم .



فلقد (نظر) ابن النفيس في داخل الجسم البشري
واكتشف الدورة الدموية وبرع الرازي في الطب والجراحة وابتكر المسلمون ادوات
التشريح وآلات الطب كل هذا تلبية لدعوة الاسلام للمسلمين بأن (ينظروا) في النفس
فنظروا وتحدثوا والفوا الكتب الطبية .



وفي المقابل كان الآخرون الذين لم ينزل عليهم
القرآن لا يعرفون شيئاً بل انهم تخبطوا عندما تحدثوا عن خلق الانسان فقد كتب أرسطو
في هذا الموضوع دون ان يكون لديه علم في الطب اذا أكد ان الجنين البشري ناتج من
اتحاد ماء الرجل مع الدم الناتج عن الطمث وهذا خطأ علمي .



اما مراحل علم الاجنة فلم يتطرق اليها الا
(ستيتر) عام 1942 اما الاسلام فقد تحدث عنها بالتفصيل قبل خمسة عشر قرناً من
الزمان وفيما يلي بعض من ذلك :



أ- التكوين في بطن الام : قال تعالى : (يخلقكم
في بطون أمهاتكم خلقاً بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك)
(7) والتفسير
العلمي لهذه الظلمات الثلاث كما هو وارد في الرسم Sad
A) الجدار البطني للرحم والثاني (B) جدار الجنين والثالث (C) الغشاء المحيط بالجنين وهذا الغشاء مكون من التحام غشاء الجنين
بالغشاء الجنيني وهذه الأغشية من الناحية التشريحية تقي الجنين من اي أذى والشكل
المجاور المنقول من كتب الترشيح الحديثة يؤكد مقولة القرآن الكريم .وهذا الشكل
يبين جنيناً انساناً في رحم امه وهو يبلغ من العمر عشرين اسبوعاً وهو محاط
بالطبقات الثلاث
C,B,A
.



رعاية الاسلام للطفل من الجنين الى الفطام Clip_image002


ب- المراحل الاولى للتكوين الجنيني : قال تعالى
(ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة
علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم انشأناه
خلقاً آخر فتبارك الله احسن الخالقين
1* .


تشير هذه الآية الى المراحل الاولى من تطور
الجنين الإنساني والشكل (
A) جانباً هو العلقة الدموية وهي إحدى أنواع الديدان الموجودة قرب
بعض ينابيع المياه بينما الشكل (
B) هو العلقة التي وردت في الآية الكريمة السابقة وهي الجنين في
اليوم الرابع والعشرين من عمره.



ثم تذكر الآية الكريمة (المضغة) فلو احضرنا
قطعة من البلاستيسين (وهي مادة لينة يلعب بها الاطفال في المدارس) ومضغناها
وشاهدنا آثار الاضراس عليها (
B) لرأيناها تشبه الجنين الذي عبر عنه القرآن (بالمضغة) وهو في
اليوم الثامن والعشرين من عمره (
A). ([4])






ج- مرحلة تكوين العظام : يذكر علماء الأنسجة أن
الجنين يكتسب خلال الاسبوع الثامن من الإخصاب صفات مميزة مثل تكوين العظام
والعضلات لاحظ تشكل الأصابع في الشكلين التاليين لجنين انساني في الأسبوع الثامن
مما يفسر الآية الكريمة السابقة : (فخلقنا المضغة عظاماً)
2*.






د- دور السائل المنوي : ورد في القرآن الكريم
قوله تعالى (ألم يك نطفة من مني يمنى)
(1) ويدل هذا على أن الإنسان
خلق من (قطرة) من بين السائل المنوي وبتعبير علمي دقيق أنه من (عينة) من الحيوانات
المنوية السابحة في سائل المني. فقد ثبت علمياً ان بضع حيوانات (فقط) من بين
ملايين الحيوانات المنوية الموجودة في السائل المنوي تملك القدرة على العبور الى الرحم
وإخصاب البويضة.



وهكذا سبق القرآن علماء العصر في تقريره لكيفية
خلق الجنين وتشكله ويشار هنا الى أن النظرة عند علماء الطب في القرآن السابع عشر
كانت تقول ان الحيوان المنوي يحتوي على (كائن حي) ضئيل جداً وان هذا (الكائن الحي)
يكبر داخل الرحم وهناك رأي آخر كان يذكره علماء الطب في القرن السابع عشر مفاده ان
البويضة (عند الانثى) تحتوي على كائن حي ضئيل جداً وانه نما عند استشارته.



الرضاعة الطبيعية للطفل :


قبل الولادة تتهيأ الاجهزة المختلفة لاستقبال
الوليد ومن هذه الاجهزة جهاز الرضاعة وبعد الولادة يبدأ الحليب بالادرار على هيئة
(لبأ) مفيد للطفل وهذه المادة حق للطفل عند أمه .



ثم يبدأ الحليب الطبيعي بعد حوالي ثلاثة ايام
وهو الغذاء الحقيقي للطفل .



فالرضاعة للطفل، غذاء يبني جسمه وان انسب غذاء
للطفل هو الغذاء الطبيعي الذي يمد الله به الام عند الولادة .



انها الرعاية الاولى من الله للطفل بعد ولادته
وهذه الرعاية تتمثل في توفير غذاء كامل على شكل محلول قابل للهضم من قبل معدة لم تعتد
الهضم من قبل مطلقاً .



واما الرعاية الثانية : أن هيأ الله سبحانه وتعالى هذا الحليب للطفل
(مجاناً) من الام التي حملت طفلها تسعة اشهر وهي مشتاقة لأن تراه حياً .



والرعاية الثالثة : ان الأم تقوم بدور (وسيط)
بين الغذاء العادي لها وبين غذاء الطفل فهي تأكل وتتغذى لغرض تقوية جسمها على
تحويل هذا الغذاء الى حليب للطفل .



والرعاية الرابعة : ان الله قد سخر الام لتلبي
طلب الطفل للرضاعة في اية ساعة يرغب في الليل او النهار في الحر الشديد او البرد
الشديد .



والرعاية الخامسة : امتداد الاسرة، اي ان اي
(طفلة) ترضع مع هذا (الطفل) من أمه فهي اخت له في الرضاعة شريطة ان يكون عمرها ضمن
سن الرضاعة وهو سنتان فلا يجوز ان يتزوجا الى الأبد لانهما إخوان في الرضاعة .



والرعاية السادسة : انه – في حالة الطلاق- يبقى
حق حضانة الطفل لأمه لانها هي التي حملته وهناً على وهن وارضعته من حنانها وحليبها
فغدا جزءاً منها. جاءت امرأة الى رسول الله تقول له : (يا رسول الله ان هذا ابني
كان بطني له وعاءً وحجري له حواءً وثديي له سقاء وان اباه طلقني وأراد ان ينزعه
مني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (انت احق به ما لم تتزوجي). ([5])



مدة الرضاعة : يحسب الاسلام مدة مقدارها ثلاثون
شهراً بين بدء الحمل وانتهاء الرضاعة بالفطام وذلك لقوله تعالى : (وحمله وفصاله
ثلاثون شهراً) ويجوز انقاصها ولكن لا ينبغي تجاوزها . والرضاعة حق للطفل عند امه
وفي الاحوال الطبيعية يُرضع الطفل كلما طلب، وطلبه هو البكاء وينصح الاطباء بأن
تنظم الام اوقات الرضاعة وان يسود الهدوء وقت الرضاعة .






الرضاعة الإصطناعية للطفل :


ونظراً لأن الرضاعة حق للطفل وان هناك حالات قد
لا تتمكن الام فيها من اعطاء طفلها هذا الحق فقد اجاز الإسلام ان تتصرف الام على
النحو التالي :



أ- اذا كانت الأم صائمة في شهر رمضان وتبين لها
ان صومها يؤثر على كمية الحليب التي يتغذى عليها الطفل فعليها ان تفطر في رمضان ما
دامت تقوم بالرضاعة ثم تقضي (تعوض) ما افطرته بصيام عدد من الايام مساو للعدد الذي
افطرته وذلك بعد إنقضاء شهر رمضان .



ب- اذا كان حليب الام لا يكفي فيجوز ان تقوم
امرأة اخرى بارضاعه للحفاظ على حياته (وان اردتم ان تسترضعوا اولادكم فلا جناح
عليكم اذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف).



ج- اذا لم تجد الام مرضعة اخرى فيمكنها ان ترضع
طفلها إرضاعاً صناعياً اي بواسطة قنينة الرضاعة ويتم هذا في البيت او في بيوت
الحضانة المنتشرة في هذا العصر .



ولكن ،ومهما كانت طريقة الارضاع سواء اكانت
بالحاضنة ام بالرضاعة الاصطناعية فلا رضاعة افضل من الرضاعة الطبيعية المباشرة من
الام التي حملته جنيناً في بطنها وتحمله اثناء الرضاعة بيديها وتضمه الى صدرها
فيرضع الحليب ويحصل على الدفء والحنان لأن الرضاعة الطبيعية توثق الصلة بين الطفل
والام .






الفطام :


عندما تنتهي الرضاعة فعلى الام ان تفطم الطفل
لانه في ذلك العمر يكون قادراً على تناول الطعام الجاف كالخبز واللحم المطبوخ .



ويقرر الاسلام ان الفطام يتم في مدة مقدارها عامان
(حملته امه وهناً على وهن وفصاله في عامين)
(3) واذ يؤكد
الاسلام على ضرورة الفطام فلأسباب ثلاثة مبينة كما يلي :



أ- الطفل بعد سنتين ينتقل الى انواع كثيرة من
التصرفات تبعده عن الالتصاق (الدائم) بأمه.



ومن ذلك زيادة الميل الى الحركة ومحاولة التعرف
على البيئة الاجتماعية ويصبح قادراً على([6])
أن يبني برجاً من ثمانية مكعبات وان يقف على قدم واحدة وان يأكل المواد
الخشنة ويتجاوز دور الحبو والاعتماد على الآخرين في المشي ،الى المشي الذي يوسع
مجال الادراك لما يراه في البيئة .



ب- يكتمل
نمو الاضراس الامامية والانياب لديه في نهاية السنتين ومن هنا فهو قادر على المضغ
وعلاوة على ذلك فهو يرغب في ان يتناول غذاءه بنفسه .



ج- يجب تعويد الطفل على ان يغير من نوعية غذائه
لان استمرار اعتماده على حليب الام يعطيه المزيد من التدليل غير المرغوب فيه .



د- رغبة من الاسلام في إكثار النسل، يوصي
بالفطام ليتيح للأم ان تنجب الطفل التالي كما ان استمرار الطفل السابق في الرضاعة يحرم
الطفل اللاحق من غذائه .



هذا من الناحية الجسمية، اما واجب الدولة
الاسلامية في موضوع الفطام فقد سبق التشريعات الحديثة اذ كان يفرض للطفل عند
الفطام راتباً من بيت المال فقد كان الخليفة عمر بن الخطاب يسير في المدينة فسمع
صوت طفل يبكي بكاءاً موجباً للتدخل فنادى على الام وقال لها: (اتقي الله واحسني
الى صبيك) فعلم من امه انها فطمته قبل الآوان لكي تحصل له على الراتب من بيت المال
والطفل يبكي فقال عمر (ويح عمر. كم قتل من اولاد المسلمين) ثم امر بأن يعطى كل
مولود في الاسلام راتباً بعد ان كان هذا الراتب يعطى للفطيم فقط .



ان هذا الراتب هو ما نطق عليه في الوقت الحاضر
(علاوة الاولاد) وهي تُعطى في النظام الرأسمالي لأربعة من الابناء فقط باعتبار ان
هذا هو الحد الاعلى لعدد افراد الاسرة واما الطفل الخامس فليس له (علاوة) لانه
بحكم الزائد عن الحد الاعلى .






حق الطفل في الرضاعة والفطام :


للطفل حق في ان يرضع من الام بحكم النص القرآني
وليس لها ان تمنعه من هذا الحق ما دام عمره دون السنتين ولا يجوز لها ان تستبدل به
الحليب المصطنع بحجة ان الرضاعة تشوه جمالها واما اذا كان حليبها لا يكفي فيجوز
لها ذلك .



وهناك حالات نشأت بسبب ظروف العمل الحديثة وهي
اضطرار الام للعمل وعندئذ تقوم بتزويد دار الحضانة بالحليب المصنع بما يكفي طفلها.
ولكن الافضل من هذا ان تنشأ دار للحضانة داخل كل مؤسسة، مدرسة كانت ام دائرة
حكومية ام مصنعاً ،وتحدد ساعات للنساء العاملات لارضاع اطفالهن وبهذا يتم الغذاء
الجيد والحنان المناسب والرعاية اللائقة للأم والطفل .



هذا في المجتمع الذي لم تحدث فيه مشكلات في
الاسرة يتأثر الطفل بها، اما اذا حدثت مثل هذه المشكلات فقد وضع الاسلام الحل على
النحو التالي:



أ- إذا حدث الطلاق، فللأم ان تحضن طفلها وتستمر
في إرضاعه وفطامه وعلى الاب (الزوج السابق) ان يدفع ثمن الغذاء والكساء (اي
الثياب) للأم لتتمكن من سد حاجات الطفل .



ب- اذا ارتكبت الام جريمة جزاؤها في القانون
القتل، فإن هذا الحكم لا ينفذ ويؤجل ما دامت حاملاً حتى يكتمل فطام الطفل اي بعد
سنتين .



ج- اذا وجد طفل مجهول الابوين نتيجة الحروب او
غير ذلك فالدولة تكفل رعايته وله حقوق الرضاع والفطام نفسها التي للطفل المعروف
الابوين .



د- اذا توفيت الام الحاضنة تقوم قرابة الام بالحضانة،
لانها ارحم بالطفل من حضانة الاب فتقدم الخالة على العمة وتقدم ام الأم على أم الأب
والسبب في ذلك ان اهل الام اكثر حناناً على (اطفال ابنتهم) من اهل الاب .



يروى ان عمر بن الخطاب (قبل الخلافة) كانت له
زوجة ولدت له ولداً ثم حدث الطلاق بينهما فرأى مرة جدة الوالد لأمه تحمل الولد
واراد ان يأخذه منها فتنازعا الى الخليفة ابي بكر الصديق فأبقى الولد في يدها وقال
لعمر : (ريحها ومسها ومسحها وريقها خير له من الشهد عندك)
(1) . ([7])


هـ- حفظاً لحقوق الطفل يشترط في الحاضنة ان
تكون امينة على الصغير – او الصغيرة - حريصة على ادبه ودينه وخلقه، وإلا نُزع منها
كما يشترط ان تكون قادرة على القيام بشؤون الطفل فإن كانت مريضة او متقدمة في السن
بحيث تحتاج هي الى رعاية غيرها فإنها لا تكون اهلاً للحضانة وان اتحاد الدين بين
الطفل والحاضنة ليس بشرط الا اذا بدأت تلقنه مبادئ دينها
(1).









رعاية اليتيم :


وهو الذي توفي والده وهو صغير مولوداً كان ام
جنيناً وقد رتب له الاسلام من يرعى حضانته وفطامه ونفقته وقد حرص الاسلام على ان
ينشأ هذا الطفل عزيزاً (فأما اليتيم فلا تقهر) وقد تعدى الاسلام مرحلة النصح في
رعاية الايتام الى مرحلة التشريع والتقنين والالتزام بهما من قبل المجتمع والحكومة.






الرفق باليتيم :


نهى الاسلام عن اذلال اليتيم فقال : (خير بيت
في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن اليه وشر بيت للمسلمين بيت فيه يتيم يساء اليه)
.وقال تعالى
: (ويسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير، وان تخالطوهم فأخوانكم ،والله يعلم
المفسد من المصلح).






المحافظة على مال اليتيم :


اذا كان لليتيم مال ورثه عن والده فإن اليتيم
في هذه الحالة لا يكون قادراً على التصرف بالمال والتجارة فيه وتنميته والانفاق
منه على نفسه ولذا فيجب على وليه ان يحافظ على ماله (ان الذين يأكلون اموال
اليتامى ظلماً انما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً).






الانفاق على اليتيم من الاقارب :


قد لا يكون لليتيم مال لأن اباه كان فقيراً وقد
اوجب الاسلام نفقة هذا اليتيم على الاقارب حسب درجتهم.






اذا لم يكن لليتيم اقارب :


تحدث هذه الحالات في المجتمع مثل حالات الهجرة
والغربة والحروب وفي هذا المجال فإن الدولة تنفق عليه بما يكفل غذاءه وكسوته
وتعليمه .هذه امور متعلقة برأي الاسلام في طفولة الذين يولدون في احوال غير عادية
يرعى طفولتهم ورضاعتهم وفطامهم والانفاق عليهم ورعايتهم وتعليمهم وكل ذلك تشريع من
عند الله خالق الكون والحياة والانسان علمه لنا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم
اما بالقرآن مباشرة او بالحديث النبوي الشريف .



قال صلى الله عليه وسلم : (من وضع يده على رأس
يتيم رحمة كتب الله بكل شعرة مرت على يده حسنة) ([8]).



قال صلى الله عليه وسلم: (من قبض يتيماً بين
المسلمين الى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله تعالى اوجب الله له الجنة البتة([9])
الا ان يعمل ذنباً لا يغفر له)([10]).
([11])
.










([1]) الآية
21، من سورة الروم –







([2]) حديث
نبوي شريف رواه إبن ماجه.







([3])الآية
233،من سورة البقرة







([4])
الآية 20 من سورة العنكبوت







([5])الآية
37، من سورة القيامة







([6])الآية
15 ،من سورة الأحقاف







([7])حديث
نبوي شريف.







([8]) حديث
نبوي شريف رواه أحمد.







([9])البته
قطعا لا رجعة فيه.







([10])حديث
نبوي شريف رواه الترمذي.







([11])الآية
233 من سورة البقرة