أحسن المشرع بإصداره القانون رقم 7 لسنة 2000
المنشور بالجريدة الرسمية الحاصل في 4/4/2000 العدد “13 مكرر” بشأن إنشاء
لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتباريين
العامة طرفاً فيها الذي بدأ العمل به اعتبارا من أول أكتوبر سنة 2000 عملاً
بنص المادة الرابعة عشرة منه وذلك لمعالجة
تأخير الفصل في القضايا والتخفيف عن المحاكم من خلال العمل بأسلوب التسوية
الودية بعيدا عن الخصومة القضائية وفقاً لما انتهت إليه المحكمة الدستورية
العليا في حكمها في شأن لجان التوفيق بالتأمينات الاجتماعية من تحبيذ سلوك
نهج التوفيق الودي بين أطراف تلك المنازعة وأقرت دستوريته واعتبرته من قبيل
تيسير أمر حصول أصحاب الحقوق علي حقوقهم وتجنبهم حدة الخصومة القضائية
التي تأكل علي حد قولها حطبها من خلال حدتها. وان تسوية الحقوق المتنازع
عليها ودياً من خلال هذه اللجان قد تيسر أمرها لأصحابها “حكم المحكمة
الدستورية بجلسة 6 من يونيو سنة 1998 في القضية رقم 145 لسنة 19 ق دستورية
المنشور بالجريدة الرسمية العدد 25 “تابع” في 18 من يونيو سنة 1998″.
وقد نص القانون في المادة الأولي منه علي إنشاء لجنة أو أكثر في كل وزارة
أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة تتولي التوفيق
في المنازعات التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين
الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة مدنية كانت أم تجارية أم إدارية وذلك
تخفيفاً عن المتخاصمين مع تلك الجهات الإدارية لإتاحة فرصة حصولهم علي
حقوقهم في هذا المجال.
وحرصاً من المشرع علي تشجيع أصحاب الشأن في اللجوء لهذه اللجان. فقد نص في
المادة الرابعة من ذات القانون علي أن اللجوء إلي هذه اللجان بغير رسوم
تمشياً مع نهج التيسير والتخفيف عن كاهل أصحاب الحقوق.
ولإلزام أصحاب الشأن باللجوء إلي لجنة التوفيق ابتداء. فقد نص القانون في
المادة الحادية عشرة منه علي عدم سماع الدعوي أمام المحاكم بشأن المنازعات
الخاضعة لأحكام هذا القانون. إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلي اللجنة
المختصة. وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية. أو الميعاد المقرر لعرضها
دون قبول وفقاً لحكم المادة العاشرة من ذات القانون.
وقد أوضحت المادتان الثامنة والتاسعة من القانون المشار إليه أن ما تصدره
هذه اللجان في طلبات التوفيق ما هي إلا توصيات لا ترقي لدرجة الأحكام.
وتلتزم لجنة التوفيق بإصدار التوصية خلال مدة حددتها المادة التاسعة من
القانون وهي ستون يوماً تبدأ من تاريخ تقديم طلب التوفيق إلي اللجنة. وبعد
أن تصدر اللجنة توصيتها في طلب التوفيق المقدم إليها في خلال المدة
القانونية. تقوم هذه اللجنة بعرض التوصية التي أصدرتها علي كل من للسلطة
المختصة في الجهة الإدارية. وعلي الطرف الآخر في النزاع. وذلك خلال السبعة
أيام تبدأ من تاريخ صدور التوصية. والغرض من ذلك اعطاء الفرصة للسلطة
المختصة لإعتمادها. أو عدم اعتمادها. وكذلك اعطاء الفرصة للطرف الآخر في
النزاع لقبول هذه التوصية أو رفضها.
وقد أصدر وزيرا المالية والدولة للتنمية الإدارية السابقان في شهر يونيو
سنة 2001 الكتاب الدوري رقم 5 لسنة 201 بشأن المباديء الحاكمة لتنفيذ
توصيات لجان التوفيق في المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية
العامة طرفاً فيها الذي أدي لشل حركة تنفيذ التوصيات التي تصدرها هذه
اللجان . وقد تضمن هذا الكتاب ان القرارات التي تصدر عن هذه اللجان غير
ملزمة لجهة الإدارة أو الأشخاص الاعتبارية وبالتالي تمتنع جميع الوزارات عن
تنفيذ التوصيات التي تصدرها هذه اللجان فيضطر بذلك المتقاضون لرفع دعوي
قضائية أمام المحكمة المختصة مع إرفاق التوصية التي ليس لها أي تأثير أمام
المحكمة سواء كانت التوصية بالقبول أم بالرفض وتعيد المحكمة نظر الدعوي
بأسانيدها من جديد مما جعل اللجوء إلي هذه اللجان مجرد تعطيل وإهدار للوقت
ويكبد الكثير من الجهد والمصاريف التي كانوا في غني عنها.
وبرغم مرور أكثر من أربع سنوات علي ممارسة لجان التوفيق عملها. والتي تشكلت
بناء علي القانون رقم 7 لسنة 2000 بهدف التخفيف عن المحاكم من خلال العمل
بأسلوب التسوية الودية بعيداً عن الخصومة القضائية فإن الواقع العملي يقول
إن ما يصدر عن تلك اللجان لا يتم تنفيذه مما سلب هذه اللجان فعاليتها. وقد
كشفت الإحصائيات عن أن نسبة التنفيذ لجهة الإدارة والالتزام بالتوصيات في
حدود لاتزال دون المأمول والمستهدف من تشكيل هذه اللجان. وحيث انه إزاء ما
تقدم. فإننا نهيب بالمشرع بسرعة التدخل لإلغاء هذا القانون بكافة مواده
وإعادة الحال إلي ما كان عليه الوضع سلفاً ذلك أن الكتاب الدوري المشار
إليه قد جمد عمل لجان التوفيق فضلاً عن أن هذه التوصيات لا تنفذ من قبل
الجهة الإدارية ولم تقم هذه اللجان بحل أي مشكلة ترتب عليها سرعة الفصل في
القضايا. أو أن يكون لهذه اللجان دور مؤثر فعال في الواقع العملي وذلك بأن
تكون توصياتها ملزمة للجهة الإدارية بالتنفيذ وفي مواجهتها وبالتالي يتحقق
الغرض من إنشائها وهو التخفيف عن المحاكم وتيسير عملية التقاضي. أو النظر
في امكانية التطوير التشريعي لقانون فض المنازعات حتي يحقق أهدافه بأن يكون
دور هذه اللجان قاصراً علي تحضير الدعوي وفحص مستنداتها وتوضيح جميع
جوانبها وأسانيدها القانونية وإبداء الرأي فيها وإعداد تقرير فيها يعرض
مباشرة علي المحكمة لإصدار الحكم فيها وبالتالي يكون نتيجة ذلك توفير وسرعة
الفصل في هذه المنازعات وعدم إهدار الوقت والجهد.


جريدة الجمهورية