المبحث
الأول : استعمال الحق
المطلب
الأول: تطور نظرية التعسف في استعمال الحق
لقد
لقيت نظرية التعسف في استعمال الحق رفضا من طرف أصحاب المذهب الفردي الذين كانوا
لا يقبلون أن يرد على حق المالك في استعماله ملكه أي قيد إلا في حالة واحدة، وهي
وجوب عدم مجاوزة المالك حدود حقه وقد كان هذا المذهب مسيطر على الفكر القانوني،
وكان يرى أن استعمال الشخص لحقه يجب أن يكون مطلقا دون قيد، فالقاعدة عند أصحاب
هذا المذهب هي أنه لا يمكن ان ينسب للشخص وهو يستعمل حقه أي خطأ. والحقيقة هي أن الصورة التي تقبلها هذا
المذهب، وهي عدم مجاوزة حدود الحق لا تعتبر تعسفا في استعمال الحق، وإذا استعملها
الشخص يدخل في نطاق يمنع عليه دخوله أصلا فهنا يعتبر العمل خطأ يلزم التعويض، فليس
للشخص أن يتجاوز حدود ملكه أو يدخل ملكية جاره أو يبني عليها أو أن يغرس فيها .
وقد تأثر الفقيه الفرنسي بهذا المذهب،
ففي بداية القرن 19 كان يعتبر الحقوق
مطلقة ومن يعمل في حدود حقه لا يسأل مهما كان الضرر الذي يصيب الغير نتيجة ذلك
فللشخص استعمال حقه كيفما شاء ولا يكون مسئولا عن الضرر الذي يلحقه للغير .
وكان الفقيه بلاتيول يعارض نظرية
التعسف في استعمال الحق بشدة ويرى أنها تتناقص مع مضمون الحق إذ متى كان لشخص حق
فلا يتصور أن يتعسف فيه وقدرة جوسران على بلاتيول بقوله: " إنك
تخلط بين كلمة حق التي تعني Droit subjectif وكلمة
Droit
التي تعني القانون إذ من المتصور أن يكون للشخص حق موافقا لحق من الحقوق Droit subjectif
ومخالفا للقانون في المجموعة، فالتعسف في استعمال الحق يستلزم وجود فعل يدخل في
حدود مضمون الحق، فهو مشروع في ذاته وينقلب إلى فعل غير مشروع لانحراف في غرضه أو
لأن نتيجته لا تتفق مع الغاية من الحق .
وتطورت فيما بعد
نظرية التعسف في استعمال الحق ولقيت تأييدا لدى الفقه والقضاء الفرنسيين عموما،
وبعد أن كان القضاء الفرنسي يشترط توافر الخطأ العمدي من طرف المتعسف أي أن يكون
قد قصد الإضرار بالغير، فتطور وأصبح يعتبر الفعل تعسفا كلما ترتب عليه ضرر أصحاب الغير
ولم تتوفر لصاحب الحق مصلحة من استعماله.
أما الفقهاء
المسلمون فقد كانوا لا يؤيدون فكرة التعسف في استعمال الحق، إذ لا يمكن أن يكون
الفعل غير مشروع إذا كان نتيجة ممارسة الشخص لحقه وفقا للمقولة :" الجواز
الشرعي ينافي الضمان" ولكن ما لم لبثت الحال أن تطورت وترسمت نظرية التعسف في
استعمال الحق، وأعطاها فقها. المسلمين منذ القرن السادس الهجري أوسع تصوير، وكانوا
هم الرائدين في هذا المضمار وسبقوا في ذلك الشرائع الغربية إذ لم يقتصروا على صورة
تعمد الإضرار بالغير، بل اعتبروا الفعل تعسفا كلما تخلفت المصلحة لدى صاحب الحق،
وتجاوز الحدود المألوفة المتعارف عليها واهم تطبيقات ذلك مضار الجوار، فلا يتحمل
الجار ما جاوز الحد المألوف من مضار الجوار .
المطلب الثاني :
معايير التعسف في استعمال الحق وجزاؤه :
1- معايير التعسف في استعمال الحق :
يعتبر الشخص
متعسفا في استعمال حقه إذا تحققت إحدى الصور التي نصت عليها المادة 41 مدني بما
يلي " < يعتبر استعمال الحق تعسفا في الأحوال التالية :
-إذا وقع بقصد الإضرار بالغير.
-إذا كان يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة
بالنسبة للضرر الناشئ للغير .
-إذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة
.>
ويستخلص من هذا
النص أن معيار التعسف في استعمال الحق، إما أن يكون معيارا شخصيا وهذا ما تضمنته
الفقرة الأولى من المادة 41 مدني .
وإما أن يكون
معيارا موضوعيا وهذا ما تضمنته الفقرتان الثانية والثالثة من نفس المادة كما يعتبر
الضرر الفاحش الذي يلحق بالجار معيارا موضوعيا .
أ/المعيار الشخصي : قصد الإضرار بالغير :
يكون الشخص متعسفا
إذا قصد الإضرار بالغير، كمن يبني خطأ في ملكه يقصد حجب النور عن جاره دون أن
تتحقق له من ذلك أية فائدة، فهذا العمل يعد داخلا في إطار ملكه واستعمالا لحقه،
ولكن إذا تم إثبات توافر قصد الأضرار بالغير أعتبر متعسفا في استعمال حقه و قصد
الأضرار بالغير من أظهر صورة التعسف في استعمال الحق ، فالقانون لا يحمي شخصا قصد من فعله مجرد الإضرار بالغير،
و لتحقق هذه الصورة يجب ألا يحقق العمل أية منفعة لصاحبه أو يحقق له منفعة تافهة و
في كلتا الحالتين نستخلص نية الإضرار .
ب/المعيار الموضوعي :
إذا كان استعمال
الحق يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير .
ففي هذه الحالة يعتبر الشخص متعسفا حتى
و لو كانت له مصلحة في استعمال حقه على وجه معين، وذلك بالنظر إلى أن هذه المصلحة
لا تتناسب مع الضرر الذي يصيب الغير، إذ تكون الفائدة قليلة بالنسبة للضرر.كمن
يغرس أشجار عالية لتوفر نوع من الرطوبة، و يحجب بذلك النور عن جاره، و يمنعه من
استعمال شرفته استعمالا مألوفا، فيكون متعسفا في استعمال حقه لأن المصلحة التي
يسعى إليها و هي الحصول على الرطوبة قليلة الأهمية بالنسبة للضرر الذي يصيب الغير-
و هو عدم استعمال الشرفة – و في نفس السياق تنص المادة
708/2 على ما يلي:
<< غير أنه ليس لمالك الحائط أن يهدمه مختازا دون عذر قانوني إن كان هذا يضر الجار الذي يستر ملكه بالحائط
>>النص العربي خاطئ في كلمة (قانوني) و صحتها (قوي) كما ورد في النص الفرنسي فذه الصورة تقوم على أساس عدم التوازن بين المصالح
المتضاربة لصاحب الحق والغير فكلما كانت فائدة صاحب الحق أقل من الضرر الذي يصيب
الغير أعتبر متعسفا في استعمال حقه ولو لم يكن عدم التوازن نتيجة قصد الإضرار
بالغير .
2- عدم مشروعية
المصلحة : وذلك كاستعمال مالك المنزل لمنزله لغرض مخالف للنظام العام أو الداب
العامة. وقد يكون المصلحة غير مشروعة بصفة غير مباشرة مثال رب العمل الذي يستعمل
حقه في فصل عامل نتيجة انخراطه في نقابة من نقابات العمال، أو المؤجر الذي يطالب
المستأجر بإخلاء العين المؤجرة بحجة حاجته للسكن فيها بعد إخفاقه في طلب زيادة
الأجرة عما يسمح به القانون .وهناك من يرى أن هذا المعيار معيار شخصي لأن في هذه
الصورة المصلحة غير المشروعة يتوفر فيها قصد الإضرار بالغير، إلا اني أرى أن
القانون أقام التعسف في هذه الحالة على معيار موضوعي وهو عدم مشروعية المصلحة دون
الاعتداد بنية المتعسف .
3-الضرر الفاحش:
ويمكن إضافة الضرر الفاحش إلى المعايير السابقة،ولقد نص عليه المشرع في النصوص
المتعلقة بمضار الجوار غير المألوفة، ويمكن اعتباره تطبيقا لأحكام الشريعة
الإسلامية التي تقتضي بأن يعتبر استعمال الحق تعسفا إذا ألحق بالغير ضررا فاحشا.
ومن تطبيقات الضرر الفاحش ما نصت عليه المادة 691 مدني بقولها: " يجب على
المالك ألا يتعسف في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار. وليس للجار أن يرجع على
جاره في مضار الجوار المألوفة غير أنه يجوز له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا
تجاوزت الحد المألوف وعلى القاضي أن يراعى في ذلك العرف، وطبيعة العقارات وموقع كل
منها بالنسبة إلى الآخرين والغرض الذي خصصت له "
وتطبيقات الضرر الفاحش متعددة فيما يخص مضار الجوار إذ يعتد بالضرر الفاحش ولا
ينظر إلى ينظر إلى مصلحة صاحب الحق حتى لو كانت جدية، فيجب الحد منها إذا لحق
الغير ضررا فاحشا، في هذا الصدد تنص المادة 705 مدني على ما يلي: " للمالك
إذا كانت له مصلحة جدية في تعلية الحائط المشترك ان يعليه بشرط ألا يلحق بشريكه
ضررا بليغا…"
2) جزاء التعسف في استعمال الحق :
إن جزاء التعسف في
استعمال الحق قد يكون جزاء وقائي وذلك إذ ظهر التعسف في استعمال الحق بصفة واضحة
قبل تمامه، فيمكن منع صاحب الحق من الاستعمال التعسفي لحقه. أما في حالة حدوث
التعسف فعلا فإنه يحكم على المتعسف بالتعويض لصالح المضرور كما قد يلزم كذلك
بإزالة الضرر ذاته كلما كان ذلك ممكنا .
المطلب الثالث:
أساس التعسف في استعمال الحق :
يجب تحديد ما إذا
كان التعسف في استعمال الحق صورة من صور الخطأ التقصيري إذ يذهب الفقه والقضاء
الفرنسيان الحديثان واغلب المؤلفين العرب إلى إدخال نظرية التعسف في استعمال الحق
في نظام المسؤولية التقصيرية ويعتبر المتعسف قد ارتكب خطأ في استعمال حقه ويتحقق
ذلك متى انحرف عن سلوك الرجل العادي وذلك سواء أكان الخطأ عمدي جسيما أم يسيرا غير
انه يمكن الرد على هذا بأن التعسف قد يتحقق دون ان تتوافر مقومات الخطأ وذلك إذا
ابتعد الشخص عن غاية الحق دون أن يكون مخطأ ولو بذل في استعمال في استعمال حقه
الحيطة والتبصر التي يبذلها الرجل العادي.ويذهب البعض الآخر من الفقهاء إلى إبعاد
التعسف عن مجال الخطأ التقصيري إذ أن نطاق التعسف أوسع من ذلك لأنه إذا كان من
الممكن إقامة الصورة الأولى الواردة في المادة 41 التي يعتبر فيها الشخص متعسفا في
استعمال حقه قصد الإضرار بالغير، على أساس الخطأ فيهما بل يمكن إقامة التعسف فيهما
على أساس موضوعي فقط ويمكن كذلك تطبيق نفس الفكرة على مضار الجوار غير المألوفة .
ويلاحظ أن الفقه
الفرنسي نفسه قد انتهى إلى أن التعسف لا يقوم على أساس الخطأ، بل يسأل الشخص عن
الضرر الذي يلحقه بالجار ولو لم يكن مخطأ . ويرى الأستاذ علي سليمان أن: <
التعسف في استعمال الحق قد استمد قوانيننا العربية من الشريعة الإسلامية أصلا،
وهذه الشريعة لا تقيم المسؤولية في حالة التعدي على أساس الخطأ بل تنظر إليها نظرة
موضوعية … فيعتبر التعسف في استعمال الحق مستقلا عن نظام المسؤولية التقصيرية
….>.
وعلى هذا الأساس
أرى أن نطاق نظرية التعسف في استعمال الحق أوسع من نطاق المسؤولية التقصيرية ومن
الأفضل اعتبارها تطبيقا لقواعد العدالة، فالمبالغة في الشيء حتى ولو كانت في إطار
القانون، تؤدي إلى الفوضى وإلى مخالفة القانون لذا يجب تقييدها ومسائلة الشخص عنها
إذا ترتب على هذه المبالغة في استعمال الحق ضررا للغير .
المبحث الثاني : إثبــات الحــق :
المطلب الأول :
المذاهب المختلفة في الإثبات :
الإثبات هو إقامة
الدليل أمام القضاء، وقد يلزم القاضي بهذا الدليل كما يمكن يلتزم به، وقد يفرض
القانون على المتقاضين تقديم دليل معين، كما قد تترك الحرية للقاضي في التحري وذلك
وفقا لاعتماد مذهب من المذاهب المختلفة في الإثبات ما يلي أتعرض لها بالتفصيل
الآتي :
أ-مذهب الإثبات المطلق : وتكون للقاضي وفقا لهذا المذهب سلطة واسعة في
التحري عن الوقائع التي عليه، فيكون له دور فعال في تسيير الدعوى واستجماع الأدلة،
فهو الذي عنها . ويعاب على هذا المذهب أنه يعطي سلطة واسعة وكبيرة للقاضي، مما قد
يؤدي الإضرار بالمتقاضيين إذ يحتمل أن يتعرضوا لمفاجآت نتيجة اختلاف التقدير من
إلى آخر ويقلل من الثقة في نظام الإثبات .
ب-مذهب الإثبات المقيد: قد بفرض المشرع للإثبات طرقا محددة، فلا يستطيع
المتقاضى إقامة الدليل على حقه بغير الوسيلة التي حددها القانون، كما يكون القاضي
كذلك ملزما بهذه الطرق، فهذا المذهب يقيد القاضي إلى أبعد الحدود ويحقق الانسجام
في تقدير القضاة مما يترتب عليه استقرار المعاملات، إلا انه يؤخذ على هذا النظام
أن الحقيقة القضائية لا تتفق أحيانا مع الحقيقة الفعلية أو الواقعية لأن القاضي
والمتقاضين ملزمون بطرق محددة فلا يمكن إقامة الدليل على أمر واضح بغير الطرق التي
حددها القانون .
ج-مذهب الإثبات المختلط :يأخذ هذا المذهب بالإثبات المقيد في مسائل
معينة كالمسائل المدنية التي يتطلب المشرع إثباتها بالكتابة أما في المسائل
المدنية التي تشترط الكتابة لإثباتها، فإثباتها يكون مطلقا إذ للقاضي تقدير شهادة
الشهود أو القرائن القضائية وفقا لاقتناعه الشخصي، أما المسائل التجارية فيأخذ
فيها بنظام الإثبات المطلق نظرا لما تتطلبه هذه المسائل من سرعة في التعامل،إذ
يصعب إقامة الدليل عليها كتابة فلا يمكن تقييدها بأدلة معينة، وتأخذ معظم
التشريعات –ومن بينها المشرع الجزائري – بالمذهب المختلط . وفي هذا المذهب المختلط
يكون للقاضي موقف وسط، إذ قد يكون له مطلق الحرية في المسائل المدنية، إذ يستطيع
من تلقاء نفسه الأمر بإجراء تحقيق في الوقائع التي تكون بطبيعتها قابلة للإثبات
بالبيئة مثلا، كما أن له أن يوجه اليمين المتممة إلى أحد الخصوم من تلقاء نفسه
أيضا. ويكون دور القاضي مقيدا وسلبيا كلما قيده القانون بأدلة معينة، كوجوب
الاعتداء بالدليل الكتابي مثلا.
المطلب الثاني:
عبء الإثـبات ومحـله :
1-عبء الإثبات: نستطيع أن نوجز الحديث عن عبء الإثبات في النقاط التالية :
-يقه عبء الإثبات على من يدعي وجود الحق ابتداء
فمن يدعي إصابته بضرر من عمل غير مشروع يكون مكلفا بإثبات واقعة الفعل الضار بكافة
الطرق، بأن يقدم للقاضي أدلة الضرر الذي لحقه، وأدلة الخطأ الذي وقع من جانب
المدعي عليه، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر.
-وفي حالة دفع
الإدعاء من جانب المدعي عليه يقع على الأخير عبء الإثبات كما لو أدعى الوفاء
بالدين الثابت بالكتابة مثلا يلتزم بتقديم ما يثبت الوفاء كتابة لأنه في هذه
الحالة يعتبر مدعيا ببراءة ذمته من ذلك الدين، ونفس الشيء بالنسبة للمدعي عليه
الذي ينكر وقوع خطـأ منه أو ينكر رابطة السببية بين سلوكه والضرر الذي أصاب المدعي
في دعوى الفعل الضار.
-يعفى المدعي من
إثبات خطأ المدعي عليه في الخطأ المفترض بقرينة قانونية، كما هو الحال في
المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير، مثل الإضرار التي تقع من عديمي أو ناقص
الأهلية، او الحيوان، أو من الآلة، أو من صاحب البناء .. فالمسؤول عن الرعاية
والحاسة في تلك الحالات، وكذلك المتبوع المسئول فرضا عن خطأ تابعه، في جميع هذه
الأحوال لا يكلف المدعي بإثبات أوجه الخطأ في السلوك الضار وإنما يكفيه إثبات
الضرر وارتباطه بالسلوك الضار دوريا يكلف بإثبات الخطأ في سلوك من قام بالفعل
الضار.
-في حالات الخطأ
المفترض إذا أراد المدعي عليه بالتعويض المدعي أن ينفي مسئوليته عن الحادث الضار
فعليه يقع إثبات العكس في المسئولية التقصيرية عن فعل الغير دائما
-وإذا وجدت قرينة
قانونية في حالات الخطأ واجب الإثبات وكانت مقررة لصالح أحد الخصوم فإنه يعفى من
إثبات الواقعة المتعلقة بها وعلى الخصم الأخر يقع عبء إثبات عكس تلك القرينة
القانونية .ومثال ذلك إذا قدم المستأجر مخالصة عن الوفاء بأجرة الشهر الرابع من
هذا العام تعتبر قرينة قانونية على سداد الأجرة المستحقة من قبل عن العين المؤجرة
له، ويعفى من إثبات الوفاء بالأجرة عن الشهور السابقة، وينتقل عبء الإثبات إلى
المؤجر لكي يدلل على عدم الوفاء حتى يثبت العكس وهو أمر صعب دائما
-بعض التشريعات
ينص على القواعد الموضوعية للإثبات في صلب القانون المدني وينص على الشكلية
للإثبات (الإجرائية) في قانون الإجراءات المدنية والتجارية (قانون المرافعات)… في
حين يذهب بعض التشريعات إلى النص على قواعد الإثبات بنوعيها في قانون الإجراءات
المدنية …. وتذهب التشريعات الأخرى إلى إصدار قانون مستقل للإثبات يجمع القواعد
الموضوعية والإجرائية للإثبات معا . ويهمنا بأن نبيت ان التشريع الجزائري أخذ
بالنظام الأول فنص على القواعد الشكلية في قانون الإجراءات المدنية .
2-محل الإثبات : يقصد بمحل الإثبات تلك الواقعة القانونية المنشئة للحق لأنها هي مصدر الحق
وبإثبات المصدر يثبت نشوء الحق ووجوده وسوف نتكلم عن محل الإثبات في الواقعة
المادية وفي التصرف القانوني .
الواقعة المادية
لقانون: سبق القول أن
الواقعة المادية القانونية قد تكون من فعل الطبيعة وحدها ولا دخل للإنسان في
إحداثها كالولادة وقد تكون الواقعة المادية قانونية أيضا يترتب عليها القانون أثار
معينة وهي من عمل الإنسان كالعمل الضار وغير المشروع كالجريمة، وكلما كانت الواقعة
المادية مصدر للحق المتنازع عليه كانت هذه الواقعة بالذات هي محل الإثبات أمام
القضاء أي تكون هي ما ينبغي إقامة الدليل على إثباته حتى وجود الحق ويشترط في
الواقعة المادية القانونية التي تكون محل للإثبات شروط هي :
1-أن تكون متعلقة
بالدعوى : ومؤدي هذا الشرط أن تكون الواقعة المراد لها علاقة بالحق موضوع النزاع
والبداهة لا لزوم لإثبات واقعة لا تتعلق بموضوع الحق المتنازع عليه أمام القضاء.
2-يجب أن تكون
الواقعة منتجة في الإثبات : يقصد بهذا أن تكون الواقعة مقنعة للقاضيين ولو في
أحد عناصرها، وفي هذا الصدد تنص المادة 64 إجراءات مدنية يجوز الأمر بالتحقيق
لإثبات الوقائع التي تكون بطبيعتها قابلة للإثبات بشهادة الشهود والتي يكون المحقق
فيها حيادي ومنتحا في الدعوى .
3-أن تكون جائزة
القيود: المقصود في الشرط أن تكون الواقعة المراد إثباتها على فرض صحتها
وإمكان ثبوتها، ويجوز للمحكمة قبولها كدليل في الدعوى قضائية فلو تصورنا أن محل
الحق المدعي به من الإثبات الخارجة عن دائرة التعامل ويحرم التعامل فيها كالنقد ،ففي
هذه الحالات تكون الواقعة المراد إثباتها غير جائزة القبول قانونيا أمام المحكمة .
2/التصرف القانوني : سبق أن عرفنا بأن التصرفات القانونية هي المصادر
الإدارية للحقوق لأن نشوء الحق وقيامه يتوقف على إرادة الشخص سواء في العقود
التبادلية أو في التصرفات بإرادة منفردة، وبهذا تختلف التصرفات القانونية عن
الوقائع المادية القانونية، حتى تلك الوقائع المادية التي تكون بفعل الشخص ذاته في
الأعمال الضارة وغير المشروعة كالجرائم وأشباه الجرائم بل وحتى في الجرائم
العمدية، لأننا كما ذكرنا من قبل أنه حتى في الجرائم العمدية التي يرتكبها الجاني
بإرادته الحرة ويتوافر لديه القصد الجاني ونية الإجرام تكون الجريمة ذاتها عمدية
أي إرادية ولكن حق المجني عليه أو ذويه في التعويض عن الضرر الناشئ عنها ذلك الحق يرتبه
القانون على فعله الضار دون أن يكون للمجرم إرادة للحقوق الناشئة ولهذا تعتبر
الجرائم أعمالا غير مشروعة وتعتبر مصادر غير إرادية للحقوق الناشئة عنها في حين أن
الجرائم عمدية كما قلنا فالعبرة بنشأة الحق رغم إرادة الملتزم به. والتصرفات
القانونية باعتبارها مصادر إرادية للحقوق تختلف أيضا عن الواقع المادية من حيث
الإثبات، وذلك لأن مصادر الحقوق هي العقود وهي من صنع الأشخاص مع توافر الإرادة
الصحيحة للأشخاص وتلك الإرادات الحرة هي محور العقود المنشئة للحقوق. ولهذا نجد
المشرع غالبا يستلزم لإثبات الحقوق العقدية دليلا معينا هو الإثبات بالكتابة بحسب
الأصل كقاعدة عامة. ولكن لهذه القاعدة استثناء ان في القانون المدني الجزائري نصت
عليهما المادة 333 بقولها أن التصرفات القانونية التي تزيد قيمتها عن 1000 دج أو
تكون قيمتها غير محددة، لا تثبت بشهادة الشهود ولابد من أن تكون ثابتة بالكتابة
وذلك فيما عدا المعاملات التجارية. ومعنى ذلك أنه يستثني من قاعدة إثبات الحقوق
بالكتابة في العقود حالتان :
أ-الحالة
الأولى: المعاملات التجارية لأنها تقوم على عنصري الثقة والسرعة معا.
ب-الحالة
الثانية: هي التصرفات القانونية التي تكون قيمتها 1000 دج فأقل سواء كانت
التصرفات منشئة للحق أو كان يترتب عليها انقضاء ذلك الحق .
المطلب
الثالث: طريق الإثبات :
تنص التشريعات عادة
على طرق الإثبات ووسائله، وفي بعض الحالات تحدد الأدلة التي يجب تقديمها للقضاء في
دعاوى معينة، وبالتالي تعتبر وحدها جائزة القبول دون غيرها. وبوجه عام يمكن حصر
أهم وسائل الإثبات أمام القضاء فيما يلي:
1-
الكتابة .
2-
شهادة الشهود (البينات).
3-
القرائن القانونية.
4-
حجية الشيء المقضي به .
5-
الإقرار (الإعتراف).
6-
اليمين .
7-
المعاينة .
8-
تقارير الخبراء.
وسنتكلم بإيجاز عن
كل وسيلة من وسائل الإثبات فيما يلي :
أولا: الكــتابـة :
تعتبر الكتابة من
أهم طرق الإثبات في عهدها الحاضر ، و لقد مر بنا أن المادة 333 مدني جزائري تضمنت
حكما مؤداه أنه في غير المسائل التجارية لا يجوز الإثبات إلا بالكتابة سواء لإثبات
وجود الحق أو لإثبات الوفاء به انقضاءه لأي سبب آخر تجاوزت قيمة التعرف القانوني
ألف دينار جزائري أو كانت القيمة غير محددة .
و بمفهوم المخالفة
لهذا النص نستطيع القول بأنه المعاملات التجارية المدنية التي تكون قيمتها ألف
دينار فأقل، و كذلك في المعاملات التجارية عامة مهما كان حجمها أو قيمتها،
فالإثبات جائز و يكون مقبولا أمام القضاء بكافة و سائله بغير الكتابة، كشهادة
الشهود و المحادثات الهاتفية و غيرها ومن البديهي أن الكتابة تصلح وسيلة للإثبات
في المواد التجارية وفي المواد المدنية إذا كانت 1000 دينار فأقل و ذلك من باب
أولى.
و الكتابة نوعان كتابة رسمية و كتابة عرفية . فالكتابة
الرسمية يقصد بها ما تكون من عمل موظف رسمي مختص كما هو الحال في عقود الرهن
الرسمي. أما الكتابة العرفية فهي التي يقوم بها الأفراد فيما بينهم دون تدخل موظف
رسمي و لكل من النوعين حجية خاصة كدليل للإثبات بحسب نصوص القانون .
ثانيا: شهادة
الشهود(البينات): يقصد بشهادة
الشهود، الأقوال التي يدلى بها الأشخاص في ساحات القضاء بشأن إثبات أو نفي واقعة
قانونية أيا كان نوعها .
و لهذا نقول بأن الشهود نوعان، شهود إثبات و شهود نفي، و للمحكمة أن تستمع إلى
الشهود دائما سواء كانوا للنفي أو للإثبات لكي تتجلى الحقيقية .
و تقبل شهادة الشهود كدليل إثبات في المواد التجارية عموما ، و كذلك في المواد
المدنية في حدود الألف دينار لا أكثر كما عرفنا من مضمون المادة 333 مدني، ما لم
يوجد نص قانوني بخلاف ذلك .
ولكن الشهادات أي البيانات أيا كان نوعها و أيا كان الأشخاص الذين يؤدون
الشهادة لا تكون ملزمة للقاضي بل تخضع لتقديره. فله أن يقبل شهادة واحد من الشهود
كدليل إثبات أو نفي يقنع به و يرفض شهادتين متضاربتين، في نفس الدعوى و نفس
الموضوع .
ثالثا: القرائن القانونية والقضائية : القرينة القانونية التي ينص المشرع عليها كدليل إثبات تعفي من تقررت صالحه من
عبء الإثبات، ومن أمثلتها قرينة الوفاء بالأقساط السابقة عند ثبوت الوفاء بقسط
الأجرة اللاحق وعلى ذلك نصت المادة 449 مدني بقولها:
" الوفاء بقسط من الاجرة يعتبر قرينة الوفاء بالاقساط السابقة حتى يقوم
الدليل على عكس ذلك" . وتفسير ذلك أنه في دعوى المطالبة بإيجار المعين إذا
قدم المستأجر ما يفيد قيامه بسداد الإيجار عن الشهر الرابع من العام الحالي مثلا
يعتبر ذلك قرينة على سداد جميع الأقساط السابقة على ذلك التاريخ، وعلى المؤجر ان
يثبت العكس إذا أراد أي أنه يصبح الملزم بالإثبات. أما القرائن القضائية فيقصد بها
كل ما يستخلصه القاضي من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول فهي أدلة استنتاجية،
ولهذا يجوز للطرف الآخر أن يثبت العكس إذا مكنه من ذلك . وجرى العرف القانوني على
أن القرينة أي كان نوعها فهي أدنى من مستوى الدليل في مجال الإثبات أي لا ترقى إلى
قيمته في نطاق الإثبات القضائي ومعنى ذلك أن القرينة تحتاج إلى قرينة أخرى تسندها
كدليل إثبات، بينما الدليل يكون بمرده كافيا لإثبات الواقعة القانونية أو نفيها .
رابعا: حجية الشيء
المقضي به : الحكم النهائي
الفاصل في موضوع الدعوى يعتبر عنوانا للحقيقة والعدالة في نفس الوقت. ولذلك تكون
له حجيته في مواجهة الكافة أي بالنسبة لأطراف الخصومة ولغيرهم من الناس ولهذا يعبر
عن الحكم النهائي في الدعوى بأنه حجة قضائية وأن له قوة الشيء المقضي. لذلك يعتبر
الحكم النهائي سببا من أسباب انقضاء الدعوى، بل هو السبب الطبيعي والعادي لانتهاء
الدعاوى، فهو خاتمة مراحل الدعوى وهو الذي يحسم المنازعات القضائية أيا كان نوعها.
ويصدر الحكم النهائي لا يجوز إعادة رفع النزاع إلى أي جهة قضائية أخرى طالما لم
يتغير أطراف الدعوى ومحلها وسببها. ويمكن الاحتجاج بالحكم القضائي النهائي كدليل
على صحة ما جاء فيه واستخدام هذا الحكم كدليل للإثبات في دعوى قضائية أخرى لحسم
نزاع يتصل بالنزاع الذي فصل فيه نهائيا .
خامسا: الإقرار القضائي
: من المبادئ المقررة في
الفقه القانوني ان الإقرار القضائي يعتبر سيد الأدلة في الإثبات أمام الجهات
القضائية، والإقرار القضائي بقصد به اعتراف المدعي عليه بصحة الواقعة القانونية
المدعي بها. ولهذا نقول إذا أقر المدعي عليه امام المحكمة بمديونيته بالحق المدعي
به عليه، كان هذا الإقرار من جانبه دليلا على ثبوت حق المدعي. ولا تجوز تجزئة
الإقرار بل يتوجب على القاضي في هذه الحالة الحكم لصالح المدعي، والإقرار دليل قاطع
في الإثبات، اما في المواد الجنائية فقد نصت المادة 213 إجراءات جزائية على ما
يأتي " الاعتراف شأنه كشأن جميع عناصر الإثبات يترك لحرية تقدير القاضي"
. ولاشك ان المشرع يقصد بهذا النص الواضح ان يخول القاضي حق تحري الحقيقة لتحقيق
العدالة فله ان يلتفت عن الاعتراف القضائي إذا كان غير صحيح أو كان نتيجة إكراه
مادي او معنوي. اما إذا كان الاعتراف لا يشوبه عيب فإنه يعتبر دليلا متميزا في
الإثبات القضائي .
سادسا: الـيمـيـن : يقصد باليمين أداء القسم، أي يحلف الشخص بالله العظيم أن
يقول الحق ولا شيء غير الحق، وإلا تعتبر شهادته باطلة قانونا، وجرى العمل ان يؤدى
الشهود اليمين القانونية قبل إبداء أقوالهم أمام المحكمة، كما يقسم أيضا المترجمون
والخبراء وغيرهم ممن يبدون أراءهم في حالات انتداب الخبراء، وذلك للتأكيد من أنهم
سيؤدون شهاداتهم بالحق والصدق. والخصوم أيضا قد يؤدون اليمين كوسيلة من وسائل
الإثبات مع ملاحظة أن اليمين نوعان: اليمين المتممة ، واليمين الحاسمة .
واليمين المتممة هي التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه
إلى أي أطراف الخصومة في الدعوى بغرض اتمام اقتناعه بقرينة معينة، وهذه اليمين
المتممة لا أثر لها، لأن القاضي له أن يأخذ بها وله ان يلتفت عنها حتى بعد قيام
الخصم بحلف اليمين. ومن المعلوم ان للخصم ان يحلف اليمين المتممة إذا طلبها القاضي
وله أن يمتنع عن أداء اليمين، حيث لا يتقرر حتما بأدائها أو النكول عنها حسم
النزاع إيجابيا أو سلبيا.
أمت اليمين الحاسمة
فهي التي يوجهها الخصم المدعي للمدعي عليه، عندما يعجز عن إثبات حقه الذي يدعيه،
ويطلب منه ان يقسم على صحة ما يدعي به عليه أو عدم صحته، وبحسب نص القانون تحسم
هذه اليمين النزاع. بحيث لو أداها المدعي عليه وقرر عدم صحة الإدعاء المقام ضده
فإن المدعي يخسر دعواه، أما إذا امتنع المدعي عليه من حلف اليمين الحاسمة فإن
المدعي يربح دعواه، حيث يعتبر ذلك دليل إثبات على صحة ما ادعاه.وفي المواد
الجنائية لا يحلف المدعي المدني اليمين، ولا يعتبر شاهدا لأنه يعتبر خصما حتى ولو
كان هو المجني عليه، مع أنه في حالة عدم ادعائه مدنيا يعتبر شاهد الإثبات الأول في
الدعوى العمومية ويحلف اليمين باعتباره شاهدا .
سابعا:
المعـايـنة : يقصد بالمعاينة الانتقال إلى مكان النزاع لمشاهدته على
الطبيعة بقصد التوصل إلى معرفة الحقيقة والفصل في الدعوى على ضوء نتيجة المعاينة.
وقد تنتقل المحكمة بهيئتها القضائية لإجراء المعاينة إذا كانت هناك مبررات وذلك
لاستجلاء الملابسات الغامضة في موضوع
النزاع، وللمعاينة أثر بالغ في استظهار الحقائق. وقد تضمن قانون الإجراءات
المدنية الجزائري النص على أنه يجوز لقاضي المحكمة أن يأمر من تلقاء نفسه أو بناء
على طلب الخصوم بالانتقال للمعاينة. وأنه يجوز للقاضي ان يستصحب من يختاره من أهل
الخبرة للاستعانة به عند إجراء المعاينة والاسترشاد بخبرته الفنية في موضوع
النزاع. كما أجاز المشرع للقاضي أثناء إجراء المعاينة ان يسمع الشهود الذين يرى
لزوما لسماع شهاداتهم بعين المكان. ويجب أن يحرر محضر بالمعاينة ويوقع عليه القاضي
ومن كاتب الجلسة وتثبت فيه إجراءات المعاينة وما يثبت منها، على ان يودع هذا
المحضر بملف الدعوى.كما نص المشرع على أن مصروفات الانتقال للمعاينة تضاف إلى
مصروفات الدعوى .
ثامنا:
تقارير الخبراء : كثيرا ما يلجأ القضاة إلى الاستعانة
بأهل الخبرة من أطباء أو مهندسين او فنيين، لإجراء الفحص والبحث والتحليل في
الدعاوى التي تثار فيها مشاكل تقنية مثل مضاهاة الخطوط عند الادعاء بتزوير
المحررات وتكون لتقارير أولئك الخبراء أهمية قانونية كقرائن او أدلة في الإثبات
القضائي. وقد نظم المشرع في قانون الإجراءات المدنية قواعد الاستعانة بالخبراء
أمام المحاكم وأجاز للقاضي أن يستعين بخبير أو بعدد من الخبراء لاجراء أعمال
الخبرة في الدعوى المطروحة عليه، سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم.
وللقاضي أن يختار هؤلاء الخبراء من بين المقيدين بجدول الخبراء بالمجلس القضائي أو
من غيرهم بشرط ان يحلفوا اليمين القانونية. ويلتزم الخبراء بتقديم تقاريرهم عن
المهام التي كلفوا بها من قبل المحكمة في الآجال التي يحددها لهم القاضي الذي
انتدبهمن ويجوز للقاضي مناقشتهم في المحكمة لاستجلاء ما كان غامضا في تلك
التقارير. وبهذا نكون قد استكملنا باب اثبات الحق وننتقل إلى الباب الخامس والأخير
لكي نبحث زوال الحق أي انقضاء الحق .
من كل ما سبـق نستطيـع أن نوجـز الكـلام فـي أن
القـانون
فعلا يـقر بحـق الشخـص ويـحمـيه لـكن إذا استـعمل هـذا
الـشخـص حـقـه بـدون تعسـف واستعـملـه في الـحـدود
القـانونيـة الشرعية وأيـضا إذا أثـبت هـذا الشـخص حـقـه
بالطـرق القـانـونـيـة
د/ فريد محمدي زواوي
مدخل
إلى العلوم القانونية
نـظـريـة
الحـــق
اسحاق إبراهيم منصور
نظريتا
القانون والحق
الأول : استعمال الحق
المطلب
الأول: تطور نظرية التعسف في استعمال الحق
لقد
لقيت نظرية التعسف في استعمال الحق رفضا من طرف أصحاب المذهب الفردي الذين كانوا
لا يقبلون أن يرد على حق المالك في استعماله ملكه أي قيد إلا في حالة واحدة، وهي
وجوب عدم مجاوزة المالك حدود حقه وقد كان هذا المذهب مسيطر على الفكر القانوني،
وكان يرى أن استعمال الشخص لحقه يجب أن يكون مطلقا دون قيد، فالقاعدة عند أصحاب
هذا المذهب هي أنه لا يمكن ان ينسب للشخص وهو يستعمل حقه أي خطأ. والحقيقة هي أن الصورة التي تقبلها هذا
المذهب، وهي عدم مجاوزة حدود الحق لا تعتبر تعسفا في استعمال الحق، وإذا استعملها
الشخص يدخل في نطاق يمنع عليه دخوله أصلا فهنا يعتبر العمل خطأ يلزم التعويض، فليس
للشخص أن يتجاوز حدود ملكه أو يدخل ملكية جاره أو يبني عليها أو أن يغرس فيها .
وقد تأثر الفقيه الفرنسي بهذا المذهب،
ففي بداية القرن 19 كان يعتبر الحقوق
مطلقة ومن يعمل في حدود حقه لا يسأل مهما كان الضرر الذي يصيب الغير نتيجة ذلك
فللشخص استعمال حقه كيفما شاء ولا يكون مسئولا عن الضرر الذي يلحقه للغير .
وكان الفقيه بلاتيول يعارض نظرية
التعسف في استعمال الحق بشدة ويرى أنها تتناقص مع مضمون الحق إذ متى كان لشخص حق
فلا يتصور أن يتعسف فيه وقدرة جوسران على بلاتيول بقوله: " إنك
تخلط بين كلمة حق التي تعني Droit subjectif وكلمة
Droit
التي تعني القانون إذ من المتصور أن يكون للشخص حق موافقا لحق من الحقوق Droit subjectif
ومخالفا للقانون في المجموعة، فالتعسف في استعمال الحق يستلزم وجود فعل يدخل في
حدود مضمون الحق، فهو مشروع في ذاته وينقلب إلى فعل غير مشروع لانحراف في غرضه أو
لأن نتيجته لا تتفق مع الغاية من الحق .
وتطورت فيما بعد
نظرية التعسف في استعمال الحق ولقيت تأييدا لدى الفقه والقضاء الفرنسيين عموما،
وبعد أن كان القضاء الفرنسي يشترط توافر الخطأ العمدي من طرف المتعسف أي أن يكون
قد قصد الإضرار بالغير، فتطور وأصبح يعتبر الفعل تعسفا كلما ترتب عليه ضرر أصحاب الغير
ولم تتوفر لصاحب الحق مصلحة من استعماله.
أما الفقهاء
المسلمون فقد كانوا لا يؤيدون فكرة التعسف في استعمال الحق، إذ لا يمكن أن يكون
الفعل غير مشروع إذا كان نتيجة ممارسة الشخص لحقه وفقا للمقولة :" الجواز
الشرعي ينافي الضمان" ولكن ما لم لبثت الحال أن تطورت وترسمت نظرية التعسف في
استعمال الحق، وأعطاها فقها. المسلمين منذ القرن السادس الهجري أوسع تصوير، وكانوا
هم الرائدين في هذا المضمار وسبقوا في ذلك الشرائع الغربية إذ لم يقتصروا على صورة
تعمد الإضرار بالغير، بل اعتبروا الفعل تعسفا كلما تخلفت المصلحة لدى صاحب الحق،
وتجاوز الحدود المألوفة المتعارف عليها واهم تطبيقات ذلك مضار الجوار، فلا يتحمل
الجار ما جاوز الحد المألوف من مضار الجوار .
المطلب الثاني :
معايير التعسف في استعمال الحق وجزاؤه :
1- معايير التعسف في استعمال الحق :
يعتبر الشخص
متعسفا في استعمال حقه إذا تحققت إحدى الصور التي نصت عليها المادة 41 مدني بما
يلي " < يعتبر استعمال الحق تعسفا في الأحوال التالية :
-إذا وقع بقصد الإضرار بالغير.
-إذا كان يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة
بالنسبة للضرر الناشئ للغير .
-إذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة
.>
ويستخلص من هذا
النص أن معيار التعسف في استعمال الحق، إما أن يكون معيارا شخصيا وهذا ما تضمنته
الفقرة الأولى من المادة 41 مدني .
وإما أن يكون
معيارا موضوعيا وهذا ما تضمنته الفقرتان الثانية والثالثة من نفس المادة كما يعتبر
الضرر الفاحش الذي يلحق بالجار معيارا موضوعيا .
أ/المعيار الشخصي : قصد الإضرار بالغير :
يكون الشخص متعسفا
إذا قصد الإضرار بالغير، كمن يبني خطأ في ملكه يقصد حجب النور عن جاره دون أن
تتحقق له من ذلك أية فائدة، فهذا العمل يعد داخلا في إطار ملكه واستعمالا لحقه،
ولكن إذا تم إثبات توافر قصد الأضرار بالغير أعتبر متعسفا في استعمال حقه و قصد
الأضرار بالغير من أظهر صورة التعسف في استعمال الحق ، فالقانون لا يحمي شخصا قصد من فعله مجرد الإضرار بالغير،
و لتحقق هذه الصورة يجب ألا يحقق العمل أية منفعة لصاحبه أو يحقق له منفعة تافهة و
في كلتا الحالتين نستخلص نية الإضرار .
ب/المعيار الموضوعي :
إذا كان استعمال
الحق يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير .
ففي هذه الحالة يعتبر الشخص متعسفا حتى
و لو كانت له مصلحة في استعمال حقه على وجه معين، وذلك بالنظر إلى أن هذه المصلحة
لا تتناسب مع الضرر الذي يصيب الغير، إذ تكون الفائدة قليلة بالنسبة للضرر.كمن
يغرس أشجار عالية لتوفر نوع من الرطوبة، و يحجب بذلك النور عن جاره، و يمنعه من
استعمال شرفته استعمالا مألوفا، فيكون متعسفا في استعمال حقه لأن المصلحة التي
يسعى إليها و هي الحصول على الرطوبة قليلة الأهمية بالنسبة للضرر الذي يصيب الغير-
و هو عدم استعمال الشرفة – و في نفس السياق تنص المادة
708/2 على ما يلي:
<< غير أنه ليس لمالك الحائط أن يهدمه مختازا دون عذر قانوني إن كان هذا يضر الجار الذي يستر ملكه بالحائط
>>النص العربي خاطئ في كلمة (قانوني) و صحتها (قوي) كما ورد في النص الفرنسي فذه الصورة تقوم على أساس عدم التوازن بين المصالح
المتضاربة لصاحب الحق والغير فكلما كانت فائدة صاحب الحق أقل من الضرر الذي يصيب
الغير أعتبر متعسفا في استعمال حقه ولو لم يكن عدم التوازن نتيجة قصد الإضرار
بالغير .
2- عدم مشروعية
المصلحة : وذلك كاستعمال مالك المنزل لمنزله لغرض مخالف للنظام العام أو الداب
العامة. وقد يكون المصلحة غير مشروعة بصفة غير مباشرة مثال رب العمل الذي يستعمل
حقه في فصل عامل نتيجة انخراطه في نقابة من نقابات العمال، أو المؤجر الذي يطالب
المستأجر بإخلاء العين المؤجرة بحجة حاجته للسكن فيها بعد إخفاقه في طلب زيادة
الأجرة عما يسمح به القانون .وهناك من يرى أن هذا المعيار معيار شخصي لأن في هذه
الصورة المصلحة غير المشروعة يتوفر فيها قصد الإضرار بالغير، إلا اني أرى أن
القانون أقام التعسف في هذه الحالة على معيار موضوعي وهو عدم مشروعية المصلحة دون
الاعتداد بنية المتعسف .
3-الضرر الفاحش:
ويمكن إضافة الضرر الفاحش إلى المعايير السابقة،ولقد نص عليه المشرع في النصوص
المتعلقة بمضار الجوار غير المألوفة، ويمكن اعتباره تطبيقا لأحكام الشريعة
الإسلامية التي تقتضي بأن يعتبر استعمال الحق تعسفا إذا ألحق بالغير ضررا فاحشا.
ومن تطبيقات الضرر الفاحش ما نصت عليه المادة 691 مدني بقولها: " يجب على
المالك ألا يتعسف في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار. وليس للجار أن يرجع على
جاره في مضار الجوار المألوفة غير أنه يجوز له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا
تجاوزت الحد المألوف وعلى القاضي أن يراعى في ذلك العرف، وطبيعة العقارات وموقع كل
منها بالنسبة إلى الآخرين والغرض الذي خصصت له "
وتطبيقات الضرر الفاحش متعددة فيما يخص مضار الجوار إذ يعتد بالضرر الفاحش ولا
ينظر إلى ينظر إلى مصلحة صاحب الحق حتى لو كانت جدية، فيجب الحد منها إذا لحق
الغير ضررا فاحشا، في هذا الصدد تنص المادة 705 مدني على ما يلي: " للمالك
إذا كانت له مصلحة جدية في تعلية الحائط المشترك ان يعليه بشرط ألا يلحق بشريكه
ضررا بليغا…"
2) جزاء التعسف في استعمال الحق :
إن جزاء التعسف في
استعمال الحق قد يكون جزاء وقائي وذلك إذ ظهر التعسف في استعمال الحق بصفة واضحة
قبل تمامه، فيمكن منع صاحب الحق من الاستعمال التعسفي لحقه. أما في حالة حدوث
التعسف فعلا فإنه يحكم على المتعسف بالتعويض لصالح المضرور كما قد يلزم كذلك
بإزالة الضرر ذاته كلما كان ذلك ممكنا .
المطلب الثالث:
أساس التعسف في استعمال الحق :
يجب تحديد ما إذا
كان التعسف في استعمال الحق صورة من صور الخطأ التقصيري إذ يذهب الفقه والقضاء
الفرنسيان الحديثان واغلب المؤلفين العرب إلى إدخال نظرية التعسف في استعمال الحق
في نظام المسؤولية التقصيرية ويعتبر المتعسف قد ارتكب خطأ في استعمال حقه ويتحقق
ذلك متى انحرف عن سلوك الرجل العادي وذلك سواء أكان الخطأ عمدي جسيما أم يسيرا غير
انه يمكن الرد على هذا بأن التعسف قد يتحقق دون ان تتوافر مقومات الخطأ وذلك إذا
ابتعد الشخص عن غاية الحق دون أن يكون مخطأ ولو بذل في استعمال في استعمال حقه
الحيطة والتبصر التي يبذلها الرجل العادي.ويذهب البعض الآخر من الفقهاء إلى إبعاد
التعسف عن مجال الخطأ التقصيري إذ أن نطاق التعسف أوسع من ذلك لأنه إذا كان من
الممكن إقامة الصورة الأولى الواردة في المادة 41 التي يعتبر فيها الشخص متعسفا في
استعمال حقه قصد الإضرار بالغير، على أساس الخطأ فيهما بل يمكن إقامة التعسف فيهما
على أساس موضوعي فقط ويمكن كذلك تطبيق نفس الفكرة على مضار الجوار غير المألوفة .
ويلاحظ أن الفقه
الفرنسي نفسه قد انتهى إلى أن التعسف لا يقوم على أساس الخطأ، بل يسأل الشخص عن
الضرر الذي يلحقه بالجار ولو لم يكن مخطأ . ويرى الأستاذ علي سليمان أن: <
التعسف في استعمال الحق قد استمد قوانيننا العربية من الشريعة الإسلامية أصلا،
وهذه الشريعة لا تقيم المسؤولية في حالة التعدي على أساس الخطأ بل تنظر إليها نظرة
موضوعية … فيعتبر التعسف في استعمال الحق مستقلا عن نظام المسؤولية التقصيرية
….>.
وعلى هذا الأساس
أرى أن نطاق نظرية التعسف في استعمال الحق أوسع من نطاق المسؤولية التقصيرية ومن
الأفضل اعتبارها تطبيقا لقواعد العدالة، فالمبالغة في الشيء حتى ولو كانت في إطار
القانون، تؤدي إلى الفوضى وإلى مخالفة القانون لذا يجب تقييدها ومسائلة الشخص عنها
إذا ترتب على هذه المبالغة في استعمال الحق ضررا للغير .
المبحث الثاني : إثبــات الحــق :
المطلب الأول :
المذاهب المختلفة في الإثبات :
الإثبات هو إقامة
الدليل أمام القضاء، وقد يلزم القاضي بهذا الدليل كما يمكن يلتزم به، وقد يفرض
القانون على المتقاضين تقديم دليل معين، كما قد تترك الحرية للقاضي في التحري وذلك
وفقا لاعتماد مذهب من المذاهب المختلفة في الإثبات ما يلي أتعرض لها بالتفصيل
الآتي :
أ-مذهب الإثبات المطلق : وتكون للقاضي وفقا لهذا المذهب سلطة واسعة في
التحري عن الوقائع التي عليه، فيكون له دور فعال في تسيير الدعوى واستجماع الأدلة،
فهو الذي عنها . ويعاب على هذا المذهب أنه يعطي سلطة واسعة وكبيرة للقاضي، مما قد
يؤدي الإضرار بالمتقاضيين إذ يحتمل أن يتعرضوا لمفاجآت نتيجة اختلاف التقدير من
إلى آخر ويقلل من الثقة في نظام الإثبات .
ب-مذهب الإثبات المقيد: قد بفرض المشرع للإثبات طرقا محددة، فلا يستطيع
المتقاضى إقامة الدليل على حقه بغير الوسيلة التي حددها القانون، كما يكون القاضي
كذلك ملزما بهذه الطرق، فهذا المذهب يقيد القاضي إلى أبعد الحدود ويحقق الانسجام
في تقدير القضاة مما يترتب عليه استقرار المعاملات، إلا انه يؤخذ على هذا النظام
أن الحقيقة القضائية لا تتفق أحيانا مع الحقيقة الفعلية أو الواقعية لأن القاضي
والمتقاضين ملزمون بطرق محددة فلا يمكن إقامة الدليل على أمر واضح بغير الطرق التي
حددها القانون .
ج-مذهب الإثبات المختلط :يأخذ هذا المذهب بالإثبات المقيد في مسائل
معينة كالمسائل المدنية التي يتطلب المشرع إثباتها بالكتابة أما في المسائل
المدنية التي تشترط الكتابة لإثباتها، فإثباتها يكون مطلقا إذ للقاضي تقدير شهادة
الشهود أو القرائن القضائية وفقا لاقتناعه الشخصي، أما المسائل التجارية فيأخذ
فيها بنظام الإثبات المطلق نظرا لما تتطلبه هذه المسائل من سرعة في التعامل،إذ
يصعب إقامة الدليل عليها كتابة فلا يمكن تقييدها بأدلة معينة، وتأخذ معظم
التشريعات –ومن بينها المشرع الجزائري – بالمذهب المختلط . وفي هذا المذهب المختلط
يكون للقاضي موقف وسط، إذ قد يكون له مطلق الحرية في المسائل المدنية، إذ يستطيع
من تلقاء نفسه الأمر بإجراء تحقيق في الوقائع التي تكون بطبيعتها قابلة للإثبات
بالبيئة مثلا، كما أن له أن يوجه اليمين المتممة إلى أحد الخصوم من تلقاء نفسه
أيضا. ويكون دور القاضي مقيدا وسلبيا كلما قيده القانون بأدلة معينة، كوجوب
الاعتداء بالدليل الكتابي مثلا.
المطلب الثاني:
عبء الإثـبات ومحـله :
1-عبء الإثبات: نستطيع أن نوجز الحديث عن عبء الإثبات في النقاط التالية :
-يقه عبء الإثبات على من يدعي وجود الحق ابتداء
فمن يدعي إصابته بضرر من عمل غير مشروع يكون مكلفا بإثبات واقعة الفعل الضار بكافة
الطرق، بأن يقدم للقاضي أدلة الضرر الذي لحقه، وأدلة الخطأ الذي وقع من جانب
المدعي عليه، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر.
-وفي حالة دفع
الإدعاء من جانب المدعي عليه يقع على الأخير عبء الإثبات كما لو أدعى الوفاء
بالدين الثابت بالكتابة مثلا يلتزم بتقديم ما يثبت الوفاء كتابة لأنه في هذه
الحالة يعتبر مدعيا ببراءة ذمته من ذلك الدين، ونفس الشيء بالنسبة للمدعي عليه
الذي ينكر وقوع خطـأ منه أو ينكر رابطة السببية بين سلوكه والضرر الذي أصاب المدعي
في دعوى الفعل الضار.
-يعفى المدعي من
إثبات خطأ المدعي عليه في الخطأ المفترض بقرينة قانونية، كما هو الحال في
المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير، مثل الإضرار التي تقع من عديمي أو ناقص
الأهلية، او الحيوان، أو من الآلة، أو من صاحب البناء .. فالمسؤول عن الرعاية
والحاسة في تلك الحالات، وكذلك المتبوع المسئول فرضا عن خطأ تابعه، في جميع هذه
الأحوال لا يكلف المدعي بإثبات أوجه الخطأ في السلوك الضار وإنما يكفيه إثبات
الضرر وارتباطه بالسلوك الضار دوريا يكلف بإثبات الخطأ في سلوك من قام بالفعل
الضار.
-في حالات الخطأ
المفترض إذا أراد المدعي عليه بالتعويض المدعي أن ينفي مسئوليته عن الحادث الضار
فعليه يقع إثبات العكس في المسئولية التقصيرية عن فعل الغير دائما
-وإذا وجدت قرينة
قانونية في حالات الخطأ واجب الإثبات وكانت مقررة لصالح أحد الخصوم فإنه يعفى من
إثبات الواقعة المتعلقة بها وعلى الخصم الأخر يقع عبء إثبات عكس تلك القرينة
القانونية .ومثال ذلك إذا قدم المستأجر مخالصة عن الوفاء بأجرة الشهر الرابع من
هذا العام تعتبر قرينة قانونية على سداد الأجرة المستحقة من قبل عن العين المؤجرة
له، ويعفى من إثبات الوفاء بالأجرة عن الشهور السابقة، وينتقل عبء الإثبات إلى
المؤجر لكي يدلل على عدم الوفاء حتى يثبت العكس وهو أمر صعب دائما
-بعض التشريعات
ينص على القواعد الموضوعية للإثبات في صلب القانون المدني وينص على الشكلية
للإثبات (الإجرائية) في قانون الإجراءات المدنية والتجارية (قانون المرافعات)… في
حين يذهب بعض التشريعات إلى النص على قواعد الإثبات بنوعيها في قانون الإجراءات
المدنية …. وتذهب التشريعات الأخرى إلى إصدار قانون مستقل للإثبات يجمع القواعد
الموضوعية والإجرائية للإثبات معا . ويهمنا بأن نبيت ان التشريع الجزائري أخذ
بالنظام الأول فنص على القواعد الشكلية في قانون الإجراءات المدنية .
2-محل الإثبات : يقصد بمحل الإثبات تلك الواقعة القانونية المنشئة للحق لأنها هي مصدر الحق
وبإثبات المصدر يثبت نشوء الحق ووجوده وسوف نتكلم عن محل الإثبات في الواقعة
المادية وفي التصرف القانوني .
الواقعة المادية
لقانون: سبق القول أن
الواقعة المادية القانونية قد تكون من فعل الطبيعة وحدها ولا دخل للإنسان في
إحداثها كالولادة وقد تكون الواقعة المادية قانونية أيضا يترتب عليها القانون أثار
معينة وهي من عمل الإنسان كالعمل الضار وغير المشروع كالجريمة، وكلما كانت الواقعة
المادية مصدر للحق المتنازع عليه كانت هذه الواقعة بالذات هي محل الإثبات أمام
القضاء أي تكون هي ما ينبغي إقامة الدليل على إثباته حتى وجود الحق ويشترط في
الواقعة المادية القانونية التي تكون محل للإثبات شروط هي :
1-أن تكون متعلقة
بالدعوى : ومؤدي هذا الشرط أن تكون الواقعة المراد لها علاقة بالحق موضوع النزاع
والبداهة لا لزوم لإثبات واقعة لا تتعلق بموضوع الحق المتنازع عليه أمام القضاء.
2-يجب أن تكون
الواقعة منتجة في الإثبات : يقصد بهذا أن تكون الواقعة مقنعة للقاضيين ولو في
أحد عناصرها، وفي هذا الصدد تنص المادة 64 إجراءات مدنية يجوز الأمر بالتحقيق
لإثبات الوقائع التي تكون بطبيعتها قابلة للإثبات بشهادة الشهود والتي يكون المحقق
فيها حيادي ومنتحا في الدعوى .
3-أن تكون جائزة
القيود: المقصود في الشرط أن تكون الواقعة المراد إثباتها على فرض صحتها
وإمكان ثبوتها، ويجوز للمحكمة قبولها كدليل في الدعوى قضائية فلو تصورنا أن محل
الحق المدعي به من الإثبات الخارجة عن دائرة التعامل ويحرم التعامل فيها كالنقد ،ففي
هذه الحالات تكون الواقعة المراد إثباتها غير جائزة القبول قانونيا أمام المحكمة .
2/التصرف القانوني : سبق أن عرفنا بأن التصرفات القانونية هي المصادر
الإدارية للحقوق لأن نشوء الحق وقيامه يتوقف على إرادة الشخص سواء في العقود
التبادلية أو في التصرفات بإرادة منفردة، وبهذا تختلف التصرفات القانونية عن
الوقائع المادية القانونية، حتى تلك الوقائع المادية التي تكون بفعل الشخص ذاته في
الأعمال الضارة وغير المشروعة كالجرائم وأشباه الجرائم بل وحتى في الجرائم
العمدية، لأننا كما ذكرنا من قبل أنه حتى في الجرائم العمدية التي يرتكبها الجاني
بإرادته الحرة ويتوافر لديه القصد الجاني ونية الإجرام تكون الجريمة ذاتها عمدية
أي إرادية ولكن حق المجني عليه أو ذويه في التعويض عن الضرر الناشئ عنها ذلك الحق يرتبه
القانون على فعله الضار دون أن يكون للمجرم إرادة للحقوق الناشئة ولهذا تعتبر
الجرائم أعمالا غير مشروعة وتعتبر مصادر غير إرادية للحقوق الناشئة عنها في حين أن
الجرائم عمدية كما قلنا فالعبرة بنشأة الحق رغم إرادة الملتزم به. والتصرفات
القانونية باعتبارها مصادر إرادية للحقوق تختلف أيضا عن الواقع المادية من حيث
الإثبات، وذلك لأن مصادر الحقوق هي العقود وهي من صنع الأشخاص مع توافر الإرادة
الصحيحة للأشخاص وتلك الإرادات الحرة هي محور العقود المنشئة للحقوق. ولهذا نجد
المشرع غالبا يستلزم لإثبات الحقوق العقدية دليلا معينا هو الإثبات بالكتابة بحسب
الأصل كقاعدة عامة. ولكن لهذه القاعدة استثناء ان في القانون المدني الجزائري نصت
عليهما المادة 333 بقولها أن التصرفات القانونية التي تزيد قيمتها عن 1000 دج أو
تكون قيمتها غير محددة، لا تثبت بشهادة الشهود ولابد من أن تكون ثابتة بالكتابة
وذلك فيما عدا المعاملات التجارية. ومعنى ذلك أنه يستثني من قاعدة إثبات الحقوق
بالكتابة في العقود حالتان :
أ-الحالة
الأولى: المعاملات التجارية لأنها تقوم على عنصري الثقة والسرعة معا.
ب-الحالة
الثانية: هي التصرفات القانونية التي تكون قيمتها 1000 دج فأقل سواء كانت
التصرفات منشئة للحق أو كان يترتب عليها انقضاء ذلك الحق .
المطلب
الثالث: طريق الإثبات :
تنص التشريعات عادة
على طرق الإثبات ووسائله، وفي بعض الحالات تحدد الأدلة التي يجب تقديمها للقضاء في
دعاوى معينة، وبالتالي تعتبر وحدها جائزة القبول دون غيرها. وبوجه عام يمكن حصر
أهم وسائل الإثبات أمام القضاء فيما يلي:
1-
الكتابة .
2-
شهادة الشهود (البينات).
3-
القرائن القانونية.
4-
حجية الشيء المقضي به .
5-
الإقرار (الإعتراف).
6-
اليمين .
7-
المعاينة .
8-
تقارير الخبراء.
وسنتكلم بإيجاز عن
كل وسيلة من وسائل الإثبات فيما يلي :
أولا: الكــتابـة :
تعتبر الكتابة من
أهم طرق الإثبات في عهدها الحاضر ، و لقد مر بنا أن المادة 333 مدني جزائري تضمنت
حكما مؤداه أنه في غير المسائل التجارية لا يجوز الإثبات إلا بالكتابة سواء لإثبات
وجود الحق أو لإثبات الوفاء به انقضاءه لأي سبب آخر تجاوزت قيمة التعرف القانوني
ألف دينار جزائري أو كانت القيمة غير محددة .
و بمفهوم المخالفة
لهذا النص نستطيع القول بأنه المعاملات التجارية المدنية التي تكون قيمتها ألف
دينار فأقل، و كذلك في المعاملات التجارية عامة مهما كان حجمها أو قيمتها،
فالإثبات جائز و يكون مقبولا أمام القضاء بكافة و سائله بغير الكتابة، كشهادة
الشهود و المحادثات الهاتفية و غيرها ومن البديهي أن الكتابة تصلح وسيلة للإثبات
في المواد التجارية وفي المواد المدنية إذا كانت 1000 دينار فأقل و ذلك من باب
أولى.
و الكتابة نوعان كتابة رسمية و كتابة عرفية . فالكتابة
الرسمية يقصد بها ما تكون من عمل موظف رسمي مختص كما هو الحال في عقود الرهن
الرسمي. أما الكتابة العرفية فهي التي يقوم بها الأفراد فيما بينهم دون تدخل موظف
رسمي و لكل من النوعين حجية خاصة كدليل للإثبات بحسب نصوص القانون .
ثانيا: شهادة
الشهود(البينات): يقصد بشهادة
الشهود، الأقوال التي يدلى بها الأشخاص في ساحات القضاء بشأن إثبات أو نفي واقعة
قانونية أيا كان نوعها .
و لهذا نقول بأن الشهود نوعان، شهود إثبات و شهود نفي، و للمحكمة أن تستمع إلى
الشهود دائما سواء كانوا للنفي أو للإثبات لكي تتجلى الحقيقية .
و تقبل شهادة الشهود كدليل إثبات في المواد التجارية عموما ، و كذلك في المواد
المدنية في حدود الألف دينار لا أكثر كما عرفنا من مضمون المادة 333 مدني، ما لم
يوجد نص قانوني بخلاف ذلك .
ولكن الشهادات أي البيانات أيا كان نوعها و أيا كان الأشخاص الذين يؤدون
الشهادة لا تكون ملزمة للقاضي بل تخضع لتقديره. فله أن يقبل شهادة واحد من الشهود
كدليل إثبات أو نفي يقنع به و يرفض شهادتين متضاربتين، في نفس الدعوى و نفس
الموضوع .
ثالثا: القرائن القانونية والقضائية : القرينة القانونية التي ينص المشرع عليها كدليل إثبات تعفي من تقررت صالحه من
عبء الإثبات، ومن أمثلتها قرينة الوفاء بالأقساط السابقة عند ثبوت الوفاء بقسط
الأجرة اللاحق وعلى ذلك نصت المادة 449 مدني بقولها:
" الوفاء بقسط من الاجرة يعتبر قرينة الوفاء بالاقساط السابقة حتى يقوم
الدليل على عكس ذلك" . وتفسير ذلك أنه في دعوى المطالبة بإيجار المعين إذا
قدم المستأجر ما يفيد قيامه بسداد الإيجار عن الشهر الرابع من العام الحالي مثلا
يعتبر ذلك قرينة على سداد جميع الأقساط السابقة على ذلك التاريخ، وعلى المؤجر ان
يثبت العكس إذا أراد أي أنه يصبح الملزم بالإثبات. أما القرائن القضائية فيقصد بها
كل ما يستخلصه القاضي من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول فهي أدلة استنتاجية،
ولهذا يجوز للطرف الآخر أن يثبت العكس إذا مكنه من ذلك . وجرى العرف القانوني على
أن القرينة أي كان نوعها فهي أدنى من مستوى الدليل في مجال الإثبات أي لا ترقى إلى
قيمته في نطاق الإثبات القضائي ومعنى ذلك أن القرينة تحتاج إلى قرينة أخرى تسندها
كدليل إثبات، بينما الدليل يكون بمرده كافيا لإثبات الواقعة القانونية أو نفيها .
رابعا: حجية الشيء
المقضي به : الحكم النهائي
الفاصل في موضوع الدعوى يعتبر عنوانا للحقيقة والعدالة في نفس الوقت. ولذلك تكون
له حجيته في مواجهة الكافة أي بالنسبة لأطراف الخصومة ولغيرهم من الناس ولهذا يعبر
عن الحكم النهائي في الدعوى بأنه حجة قضائية وأن له قوة الشيء المقضي. لذلك يعتبر
الحكم النهائي سببا من أسباب انقضاء الدعوى، بل هو السبب الطبيعي والعادي لانتهاء
الدعاوى، فهو خاتمة مراحل الدعوى وهو الذي يحسم المنازعات القضائية أيا كان نوعها.
ويصدر الحكم النهائي لا يجوز إعادة رفع النزاع إلى أي جهة قضائية أخرى طالما لم
يتغير أطراف الدعوى ومحلها وسببها. ويمكن الاحتجاج بالحكم القضائي النهائي كدليل
على صحة ما جاء فيه واستخدام هذا الحكم كدليل للإثبات في دعوى قضائية أخرى لحسم
نزاع يتصل بالنزاع الذي فصل فيه نهائيا .
خامسا: الإقرار القضائي
: من المبادئ المقررة في
الفقه القانوني ان الإقرار القضائي يعتبر سيد الأدلة في الإثبات أمام الجهات
القضائية، والإقرار القضائي بقصد به اعتراف المدعي عليه بصحة الواقعة القانونية
المدعي بها. ولهذا نقول إذا أقر المدعي عليه امام المحكمة بمديونيته بالحق المدعي
به عليه، كان هذا الإقرار من جانبه دليلا على ثبوت حق المدعي. ولا تجوز تجزئة
الإقرار بل يتوجب على القاضي في هذه الحالة الحكم لصالح المدعي، والإقرار دليل قاطع
في الإثبات، اما في المواد الجنائية فقد نصت المادة 213 إجراءات جزائية على ما
يأتي " الاعتراف شأنه كشأن جميع عناصر الإثبات يترك لحرية تقدير القاضي"
. ولاشك ان المشرع يقصد بهذا النص الواضح ان يخول القاضي حق تحري الحقيقة لتحقيق
العدالة فله ان يلتفت عن الاعتراف القضائي إذا كان غير صحيح أو كان نتيجة إكراه
مادي او معنوي. اما إذا كان الاعتراف لا يشوبه عيب فإنه يعتبر دليلا متميزا في
الإثبات القضائي .
سادسا: الـيمـيـن : يقصد باليمين أداء القسم، أي يحلف الشخص بالله العظيم أن
يقول الحق ولا شيء غير الحق، وإلا تعتبر شهادته باطلة قانونا، وجرى العمل ان يؤدى
الشهود اليمين القانونية قبل إبداء أقوالهم أمام المحكمة، كما يقسم أيضا المترجمون
والخبراء وغيرهم ممن يبدون أراءهم في حالات انتداب الخبراء، وذلك للتأكيد من أنهم
سيؤدون شهاداتهم بالحق والصدق. والخصوم أيضا قد يؤدون اليمين كوسيلة من وسائل
الإثبات مع ملاحظة أن اليمين نوعان: اليمين المتممة ، واليمين الحاسمة .
واليمين المتممة هي التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه
إلى أي أطراف الخصومة في الدعوى بغرض اتمام اقتناعه بقرينة معينة، وهذه اليمين
المتممة لا أثر لها، لأن القاضي له أن يأخذ بها وله ان يلتفت عنها حتى بعد قيام
الخصم بحلف اليمين. ومن المعلوم ان للخصم ان يحلف اليمين المتممة إذا طلبها القاضي
وله أن يمتنع عن أداء اليمين، حيث لا يتقرر حتما بأدائها أو النكول عنها حسم
النزاع إيجابيا أو سلبيا.
أمت اليمين الحاسمة
فهي التي يوجهها الخصم المدعي للمدعي عليه، عندما يعجز عن إثبات حقه الذي يدعيه،
ويطلب منه ان يقسم على صحة ما يدعي به عليه أو عدم صحته، وبحسب نص القانون تحسم
هذه اليمين النزاع. بحيث لو أداها المدعي عليه وقرر عدم صحة الإدعاء المقام ضده
فإن المدعي يخسر دعواه، أما إذا امتنع المدعي عليه من حلف اليمين الحاسمة فإن
المدعي يربح دعواه، حيث يعتبر ذلك دليل إثبات على صحة ما ادعاه.وفي المواد
الجنائية لا يحلف المدعي المدني اليمين، ولا يعتبر شاهدا لأنه يعتبر خصما حتى ولو
كان هو المجني عليه، مع أنه في حالة عدم ادعائه مدنيا يعتبر شاهد الإثبات الأول في
الدعوى العمومية ويحلف اليمين باعتباره شاهدا .
سابعا:
المعـايـنة : يقصد بالمعاينة الانتقال إلى مكان النزاع لمشاهدته على
الطبيعة بقصد التوصل إلى معرفة الحقيقة والفصل في الدعوى على ضوء نتيجة المعاينة.
وقد تنتقل المحكمة بهيئتها القضائية لإجراء المعاينة إذا كانت هناك مبررات وذلك
لاستجلاء الملابسات الغامضة في موضوع
النزاع، وللمعاينة أثر بالغ في استظهار الحقائق. وقد تضمن قانون الإجراءات
المدنية الجزائري النص على أنه يجوز لقاضي المحكمة أن يأمر من تلقاء نفسه أو بناء
على طلب الخصوم بالانتقال للمعاينة. وأنه يجوز للقاضي ان يستصحب من يختاره من أهل
الخبرة للاستعانة به عند إجراء المعاينة والاسترشاد بخبرته الفنية في موضوع
النزاع. كما أجاز المشرع للقاضي أثناء إجراء المعاينة ان يسمع الشهود الذين يرى
لزوما لسماع شهاداتهم بعين المكان. ويجب أن يحرر محضر بالمعاينة ويوقع عليه القاضي
ومن كاتب الجلسة وتثبت فيه إجراءات المعاينة وما يثبت منها، على ان يودع هذا
المحضر بملف الدعوى.كما نص المشرع على أن مصروفات الانتقال للمعاينة تضاف إلى
مصروفات الدعوى .
ثامنا:
تقارير الخبراء : كثيرا ما يلجأ القضاة إلى الاستعانة
بأهل الخبرة من أطباء أو مهندسين او فنيين، لإجراء الفحص والبحث والتحليل في
الدعاوى التي تثار فيها مشاكل تقنية مثل مضاهاة الخطوط عند الادعاء بتزوير
المحررات وتكون لتقارير أولئك الخبراء أهمية قانونية كقرائن او أدلة في الإثبات
القضائي. وقد نظم المشرع في قانون الإجراءات المدنية قواعد الاستعانة بالخبراء
أمام المحاكم وأجاز للقاضي أن يستعين بخبير أو بعدد من الخبراء لاجراء أعمال
الخبرة في الدعوى المطروحة عليه، سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم.
وللقاضي أن يختار هؤلاء الخبراء من بين المقيدين بجدول الخبراء بالمجلس القضائي أو
من غيرهم بشرط ان يحلفوا اليمين القانونية. ويلتزم الخبراء بتقديم تقاريرهم عن
المهام التي كلفوا بها من قبل المحكمة في الآجال التي يحددها لهم القاضي الذي
انتدبهمن ويجوز للقاضي مناقشتهم في المحكمة لاستجلاء ما كان غامضا في تلك
التقارير. وبهذا نكون قد استكملنا باب اثبات الحق وننتقل إلى الباب الخامس والأخير
لكي نبحث زوال الحق أي انقضاء الحق .
من كل ما سبـق نستطيـع أن نوجـز الكـلام فـي أن
القـانون
فعلا يـقر بحـق الشخـص ويـحمـيه لـكن إذا استـعمل هـذا
الـشخـص حـقـه بـدون تعسـف واستعـملـه في الـحـدود
القـانونيـة الشرعية وأيـضا إذا أثـبت هـذا الشـخص حـقـه
بالطـرق القـانـونـيـة
د/ فريد محمدي زواوي
مدخل
إلى العلوم القانونية
نـظـريـة
الحـــق
اسحاق إبراهيم منصور
نظريتا
القانون والحق