الماده90مدنى
1- التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفاً، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكّاً في دلالته على حقيقة المقصود.
2- ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً، إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً.
========================================
01-نصوص العربية المقابلة
========================================
النصوص العربية المقابلة:
هذه المادة تقابل فى نصوص القانون المدنى بالأقطار العربية، المواد التالية:
مادة 90 ليبى و 93 سورى و79 عراقى و 74 سودانى و 179 لبنانى و 106 كويتى.
_______________
========================================
02-أعمال التحضيرية
========================================
الأعمال التحضيرية:
التفرقة بين التعبير الصريح والتعبير الضمنى عن الإرادة... ليست بمجردة من الأهمية العملية، فقد يستلزم القانون احيانا، وقد يشترط المتعاقدون انفسهم فى بعض الفروض، وجوب التعبير الصريح عن الإرادة لإبراز أهمية التصرف القانونى الذى يراد عقده، وبين مختلف المعايير التى تداولها الفقه فى هذا الصدد يوجد معياران هما اكثر هذه المعايير ذيوعاً: أولهما- يحتكم إلى فكرة المألوف وغير المألوف فى أسلوب التعبير أو طريقته ويرى اصحاب هذا المعيار ان التعبير يكون صريحا إذا كان اسلوب الإفصاح عن الإرادة من الأساليب المألوفة، ويكون على النقيض من ذلك ضمنيا إذا لم يكن اسلوب الإفصاح من بين الأساليب التى الف إستعمالها فى هذا الشأن، بحيث لا يتاح إستخلاص دلالة التعبير فى الصورة الأخيرة الا من طريق الاستنتاج. اما المعيار الثانى- فيرى اصحابه ان التعبير يكون صريحا أو ضمنيا تبعا لما إذا كان مباشرا أو غير مباشر، ويراعى ان الفارق العلمى بين هذين المعيارين ضئيل ان لم يكن معدوما فالاسلوب المألوف فى التعبير عن الإرادة هو فى القانون ذاته الاسلوب المباشر، فى حين ان الاسلوب غير المباشر ليس فى الغالب بالاسلوب المألوف، ومهما يكن من شئ فقد أثر المشرع الا بفصل فى المسألة بنص تشريعى، تاركا أمر البحث عن المعيار السليم لإجتهاد الفقه والقضاء- ومع ذلك فمن المحقق ان إتخاذ موقف معين، أو إلتزام سلوك بالذات، للإفصاح عن الإرادة لا يستتبع حتما ان تكون هذه الإرادة ضمنية، فمن صور السلوك فى بعض الفروض، ما قد يعتبر اسلوبا مباشرا مألوفا فى الإفصاح عن الإرادة، ويكون بهذه المثابة تعبيرا صريحا
(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني - جزء 2- ص 14 و15)
_______________
========================================
03-لشرح والتعليق
========================================
1 - يكون التعبير صريحا إذا كان المظهر الذى إتخذه- كلاما كان أو كتابة أو إشارة أو غير ذلك- مظهرا موضوعا فى ذاته للكشف عن الإرادة حسب المألوف عليه الااردة، ويكون بالكتابة فى اى شكل من اشكالها، ويكون بالإشارة المتداولة عرفا كإشارة الاخرس وهز الرأس أو الكنف ولو من غير الاخرس، ويكون التعبير الصريح اخيرا بإتخاذ أو موقف لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على حقيقة المقصود، كعرض التاجر لبضائعه على الجمهور، وكوقوف سيارات الاجرة فى المواقف المعدة لها، وكوضع الة ميكانيكية لتأدية عمل معين، كل هذا يعتبر تعبيرا صريحا عن الإرادة.
ويكون التعبير عن الإرادة ضمنيا إذا كان المظهر الذى إتخذه ليس فى ذاته موضوعا للكشف عن الإرادة، ولكنه مع ذلك لا يمكن تفسيره دون افتراض وجود هذه الإرادة، مثل ذلك الموعود بالبيع يتصرف فى العين الموعود ببيعها، فهذا دليل على انه قبل الوعد بالبيع، ولذلك يتصرف فى العين، والدائن يسلم سند الدين للمدين، فهذا دليل على انه اراد انهاء الدين ما لم يثبت عكس ذلك، ومن صدر له توكيل إذا نفذ الوكالة، وكان هذا دليلا علىانه قد قبله(1).
2 - التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفا، كما يكون بالفعل، وهذا فى الفقه الاسلامى وفى التشريعات العربية.
فلا يشترط- فى التعبير باللفظ- ان يكون بلفظ معين دون اخر، بل اى لفظ يدل على المعنى المقصود يجوز التعبير به عن الرضا، وهذا هو حكم الفقه الاسلامى وحكم القانون على سواء، لان العبرة فيها المعانى لا للالفاظ، ويشترط الفقه الاسلامى فى ذلك ان يكون اللفظ قاطعا فى دلالته
على الإيجاب أو القبول، ولا نرى مانعا من الاخذ بهذا الحكم فى القانون، اسوة بما نص عليه النقنين المدنى العراقى(م77/2).
ويجوز التعبير عن الإرادة بالإشارة المتداولة عرفا كتحريك الرأس عموديا للتعبير عن القبول، أو هز الكتف لتعبير عن الرفض، والتعبير عن الإرادة بالإشارة جائز فى التشريعات العربية من الاخرس وغير الاخرس على سواء، سواء اكان الاخرس يعرف الكتابة، أو لا يعرفها، وبهذا صرحت المادة 79 مدنى عراقى، اما فى الفقه الاسلامى فجمهور الفقهاء اجمعوا على ان التعبير بالإشارة يجوز للاخرس، سواء اكان الخرس أصليا منذ الولادة أو عأرضا طرأ بعدها وأصبح به الشخص معتقل اللسان، فالإشارة المعهودة للاخرس كالبيان باللسان، وإذا جاز التعبير عن الإرادة بالإشارة، فيجب ان تكون هذه الإشارة ممن يعبر بها ومفهومه فى العرف، وإلا فلا عبرة بها.
والتعبير بالكتاب كالخطاب جائز فى الفقه الاسلامى وفى القانون على سواء ، بحيث يجوز ان يعبر به الشخص عن إرادته، ويجوز ذلك لمن يستطيع النطق باللفظ، ولمن يكون اخرسا على سواء، ويغلب ان يتم التعاقد بين الغائبين بالكتابة.
اما التعبير عن الإرادة بالفعل، وهو ما عبرت عنه التشريعات العربية بنصها على ان التعبير عن الإرادة يكون "بإتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على حقيقة المقصود". كعرض التاجر سلعا فى واجهة متجره مبينا اثمانها عليها وهو إيجاب لبيعها، وفىالفقه الاسلامى اجاز جمهور الفقهاء التعبير عن الإرادة بالفعل فى غير عقد الزواج، طالما كان الفعل دالا على الرضا.
وكما يكون التعبير عن الإرادة صريحا قد يكون ضمنيا، فالتعبير الصريح هو الذى يفصح بذاته عن الإرادة حسب المألوف عند الناس (كبعت واشتريت). اما التعبير الضمنى، فهو تعبير عن الإرادة لا يفصح بذاته عنها، لكن يستنبط منه إتجاه هذه الإرادة، كما لو بقى المستأجر فى العين المؤجرة بعد إنتهاء مدة الإيجار بما يفهم منه انه يريد تجديد عقد الإيجار(2).
3 - التراضى على أصل العقد هو الأساس فى إنعقاده، ويلحق بأصل العقد جميع الامور الجوهرية التى لها موقع أساسى فى نظر العاقدين.
ويجب ان يكون التراضى على أصل العقد واضحا لا شك فيه، وذلك بأن يكون التعبير عنه وإلا عليه دلالة كافية.
قبل القانون جميع طرق التعبير عن إتفاق الإرادتين، متى توافرت فيها الدلالة الكافية، فيجوز ان يكون ذلك باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا، كإيماء الرأس إلى الاسفل مثلا، أو بإتخاذ اى موقف لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته عل الإرادة الجازمة، كعرض البضائع مكتوبا عليها سعرها، فإنه يعبر من قبيل الإيجاب.
ويستوى فى الإشارة ان يكون الشخص المومئ قادرا على التكلم أو الكتابة أو غير قادر، كما يستوى فى الكتابة ان تكون بين حاضرين أو بين غائبين.
وكذلك يجوز ان يكون التعبير ضمنيا غير صريح، مالم ينص القانون أو يتفق الطرفان إتفاقا سابقا على لزوم كونه صريحا- كما لو عرض على شخص دار للإيجار فانتقل، أو عرض عليه شئ للبيع فتصرف فيه ببيع ونحوه، فالفعل منه يفسر بأنه مبنى على قبول ملحوظ من خلال هذه الأعمال، وهذا هو التعبير الضمنى.
والفارق المميز بين التعبيرين الصريح والضمنى، وهو ان يكون طريق التعبير مخصصا عرفا للدلالة عليه أو يكون هو الشائع المألوف فيه، بحيث لا يتبادر منه إلى الاذهان إلى هذه الدلالة، فإيماء الرأس إلى اسفل بعد إيجاب سابق فيه هذا التعبير الصريح عن القبول، ووقوف السيارة فى المواقف العامة المخصصة لها فيه هذا التعبير الصريح عن الإيجاب.
اما اكل الطعام المعروض، والإنتقال إلى الدار المعروضة للإيجار فليس عملا مخصصا عرفا للتعبير عن إيجاب أو قبول، وانما يستفاد ذلك منه إذا حصل بطريق الإقتضاء والإستلزام.
واما للسكوت المجرد اى الذى يصحبه عمل أو موقف مفسر، فالأصل القانونى فيه ان يكون تعبيرا عن الإرادة إيجابا ولا قبولا، لان الإرادة حركة، والسكوت سكون، اى ان الإرادة عمل إيجابى، والسكوت موقف سلبى- وهذا مبدأ مطرد بالنسبة إلى الإيجاب، لانه هو الإرادة المبتدأة التى تكون الشق الأول من العقد، فلابد من امر إيجابى يدل عليها.
اما بالنسبة إلى القبول، فإن السكوت قد يعتبر قبولا على سبيل الاستثناء، لان سبق الإيجاب قد يكون فى أحوال أو معاملات تجعل من السكوت دلالة على الرضى، اذ يكون الظاهر من الحال ان الموجه إليه التعبير لو لم يرضى لبادر إلى إظهار الرفض، وهذا ما يسمى بالسكوت الملابس.
وقد نص القانون السورى على هذه القابلية فى السكوت لان يكون قبولا، إذا كانت طبيعية المعاملة أو المعرف التجارى أو اى طرف اخر، تدل على ان الموجب لم يكن لينتظر تصريحا بالقبول فحينئذ يعتبر تاما إذا لم يرفض الإيجاب فى وقت مناسب.
وإعتبر القانون السكوت قبولا بصورة خاصة كقرينة قانونية فى التعبير عن الإرادة فى حالتين:
(1) إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين، واتصل بالإيجاب بهذا التعامل، كما لو كان الطرفان قد اعتادا ان يطلب احدهما من الاخر الغائب ان يرسل إليه البضائع فيرسلها، دون ان يؤذيه بالقبول، ففى هذه الحال إذا ارسل العميل كعادته طلبا وسكت الاخر، كان هذا قبولا.
(2) إذا تمخض الإيجاب لمنفعه من وجه اليه، ذلك لان عدم الرفض أو السكوت يفقد دلالته على القبول فى موقف فيه مجال للموازنة بين نفع وضرر، والمفروض فى مثل هذه الحال، ان الإيجاب يحمل نفعا محضا للموجه اليه، فعدم الرفض فيه دلالة كافية على القبول، كالإيجاب فى الاعارة والفقه الاسلامى يقرر بالنسبة للسكوت قاعدة مشهورة تقول: "ولا ينسب إلى ساكت قول، ولكن السكوت فى معرض الحاجة إلى البيان بيان"، (م 67 مجلة الأحكام العدلية) وهذه القاعدة تتلاقى مع المبدأ القانون العام فى السكوت، انه ليس تعبيرا، مع مستثنياته الانفة الذكر فهى تقبل إعتبار السكوت تعبيرا على سبيل الاستثناء، عندما تحفه ظروف ملابسة تجعل فيه هذه الدلالة(3).
4 - تقرر المادة 79 من النقنين المدنى العراقى ان التعبير عن الإيجاب أو القبول قد يكون بالمشافهة أو بالمكاتبة أو بالإشارة الشائعة الإستعمال ولو من غير الاخرس أو بالمبأدلة الفعلية الدالة على التراضى أو بإتخاذ اى مسلك اخر لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على التراضى، ذلك ان الأصل فى التعبير عن الإرادة ان يكون بواسطة الالفاظ الموضوعة لذلك، وإذا كان الفقه الاسلامى يجعل من اللفظ اداة طبيعية عامة للتعبير عن الإرادة، فإنه ليس معنى هذا انه يشترط لذلك الفاظا معينة بذاتها، فكل لفظ يدل على إرادة العاقد دون لبس أو إبهام يكفى كوسيلة للتعبير عن الإرادة التى ينعقد بها العقد.
ومثل الالفاظ فى دلالتها الكتابة، فالقاعدة عندهم ان الكتاب كالخطاب على ان التعاقد عن طريق الكتابة يثير مسألة تحديد مجلس العقد أو تحديد زمان ومكان إنعقاد العقد.
وتقرر المادة المذكورة كذلك ان العقد ينعقد كذلك بالإشارة الشائعة الإستعمال (ولو من غير الاخرس)، وفى هذا خرج المشرع العراقى على ما يذهب إليه فقهاء المذهب الحنفى وجمهرة الفقهاء، واخذ بمذهب إليه فقهاء المذهب المالكى، وبيان ذلك ان جمهرة الفقهاء يذهبون إلى عدم إعتبار إشارة غير الاخرس، والسبب فى هذا ان الإشارة عندهم طريق استثنائى من طرق التعبير عن الإرادة اجيزت للضرورة، فيجب عن التوسع فيها، لان الضرورة
تقدر بقدرها، ولهذا قالوا ان الإشارة لا تعتبر الا إذا صدرت من اخرس، بل انهم ذهبوا إلى ان الاخرس إذا كان يحسن الكتابة، فلا تجوز عقوده الا بها لان الكتابة تعبير بالقلم- فهى كالنطق فى قوة الدلالة والإشارة اضعف منها ولا يصح العدول عن الدلالة القوية إلى الدلالة الضعيفة ما امكنت هذه وكانت فى الاستطاعة- اما اصحاب المذهب المالكى- فقد ذهبوا إلى ان غير الاخرس كالاخرس إذا فهم عنه بالإشارة، وكل لفظ أو إشارة فهم منها الإيجاب والقبول لزم بها البيع وسائر العقود، واوضح ان مذهب الامام مالك بساير فى هذه المسألة مقتضيات التعامل وحاجات للعصر، ولهذا اخذ به القانون المدنى العراقى.
كما تقرر المادة 79 من النقنين المدنى العراقى ايضا ان التعبير عن الإرادة قد يكون بإتخاذ اى مسلك اخر لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على التراضى ينعقد به العقد، وبهذا قطع المشرع العراقى كل شك فى موقفه، وقرر مع فريق من الفقهاء ان اى مسلك لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على التراضى ينعقد به العقد، وبهذا يصل إلى ما وصل إليه الفقه المدنى الغربى، ويترتب على هذا انه إذا عرض شخص على اخر شراء بضاعة بمبلغ معين، فقام من وجه الإيجاب برهنها أو بيعها أو التصرف المادى فيها فقد إعتبر عمله هذا قبولا إنعقد به عقد البيع(4).
___________________
(1) الوسيط - 1- الدكتور السنهوري - طبعة 1952- المرجع السابق - ص 125 وما بعدها ، وكتابه : الوجيز - المرجع السابق - ص 51 وما بعدها .
(2) نظرية الإلتزام في الشريعة والتشريعات العربية - الدكتور عبد الناصر العطار - المرجع السابق - ص 35 وما بعدها .
(3) القانون المدني السوري - للاستاذ مصطفي الزرقا - المرجع السابق - ص 44 وما بعدها .
(4) القانون المدني العراقي - الدكتور حسن القانوني - المرجع السابق
_______________
========================================
04-] التعليــــــق [
========================================
هذه المادة تقابل من نصوص المواد العربية السوري م93، الليبي م90، العراقي م77، السوداني م74، الكويتي م105 و 108، اللبناني م179.
وقد جاء عنها بالمذكرة الإيضاحية بأن "التفرقة بين التعبير الصريح والتعبير الضمني عن الإرادة ليست بمجردة من الأهمية العملية فقد يستلزم القانون أحياناً وقد يشترط المتعاقدون أنفسهم في بعض الفروض وجوب التعبير الصريح عن الإرادة لإبراز أهمية التصرف القانوني الذي يراد عقده. وبين مختلف المعايير التي تداولها الفقه في هذا الصدد يوجد معياران هما أكثر هذه المعايير ذيوعاً أولها يحتكم إلى فكرة المألوف وغير المألوف في أسلوبه أو طريقته ويرى أصحاب هذا المعيار أن التعبير يكون صريحاً إذا كان أسلوب الإفصاح عن الإرادة من الأساليب المألوفة ويكون على النقيض من ذلك ضمنياً إذا لم يكن أسلوب الإفصاح من بين الأساليب التي ألف استعمالها في هذا الشأن بحيث لا يتاح استخلاص دلالة التعبير في الصورة الأخيرة إلا من طريق الاستنتاج، أما المعيار الثاني ويراعى أن الفارق العملي بين هذين المعيارين ضئيل إن لم يكن معدوماً فالأسلوب المألوف في التعبير عن الإرادة هو في الوقت ذاته الأسلوب المباشر في حين أن الأسلوب غير المباشر ليس في الغالب بالأسلوب المألوف ومهما يكن من شيء فقد آثر المشروع ألا يفصل في المسألة بنص تشريعي تاركاً أمر البحث عن المعيار السليم لاجتهاد الفقه والقضاء ومع ذلك فمن المحقق أن اتخاذ موقف معين أو التزام سلوك بالذات للإفصاح عن الإرادة لا يستتبع حتماً أن تكون هذه الإرادة ضمنية. فمن صور السلوك في بعض الفروض ما قد يعتبر أسلوباً مباشراً مألوفاً في الإفصاح عن الإرادة ويكون بهذه المثابة تعبيراً صريحاً.
1- التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفاً، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكّاً في دلالته على حقيقة المقصود.
2- ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً، إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً.
========================================
01-نصوص العربية المقابلة
========================================
النصوص العربية المقابلة:
هذه المادة تقابل فى نصوص القانون المدنى بالأقطار العربية، المواد التالية:
مادة 90 ليبى و 93 سورى و79 عراقى و 74 سودانى و 179 لبنانى و 106 كويتى.
_______________
========================================
02-أعمال التحضيرية
========================================
الأعمال التحضيرية:
التفرقة بين التعبير الصريح والتعبير الضمنى عن الإرادة... ليست بمجردة من الأهمية العملية، فقد يستلزم القانون احيانا، وقد يشترط المتعاقدون انفسهم فى بعض الفروض، وجوب التعبير الصريح عن الإرادة لإبراز أهمية التصرف القانونى الذى يراد عقده، وبين مختلف المعايير التى تداولها الفقه فى هذا الصدد يوجد معياران هما اكثر هذه المعايير ذيوعاً: أولهما- يحتكم إلى فكرة المألوف وغير المألوف فى أسلوب التعبير أو طريقته ويرى اصحاب هذا المعيار ان التعبير يكون صريحا إذا كان اسلوب الإفصاح عن الإرادة من الأساليب المألوفة، ويكون على النقيض من ذلك ضمنيا إذا لم يكن اسلوب الإفصاح من بين الأساليب التى الف إستعمالها فى هذا الشأن، بحيث لا يتاح إستخلاص دلالة التعبير فى الصورة الأخيرة الا من طريق الاستنتاج. اما المعيار الثانى- فيرى اصحابه ان التعبير يكون صريحا أو ضمنيا تبعا لما إذا كان مباشرا أو غير مباشر، ويراعى ان الفارق العلمى بين هذين المعيارين ضئيل ان لم يكن معدوما فالاسلوب المألوف فى التعبير عن الإرادة هو فى القانون ذاته الاسلوب المباشر، فى حين ان الاسلوب غير المباشر ليس فى الغالب بالاسلوب المألوف، ومهما يكن من شئ فقد أثر المشرع الا بفصل فى المسألة بنص تشريعى، تاركا أمر البحث عن المعيار السليم لإجتهاد الفقه والقضاء- ومع ذلك فمن المحقق ان إتخاذ موقف معين، أو إلتزام سلوك بالذات، للإفصاح عن الإرادة لا يستتبع حتما ان تكون هذه الإرادة ضمنية، فمن صور السلوك فى بعض الفروض، ما قد يعتبر اسلوبا مباشرا مألوفا فى الإفصاح عن الإرادة، ويكون بهذه المثابة تعبيرا صريحا
(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني - جزء 2- ص 14 و15)
_______________
========================================
03-لشرح والتعليق
========================================
1 - يكون التعبير صريحا إذا كان المظهر الذى إتخذه- كلاما كان أو كتابة أو إشارة أو غير ذلك- مظهرا موضوعا فى ذاته للكشف عن الإرادة حسب المألوف عليه الااردة، ويكون بالكتابة فى اى شكل من اشكالها، ويكون بالإشارة المتداولة عرفا كإشارة الاخرس وهز الرأس أو الكنف ولو من غير الاخرس، ويكون التعبير الصريح اخيرا بإتخاذ أو موقف لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على حقيقة المقصود، كعرض التاجر لبضائعه على الجمهور، وكوقوف سيارات الاجرة فى المواقف المعدة لها، وكوضع الة ميكانيكية لتأدية عمل معين، كل هذا يعتبر تعبيرا صريحا عن الإرادة.
ويكون التعبير عن الإرادة ضمنيا إذا كان المظهر الذى إتخذه ليس فى ذاته موضوعا للكشف عن الإرادة، ولكنه مع ذلك لا يمكن تفسيره دون افتراض وجود هذه الإرادة، مثل ذلك الموعود بالبيع يتصرف فى العين الموعود ببيعها، فهذا دليل على انه قبل الوعد بالبيع، ولذلك يتصرف فى العين، والدائن يسلم سند الدين للمدين، فهذا دليل على انه اراد انهاء الدين ما لم يثبت عكس ذلك، ومن صدر له توكيل إذا نفذ الوكالة، وكان هذا دليلا علىانه قد قبله(1).
2 - التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفا، كما يكون بالفعل، وهذا فى الفقه الاسلامى وفى التشريعات العربية.
فلا يشترط- فى التعبير باللفظ- ان يكون بلفظ معين دون اخر، بل اى لفظ يدل على المعنى المقصود يجوز التعبير به عن الرضا، وهذا هو حكم الفقه الاسلامى وحكم القانون على سواء، لان العبرة فيها المعانى لا للالفاظ، ويشترط الفقه الاسلامى فى ذلك ان يكون اللفظ قاطعا فى دلالته
على الإيجاب أو القبول، ولا نرى مانعا من الاخذ بهذا الحكم فى القانون، اسوة بما نص عليه النقنين المدنى العراقى(م77/2).
ويجوز التعبير عن الإرادة بالإشارة المتداولة عرفا كتحريك الرأس عموديا للتعبير عن القبول، أو هز الكتف لتعبير عن الرفض، والتعبير عن الإرادة بالإشارة جائز فى التشريعات العربية من الاخرس وغير الاخرس على سواء، سواء اكان الاخرس يعرف الكتابة، أو لا يعرفها، وبهذا صرحت المادة 79 مدنى عراقى، اما فى الفقه الاسلامى فجمهور الفقهاء اجمعوا على ان التعبير بالإشارة يجوز للاخرس، سواء اكان الخرس أصليا منذ الولادة أو عأرضا طرأ بعدها وأصبح به الشخص معتقل اللسان، فالإشارة المعهودة للاخرس كالبيان باللسان، وإذا جاز التعبير عن الإرادة بالإشارة، فيجب ان تكون هذه الإشارة ممن يعبر بها ومفهومه فى العرف، وإلا فلا عبرة بها.
والتعبير بالكتاب كالخطاب جائز فى الفقه الاسلامى وفى القانون على سواء ، بحيث يجوز ان يعبر به الشخص عن إرادته، ويجوز ذلك لمن يستطيع النطق باللفظ، ولمن يكون اخرسا على سواء، ويغلب ان يتم التعاقد بين الغائبين بالكتابة.
اما التعبير عن الإرادة بالفعل، وهو ما عبرت عنه التشريعات العربية بنصها على ان التعبير عن الإرادة يكون "بإتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على حقيقة المقصود". كعرض التاجر سلعا فى واجهة متجره مبينا اثمانها عليها وهو إيجاب لبيعها، وفىالفقه الاسلامى اجاز جمهور الفقهاء التعبير عن الإرادة بالفعل فى غير عقد الزواج، طالما كان الفعل دالا على الرضا.
وكما يكون التعبير عن الإرادة صريحا قد يكون ضمنيا، فالتعبير الصريح هو الذى يفصح بذاته عن الإرادة حسب المألوف عند الناس (كبعت واشتريت). اما التعبير الضمنى، فهو تعبير عن الإرادة لا يفصح بذاته عنها، لكن يستنبط منه إتجاه هذه الإرادة، كما لو بقى المستأجر فى العين المؤجرة بعد إنتهاء مدة الإيجار بما يفهم منه انه يريد تجديد عقد الإيجار(2).
3 - التراضى على أصل العقد هو الأساس فى إنعقاده، ويلحق بأصل العقد جميع الامور الجوهرية التى لها موقع أساسى فى نظر العاقدين.
ويجب ان يكون التراضى على أصل العقد واضحا لا شك فيه، وذلك بأن يكون التعبير عنه وإلا عليه دلالة كافية.
قبل القانون جميع طرق التعبير عن إتفاق الإرادتين، متى توافرت فيها الدلالة الكافية، فيجوز ان يكون ذلك باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا، كإيماء الرأس إلى الاسفل مثلا، أو بإتخاذ اى موقف لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته عل الإرادة الجازمة، كعرض البضائع مكتوبا عليها سعرها، فإنه يعبر من قبيل الإيجاب.
ويستوى فى الإشارة ان يكون الشخص المومئ قادرا على التكلم أو الكتابة أو غير قادر، كما يستوى فى الكتابة ان تكون بين حاضرين أو بين غائبين.
وكذلك يجوز ان يكون التعبير ضمنيا غير صريح، مالم ينص القانون أو يتفق الطرفان إتفاقا سابقا على لزوم كونه صريحا- كما لو عرض على شخص دار للإيجار فانتقل، أو عرض عليه شئ للبيع فتصرف فيه ببيع ونحوه، فالفعل منه يفسر بأنه مبنى على قبول ملحوظ من خلال هذه الأعمال، وهذا هو التعبير الضمنى.
والفارق المميز بين التعبيرين الصريح والضمنى، وهو ان يكون طريق التعبير مخصصا عرفا للدلالة عليه أو يكون هو الشائع المألوف فيه، بحيث لا يتبادر منه إلى الاذهان إلى هذه الدلالة، فإيماء الرأس إلى اسفل بعد إيجاب سابق فيه هذا التعبير الصريح عن القبول، ووقوف السيارة فى المواقف العامة المخصصة لها فيه هذا التعبير الصريح عن الإيجاب.
اما اكل الطعام المعروض، والإنتقال إلى الدار المعروضة للإيجار فليس عملا مخصصا عرفا للتعبير عن إيجاب أو قبول، وانما يستفاد ذلك منه إذا حصل بطريق الإقتضاء والإستلزام.
واما للسكوت المجرد اى الذى يصحبه عمل أو موقف مفسر، فالأصل القانونى فيه ان يكون تعبيرا عن الإرادة إيجابا ولا قبولا، لان الإرادة حركة، والسكوت سكون، اى ان الإرادة عمل إيجابى، والسكوت موقف سلبى- وهذا مبدأ مطرد بالنسبة إلى الإيجاب، لانه هو الإرادة المبتدأة التى تكون الشق الأول من العقد، فلابد من امر إيجابى يدل عليها.
اما بالنسبة إلى القبول، فإن السكوت قد يعتبر قبولا على سبيل الاستثناء، لان سبق الإيجاب قد يكون فى أحوال أو معاملات تجعل من السكوت دلالة على الرضى، اذ يكون الظاهر من الحال ان الموجه إليه التعبير لو لم يرضى لبادر إلى إظهار الرفض، وهذا ما يسمى بالسكوت الملابس.
وقد نص القانون السورى على هذه القابلية فى السكوت لان يكون قبولا، إذا كانت طبيعية المعاملة أو المعرف التجارى أو اى طرف اخر، تدل على ان الموجب لم يكن لينتظر تصريحا بالقبول فحينئذ يعتبر تاما إذا لم يرفض الإيجاب فى وقت مناسب.
وإعتبر القانون السكوت قبولا بصورة خاصة كقرينة قانونية فى التعبير عن الإرادة فى حالتين:
(1) إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين، واتصل بالإيجاب بهذا التعامل، كما لو كان الطرفان قد اعتادا ان يطلب احدهما من الاخر الغائب ان يرسل إليه البضائع فيرسلها، دون ان يؤذيه بالقبول، ففى هذه الحال إذا ارسل العميل كعادته طلبا وسكت الاخر، كان هذا قبولا.
(2) إذا تمخض الإيجاب لمنفعه من وجه اليه، ذلك لان عدم الرفض أو السكوت يفقد دلالته على القبول فى موقف فيه مجال للموازنة بين نفع وضرر، والمفروض فى مثل هذه الحال، ان الإيجاب يحمل نفعا محضا للموجه اليه، فعدم الرفض فيه دلالة كافية على القبول، كالإيجاب فى الاعارة والفقه الاسلامى يقرر بالنسبة للسكوت قاعدة مشهورة تقول: "ولا ينسب إلى ساكت قول، ولكن السكوت فى معرض الحاجة إلى البيان بيان"، (م 67 مجلة الأحكام العدلية) وهذه القاعدة تتلاقى مع المبدأ القانون العام فى السكوت، انه ليس تعبيرا، مع مستثنياته الانفة الذكر فهى تقبل إعتبار السكوت تعبيرا على سبيل الاستثناء، عندما تحفه ظروف ملابسة تجعل فيه هذه الدلالة(3).
4 - تقرر المادة 79 من النقنين المدنى العراقى ان التعبير عن الإيجاب أو القبول قد يكون بالمشافهة أو بالمكاتبة أو بالإشارة الشائعة الإستعمال ولو من غير الاخرس أو بالمبأدلة الفعلية الدالة على التراضى أو بإتخاذ اى مسلك اخر لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على التراضى، ذلك ان الأصل فى التعبير عن الإرادة ان يكون بواسطة الالفاظ الموضوعة لذلك، وإذا كان الفقه الاسلامى يجعل من اللفظ اداة طبيعية عامة للتعبير عن الإرادة، فإنه ليس معنى هذا انه يشترط لذلك الفاظا معينة بذاتها، فكل لفظ يدل على إرادة العاقد دون لبس أو إبهام يكفى كوسيلة للتعبير عن الإرادة التى ينعقد بها العقد.
ومثل الالفاظ فى دلالتها الكتابة، فالقاعدة عندهم ان الكتاب كالخطاب على ان التعاقد عن طريق الكتابة يثير مسألة تحديد مجلس العقد أو تحديد زمان ومكان إنعقاد العقد.
وتقرر المادة المذكورة كذلك ان العقد ينعقد كذلك بالإشارة الشائعة الإستعمال (ولو من غير الاخرس)، وفى هذا خرج المشرع العراقى على ما يذهب إليه فقهاء المذهب الحنفى وجمهرة الفقهاء، واخذ بمذهب إليه فقهاء المذهب المالكى، وبيان ذلك ان جمهرة الفقهاء يذهبون إلى عدم إعتبار إشارة غير الاخرس، والسبب فى هذا ان الإشارة عندهم طريق استثنائى من طرق التعبير عن الإرادة اجيزت للضرورة، فيجب عن التوسع فيها، لان الضرورة
تقدر بقدرها، ولهذا قالوا ان الإشارة لا تعتبر الا إذا صدرت من اخرس، بل انهم ذهبوا إلى ان الاخرس إذا كان يحسن الكتابة، فلا تجوز عقوده الا بها لان الكتابة تعبير بالقلم- فهى كالنطق فى قوة الدلالة والإشارة اضعف منها ولا يصح العدول عن الدلالة القوية إلى الدلالة الضعيفة ما امكنت هذه وكانت فى الاستطاعة- اما اصحاب المذهب المالكى- فقد ذهبوا إلى ان غير الاخرس كالاخرس إذا فهم عنه بالإشارة، وكل لفظ أو إشارة فهم منها الإيجاب والقبول لزم بها البيع وسائر العقود، واوضح ان مذهب الامام مالك بساير فى هذه المسألة مقتضيات التعامل وحاجات للعصر، ولهذا اخذ به القانون المدنى العراقى.
كما تقرر المادة 79 من النقنين المدنى العراقى ايضا ان التعبير عن الإرادة قد يكون بإتخاذ اى مسلك اخر لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على التراضى ينعقد به العقد، وبهذا قطع المشرع العراقى كل شك فى موقفه، وقرر مع فريق من الفقهاء ان اى مسلك لا تدع ظروف الحال شكا فى دلالته على التراضى ينعقد به العقد، وبهذا يصل إلى ما وصل إليه الفقه المدنى الغربى، ويترتب على هذا انه إذا عرض شخص على اخر شراء بضاعة بمبلغ معين، فقام من وجه الإيجاب برهنها أو بيعها أو التصرف المادى فيها فقد إعتبر عمله هذا قبولا إنعقد به عقد البيع(4).
___________________
(1) الوسيط - 1- الدكتور السنهوري - طبعة 1952- المرجع السابق - ص 125 وما بعدها ، وكتابه : الوجيز - المرجع السابق - ص 51 وما بعدها .
(2) نظرية الإلتزام في الشريعة والتشريعات العربية - الدكتور عبد الناصر العطار - المرجع السابق - ص 35 وما بعدها .
(3) القانون المدني السوري - للاستاذ مصطفي الزرقا - المرجع السابق - ص 44 وما بعدها .
(4) القانون المدني العراقي - الدكتور حسن القانوني - المرجع السابق
_______________
========================================
04-] التعليــــــق [
========================================
هذه المادة تقابل من نصوص المواد العربية السوري م93، الليبي م90، العراقي م77، السوداني م74، الكويتي م105 و 108، اللبناني م179.
وقد جاء عنها بالمذكرة الإيضاحية بأن "التفرقة بين التعبير الصريح والتعبير الضمني عن الإرادة ليست بمجردة من الأهمية العملية فقد يستلزم القانون أحياناً وقد يشترط المتعاقدون أنفسهم في بعض الفروض وجوب التعبير الصريح عن الإرادة لإبراز أهمية التصرف القانوني الذي يراد عقده. وبين مختلف المعايير التي تداولها الفقه في هذا الصدد يوجد معياران هما أكثر هذه المعايير ذيوعاً أولها يحتكم إلى فكرة المألوف وغير المألوف في أسلوبه أو طريقته ويرى أصحاب هذا المعيار أن التعبير يكون صريحاً إذا كان أسلوب الإفصاح عن الإرادة من الأساليب المألوفة ويكون على النقيض من ذلك ضمنياً إذا لم يكن أسلوب الإفصاح من بين الأساليب التي ألف استعمالها في هذا الشأن بحيث لا يتاح استخلاص دلالة التعبير في الصورة الأخيرة إلا من طريق الاستنتاج، أما المعيار الثاني ويراعى أن الفارق العملي بين هذين المعيارين ضئيل إن لم يكن معدوماً فالأسلوب المألوف في التعبير عن الإرادة هو في الوقت ذاته الأسلوب المباشر في حين أن الأسلوب غير المباشر ليس في الغالب بالأسلوب المألوف ومهما يكن من شيء فقد آثر المشروع ألا يفصل في المسألة بنص تشريعي تاركاً أمر البحث عن المعيار السليم لاجتهاد الفقه والقضاء ومع ذلك فمن المحقق أن اتخاذ موقف معين أو التزام سلوك بالذات للإفصاح عن الإرادة لا يستتبع حتماً أن تكون هذه الإرادة ضمنية. فمن صور السلوك في بعض الفروض ما قد يعتبر أسلوباً مباشراً مألوفاً في الإفصاح عن الإرادة ويكون بهذه المثابة تعبيراً صريحاً.