الطعن رقم 801 لسنة 22 بتاريخ 14/10/1952
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: 1-........  و2-............. و3-...........  و4-............ و5-........... و6-........... بأنهم في خلال المدة من 24 يوليو سنة 1950 الموافق 13 شوال سنة 1369 إلى 24 أغسطس سنة 1950 الموافق 10 ذو الحجة سنة 1369 بدائرة محافظة إسكندرية استعملوا الأوراق المالية المقلدة من فئة العشرة قروش والمبينة بالمحضر بأن قدموها للتعامل مع علمهم بتزويرها, وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 206/1-5 من قانون العقوبات والقانون رقم 50 لسنة 1940 فقرر بذلك. سمعت محكمة جنايات إسكندرية هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملاً بالمادة 206 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من نفس القانون بالنسبة للمتهم الخامس - أولاً - بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني والثالث والسادس بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات - ثانيا - بمعاقبة المتهم الرابع .......... بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات - ثالثاً - بمعاقبة المتهم الخامس .......... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة - رابعاً - بإضافة المصاريف الجنائية على جانب الحكومة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض
 
 المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان الأول والثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة ترويج الأوراق المزيفة قد أخطأ في تطبيق القانون لأن كلا منهما بمجرد ضبطه قد دل على المصدر الذي مده بهذه الأوراق فسهل بذلك القبض على الجناة واستحق أن يعفى من العقاب، تطبيقا للمادة 210 من قانون العقوبات واستنادا إلى الحكم الصادر من هذه المحكمة في الطعن رقم 342 سنة 18 قضائية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع بالنسبة للطاعن الأول وانتهى إلى رفضه بحجة أن المادة 210 يتطلب إعمالها شرطين متلازمين أولهما إخبار الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عن مرتكبيها. وثانيهما أن يعرفوها بالفاعلين الآخرين أو يسهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور، فإذا تخلف أحد هذين الشرطين امتنع الإعفاء. ولما كان الطاعن فيما يقول الحكم لم يبلغ عن الجريمة قبل تمامها، ولم يعترف إلا بعد أن ضبط متلبساً بالترويج، وكانت حكمة الإعفاء إنما هي الحيلولة دون تمام هذه الجرائم وضبطها قبل وقوعها، كما أن حكم النقض الذي يستند إليه خاص بالمادة 205، وهي تختلف في نصها عن المادة 210 التي تتطلب أن يكون الإخبار مقرونا بالتعريف عن مرتكبي الجرائم، فإن الطاعن في رأي الحكم المطعون فيه يكون غير حقيق بالإعفاء.
وحيث إن المادة 210 من قانون العقوبات تقضي بأن الأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة ومن بينها المادة 206 وهي مادة الاتهام في هذه الدعوى يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها، وقبل الشروع في البحث عنهم وعرفوا بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور، وهذه المادة مطابقة في نصها ومعناها للمادة 205 ولا يغير من هذا المعنى شيئاً إضافة عبارة "وعرفوا بالفاعلين الآخرين" في المادة 210 والمادتان مستمدتان من قانون العقوبات الفرنسي فالمادة 205 تقابل المادة 138 والمادة 210 تقابل المادة 144، وقد اكتفى الشارع الفرنسي في المادة 144 بالنص على أن تسري أحكام المادة 138 على الجرائم الخاصة بتقليد الأوراق المالية دون تكرار النص كما فعل الشارع المصري، وكلتا المادتين إنما تتحدثان عن حالتين مستقلتين لا عن شرطين يجب اجتماعهما لحالة واحدة والحالة الأولى هي إخبار الحكومة قبل تمام الجريمة وقبل البحث عن الجناة، والثانية تسهيل القبض عليهم، ولو بعد الشروع في البحث عنهم. وليست العلة في الإعفاء مقصورة، كما ذهب الحكم المطعون فيه على الحيلولة دون تمام هذه الجرائم، وضبطها قبل وقوعها فقد رأى المشرع أن يتوسع في الإعفاء فيتغاضى عن العقاب في الحالة الثانية أيضا في سبيل الوصول إلى معاقبة بقية الجناة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بنى رفض الإعفاء من العقوبة على خطأ في فهم القانون فلم يبحث توفر شروط الإعفاء في واقعة الدعوى متأثراً بهذا الخطأ فإنه يتعين نقضه وإعادة المحاكمة، ولما كانت الواقعة لا تقبل التجزئة فإنه يتعين أن يكون نقض الحكم بالنسبة للمحكوم عليهم جميعاً