الطعن رقم 655 لسنة 38 بتاريخ 03/06/1968
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعن وآخر بأنهما في يوم 19/2/1965 بدائرة مركز أجا: الأول. بصفته موظفا عموميا "عمدة شبراويش" استعمل القوة مع الثاني بأن ضربه اعتمادا على سلطة وظيفته فأحدث به الإصابات الواردة بالتقرير الطبي والتي تقرر لها علاجا لا تزيد مدته على عشرين يوما. والثاني: (أولا) ضرب ................. فأحدث به الإصابات الواردة بالتقرير الطبي والتي تقرر لها علاجا تزيد مدته على عشرين يوما (وثانيا) أتلف عمدا الأشجار المبينة بالمحضر للمجني عليه سالف الذكر وطلبت عقابه بالمواد 129، 142/1 و367/1 من قانون العقوبات. وادعى المتهم الثاني (الطاعن) مدنيا بمبلغ 500ج قبل المتهم الأول والسيد وزير الداخلية بصفته المسئول عن الحقوق المدنية متضامنين كما ادعى ................. مدنيا قبل المتهم الثاني بمبلغ 15ج وذلك على سبيل التعويض مع المصاريف ومحكمة أجا الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام (أولا) بتغريم المتهم الأول 20ج عشرين جنيها وتغريم الثاني 2ج جنيهين عن التهمة الأولى وحبسه أسبوعين مع الشغل عن التهمة الثانية وكفالة 5ج خمسة جنيهات لوقف تنفيذ عقوبة الحبس و(ثانيا) بإلزام المتهم الأول والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أن يدفعا إلى المتهم الثاني مبلغ 30ج ثلاثين جنيها على سبيل التعويض و(ثالثا) إلزام المتهم الثاني بأن يدفع إلى ................. مبلغ 10ج عشرة جنيهات على سبيل التعويض (رابعا) بإلزام كل من المتهمين بمصاريف الادعاء المدني المناسبة ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم كما استأنفه المتهم الثاني ومحكمة المنصورة الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع أولا بالنسبة إلى المتهم الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مما اسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وقبل المسئول عن الحقوق المدنية وألزمت رافعها بمصروفاتها ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة (وثانيا) بالنسبة إلى المتهم الثاني بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه أسبوعا واحدا مع الشغل وفي الدعوى المدنية بإلزامه أن يدفع مبلغ خمسة جنيهات على سبيل التعويض للمدعي بالحق المدني وألزمت المتهم مصروفاتها عن الدرجتين ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي ضرب وإتلاف أشجار قد انطوى على بطلان في الإجراءات أثر فيه وشابه خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن تقرير التلخيص المدون على ملف الدعوى كتب بمعرفة عضو الهيئة الذي حضر جلسة 24/9/1966 ولم يقم عضو الهيئة الذي حل محله بجلسة المرافعة الأخيرة بكتابة تقرير تلخيص آخر كما أنه لم يوقع على التقرير السابق وقد أغفل الحكم بيان نص القانون الذي أنزل العقاب بموجبه كما لم يبين مؤدى التقرير الطبي الذي استند إليه في إدانة الطاعن بجريمة الضرب ولم يورد مؤدى شهادة ... نائب العمدة شاهد الإثبات في جريمة الإتلاف والذي عول الحكم على أقواله على الرغم من خلوها مما يفيد رؤيته لفعل الإتلاف ذاته هذا إلى أن المجني عليه نفسه كان قد اتهم الطاعن ووالده بإتلاف الأشجار ولما خذله الشاهدان اللذان استشهد بهما في تلك الواقعة عاد فقصر اتهامه على الطاعن مما يقطع بفساد هذا الاتهام وقد أخطأ الحكم بإدانته الطاعن وفقاً للمادة 367 من قانون العقوبات إذ أن هذه المادة تستلزم قصداً خاصاً هو قصد الإساءة مما لا يتوافر في الدعوى المطروحة التي لا يعدو الأمر فيها مجرد نزاع على وضع اليد على الأرض التي غرست فيها الأشجار. كما أن الحكم قد قضى ببراءة المتهم الأول في الدعوى من تهمة استعمال القسوة مع الطاعن بعد أن استبعد شهادة هذا الأخير قبله. في حين أنه قضى بإدانة الطاعنة استناداً إلى دليل مستمد من أقوال خصمه ولم يبين الحكم سبب أخذه بهذه الأقوال وإطراحه رواية الطاعن التي تأيدت بما شهد به الخفير الهندي ..... وبما كشفت عنه ظروف الدعوى مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الضرب وإتلاف الأشجار اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة 30 نوفمبر سنة 1966 وبالحكم المطعون فيه أن عضو اليمين بالدائرة التي أصدرت الحكم قد تلا تقرير التلخيص فلا يقدح في صحة ذلك الإجراء ما يدعيه الطاعن من أن هذا التقرير كان من عمل هيئة سابقة غير التي فصلت في الدعوى بل إن ما يدعيه من ذلك على فرض صحته لا يدل على أن القاضي الذي تلا التقرير لم يعتمده ولم يدرس القضية بنفسه ولا يمنع أن القاضي بعد أن درس القضية رأى أن التقرير المشار إليه يكفي في التعبير عما استخلصه هو من دراسة ولا جدوى من النعي بأن هذا التقرير خلو من توقيع القاضي الذي تلاه ذلك أن المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية وإن استلزمت توقيع المقرر على التقرير إلا أنها لم ترتب البطلان على خلو التقرير من التوقيع وما دام غرض الشارع قد تحقق بوضع التقرير وتلاوته بمعرفة أحد أعضاء الهيئة كما يبين من الحكم فلا يقبل من الطاعن ما يثيره من جدل في هذا الشأن وإذ كان الثابت من حكم محكمة أول درجة أنه أشار إلى مادتي الاتهام اللتين طلبت النيابة العامة تطبيقهما في حق الطاعن وخلص إلى معاقبته طبقاً لهما. وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق أسباب الحكم المستأنف فإن ذلك يكفي بياناً لنص القانون الذي عوقب الطاعن بمقتضاه. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه حصل مؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه - قولية وفنية - خلافاً لما يدعيه الطاعن، وكان ما ينعاه الطاعن بدعوى فساد استدلال الحكم لاستناده إلى أقوال نائب العمدة على الرغم من خلوها مما يفيد مشاهدته فعل الإتلاف مردوداً بأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو واقع الحال في الدعوى - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الصدد، كما أنه لا محل لما يثيره في شأن تعويل الحكم على رواية المجني عليه التي قصر فيها اتهامه على الطاعن على الرغم من سبق توجيهه الاتهام إلى كل من الطاعن ووالده إذ أن تقدير أقوال الشاهد متروك لمحكمة الموضوع التي لها في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول للشاهد أبداه في إحدى مراحل التحقيق والمحاكمة دون قول آخر له قاله في مرحلة أخرى. لما كان ذلك، وكان القانون لا يتطلب في جرائم إتلاف الزرع المنصوص عليها في المادة 367 من قانون العقوبات توافر قصد جنائي خاص ملحوظ فيه الباعث على مقارفة فعل الإتلاف بل هي تتحقق بتوافر القصد الجنائي العام أي بمجرد تعمد الإتلاف ولو لم يكن مقتاناً بنية الانتقام من صاحب الزرع أو الإساءة إليه شأنها في ذلك شأن سائر الجرائم العمدية التي لم يرد عنها في القانون نص صريح مقتضاه أن تكون نية الجاني من نوع معين خاص بها، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ من الأدلة بما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها بتبيان علة ما ارتأته، كما أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون معقب وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم لأخذه من أقوال خصمه دليلاً على إدانته وإطراحه أقواله هو بصدد الاتهام الموجه إلى مهتم آخر في الدعوى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص ما تؤدي إليه مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرتها بشأنه أو المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً