الطعن رقم 1741 لسنة 31 بتاريخ 02/04/1962
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 13 ديسمبر سنة 1958 بدائرة قسم الأزبكية محافظة القاهرة :1- استعملوا القوة والعنف في حق موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهما أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وذلك بأن اعتدوا على اليوزباشي ............. معاون مباحث قسم الأزبكية والبوليس الملكي ............. وأحدثوا بالأخير الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وذلك بقصد تمكين شقيق المتهم الأول (الطاعن) من الفرار بعد أن تم ضبطه محرزاً مواد مخدرة وتمكنوا بذلك من إفلات المتهم المذكور. 2- مكنوا ............. المقبوض عليه قانوناً في إحراز مواد مخدرة من الهرب وساعدوه على ذلك باعتدائهم على رجلي البوليس على الوجه سالف البيان. وأحالت نيابة أمن الدولة الدعوى إلى محكمة جنايات القاهرة بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقضت تلك المحكمة حضورياً بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1960 عملاً بالمواد 133 و136 و137 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 منه بالنسبة إلى المتهم الأول (الطاعن) بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور وببراءة كل من المتهمين الآخرين مما أسند إليهما. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...الخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو التناقض والفساد والاستدلال والقصور في التسبيب - وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم ذكر في مستهل أسبابه أن المحكمة لا تطمئن إلى ما ورد بأقوال الشهود عما أسند إلى الطاعن والمتهمين الآخرين الذين كانوا معه وأن الاتهام الموجه إليهم قائم على غير أساس وبذلك تسقط التهمة الثانية المنسوبة إليهم وينهار الركن المعنوي للجريمة الأولى ولكنها انتهت مع ذلك إلى إدانته بالتعدي على موظف عمومي طبقا للمواد 133 و 136 و 137 عقوبات - رغم ما هو ظاهر من أن العناصر الأساسية المكونة للجريمة الأولى التي لم تطمئن المحكمة إلى قيامها هي بعينها العناصر المكونة للجريمة التي دين الطاعن بها. ويضيف الطاعن أن الحكم ساق أدلة تنفي التصوير الذي أدلى به الشهود في التحقيقات عن ضبط كيس النقود مع...... وخلص إلى أن هذه الواقعة محوطة بالشكوك مما ينتفي به بداهة الباعث الذي يحمل الطاعن على التماسك بضابط المباحث بدعوى محاولة استخلاص هذا الكيس منه. هذا إلى أن الحكم أسند خطأ إلى الطاعن أنه تعدى بالسب على ضابط المباحث عقب تفتيشه لمحل أخيه مع أن الثابت من التحقيقات أن عبارة السب وردت في حديث موجه من الطاعن إلى المتهم الثاني يدعوه فيه إلى استخلاص الكيس من يد الضابط فإذا كانت المحكمة قد نفت واقعة ضبط الكيس فقد انتفى تبعا لذلك السبب في صدور عبارات السب من الطاعن.
وحيث إن الدعوى رفعت على الطاعن وآخرين لأنهم. أولا - استعملوا القوة والعنف مع موظفين عموميين ليحصلوا على اجتنابهما أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وذلك بأن اعتدوا على..... معاون مباحث قسم الأزبكية والبوليس الملكي..... وأحدثوا بالأخير الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وذلك بقصد تمكين شقيق المتهم الأول "الطاعن" من الفرار بعد أن تم ضبطه محرزا مواد مخدرة وتمكنوا بذلك من إفلات المتهم المذكور. ثانيا - مكنوا...... المقبوض عليه قانونا لاتهامه في إحراز مواد مخدرة من الهرب وساعدوه على ذلك باعتدائهم على رجلي البوليس على الوجه سالف الذكر. وبعد نظر الدعوى انتهت المحكمة إلى القول "ومن حيث إنه من أجل ذلك جميعه ترى المحكمة أن تكييف النيابة لما وقع من المتهمين غير قائم على أساس من الوقائع الثابتة في الدعوى ولا على أساس من القانون وأن الوصف الصحيح لما نسبته إليهم من أفعال هو جنحة إهانة بالقول وتعد أثناء تأدية الوظيفة منطبقة على المواد 133 و 136 و 137 من قانون العقوبات". ودانت الطاعن على هذا الأساس بعد أن طبقت المادة 17 من قانون العقوبات وقالت في تبرير ذلك "إذ أنه يجب لتحقيق تلك الجريمة - الجريمة الأولى التي رفعت عنها الدعوى - أن يكون القصد من استعمال القوة والعنف على الموظف هو الحصول على إجتنابه أداء عمل من الأعمال المكلف بها. والظاهر من مناقشة ضابط المباحث ومرافقيه بالجلسة ومن أقوالهم بالتحقيقات أن شيئا من ذلك لم يكن يقصد إليه أي واحد من المتهمين بل كان قصدهم من التعدي كما ذكر ضابط المباحث نفسه هو إظهار قوتهم أمام سكان الحي أما ما استطرد إليه الضابط من القول في بعض أقواله في تحقيق نيابة شمال القاهرة من أن قصد المتهمين كان تمكين.... من الهرب بعد القبض عليه فقول لا يستند إلى أساس من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها ويتنافى مع ما قرره هذا الضابط نفسه في تحقيق النيابة الأول وما شهد به بالجلسة وما أجمع عليه المخبرون المرافقون له من أن أحدا لم يساعد ذلك المتهم على الهرب ولا حاول أحد ذلك ولا فكر هو نفسه في الفرار في أي وقت من الأوقات بل ظل في مكانه لا يبرحه حتى اقتيد إلى قسم الأزبكية.." لما كان ذلك، وكان يبين مما سبق أن المحكمة وإن سلمت بوقوع تعد على الضابط والمخبر إلا أنها رأت في حدود سلطتها التقديرية وبأسباب سائغة أن الطاعن لم يقصد من هذا التعدي إلا مجرد استعراض قوته لدى أهل الحي وليس إلى تخليص متهم مقبوض عليه قطع الحكم بأنه لم يحاول الهرب وليس فيما ذهب إليه الحكم من ذلك أي تعارض. ذلك بأنه من المقرر أن جنح التعدي على الموظفين المنصوص عليها في المواد 133 و 136 و 137 من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها في المادة 109 من هذا القانون يجمعها ركن مادي واحد ويفصل بينها الركن الأدبي فبينما يكفي لتوفر الركن الأدبي في الجرائم التي من النوع الأول قيام القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة دون اعتداد بالباعث فإنه لا يتحقق في المادة 109 إلا إذا توفرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملا لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه وهذه النية هي قوام القصد الجنائي في المادة 109 وهي وحدها التي تفرق بين هذه الجريمة وبين الجرائم سالفة الذكر التي سلكها القانون في عداد الجنح، لما كان ما تقدم فإن انهيار النية الخاصة كما يتطلبها القانون تنحل به الجناية إلى جنحة تعد متى توفرت مقوماتها وهو ما فعله الحكم بحق - لما كان كل ذلك، وكان ما يثيره الطاعن للتدليل على انتفاء التعدي بانتفاء سببه إنما هو محاولة للجدل في موضوع الدعوى وأدلتها مما لا تقبل منه أمام هذه المحكمة، وكان ما أورده الحكم على ثبوت واقعة الاعتداء بالسب على الضابط له سنده من أقوال الشهود فلا خطأ كالذي يدعيه الطاعن فضلا عن أن الحكم طبق المادة 32 من قانون العقوبات وأنزل به العقوبة الأشد وهي المقررة للمادة 137 سالفة الذكر لتعديه بالضرب على البوليس السري..... وإحداث إصابة به ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا