الطعن رقم 917 لسنة 42 بتاريخ 13/11/1972
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28 فبراير سنة 1970 بدائرة مركز أبو كبير: أهان بالقول موظفا عموميا هو .............. مراجع حسابات جمعية بني عياض الزراعية أثناء وبسبب تأدية وظيفته بأن وجه إليه الألفاظ الواردة بالمحضر الأمر المنطبق عقابا على المادة 133/1 من قانون العقوبات وصدر أمر جنائي في الدعوى بتاريخ 21 أبريل سنة 1970 بتغريم الطاعن مائتي قرش, فعارض في هذا الأمر ولدى نظر معارضته أمام محكمة أبو كبير الجزئية، ادعى المجني عليه مدنيا مطالبا إلزام الطاعن أن يؤدي إليه مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف, والمحكمة المذكورة قضت بتاريخ 13 ديسمبر سنة 1970 بسقوط الأمر الجنائي وتغريم المتهم مائتي قرش وإلزامه أن يؤدي للمدعي المدني مبلغ قرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة الزقازيق الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بتاريخ 21 يونيو سنة 1971 بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إهانة موظف عمومي أثناء تأدية وظيفته قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يستظهر قصد الإهانة ولا يغني عن ذلك ذكر الحكم العبارات التي صدرت من الطاعن لأنها لا تفيد بذاتها هذا القصد كما أن الحكم أسند للمدعي بالحقوق المدنية وظيفة مراجع حسابات جمعية بني عياض التعاونية مع أن الثابت بالأوراق أنه يعمل مراجعاً للحسابات ببنك التسليف، وقد أورد الحكم تاريخاً لواقعة الإهانة يخالف التاريخ الذي وقع فيه الحادث واعتمد في الإدانة على اعتراف الطاعن، وهو يخالف الثابت في الأوراق، كما أغفلت المحكمة سؤال ثلاثة من شهود الإثبات قرر المجني عليه بأنهم شاهدوا الواقعة، هذا فضلاً عن أن الحكم الصادر في الدعوى المدنية جاء باطلاً لتخلف المدعي بالحقوق المدنية أو وكيله عن الحضور بالجلسة مما كان يقتضي اعتباره تاركاً لدعواه المدنية عملاً بنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى بقوله إنها "تخلص فيما أبلغ به وقرره المجني عليه من أنه أثناء قيامه بعملية مراجعة حسابات جمعية بني عياض التعاونية حضر المتهم وطلب منه صرف مستلزمات زراعية فلما طالبه ببعض البيانات والأوراق اللازمة اعتدى عليه بالقول بعبارات (أنت صنعتك إيه علشان تطلب هذه الأشياء أو لأصغى إليك) وخلص الحكم من ذلك إلى أن الطاعن أهان المدعي بالحقوق المدنية وأورد على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض مادام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، وكان لا يشترط لتوفر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال أو العبارات المستعملة مشتملة قذفاً أو سباً أو إسناد أمر معين بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الحط من الكرامة، وكان يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها، فمتى ثبت للمحكمة صدور الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإساءة أو الإهانة، ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى إلى أن الألفاظ التي وجهها الطاعن إلى المجني عليه تنطوي على معنى الإهانة في الظروف والملابسات التي استظهرتها في حكمها، وهو ما لم تخطئ في تقديره فلا وجه لما ينعاه الطاعن عليها في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان توافر صفة الموظف العام أو من في حكمه في المجني عليه أو تحقق الإهانة في أثناء تأدية الوظيفة أو بسبب تأديتها من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب مادام استدلالها سليما مستندا إلى أصل صحيح في الأوراق، وكان ما أورده الحكم من ذلك له مأخذه الصحيح من شهادة المجني عليه بالجلسة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يجادل فيه الطاعن في خصوص تاريخ الحادث مردوداً بأنه بفرض خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة، فإنه لا يعيبه طالما أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون على الواقعة ومادام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة. وكان الحكم قد اعتمد في إثبات الواقعة في حق الطاعن على أقوال المجني عليه دون أن ينسب إلى الطاعن أنه اعترف بالتهمة المسندة إليه خلافاً لما يدعيه الطاعن بوجه الطعن - مما تنتفي معه عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد - لما كان ذلك، وكان لا يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن أو المدافع عنه قد طلب سماع أحد من الشهود، وكان يجوز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوي أن يكون ذلك القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، وكان من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه، ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب على محكمة أول  درجة سماعهم، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان الطاعن عد نازلاً عن هذا الطلب بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة. فإن النعي على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس. ولما كانت المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "يعتبر تركاً للدعوى عدم حضور المدعي أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو عدم إرساله وكيلاً عنه وكذلك عدم إبدائه طلبات بالجلسة" فقد اشترطت أن يكون غياب المدعي بالحقوق المدنية بعد إعلانه لشخصه ودون قيام عذر تقبله المحكمة ولذا فإن ترك الدعوى بالصورة المنصوص عليها في المادة 261 المذكورة هو من المسائل التي تستلزم تحقيقا موضوعيا. ولما كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بما يثيره في وجه طعنه أمام محكمة الموضوع، فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية