الطعن رقم 1707 لسنة 51 بتاريخ 20/10/1981
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم المنيا محافظتها: أهان بالقول أعضاء محكمة قضائية أثناء انعقاد الجلسة بأن وجه إليهم العبارات المبينة بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادة 133/2 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليهم مدنيا قبل المتهم ونقابة المحامين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. ومحكمة جنح بندر المنيا قضت حضوريا عملاً بمادة الاتهام (أولا) في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ. (ثانيا) في الدعوى المدنية: إلزام المتهم أن يؤدي إلى المدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهم خمسين جنيها وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض
 
 المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان المحامي الطاعن بجريمة إهانة أعضاء محكمة قضائية بالقول أثناء انعقاد الجلسة، فقد اخل بحقه في الدفاع واعتراه البطلان والقصور في التسبيب فضلا عن الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون - ذلك بأن المحكمة بدرجتيها لم تستجب لما تمسك به من طلب ضم ملف جناية القتل 444 سنة 1977 كلي المنيا التي كان يتولى المرافعة فيها أمام الهيئة عند حدوث الواقعة، وضم بيان بأرقام القضايا التي ترافع فيها الأستاذ. . . المحامي - حتى تاريخ وفاته أمام السيد رئيس تلك الهيئة وضم المحضرين 61 سنة 1966، 42 لسنة 1977 حصر عام، كما لم تستجب أيضا إلى طلبه مناقشة شهود الواقعة وهم (أعضاء الهيئة وكاتب الجلسة) ولم تتح له المحكمة عند رفضها لتلك الطلبات فرصة المرافعة في موضوع التهمة المسندة إليه، ولم توفر له سرية المحاكمة طبقا للمادة 97 من قانون المحاماة، كذلك فقد دانه الحكم المطعون فيه بجريمة خطف ملف القضية التي لم ترد في وصف التهمة، كما لم يتضمن الوصف بيان ألفاظ الإهانة وهو نقص لم يتداركه أي من الحكمين الابتدائي أو الاستئنافي الذي أيده، هذا إلى أن القاضي الذي اصدر الحكم الابتدائي من أبناء المنيا ومتوطن بها شأنه في ذلك السيد رئيس الهيئة المعتدى عليها وكلاهما ينطبق عليها سلبيات توطين رجال القضاء التي تحدث عنها الطاعن في المقالين اللذين نشرهما بالصحف في نقد سياسة وزارة العدل في تحديد مقار عمل رجال القضاء في مواطنهم وفي نقد اندماج القاضي في مجتمعه، كذلك فقد أعطى الحكم الابتدائي تاريخ اليوم التالي للجلسة المحددة للنطق به وأعطى الحكم الاستئنافي المطعون فيه تاريخ اليوم السابق على يوم الجلسة المحددة لصدوره، وخلا كلاهما من التعرض لدفاع الطاعن ولم يعرضا عند بيان صورة الواقعة لما اعترى أقوال شهود الإثبات من تناقض في هذا الشأن، كما تناقضت أسباب الحكم المطعون فيه مع أسباب الحكم الابتدائي الذي أيده فيما يتعلق بما أسنده الحكم الابتدائي إلى الطاعن من اختطافه ملف الجناية والإلقاء به تجاه منصة الهيئة، وخلت أسباب الفصل في الدعوى المدنية من تحديد أركان المسئولية التقصيرية التي أجيب على أساس توافرها طلب التعويض، كذلك فقد اعتبر الحكم المطعون فيه الواقعة المسندة إلى الطاعن - وهي مجرد مألوف في الرأي أمام المحاكم - جريمة إهانة معاقبا عليها واعتبر ما بدر منه إشارة إلى الإفراج عن المتهمين في القضايا التي كان يترافع فيها الأستاذ ......... المحامي أمام الهيئة المجني عليها طعنا في ذمة المحكمة حال أنه لم يقصد بها إلا التذكير بما درجت عليه من تقدير مختلف في الحبس والإفراج، واعتبر الحكم ما صدر منه - وهو يندرج ضمن حق الدفاع المكفول للمحامي طبقا للمادة 91 من قانون المحاماة - جريمة إهانة، واعتد في الادعاء المدني المقام من الهيئة المجني عليها بتوكيل أعضاء تلك الهيئة لاثنين من المحامين ممن يترافعون أمامها رغم بطلان تلك الوكالة، كما اخذ أيضا بعقد الوكالة الصادر منهم للأستاذ ........ المحامي على صوريته، ولم يقض باعتبارهم تاركين للدعوى المدنية مع ثبوت تخلفهم عن حضور جلستي 5/3/1977، 30/4/1977، وفي كل ذلك ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه والإحالة.
وحيث أن البين من مدونات الحكم الابتدائي الذي اخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه فيما يتعلق بثبوت التهمة أنه رفض طلب ضم الجناية 444 لسنة 1967 كلي المنيا لأن الطاعن لم يهدف من ذلك إلا إلى اطلاع المحكمة على عبارات أعرب فيها عن احترامه للهيئة المعتدى عليها، لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة - فضلا عن أن الحكم قد رد عليه بما يبرر إطراحه - هو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة، فلا على المحكمة أن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، وما يثيره الطاعن في شأنه إنما ينحل في حقيقته إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة كما استخلصها الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتحم غرفة المداولة على هيئة المحكمة بعد أن أصدرت قرارها باستمرار حبس المتهم الذي ترافع عنه ملتمسا إخلاء سبيله في الجنائية 5896 سنة 1976 أبو قرقاص، وألقى بملف القضية تجاه المنصة التي يجلس إليها أعضاء المحكمة فبعثرت أوراقها، ووجه إليها عبارات ندد فيها بالقرار الذي أصدرته باستمرار حبس المتهم ووصفه بمجافاة العدالة كما أعرب عن اعتزامه الكف عن المرافعة أمام الهيئة في قضايا أخرى لأنها لم تعد تصدر قرارات بالإفراج عن المتهمين المحبوسين بعد وفاة الأستاذ ......... المحامي وأنه يزمع التقدم بشكوى في هذا الشأن إلى وزير العدل، ولما كانت كل من جزئيات هذه الواقعة بما فيها التنديد بقرار المحكمة باستمرار حبس المتهم ووصفها بالبعد عن العدالة تتوافر به جميع العناصر المكونة لجريمة الإهانة التي دين الطاعن بها فإنه لا يعيب الحكم عدم استجابته إلى طلب ضم كشوف القضايا التي حضر فيها المرحوم الأستاذ ............. المحامي أمام الهيئة المجني عليها تحقيقا لوجهة نظر الطاعن في القرارات الصادرة لصالح هذا المحامي، وذلك لما هو مقرر من أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة أن هي لم تحققه أو أغفلت الرد عليه أما عن طلب الطاعن ضم الشكويين رقمي 61 سنة 1966، 42 سنة 1977 حصر عام فإن البين من محاضر الجلسات أنه لم يوضح سبب هذا الطلب ومرماه منه ومن ثم فإنه يغدو طلبا مجهلا لا تثريب على المحكمة أن هي سكتت عنه إيرادا له وردا عليه مادامت قد اطمأنت إلى ما أوردته من أدلة الثبوت في الدعوى. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن لم يتمسك بجلسة المرافعة الأخيرة (3/4/1978) بطلب سماع الشهود ضمن طلباته الختامية المبداة بتلك الجلسة، وكان من المقرر أنه يجوز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا، وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه، ولا تلتزم بسماع الشهود إلا من كان يجب على محكمة أول درجة سماعهم، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان الطاعن قد عد متنازلا عن حقه بسكوته عن التمسك بهذا الطلب أمام محكمة أول درجة، فإن منعاه على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لعدم سماع أعضاء هيئة المحكمة المعتدي عليها وسكرتير الجلسة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا ينبني على سكوت المتهم عن المرافعة في الجنح الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع مادام لا يدعي أن المحكمة منعته من مباشرة حقه في الدفاع، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه لم يبد دفاعه في موضوع التهمة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان المستفاد مما اثبت بمحاضر الجلسات أمام المحكمة بدرجتيها أن محاكمة الطاعن قد تمت بغرفة المداولة في جلسات سرية، ولما كان الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما ثبت منها سواء في محضر الجلسة أو في الحكم إلا بالطعن بالتزوير، فإنه لا يقبل من الطاعن قوله بأن محاكمته لم تجر في جلسات سرية ما دام لم يتخذ من جانبه إجراء الطعن بالتزوير فيما دون بمحاضر الجلسات عن سرية المحاكمة، ويكون منعاه على الحكم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله المتهم تلفظ بألفاظ تحط من كرامة هيئة المحكمة إذ أنها تمس ضميرها في القرارات التي تصدرها وهي تشير دون لبس أو غموض إلى أن القرارات كانت تصدر مجاملة للمرحوم. . . المحامي دون غيره وهي ألفاظ واضحة الدلالة على وقوع الإهانة بالقول، بل أن المتهم قد أفصح صراحة أمام النيابة بما ذهب إليه من حوار دار بينه وبين السيد رئيس الدائرة ينبئ عن اعترافه بوقوع قول الإهانة منه وبأنه يحق له أن يجادل المحكمة في قرار أصدرته وبألفاظ تجرح كرامتها وتحط من عملها وتشكك في ذمتها وعلى ذلك فالاتهام قائم على سند صحيح من القانون محمول على دليل تطمئن إليه المحكمة، ولا شك أن دفاع المتهم الوارد في مذكرته هو محاولة يائسة في محاولة تفسير ما أدلى به من ألفاظ وأنه ما قصد إهانة المحكمة ذلك أن المحكمة لا تبحث عن الباعث الذي دفع المتهم إلى التفوه بها لأن الباعث ليس ركنا في الجريمة، ولا شك أن المتهم وهو محام ملم بالقانون ويزن كل ما يتفوه به على دراية كافية بعمل القضاء ونزاهته ويعلم الضمانات التي كفلها القانون للمتقاضين والمحامين والطرق العديدة التي رسمها حماية لهم فما كان له أن يجرح كرامة المحكمة بألفاظ مهينة). ولما كان يبين من أسباب هذا الحكم أنه إنما دان الطاعن بجريمة إهانة أعضاء محكمة قضائية بتوجيه عبارات جارحة إليها فلا يعيبه ما أورده في بيان الواقعة من اقتحام الطاعن غرفة المداولة وإلقاء ملف الدعوى نجاهم إذ لا يعد ذلك إسناد فعل إلى المتهم لم ترفع به الدعوى ولكنه مجرد سرد لتفصيلات الواقعة ومجريات إحداثها كما استبانت للمحكمة صورتها الصحيحة أخذا من كافة الظروف والأدلة التي طرحت بالجلسة ودارت على أساسها المرافعة، وهي من بعد لم تساءل الطاعن إلا عن جريمة الإهانة بالقول التي رفعت بها الدعوى ويكون نعي الطاعن على الحكم بأنه دانه عن جريمة لم ترفع بها الدعوى غير صحيح. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يأخذ على قرار النيابة بإسناد الاتهام إليه خلوه من بيان ألفاظ الإهانة وكان هذا القرار سابقا على المحاكمة فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لتوفر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو إسناد أمر معين، بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها، ولما كانت العبارات التي اثبت الحكم صدورها من الطاعن للمحكمة المعتدي عليها أثناء انعقادها بالجلسة تفيد بذاتها قصد الإهانة، فإن ما ينعاه، الطاعن على الحكم من خلوه من ألفاظ الإهانة، وإنه لم يقصد بتوجيهها إهانة المحكمة لا يكون له أساس. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتخذ مما أورده في أسباب الطعن عن عمل القاضي الذي اصدر الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بدائرة محكمة المنيا وهو من أبناء تلك المحافظة، ومما اسماه اندماج القاضي في مجتمعه، سببا لرده، وكانت حالات عدم صلاحية القضاء قد وردت في المواد 146 قانون المرافعات و247 من قانون الإجراءات الجنائية، 75 من قانون السلطة القضائية 46 لسنة 1972 وليس من بينها عمل القاضي بمحكمة تقع في موطنه أو اندماجه في مجتمعه فإن منعي الطاعن ببطلان الحكم فيه المحمول على هذا السبب لا يكون صائبا. لما كان ذلك، وكان المستفاد من محاضر الجلسات وديباجتي الحكمين الابتدائي والاستئنافي المطعون عليه أنه تجدد للنطق بأولهما جلسة 8/5/1978 ثم تأجل النطق به لجلسة 15/5/1978 التي صدر بها، وإن ثانيهما صدر بجلسة 31/1/1979 المحددة لإصداره, فيكون النعي على الحكمين بعدم مطابقة تاريخي إصدارها للجلستين المحددتين لذلك قائما على غير أساس صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية الدفاع الذي يقول أن الحكم أغفل التعرض له حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره عن هذا الإغفال لا يكون مقبولا. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ولها كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح في الأوراق وان تحصل أقوال الشهود وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصل لا تحرف الشهادة عن مضمونها، بل أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم بفرض حصوله لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لما كان ذلك، وكان النعي على الحكم بأنه لم يوضح - في بيانه لصورة الواقعة كما اعتنقتها المحكمة - تناقضات الشهود الذين عول على أقوالهم لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى أورد الحكم الاستئنافي أسباب جديدة لقضائه، وقرر في الوقت ذاته أنه يأخذ بأسباب الحكم الابتدائي كأسباب مكملة له - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك مفاده أنه يأخذ بها فيما لا يتناقض مع أسبابه الجديدة، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من توجيه الطاعن إلى هيئة المحكمة عبارات مهينة وجارحة تمس نزاهتها وعدالتها مفاده عدم أخذه بما جاء بأسباب الحكم الابتدائي بخلاف ذلك، ومن فإن ما يعيبه الطاعن على أسباب الحكم الابتدائي في هذا الخصوص لا يصادف محلا في الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في الدعوى المدنية على أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض عملا بالمادة 163 مرافعات وأن تحديد التعويض خاضع لتقدير المحكمة ويشمل الضررين الأدبي والمادي مما عملا بالمادتين 221، 222 من القانون المدني، وأن المتهم قد ارتكب خطأ ماثلا في ثبوت التهمة قبله، وأنه قد ترتب عليه ضرر أدبي لحق المدعين بالحق المدني وأن التعويض المؤقت المطلوب قائم على أساس صحيح وانتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضي به في الدعوى المدنية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر الموجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الضار الذي حكم بالتعويض من أجله، ولا يقدح في سلامته عدم بيان وجه الضرر الأدبي والمادي ما دام قد اثبت وقوع الفعل الضار بما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية الأمر الذي يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض وذلك لما هو مقرر من أنه لما كانت المحكمة قد حكمت للمدعي بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت الذي طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذي سيطالب به بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذي ارتكب الفعل الضار المسند إليه، فهذا يكفي لتبرير التعويض الذي قضت به، ويكون منعى الطاعن على الحكم بالقصور لعدم بيان أركان المسئولية التقصيرية غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر - إعمالا للمادة 91 من قانون المحاماة رقم 61 سنة 1968 - أن مناط عدم جواز مساءلة المحامي عما يدلي به في مرافعته الكتابية أو الشفوية أن يكون ما أورده مما يستلزمه حق الدفاع، وذلك لما هو مقرر من أن حق الدفاع من الحقوق المباحة فلا يسأل صاحبه إلا إذا انحرف واستعمله استعمالا غير مشروع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت في حق الطاعن بالأسباب السائغة التي أوردها أن ما وجهه إلى هيئة المحكمة المعتدى عليها هو ألفاظ جارحة تحمل بذاتها معنى الإهانة لهيئة المحكمة وتخرج بالتالي عن مستلزمات حق الدفاع فإن تعلله بأن ما بدر منه كان استعمالاً مشروعاً لحق الدفاع عن موكله لا يكون سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - أخذاً بما لا تعارض فيه مع أسبابه - قد عرض لما أثاره الطاعن من بطلان حضور المحاميين اللذين نابا عن المدعين بالحق المدني في مباشرة دعواهم المدنية تأسيساً على أن الهيئة المعتدى عليها تنظر القضايا التي يترافعان فيها عن وكلائهما وأن التوكيل الصادر من أعضائها لهما ينطوي على مخالفة للقانون، وقد أطرح الحكم هذا الدفاع بأن الثابت من أوراق الدعوى أن المدعين بالحق المدني قد وكلوا الأستاذ ........ المحامي في الحضور عنهم في الدعوى المدنية التي أقاموها بطلب تعويض مؤقت عن الضرر الذي حاق بهم من الجريمة وأجازوا له ينيب عنه من يشاء من المحامين وأنه عهد إلى كل من الأستاذين ...... و.......... المحاميين بالحضور عنه في الدعوى، وأن ذلك تم في نطاق ما تخوله المادة 90 من قانون المحاماة التي تجيز للمحامي سواء أكان خصما أصلا أو وكيلا في دعوى أن ينيب عنه في الحضور أو المرافعة أو أي إجراء من إجراءات التقاضي محامياً آخر تحت مسئوليته، وخلص الحكم إلى أن دفاع المتهم ببطلان تلك الوكالة لا يقوم على سند من القانون، ولما كان ما أورده الحكم صائباً وكافياً لإطراح دفاع الطاعن ببطلان عقد الوكالة إذ ليس ثمة من قيد في القانون على حرية القاضي في أن يتخير المحامي الذي يمثله في دعوى أمام القضاء، فإن نعي الطاعن على الحكم بخطئه في القانون لعدم إبطال عقد الوكالة يكون بعيداً عن محجبة الصواب. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يدفع بصورية عقد الوكالة الصادر من المدعين بالحق المدني إلى الأستاذ ...... المحامي فليس له من بعد أن يبدي هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يحتاجه من تحقيق موضوعي يخرج عن ولايتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعي بالحقوق المدنية يعتبر تاركاً لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه، والحكمة من اشتراط الإعلان لشخص المدعي هو التحقق من علمه اليقيني بالجلسة المحددة لنظر الدعوى، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المجني عليهم وهم أعضاء هيئة المحكمة المعتدى عليها ادعوا مدنياً عند قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق في الدعوى وقبلوا في التحقيق بهذه الصفة ومن ثم فإحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة تشمل الدعوى المدنية تطبيقاً للمادة 251/3 من قانون الإجراءات الجنائية ويتعين إعلانهم بالجلسة التي تحددت لنظر الدعويين ولا يصح في القانون اعتبارهم تاركين لدعواهم المدنية ما لم يعلنوا لأشخاصهم. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة أن المدعين بالحق المدني تخلفوا عن حضور جلستي 26/3/1977، 30/4/1977 وإذ تأجلت الدعوى لجلسة 11/6/1977 لإعلانهم لأشخاصهم فقد حضروا. ولما كان الطاعن لا يزعم في أسباب طعنه بأنهم أعلنوا قبل تلك الجلسة لأشخاصهم كما يبين من محاضر الجلسات أنه لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بحصول مثل هذا الإعلان، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في موضوع الدعوى المدنية بالتعويض المؤقت المطلوب للمدعين بالحق المدني يكون صائباً ويكون منعى الطاعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون إذ لم يقض باعتبارهم تاركين لدعواهم المدنية غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعين الرفض موضوعاً مع مصادرة الكفالة عملا بنص المادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 سنة 1959