الطعن رقم 2388 لسنة 50 بتاريخ 17/11/1981
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: المتهمون الثلاثة (أولاً) استعملوا وآخر مجهول العنف والتهديد مع موظف عام هو الملازم أول ...... الضابط بقسم عابدين ليحملوه بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته وهو تنفيذ أمر النيابة بتمكين موظفي دائرة ..... من حيازة الأماكن المتواجدين بها بالشقة الكائنة بالدور الثالث من العقار رقم .... وذلك بالقوة الجبرية وقد بلغ المتهمون مقصدهم. (ثانياً) أهانوا بالقول الموظف العام سالف الذكر بأن وجهوا إليه الألفاظ المبينة بالتحقيقات وكان ذلك أثناء تأدية وظيفته وبسببها والمتهم الأول (أولاً) أتلف المحضر المحرر بمعرفة الملازم أول .... وخطاب التنبيه للقسم بالتمكين بالقوة الجبرية والمسلمين للموظف المذكور. (ثانياً) أحدث عمداً بكل من ..... و..... و...... و...... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والمتهم الثاني أحدث عمداً بـ ........ إصابة رأسه الموصوفة بالتقرير الطبي وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك. وادعى المجني عليهم مدنياً قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملاً بالمواد 133/1 و137 مكرر و151 و152/1 و242/1 من قانون العقوبات والمادتين 32 و17 من هذا القانون بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ومعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالحبس لمدة ستة أشهر وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعين بالحق المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
حيث أن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي استعمال العنف مع موظف عمومي لحمله بالقوة على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته وإهانته, ودان الطاعن الأول بجريمة إتلاف أوراق رسمية, كما دانه والطاعن الثاني بجريمة ضرب, وإلزامهم متضامنين بالتعويض المؤقت, قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون, ذلك أن المدافع عن الطاعنين دفع بتخلف الركنين المادي والمعنوي للجريمة التي تضمنتها التهمة الأولى إذ لم ينكر الضابط المجني عليه أن قوة أو عنفا صدرا عن الطاعنين بل مجرد إهانة بالقول وأنه قد نفذ قرار التمكين قبل حضور الطاعنين مما ينفي عنهم قصد منع الضابط من أداء عمله, كما أثار أن أمين الشرطة .... والأستاذ المحامي نفيا وقوع اعتداء على الضابط وقال أن التقارير الطبية تناقض أقوال المجني عليهم في تهمة الضرب إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على أوجه دفاعهم ولم يستظهر وجه الضرر الذي أصاب المدعين بالحق المدني كما ألزم الطاعن الثالث بالتعويض دون أن يكون له شأن بجريمة الضرب التي دان بها الطاعنين الأول والثاني ورغم عدم توجيه الاتهام إليه بشأنها, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما حاصله أن الملازم أول ...... كلف بتنفيذ أمر النيابة العامة الصادر في الشكوى رقم 5139 لسنة 1976 قسم عابدين بمنع تعرض الطاعن الأول للمدعين بالحقوق المدنية في شقة النزاع, ولدى تنفيذه لهذا الأمر وبعد فتح باب الشقة ودخلوها اقتحم الطاعنون وآخرون الشقة وأهانوه كما تعدوا بالضرب على المدعين بالحقوق المدنية ولما بدأ في تحرير محضر بما حدث منهم تصدى له الطاعن الأول وانتزع هذا المحضر وخطاب النيابة بالتمكين ومزقهما ورفض هو ومن معه الخروج من الشقة قاصدين منعه من تنفيذ قرار التمكين, وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الضابط المجني عليه والمدعين بالحقوق المدنية والتقارير الطبية الموقعة على الآخرين وما ثبت من المحضر الإداري سالف الذكر وما تبقى من آثار محضر الضبط وخطاب النيابة الممزقين, وأورد مؤدى كل دليل منها وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك وكان المقرر أن الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرر (أ) من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملا لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه. وقد أطلق الشارع حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو الشخص المكلف بالخدمة العامة متى كانت غايته من الاعتداء أو التهديد حمل الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به, يستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعنين ما يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة, قد استظهر استظهارا سليما من ظروف الواقعة أن نية الطاعنين مما وقع منهم من أفعال مادية قد انصرفت إلى منع ضابط الشرطة المجني عليه من أداء عمل من أعمال وظيفته هو تنفيذ أمر النيابة العامة بتمكين المدعين بالحقوق المدنية من الشقة المتنازع عليها, فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أثبت قيام الركن الأدبي للجناية التي دان الطاعنين بها, ويضحى منعى الطاعنين بعدم توافر أفعال العنف المكونة للجريمة أو أنها حدثت بعد تمام تنفيذ قرار التمكين لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك الأصل أن محكمة الموضوع لا تلزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها فإن في عدم تعرض المحكمة للشهادة التي أدلى الشرطي .......... والمحامي ......... ما يفيد إطراحها اطمئنانا لأدلة الثبوت التي عولت في حكمها, لما كان ذلك وكان الطاعن الأول والثاني لا يجادلان في أن ما أورده الحكم من أقوال المجني عليه من أن الطاعن الأول ضربه على يديه والطاعن الثاني ضربه على رأسه له أصله الثابت في تحقيقات النيابة وكان لا ينازعان في صحة نقله الحكم من التقرير الطبي وفي أن إصابات المجني عليه المذكور تتفق في موضعها مع ما قرره المجني عليه. ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تعرضه لقول للمجني عليه في محضر الضبط يتناقض مع ما جاء بالتقرير الطبي ذلك لما هو مقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وأن تأخذ بقول للشاهد في أي مرحلة وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة في ذلك ما دام له أساس فيها, وبحسب الحكم كما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من قصور الحكم في الرد على أوجه دفاعهم يكون غير سديد, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الضرب التي دان بها الطاعنين الأول والثاني وأورد ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله, وأنه لا يعيب الحكم عدم بيانه الضرر بنوعيه المادي والأدبي ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية, ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض, ومن ثم يضحى منعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه بقصوره في بيان ركن الضرر في غير محله. لما كان ذلك وكان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون بصفة استثنائية رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى العمومية وكان الحق المدعى به ناشئا عن ضرر حصل للمدعي عن الجريمة المرفوع عنها الدعوى العمومية - فإذا لم يكن الضرر ناشئا عن هذه الجريمة بل كان نتيجة لظرف آخر ولو كان متصلا بالجريمة سقطت تلك الإباحة وسقط معها اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى - وكانت المحكمة قد قضت بإلزام الطاعن الثالث ........ بالتعويض المدني في الوقت الذي استقرت به على أن الفعل الجنائي بالنسبة له منعدم في الأصل - فالتضمين المطالب به بالنسبة للطاعن المذكور يكون أذن عن ضرر غير ناشئ عن جريمة الضرب المطالب بالتعويض عنها ويكون الادعاء به خارجا عن اختصاص المحكمة الجنائية - وعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية عن تعويض ضرر ليس ناشئا عن الجريمة به من ما يتعلق بولايتها فهو من النظام العام ويجب على المحكمة أن تحكم به هو من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان العيب الذي شاب الحكم في هذا الخصوص قد اقتصر على مخالفة القانون فإنه عملا بالمادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنقض المحكمة الحكم نقضا جزئيا وتصححه بالقضاء بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية بالتعويض قبل الطاعن الثالث وإلزام المدعين بالحقوق المدنية بمصاريفها. فيما عدا ذلك فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا