الطعن رقم 2812 لسنة 59 بتاريخ 02/11/1989
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عمومياً "مدير إدارة تموين ... ومسئولاً عن توزيع سلع متعلقة بقوت الشعب واحتياجاته" أضر عمداً بنظام توزيعها بأن قام بصرف تلك السلع على غير مستحقيها على النحو الثابت بالأوراق، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالفيوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 116، 118 مكرراً، 119، 119 مكرراً من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 63 لسنة 1975 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله عن وظيفته لمدة سنتين.
فطعن الأستاذ/ ... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإخلال العمدي بتوزيع سلعة على خلاف النظام المقرر لتوزيعها قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم لم يبين النظام الذي وضع لتوزيع السلعة لتوزيع السلعة المعنية، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الشارع إذ نص في المادة 116 من قانون العقوبات على أن (كل موظف عام كان مسئولا عن توزيع سلعة أو عهد إليه بتوزيعها وفقا لنظام معين فأخل عمدا بنظام توزيعها يعاقب بالحبس وتكون العقوبة السجن إذا كانت السلعة متعلقة بقوت الشعب أو احتياجاته أو إذا وقعت في زمن الحرب). فقد دل على أن هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي يتعين لقيامها توافر القصد الجنائي العام بما يتطلبه هذا القصد من علم المتهم بأنه موظف عام مسئول عن توزيع سلعة أو معهود إليه بتوزيعها، وأن يكون هذا التوزيع خاضعا لنظام معين وضعته سلطة مختصة بوضعه قانونا وعلم الموظف ذاك بقواعد هذا النظام التي ينسب إليه الإخلال بها، وعلم بما ينطوي عليه فعله من إخلال واتجاه إرادته إلى فعله أو امتناعه، لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلا . والمراد بالتسبيب والمعتبر، تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له، سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل، بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضي به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة، فلا يحقق الغرض الذي قصده الشراع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيان واقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله (أنه يعمل رئيسا لمكتب تموين. . .ومسئول عن توزيع السلع المتعلقة بقوت الشعب على مستحقيها قد دأب عمدا خلال الفترة من. . .حتى. . .على إصدار بونات بصفة شخصية على العديد من الأشخاص والمعارف لصرف سلع مدعمة محظور صرفها خارج البطاقات وصرف سلع أخرى حرة من التي كان يجب توزيعها على البطاقات كما سهل للتاجر. .  .وآخرين مثله الحصول على كميات كبيرة من المقررات التموينية المقرر صرفها على البطاقات التموينية دون وجه حق، وقام بتعديل أذون الصرف للتاجر المذكور بالزيادة دون وجه حق، كما اصدر أيضا أذون صرف باسم الجمعية الاستهلاكية الفئوية لمجلس مدينة. . . بكميات من المقررات التموينية تزيد عن المقرر لها ورغم توقف تلك الجمعية عن مزاولة نشاطها منذ. . . وهو ما يشكل إخلالا بنظام توزيع السلع المتعلقة بقوت الشعب على النحو الوارد بالأوراق ومحاضر لجان الفحص). دون أن يستظهر مقومات النظام الذي قرر أنه وضع ليحكم توزيع هذه السلع وأنه صدر من الجهة المختصة المنوط بها ذلك وفقا للقانون، مكتفيا في ذلك بالإحالة إلى الأوراق ومحاضر لجان الفحص دون أن يورد مضمونها ووجه الاستدلال بها على ثبوت الاتهام بعناصره القانونية كافة، فإنه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن