الطعن رقم 1553 لسنة 30 بتاريخ 20/02/1961
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: باعتباره موظفا عموميا ارتكب في أثناء تأديته وظيفته تزويرا في محررات رسمية "دفتري استمارات واستمارة 137 أموال مقررة والرسم الكروكي الشفاف الخاص بتسليم أطيان طرح البحر إلى مستحقيها" وكان ذلك بطريق تغيير المحررات ومحو عبارات وبيانات وأرقام وشطب أخرى وإضافة غيرها ووضع إمضاء مزورة وذلك بأن محا بيانات وأثبت بدلها أسماء أخرى. وبأن شطب عبارة القبلي 10 وكتب تحتها عبارة البحري 9 وذلك أمام رقم 14 مسلسل الخاص بالقطعة المسلمة إلى............. وبأنه شطب رقمي 29 و30 واستبدل كل منهما بالآخر أكثر من مرة وأثبت تحت رقم 30 الأخير رقم 29 وأثبت بيانات أخرى. وأسماء أخرى أمام الرقم الأول وبأن محا عبارات وأثبت بدلها اسمين آخرين, وبأن شطب رقم 30 الموجود بالرسم الكروكي الشفاف وأثبت رقم 29 وبأن وضع إمضاء مزور نسب صدوره إلى.............. باعتباره مستلما لنصيب............... وذلك علي خلاف الحقيقة مع علمه بتزويرها واستعمل المحررات الرسمية المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن قدمها للمديرية لاعتمادها وأنه وهو موظف "مساح مركز..." أخذ مبلغ أحد عشر جنيها ومائتي وخمسين مليما من آخرين علي سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته هو تسليمهما نصيبهما من أطيان طرح البحر في حوض الشيخ........... 10, وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 103 و108/1 و211 و214 من قانون العقوبات. فقررت بذلك, ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 17 و32/1 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبتغريمه مبلغ أحد عشر جنيها وخمسة وعشرين قرشا وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنين تبدأ من تاريخ صدور الحكم. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. الخ
 
 المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في القانون وفي الإسناد والقصور في البيان, ذلك أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ دان الطاعن بجريمة التزوير في أوراق رسمية لمجرد إجراء تصحيح في بعض الأرقام والعبارات مما يباح بمقتضى تعليمات وزارة الخزانة لرفع الخطأ وإن كان الطاعن لم يتبع فيه الأصول المقررة من وجوب أن يجري التصحيح بالمداد الأحمر بعد شطب الأصل بخط خفيف يظل معه مقروءا وأن يوقع رئيس اللجنة عند كل تصحيح -على أن مخالفة هذه التعليمات لا تستوجب غير المساءلة الإدارية التي تتولاها النيابة الإدارية- إن كان لها وجه, وهي لا تقع -كما يقول الطاعن- تحت طائلة قانون العقوبات, هذا إلى أن ما حدث من تغيير في بعض الأرقام المسلسلة لم تتغير به مواقع الأراضي الموزعة على مستحقيها كما هو مستفاد من أقوال ........... - الذي قرر أن القطعة التي اختص بها ............. ومن معه هي التي أصابت من بداية الأمر ورجح أن تكون الأخطاء التي وقعت بالرسم راجعة إلى كثرة العمل, ويضيف الطاعن أن الحكم قد أخطأ في الإسناد إذ استخلص من تقرير الطبيب الشرعي أن الإمضاءات المنسوبة إلى .............. قد زورت عليه, ذلك بأن التقرير أثبت ما يفيد أن الإمضاءات المدعى بتزويرها والإمضاءات الأربعة المعترف بها منه كلها كتبت بخط واحد -لكن الحكم قد استخلص من هذا التقرير ما لا يؤدي إليه. وقد بنى الطاعن على القول بانتفاء جريمة التزوير انتفاء جريمة استعمال المحررات المزورة المترتبة عليها- هذا وقد قامت جريمة الرشوة التي دين بها الطاعن على خطأ في القانون, فقد دفعت المبالغ كما يقول المدعيان ........... و.......... على أنها رسوم تحصل للشهر العقاري مع أنهما بما لهما من خبرة في استلام مثل هذه الأراضي على علم بأن الأمر لا يتطلب رسوما, فإذا ما دفعا ما لم يكن مستحقا فقد رفعت عنهما حماية القانون على أن ما حدث إن صح يكون جريمة النصب لا الرشوة, وأخيرا فقد استند الحكم في الإدانة إلى أقوال متناقضة تدحضها أقوال شهود آخرين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم الثلاث التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك, وكان الحكم قد رد على ما دفع به الطاعن من أن التغيير الذي حدث بالمحررات إنما هو تصحيح مما تجيزه تعليمات الوزارة بقوله "إنه يكون أمرا لا غبار عليه متى أقر هذا رئيس اللجنة وأعضاؤها أما الكشط والمحو فلا يجوز بحال من الأحوال إذا انفرد به المتهم. إذ كل ما تقطع مراحله في هذا الصدد أنه تزوير في أوراق رسمية مما يقع تحت طائلة قانون العقوبات, ولما كان الحكم قد أثبت أن ما حدث لا يعد تصحيحا بالمعنى الذي تجيزه التعليمات - إنما هو تغيير أساسي استقل به الطاعن بعد انتهاء مهمة اللجنة وترتبت عليه نتائج, وكان إغفال الطاعن للتعليمات التي أشار إليها في وجه الطعن عن طريقة التصحيح المسموح به ليس يرجع إلى مجرد التراخي في تنفيذ هذه التعليمات بل كان مبعثه انفراده بالأمر على غير علم من اللجنة تحقيقا للأهداف التي رمى إليها وهي تعديل التوزيع الذي تم فكان رد الحكم على دفاع الطاعن في هذا الخصوص سائغا وصحيحا في القانون. لما كان ما تقدم, وكان لا صحة لما ادعاه الطاعن في طعنه من أن تغيير الأرقام لم تتغير به مواقع الأرض الموزعة على مستحقيها, ذلك بأن الحكم قد أثبت تحقيق هذه النتيجة بالنسبة إلى ................. وعائلته وإلى .............. ولم يدع الطاعن بالخطأ في الإسناد فيما أثبت الحكم من ذلك, هذا ولما كان الحكم لم يأخذ في حدود سلطته التقديرية - بأقوال ........., وكان ما خلص إليه الحكم من حصول تزوير في البيانات الخاصة بالأرض الموزعة على ............ وعائلته وعلى ............... يكفي لحمله إذا صح ما ادعاه الطاعن من أن استخلاص الحكم لتزوير إمضاءات ............. غير سليم, ولما كان لا وجه للقول بانتفاء جريمة استعمال المحررات المزورة تأسيسا على انتفاء التزوير بعد أن قام الدليل على حصوله على الوجه الذي يؤثمه قانونا. وكان علم الشهود بأنهم يدفعون للطاعن أموالا غير واجبة الأداء لا يعفيه من المسئولية بل هو مما تتحقق به جريمة الرشوة ما دام العطاء لم يكن إلا لحمل الطاعن على الإخلال بواجبات وظيفته. لما كان كل ذلك، وكان باقي ما أثاره الطاعن في طعنه من القول باستناد الحكم إلى أقوال متناقضة لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا يقبل منه أمام هذه المحكمة، وكان تناقض الشهود -إن صح- لا يعيب الحكم متى كان قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا