الطعن رقم 1197 لسنة 38 بتاريخ 14/10/1968
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في خلال المدة من شهر يونيه سنة 1966 حتى 13 نوفمبر سنة 1966 بدائرة قسم باب شرقي محافظة الإسكندرية: وهو موظف عمومي "جاويش نظافة بمحافظة الإسكندرية" طلب لنفسه وأخذ عطية لاستعمال نفوذ مزعوم لدى سلطة عامة بأن طلب وأخذ من ................. مبلغ أربعة جنيهات للحصول على وظيفة لها بمحافظة الإسكندرية واستخراج الأوراق اللازمة لذلك باستعمال ما زعمه لها من نفوذ لدى المسئولين بالمحافظة - وطلبت من مستشار الإحالة إحالة الدعوى إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمة المتهم طبقا للمادتين 104 و106 مكررا من قانون العقوبات. فقرر بتاريخ 13 من أكتوبر سنة 1967 بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم. فطعنت النيابة العامة في هذا الأمر بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الأمر المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ انتهى إلى التقرير بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم عن تهمة طلب واخذ عطية لاستعمال نفوذ مزعوم تأسيساً على عدم توافر الركن المادي لتلك التهمة باعتبار أن المتهم عند ضبطه كان بسبيله إلى قراءة الأوراق التي قدمتها إليه المجني عليها مما يقطع بأنه لما يكن قد قبل الرشوة المدعى بها وهو ما لا يوفر في حقه الجريمة المنصوص عليها في المادتين 104 و106 مكرراً من قانون العقوبات، في حين أن طلب العطية من المتهم أو اتفاقه على تقاضيها يكفي في حكم القانون لقيام تلك الجريمة في حقه ولو لم يقتضيها فعلاً، إذ أن تسليم الرشوة فيما بعد ليس إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه وتنفيذاً له. وما دام الثابت من الأوراق أن المتهم طلب من المجني عليها رشوة لاستعمال نفوذ مزعوم للحصول لها على مسوغات تعيينها فإن الجريمة المنسوبة إلى المتهم تكون قد توافرت أركانها القانونية مما يقتضي رفع الدعوى الجنائية عليه لمحاكمته على أساسها.
وحيث إن الأمر المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن المجني عليها تقابلت مع المتهم (المطعون ضده) في شهر يونيه سنة 1966 وأفهمها بأنه بحكم منصبه في المحافظة ذو نفوذ ويمكنه إلحاقها بإحدى الوظائف بها بعد استخراجه لها شهادة الميلاد والبطاقة الشخصية وطلب منها أربعة جنيهات فأعطته جنيهين إلا أنه ما طلها ولم يستخرج لها شيئاً من ذلك مما حدا بها إلى أن تستخرج بنفسها شهادة الميلاد ثم ذهبت إليه وطلبت منه الحصول على البطاقة الشخصية حتى يتمكن من إلحاقها بالعمل فكلفها بإعداد الصور والاستمارات اللازمة وطلب منها جنيهين مقابل ذلك إلا أنها قامت بالإبلاغ ورافقت الضابط لضبط المتهم متلبساً بالجريمة عند إعطائها الجنيهين ودخلت منزله بمفردها، وبعد أن سلمته الأوراق سألها عن المبلغ فقدمت له الجنيهين ثم انصرفت وأشارت إلى الضابط فداهم المتهم وضبطه ومعه المبلغ. وبعد أن أورد الأمر مؤدى أقوال الضابط استطرد إلى القول: "وحيث إن الثابت من أقوال الضابط .................... أن المتهم كان بسبيله لقراءة الأوراق التي تقدمت بها المجني عليها الأمر الذي يقطع بأن المتهم لم يقبل بعد العطية موضوع الدعوى وبذلك يكون الركن المادي للجريمة لم يتوافر ووقفت الجريمة عند حد البدء في التنفيذ الذي لا عقاب عليه ولا ينال من ذلك كون النقود ظاهرة أمامه إذا لم يكن وقت دخول الضابط قد تبين أمر هذه النقود حتى يقول كلمته بشأنها ولا سبيل له إلى معرفة ذلك، إلا أن يتم له قراءة ما أرفق بها من أوراق ........" ثم انتهى الأمر المطعون فيه إلى التقرير بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم. لما كان ذلك، وكان ما قاله الأمر المطعون فيه فيما تقدم لا يتفق وصحيح القانون، ذلك بأن المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات إذ اشترطت لتطبيقها أن يطلب الفاعل لنفسه أو لغيره أو يقبل أو يأخذ وعداً أو عطية أو تذرعاً بنفوذه الحقيقي أو المزعوم بغرض الحصول على مزية للغير من أية سلطة عامة، فقد دل ذلك على أن المشرع قد ساوى في هذه الجريمة بين قبول العطية وأخذها وبين طلبها فلا يشترط لتحققها قبول العطية أو أخذها فحسب بل إن مجرد طلب العطية تتوافر به هذه الجريمة بتمامها ولا يعتبر هذا في صحيح القانون بدءاً في تنفيذها أو شروعاً فيها, لما كان ذلك, وكان الأمر المطعون فيه وقد أورد في بيانه لواقعة الدعوى ما يفيد حصول هذا الطلب من جانب المطعون ضده دون أن يعني بتمحيص ذلك وذهب إلى أن الجريمة المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات لا تتوافر إلا بقبول العطية، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، ولما كان هذا النظر الخاطئ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى وتقدير أدلتها ووزنها فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة