الماده 5 عقوبات
يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها. ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره.
وإذا صدر قانون بعد حكم نهائي يجعل الفعل الذي حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم وتنتهي آثاره الجنائية.
غير أنه في حالة قيام إجراءات الدعوى أو صدور حكم بالإدانة فيها وكان ذلك عن فعل وقع مخالفا لقانون ينهي عن ارتكابه في فترة محددة فإن انتهاء هذه الفترة لا يحول دون السير في الدعوى أو تنفيذ العقوبات المحكوم بها.
========================================
نطاق سريان قانون العقوبات من حيث الزمان
======================================== 
  الأصل العام في تطبيق القانون من حيث الزمان هو أن القانون يكون دائماً واجب التطبيق من اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية أو من التاريخ الذي يحدده نفس القانون لسريان أحكامه ، و هي قرينة قطعية على علم الكافة بها فلا يعذر أحد بجهل القانون ، وأن القانون لا تسري أحكامه إلا على الحالات التي تتم في ظله أي بعد إصداره ، وأنه لا يسري على ما وقع من الحالات قبل صدوره . فالركن المادي للجريمة يعني كون الفعل المادي للجريمة يقع تحت نص يجرمه وقت ارتكاب الجريمة ، أي أن السلوك الإجرامي للفاعل يكون عملاً غير مشروع يعاقب عليه القانون وقت ارتكابه بنص نافذ في القانون، فلا يمكن اعتبار الفعل مادياً في عمل مخالف لقانون سابق جرى اباحته أو إلغاء العقوبة المقررة على ارتكابه بقانون لاحق . و قواعد قانون العقوبات كباقي القواعد القانونية ليست بالنصوص الأبدية بل تنشأ و تعدل و تلغى إن اقتضى الأمر ذلك وفق سريان زمني مضبوط تتحكم فيه ظاهرة تعاقب القوانين، و من آثار هذه الظاهرة إلغاء القانون اللاحق للقانون السابق.
وبذلك فإن الأصل أن النصوص الجنائية لا تسري بأثر رجعي بحيث تطبق النص فقط على الأفعال التي وقعت منذ لحظة العمل به إلى غاية إلغائه أو تعديله، ولا يطبق على الأفعال التي سبقت صدوره.
فليس من المقبول عقلاً أن يعاقب الشخص على فعل كان مباحا وقت ارتكابه ثم جرمه القانون الجديد.
وتقضي القاعدة العامة في تطبيق قانون العقوبات من حيث الزمان بإعمال الأثر الفوري للنص العقابي ، ومع ذلك فإن استثناء يرد عليها يتمثل في مبدأ القانون الأصلح للمتهم .
========================================
المقصود بالأثر الفوري في تطبيق قانون العقوبات:
======================================== 
  يُقصد بالأثر الفوري في تطبيق قانون العقوبات أن يتم تطبيق قانون الواقعة . ويُقصد بقانون الواقعة ذلك القانون الذي كان نافذا وقت ارتكاب الجريمة . فإذا صدر قانون جديد ولم يكن أصلح للمتهم فإنه يتعين تطبيق القانون الجنائي السابق على الأفعال التي وقعت قبل إلغائه بالقانون الجديد.
ـ وتحدد المبادئ العامة فى القانون ، وبعض النصوص الدستورية ونصوص قانون العقوبات ، القواعد التى تحكم نطاق سريان قانون العقوبات من حيث الزمان . ويمكن إجمال تلك القواعد فى إثنتين : الأولى : عدم رجعية النصوص الجديدة الأشد . والثانية : رجعية النصوص الجديدة الأصلح للمتهم .
========================================
قاعدة عدم رجعية النصوص الأشد (1)
======================================== 
  قاعدة عدم رجعية النصوص الأشد (1)
تعنى هذه القاعدة أن نصوص قانون العقوبات الأشد من النصوص السابقة عليها ، سواء تعلقت بالتجريم أم بالعقاب ، لا تسرى على الماضى ، أى لا تطبق بأثر رجعى ، وإنما تسرى بأثر مباشر وفقاً للأصل العام ، أى تطبق فحسب على ما يقع من جرائم منذ بداية العمل بها . أما ما وقع من جرائم فى ظل قاعدة قديمة أخف ، فيظل محكوماً بتلك القاعدة . فإذا جاء نص جديد يجرم فعلاً كان مباحاً وقت إتيانه ، ظل الفعل على إباحته وفقاً للقاعدة القديمة ، ولا يسرى إلا على الفعل الذى يقع منذ العمل به . وإذا جاء النص الجديد بعقوبة أشد جسامة من العقوبة المقررة فى القاعدة القديمة ، امتنع تطبيق العقوبة الأشد على من ارتكب جريمة فى ظل القاعدة الأولى ، ويخضع لها فحسب من يرتكب الجريمة منذ لحظة العمل بالقاعدة الجديدة . وعلى هذا النحو ، يقتصر سريان كل قاعدة على ما يقع فى ظلها من جرائم .
وتعد القاعدة محل البحث تكريساً للمبادئ العامة فى سريان التشريع من حيث الزمان : فهو لا يسرى على الماضى ، وإنما على ما يستجد فى ظله من وقائع .
وتكتسب هذه القاعدة قيمة دستورية ، حيث كرستها المادة 95 من دستور 2014 المعدل بقولها " ............ ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون."
وتبرير القاعدة محل البحث لا يحتاج إلى عناء : فهى نتيجة حتمية وامتداد طبيعى لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات . وتوضيح ذلك أن مؤدى المبدأ وجود نص للتجريم والعقاب وقت إتيان الفعل . فإذا سرى النص الجديد الأشد على فعل وقع قبل العمل به ، كان فى ذلك إهدار لمبدأ الشرعية ومساس بحريات الأفراد دون سند قانونى ، وإخلال بتوقعاتهم المشروعة ، وفتح الباب على مصراعية أمام التحكم والاستبداد (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د/ أحمد عوض بلال ، مبادئ قانون العقوبات المصرى ، القسم العام ، ط 2003 ـ 2004 ، ص 96 .
(2) د/ أحمد عوض بلال ، مرجع سابق ، ص 97 .
========================================
نطاق تطبيق قاعدة عدم رجعية النصوص الأشد (3) :
======================================== 
  نطاق تطبيق قاعدة عدم رجعية النصوص الأشد (3) :
يتحدد نطاق تطبيق القاعدة محل البحث بشرطين أساسيين : أولهما ـ أن يكون النص الجديد أشد من النص القديم الذى وقعت الجريمة فى ظله ، وثانيهما ـ ألا تكون الجريمة معتبرة من الناحية القانونية واقعة فى ظل النص الجديد الأشد .
فمن ناحية ، يتحدد نطاق تطبيق القاعدة بطبيعة النص الجديد : فيلزم أن يكون أشد من سابقه ، أى أن يكون من شأن تطبيقه على المتهم وضعه فى موضع أسوأ مما كان يضعه فيه النص القديم .
ومن ناحية ثانية ، يلزم لتطبيق قاعدة عدم الرجعية محل البحث ألا تكون الجريمة من الناحية القانونية مرتكبة فى ظل النص الجديد : فإن كانت قد وقعت من الناحية الزمانية بعد العمل بذلك النص ، سرى عليها هذا الأخير ، ولا يقال حينئذ إن فى سريانه أثراً رجعياً محظوراً . وبعبارة أخرى ، شرط تطبيق قاعدة عدم رجعية النص الجديد الأشد هو أن تكون الجريمة قد وقعت من الناحية القانونية فى ظل القاعدة القديمة ، فحينئذ تظل محكومة بتلك القاعدة ، ولا تسرى عليها القاعدة الجديدة الأشد بأثر رجعى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) د/ أحمد عوض بلال ، مرجع سابق ، ص 98 .
========================================
رجعية القوانين الأصلح للمتهم (4) :
======================================== 
  رجعية القوانين الأصلح للمتهم (4) :
رأينا أن قاعدة عدم رجعية النصوص الجنائية ينحصر نطاقها فى الحالات التى يكون فيها النص الجديد أسوأ للمتهم ؛ إذ تؤدى رجعيته حينئذ إلى إخلال بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات . وفى هذا النطاق يتقيد بهذه القاعدة كل من القاضى والمشرع . أما فيما يجاوز هذا النطاق ، أى حيث يكون النص الجنائى أصلح للمتهم ، فإن المشرع يملك طبقا للدستور التحلل من قاعدة عدم الرجعية تماما كما يملك التحلل منها فى المواد غير الجنائية ، فيقرر بنص صريح سريان القانون على وقائع سابقة على صدوره . وبالفعل أورد المشرع نصا عاما بهذا المعنى ضمنه الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات ، وقرر فيه أنه " إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم  فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذى يتبع دون غيره " .
ورجعية النصوص الجانئية الأصلح للمتهم يبررها ، فضلا عن انعدام الاخلال بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ، أن العقوبة شر لا تبرره الا ضرورة أو مصلحة للمجتمع وفى صدور قانون جديد يلغى العقوبة التى كان يفرضها قانون سابق أو يخففها ما يعنى الاعتراف من جانب المشرع بعدم ضرورة هذه العقوبة أو جدواها للمجتمع فلا محل لتوقيعها ولو كان الفعل الذى كانت مفروضة له قد وقع قبل الغائها أو تخفيفها . ولهذا كان تطبيق القانون الأصلح للمتهم على الماضى وجوبيا بحيث اذا أغفله القاضى وعامل المتهم بالقانون السارى وقت ارتكاب الفعل يكون بذلك قد خالف قاعدة قانونية مفروضة عليه الأمر الذى يعيب حكمه بما يستوجب نقضه .
 على أن المشرع علق سريان القانون الأصلح للمتهم على الماضى على شرط صدوره قبل الحكم النهائى على المتهم ، كما أورد فى الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة تحفظا خاصا بالقوانين المحددة الفترة . وسنبين أولا الضوابط التى يمكن بتطبيقها تعيين القانون الأصلح للمتهم ، ثم نوضح ما تطلبه المشرع لتطبيق هذا القانون بأثر رجعى ، ونعرض أخيرا لحكم القوانين المحددة الفترة. ضوابط تعيين القانون الأصلح للمتهم (5) :
 ان القانون الذى يطبق بأثر رجعى هو ـ طبقا للمادة 5/2 عقوبات ـ القانون الأصلح للمتهم ، أى " القانون الذى ينشىء للمتهم مركزا أو وضعا يكون أصلح له من القانون القديم " . وهذا يعنى أن المقارنة بين قانونين لمعرفة أيهما أصلح ينبغى ألا تتم على نحو مجرد وإنما فى ضوء الظروف الخاصة بكل متهم على حده ، إذ قد يكون القانون الجديد أصلح بالنسبة لمتهم معين ولا يكون كذلك بالنسبة لغيره ممن تختلف ظروفهم عنه .
 وتعيين القانون الأصلح للمتهم هو من عمل القاضى ، فليس له أن يترك الأمر فيه للمتهم بحيث يطبق عليه القانون الذى يراه هو نفسه أصلح له . ويخضع تعيين القانون الأصلح للمتهم لضوابط معينة على القاضى مراعاتها ، وطبقا لها يكون القانون الجديد أصلح للمتهم فى الأحوال الآتية : ـ
أولا ـ  إذا أباح الفعل بعد أن كان مجرما سواء بالغاء نص التجريم كلية ، أو بتقرير سبب اباحة توافر بالنسبة للمتهم أو باضافة ركن الى الجريمة لم يتحقق فى حالته .
ثانيا : اذا أضاف مانعا من موانع المسئولية أو العقاب يستفيد منه المتهم ، أو قرر عذرا قانونيا مخففا للعقوبة ينطبق على حالته كما اذا رفع سن بدء المسئولية الجنائية من اثنتى عشرة سنة الى خمس عشرة سنة . ( فى قانون الأحداث الملغى ) .
ثالثا : اذا استبدل بالعقوبة التى كانت مقررة فى القانون السابق عقوبة أخف .
 وتجرى المقارنة بين العقوبات المقررة فى القانونيين لمعرفة أيها أخف طبقا لأحكام المواد 10 ، 11 ، 12من قانون العقوبات التى وضعت ترتيبا للعقوبات من حيث درجة جسامتها . وبموجبه تكون عقوبة الغرامة مهما بلغ مقدارها أخف للعقوبات جميعا ، وتكون عقوبة الحبس بغض النظر عن مدتها أخف من عقوبة السجن ، وتكون عقوبة السجن مهما بلغت مدتها أخف من عقوبة السجن المشدد ، وتكون عقوبة السجن المشدد أخف من عقوبة السجن المؤبد ، وتكون الأخيرة أخف من عقوبة الاعدام .
وإذا اتحدت العقوبة المقررة فى القانون السابق مع العقوبة التى يقررها القانون الجديد فى النوع كما إذا كانتا كلتاهما غرامة أو حبسا أو سجنا كان أخفهما ما كان مقدارها أقل . فإذا خفض القانون الجديد أحد حدى العقوبة الأقصى أو الأدنى أو خفضهما معا كانت العقوبة المقررة فيه أخف بلا جدال من العقوبة المفروضة بالقانون السابق .
ولكن يثار البحث فى حالة ما إذا هبط القانون الجديد بأحد حدى العقوبة وارتفع بالحد الآخر ، كما إذا كانت العقوبة فى القانون السابق الحبس من أربع وعشرين ساعة الى ثلاث سنوات فجعلها القانون الجديد الحبس من ستة أشهر إلى سنتين أو العكس . وقد إتجه رأى إلى أنه ينبغى فى هذه الحالة أن تقتصر المقارنة بين القانونين على النظر الى الحد الأدنى للعقوبة باعتباره يمثل غاية ما يأمله المتهم من تخفيف العقاب بحيث تعد أخف العقوبتين تلك التى يكون حدها الأدنى أقل بغض النظر عن حدها الأقصى . وعلى النقيض من ذلك اتجه رأى آخر تؤيده غالية الفقه الى وجوب الاعتداد فقط بالحد الأقصى واعتبار العقوبة ذات الحد الأقصى الأقل هى الأخف وذلك لأن الحد الأقصى للعقوبة يمثل غاية ما يهدد المتهم من تشديد للعقاب وفى تطبيق العقوبة ذات الحد الأقصى المنخفض ما يؤمن المتهم خطر التشديد الذى يتعرض له فيما لو طبقت عليه العقوبة ذات الحد الاقصى المرتفع . وذهب رأى ثالث الى الأخذ بالحدين الادنى والاقصى المنخفضين فى كل من القانونين ،  بينما اتجه رأى رابع الى ترك الأمر للمتهم نفسه يختار القانون الذى يراه أصلح له . غير أن هذه الآراء جميعا محل للنقد : فالاعتداد فقط بالحد الادنى للعقوبة ، كما يفعل الرأى الأول ، يعرض المتهم لخطر الحد الاقصى المرتفع فى مقابل أمل قد لايتحقق فى أن ينزل القاضى بالعقاب الذى يوقعه عليه الى الحد الأدنى المنخفض . كما أن جعل العبرة بالحد الأقصى وحده ، كما يفعل الرأى الثانى ، يحرم المتهم من درجة من التخفيف يتيحها له تطبيق العقوبة ذات الحد الأدنى الأقل . كذلك ان السماح للقاضى بالأخذ بالحدين الأدنى والأقصى المنخفضين فى كل من القانونين ، كما يفعل الرأى الثالث هو مزج بين القانونين واستخلاص لقانون ثالث من صنعه ، وهذا كما لايخفى يجاوز حدود سلطته . وأخيرا ان ترك تحديد القانون الأصلح للمتهم نفسه وهو ما يدعو اليه الرأى الرابع ، يناقض ما هو مسلم به من أن تحديد القانون الواجب التطبيق فى الدعوى هو من صميم عمل القاضى ولا شأن فيه  للخصوم . ويقول د/ عمر السعيد رمضان : وفى تقديرنا أن أصوب الآراء فى تحديد القانون الأصلح للمتهم فى الحالة محل البحث هو الذى يجعل العبرة بظروف المتهم بحيث اذا قدر القاضى جدارته بالتخفيف طبق عليه القانون الذى يفرض للعقوبة حدا أقصى أقل لأن ذلك يقى المتهم قدرا أكبر من التشديد تسمح به العقوبة ذات الحد الأقصى المرتفع .
واذا كان أحد القانونين يفرض للجريمة عقوبتين أصليتين كالحبس والغرامة معا على حين يفرض الآخر احداهما فقط ، فحينئذ يكون القانون الذى يفرض عقوبة واحدة أصلح للمتهم متى كان القانون الآخر يفرض العقوبتين على سبيل الوجوب . أما إذا كان يفرضهما على سبيل الجواز فيعد هو الأصلح للمتهم اذا كانت العقوبة المقررة بمفردها أشد العقوبتين ، اذ يتيح تطبيق هذا القانون فى هذه الحالة توقيع العقوبة الأخف . وهذا بخلاف ما اذا كانت العقوبة المقررة بمفردها أخف العقوبتين ، نظرا لأن تطبيق القانون الذى يفرض الى جانبها عقوبة أخرى أشد يسمح بتوقيع العقوبة الأشد فيكون أسوأ بالنسبة للمتهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) ، (5) : د/ عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، ص 133 وما بعدها .
========================================
صدور القانون الأصلح للمتهم قبل الحكم النهائى (6)  :
======================================== 
  صدور القانون الأصلح للمتهم قبل الحكم النهائى (6)  :
 طبقا للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات يشترط لتطبيق القانون الأصلح للمتهم على واقعة سابقة على العمل به ألا يكون قد حكم فى هذه الواقعة نهائيا قبل صدور القانون . ومؤدى هذا الشرط عدم استفادة المتهم من صدور قانون جديد أصلح له بعد ارتكاب الفعل اذا كانت الدعوى العمومية قد أقيمت عليه وصدر فيها حكم نهائى قبل صدور هذا القانون الجديد .
على أنه مما تجدر ملاحظته أن المقصود بالحكم النهائى هنا تماما كما فى المادة الرابعة من قانون العقوبات الخاصة بقيود المحاكمة فى مصر من أجل الجرائم المرتكبة فى الخارج ـ هو الحكم البات ، أى ذلك الحكم الذى لا يقبل الطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن بما فيها الطعن بالنقض سواء صدر غير قابل للطعن ابتداء أو أصبح كذلك لتفويت مواعيده أو استنفاد طرقه . فصدور حكم فى الواقعة لا يحول دون استفادة المحكوم عليه من صدور قانون جديد أصلح له بعد الحكم متى كان هذا الحكم وقت صدور القانون الجديد قابلا للطعن فيه بطريق النقض ولو كان غير قابل للمعارضة أو الاستئناف . وللمحكوم عليه فى هذه الحالة اذا كان القانون الجديد قد صدر أثناء سريان ميعاد الطعن أن يتخذ من صدور هذا القانون سببا لطعنه ، كما أن لمحكمة النقض ان لم يستند الطاعن فى طعنه الى هذا السبب أو كان القانون الأصلح قد صدر بعد رفع الطعن اليها أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم استنادا الى صدور القانون المذكور. وعلة استلزام صدور القانون الأصلح قبل الحكم البات هى أنه بهذا الحكم تنقضى الدعوى العمومية بما يمنع من اعادة نظر موضوعها تحقيقا لما تقتضيه المصلحة العامة من ضرورة وضع حد للمنازعات القضائية حتى تستقر مراكز الخصوم ولا تصبح قلقة الى مالا نهاية .
ويلاحظ من ناحية أخرى أن المشرع لم يتطلب لاستفادة المتهم من القانون الأصلح العمل به قبل الحكم النهائى ( البات ) وانما اكتفى بصدوره قبل ذلك الحكم ، الأمر الذى يعنى التزام القاضى بتطبيق القانون الأصلح بمجرد اصداره ودون انتظار لنفاذه . وفى هذا تختلف القوانين الأصلح للمتهم عن القوانين التى تسىء الى مركزه ، فهذه الأخيرة لا يجوز للمحاكم أن تطبقها إلا من تاريخ العمل بها . والتفرقة بين النوعين من القوانين من هذه الوجهة ترجع الى أن القوانين الأسوأ للمتهم انما تسرى على الوقائع اللاحقة عليها فتقضى العدالة ألا يلزم بها الأفراد إلا بعد نشرها وانقضاء مدة تكفى لتمكينهم من الاحاطة بها وتفهمهم لأحكامها . أما القوانين الأصلح للمتهم فتنسحب أحكامها على أفعال ارتكبت قبل صدورها فلا يكون ثمة مبرر فى تطبيقها على مرتكبى هذه الأفعال لاشتراط علمهم بها وبالتالى لتعليق العمل بها فى مواجهتهم على نشرها وانتظار مضى المدة المتطلبة للعمل بالقوانين بصفة عامة .
 هذا ، وقد يصدر بعد ارتكاب الفعل قانون أصلح للمتهم ثم يلغى هذا القانون قبل الحكم البات بصدور آخر أسوأ منه للمتهم . مثال ذلك أن يكون القانون السارى وقت ارتكاب الجريمة يعاقب عليها بالإعدام ، وقبل انتهاء التحقيق يصدر قانون جديد يخفف العقوبة الى السجن المشدد ، وأثناء نظر الدعوى أمام المحكمة يصدر قانون ثالث يشدد العقوبة الى السجن المؤبد .  والقانون الواجب الاتباع فى هذه الحالة هو أصلح القوانين الثلاثة للمتهم أى القانون الأوسط بالرغم من أنه كان ملغيا وقت الحكم ، اذ لا يجوز أن يضار المتهم  بحرمانه من الاستفادة بهذا القانون نتيجة لتراخى صدور الحكم البات وهو أمر لا دخل له فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) : د/ عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، ص 133 وما بعدها .
========================================
استفادة المحكوم عليه نهائيا من صدور قانون يجعل الفعل غير معاقب عليه (7) :
======================================== 
  استفادة المحكوم عليه نهائيا من صدور قانون يجعل الفعل غير معاقب عليه (7) :
 ان استفادة المتهم من صدور قانون أصلح له بعد ارتكاب الجريمة مشروط  كما سبق أن رأينا بصدور هذا القانون قبل الحكم البات . غير أن المشرع قد  تغاضى عن هذا الشرط متى كان القانون الجديد الأصلح للمتهم يجعل الفعل غير معاقب عليه ، فقرر حينئذ استفادة المتهم من هذا القانون ولو صدر بعد الحكم البات . وهذا هو ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من قانون العقوبات ، اذ قضت بأنه " اذا صدر بعد حكم نهائى قانون يجعل الفعل الذى حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم وتنتهى آثاره الجنائية " .
فالنص المتقدم يشير الى نوع معين من القوانين الأصلح للمتهم هى تلك التى تجعل الفعل غير معاقب عليه ويقرر سريان هذه القوانين على الأفعال السابقة على صدورها ولو كان قد صدر فيها حكم بات ، مضحيا فى ذلك بما ينبغى كفالته للأحكام القضائية التى حازت قوة الشىء المقضى من استقرار ومغلبا لاعتبارات العدالة وحدها . ويقصد بالقانون الذى يجعل الفعل غير معاقب عليه ذلك القانون الذى يؤدى تطبيقه على واقعة الدعوى الى الحكم ببراءة المتهم . ويصدق هذا على كل قانون يبيح الفعل بعد أن كان مجرما سواء بالغاء  نص التجريم كلية أو بتقرير سبب اباحة توافر بالنسبة للمتهم أو باضافة ركن الى الجريمة لم يتحقق فى حالته ، كما يصدق على القانون الذى يستحدث مانعا من موانع المسئولية أو العقاب يستفيد منه المتهم .
 ويلاحظ أن استفادة المتهم من القانون الأصلح فى هذه الحالة لا تستوجب اعادة طرح الدعوى أمام القضاء لاستصدار حكم جديد فيها بالتطبيق للقانون المذكور ، ذلك لأن الدعوى العمومية قد انقضت بالحكم البات فلا سبيل لاعادة النظر فى موضوعها . وكل ما هنالك أن السلطة القائمة على تنفيذ الأحكام الجنائية وهى النيابة العامة تصدر قرارا بوقف تنفيذ الحكم الصادر على المتهم وانهاء آثاره الجنائية . ويترتب على هذا القرار اعبتار الحكم كأن لم يكن فلا يصح الاعتداد به كسابقة فى العود ، ولايجوز تنفيذ ما قضى به من عقوبات أصلية أو تكميلية ولا توقيع ما يرتبه عليه القانون من عقوبات تبعية . وإذا كانت العقوبة المحكوم بها من العقوبات السالبة للحرية كالحبس أو السجن وكان المحكوم عليه خاضعا  لتنفيذها وقت صدور القانون الجديد وجب الافراج عنه . أما إذا كانت عقوبة مالية كالغرامة أو المصادرة وتم تنفيذها بالفعل فقد اختلفت الآراء بشأن جواز الرجوع فيها . فذهب رأى الى أنه ليس للمحكوم عليه استرداد الغرامة التى دفعها أو الأشياء التى صودرت ، وذلك أسوة بالعقوبة السالبة للحرية اذا نفذ جزء منها وتفاديا لما يؤدى اليه الاعتراف للمحكوم عليه بالحق فى استرداد الغرامة التى دفعها من الزام الدولة برد جميع الغرامات التى تكون قد دفعت تنفيذا لأحكام سابقة بمجرد الغاء النصوص التى صدرت هذه الأحكام بالتطبيق لها مهما مضى من الوقت . واتجه رأى آخر الى وجوب رد الغرامة والأشياء المصادرة لأن صدور قانون يجعل الفعل غير معاقب عليه بعد الحكم البات يسقط هذا الحكم ويزيل جميع آثاره الجنائية مما يستوجب اعتبار المحكوم عليه فى وضع من لم يسبق الحكم عليه ويقتضى بالتالى اعادة الحال الى ما كانت عليه قبل صدور الحكم كلما كان ذلك ممكنا ، هذا بالإضافة الى أن عدم رد الغرامة يجعل من بادر بدفعها أسوأ حالا ممن ماطل فى تنفيذ الحكم بها . ويقول د/ عمر السعيد رمضان : وهذا الرأى الأخير هو فى نظرنا الأولى بالإتباع نظرا لسلامة الحجج التى يستند اليها ، ولا محل لقياس الغرامة أو غيرها من العقوبات المالية على العقوبة السالبة للحرية لأن هذه الأخيرة بطبيعتها لايتأتى الرجوع فيما نفذ منها بينما يكون ذلك ممكنا وميسورا بالنسبة للعقوبات المالية . وأما الاعتراض بأن اقرار مبدأ الرد يؤدى الى الزام الدولة برد جميع الغرمات التى حصلتها تنفيذا لأحكام صدرت بالتطبيق لنصوص ألغيت بعد ذلك مهما طال الزمن على صدور هذه الأحكام وتنفيذها ، فهو اعتراض يبنى على اعتبار عملى لا قانونى ولا ينال بالتالى من قيمة الرأى الذى نؤيده . ونرى أن هذا الاعبتار وحده لا يكفى لانكار حق المحكوم عليه فى استرداد الغرامة وان برر تدخل المشرع لتنظيم هذا الحق بتعليقه على شرط صدور القانون الجديد خلال مدة معينة من تاريخ الحكم البات .
ولا يفوتنا أخيرا التنبيه الى أن سقوط الحكم البات القاضى بالعقوبة نتيجة لصدور قانون جديد يجعل الفعل غير معاقب عليه انما ينصرف الى الشق الجنائى من الحكم ، أى الى ما قضى به فى الدعوى العمومية . أما شقه المدنى ، بمعنى قضاؤه فى الدعوى المدنية المقامة من المدعى المدنى ضد المتهم فيظل قائما منتجا لآثاره ، ذلك لأن صيرورة الفعل غير معاقب عليه طبقا للقانون الجديد لايمنع من بقائه فعلا خاطئا ضارا مستوجبا الزام فاعله بالتعويض عملا بحكم المادة 163 من القانون المدنى  .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(7) د/ عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، ص141 وما بعدها .
========================================
حكم القوانين المحددة الفترة ( المؤقتة ) (Cool :
======================================== 
  حكم القوانين المحددة الفترة ( المؤقتة ) (Cool :
 اذا كانت القاعدة بالنسبة للقوانين الأصلح للمتهم هى وجوب تطبيقها بأثر رجعى عملا بأحكام الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الخامسة من قانون العقوبات وعلى نحو ما أوضحناه فيما تقدم ، الا أن المشرع أورد فى الفقرة الرابعة والأخيرة من المادة ذاتها تحفظا على القاعدة المذكورة فى شأن القوانين المحددة الفترة بنصه على أنه " فى حالة قيام إجراءات الدعوى أو صدور حكم بالإدانة فيها ، وكان ذلك عن فعل وقع مخالفا لقانون ينهى عن ارتكابه فى فترة محددة ، فان انتهاء هذه الفترة لايحول دون السير فى الدعوى أو تنفيذ العقوبات المحكوم بها " .
ويقصد بالقوانين المحددة الفترة على ما هو ظاهر من صياغة النص المتقدم وطبقا لما استقر عليه قضاء محكمة النقض القوانين المؤقتة أى تلك التى يكون سريانها محدودا بفترة زمنية معينة تبينها نصوصها صراحة بحيث أنه بمجرد انقضاء هذه الفترة يبطل العلم بهذه القوانين دون حاجة الى صدور قانون بالغائها.  وتصدر هذه القوانين عادة لمواجهة ظروف خاصة يقدر المشرع زوالها بعد مدة معينة ، وتجرم أفعالا مباحة فى الأصل أو تشدد العقاب على أفعال مجرمة من قبل . ومثالها القانون الذى يحظر على سكان منطقة موبوءة مغادرتها قبل انقضاء فترة معينة والقوانين التى تضع قيودا على تصدير سلع معينة الى الخارج وينص فيها على انتهاء العمل بها فى تاريخ محدد .
وقد كان مقتضى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الخامسة من قانون العقوبات أن يستفيد المتهم الذى ارتكب فعله بالمخالفة لقانون محدد الفترة من الوضع التشريعى الذى يتخلف عن زوال هذا القانون بانقضاء الفترة المحددة لسريانه ، اذ طبقا لهذا الوضع يعود الفعل الى أصله من الاباحة أو تصبح العقوبة المقررة له أخف من تلك التى كان يقررها القانون السارى وقت ارتكابه . وبعبارة أخرى ان انقضاء الفترة المحددة للعمل بالقانون المؤقت يعد بمثابة صدور قانون أصلح للمتهم ، فكان ينبغى أن يستفيد منه طبقاً لأحكام الفقرتين الثانية والثالثة بحيث إذا كان القانون المحدد الفترة يقتصر على تشديد العقاب وانهت الفترة المحددة لسريانه قبل صدور حكم نهائى على المتهم فلا يجوز أن توقع على المتهم سوى العقوبة الأخف المقررة بالتشريع العادى الذى استؤنف سريانه بعد زوال القانون المؤقت ، واذا كان هذا القانون يجرم فعلا مباحا فى الأصل لم يجز بعد انقضاء الفترة المحددة للعمل به الحكم بعقوبة ما على المتهم واذا كان قد حكم عليه نهائيا بالعقوبة وجب بمجرد انقضاء هذه الفترة وقف تنفيذ الحكم وانهاء آثاره الجنائية. غير أن المشرع قدر أن فى استفادة المتهم من انقضاء الفترة المحددة للعمل بالقوانين المؤقتة على النحو المتقدم ما يؤدى الى ضياع الغرض المقصود من هذه القوانين ما دام أن من يخرج على أحكامها سيخضع فى أغلب الأحيان للوضع التشريعى الأصلح له الذى يتخلف عن انقضاء الفترة المحددة لها . ومن أجل هذا أوجب فى الفقرة الرابعة من المادة الخامسة تطبيق القانون المؤقت على كل فعل يرتكب فى ظله ، وسواء انقضت الفترة المحددة لسريانه قبل صدور لحكم البات على المتهم أو بعده . ففى الحالة الاولى يستمر السير فى الدعوى وتجرى محاكمة المتهم طبقا للقانون المؤقت ، وفى الحالة لثانية يظل الحكم الصادر بالعقوبة واجب التنفيذ ومنتجا لآثاره الجنائية حتى ولو كان من شأن زوال القانون المؤقت صيرورة الفعل مباحا طبقا للتشريع العادى .
ويرى جانب من الفقه أن حكم الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من قانون العقوبات مقصورعلى الحالة التى ينص فيها القانون المؤقت على تجريم فعل غير معاقب عليه بمقتضى التشريع العادى ، ويرتب على هذا أنه اذا كان الفعل المرتكب فى ظل القانون المؤقت معاقبا عليه فى الأصل واقتصر هذا القانون على رفع مقدار العقوبة ثم انتهت فترة العلم به قبل الحكم البات على المتهم فانه يستفيد من انقضاء هذه الفترة ويعامل بمقتضى التشريع العادى بالعقوبة الأخف . ويستند هذا الرأى الى عبارة نص المادة 5/4 التى تتحدث عن حالة صدور قانون " ينهى عن ارتكاب الفعل فى فترة محددة " لاعن حالة صدور قانون يأمر بتشديد العقاب فى فترة محددة . غيرأن هذه الحجة المستمدة من عبارة النص غير كافية ولا يمكن التسليم بها نظرا لأن الحكمة التى توخاها المشرع من تطبيق القانون المؤقت على الأفعال التى ترتكب فى ظله ـ وهى عدم ضياع الغرض المقصود من هذا القانون ـ تتوافر أيضا فى حالة اقتصار القانون المؤقت على تشديد العقوبة المقررة من قبل . ويقول د/ عمر السعيد رمضان : ولهذا نرى وجوب اعمال حكم الفقرة الرابعة من المادة الخامسة سواء كان القانون المؤقت يجرم الفعل المرتكب لأول مرة أو يقصر على تشديد العقاب عليه . والقول بغير ذلك يشجع على مخالفة القوانين المؤقتة التى تقتصر على تشديد العقاب وذلك بإرتكاب الفعل فى نهاية الفترة المحددة لسريانها اطمئنانا الى عدم كفاية المتبقى من هذه الفترة لتمام المحاكمة وصدور الحكم النهائى .
 ويلاحظ أخيرا أن القوانين المؤقتة تطبق على الأفعال التى ترتكب فى ظلها سواء كانت إجراءات الدعوى من أجل هذه الأفعال قد بدىء فى اتخاذها قبل انتهاء الفترة المحددة للعمل بالقانون أو لم تكن قد بدىء فيها . ومع ذلك اتجه رأى الى تفسير عبارة " فى حالة قيام إجراءات الدعوى أو صدور حكم بالإدانة فيها " الواردة فى صدر الفقرة الرابعة على أن المقصود بها أن تكون إجراءات الدعوى قد بدأت قبل انقضاء العمل بالقانون المؤقت سواء فى صورة تحقيق أجرته النيابة أو ضابط الشرطة أو فى صورة احالة الدعوى الى المحكمة المختصة ، فاذا كان الفعل لم يكتشف وملم يبلغ عنه الا بعد انقضاء الفترة المحددة للعمل بالقانون فان المتهم يستفيد من انتهاء هذه الفترة رجوعا الى القاعدة الأصلية التى توجب سريان القانون الأصلح بأثر رجعى . غيرأن هذا التفسير لا يتفق فى الواقع مع قصد المشرع ، فعبارة " فى حالة قيام إجراءات الدعوى أو صدور حكم بالإدانة فيها " الواردة بالفقرة الرابعة انما أريد بها تأكيد سريان حكم هذه الفقرة سواء كانت الدعوى ما زالت قائمة وقت زوال القانون المؤقت أو كانت قد انقضت بصدور حكم بات فيها ، وذلك على اعتبار أن حكم هذه الفقرة قصد به ايراد تحفظ على حكم الفقرتين الثانية والثالثة اللتين تتكلم  ألاوهما عن صدور قانون أصلح للمتهم قبل الحكم البات أى فى حالة قيام إجراءات الدعوى بينما تواجه الأخرى حالة صدور قانون يجعل الفعل غير معاقب عليه بعد انقضاء الدعوى بصدور حكم بات بالإدانة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(Cool د/ عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، ص141 وما بعدها .
========================================
ـ قوانين الطوارىء (9) :
======================================== 
  ـ قوانين الطوارىء (9) : 
قوانين الطوارىء أو ما يعبر عنها بالقوانين الاستثنائية هى تشريعات تسن لمواجهة ظروف طارئة لا يستطيع
  المشرع أن يتنبأ سلفا بتاريخ زوالها ، ولذا لا يؤقت سريان هذه التشريعات بمدة محددة فتظل سارية الى أن تزول الظروف التى استوجبت اصدارها وعندئذ يصدر المشرع قانونا بالغائها . ومثال هذه التشريعات الأوامر العسكرية التى تصدر ابان اعلان الاحكام العرفية .
وكذا قوانين التسعير الجبرى والقوانين والقرارات التمونينة التى لا تتضمن تحيددا لمدة سريانها .
وقوانين الطوارىء مفهومة بالمعنى المتقدم تتميز عن القوانين المؤقتة بالنظر الى أن هذه الأخيرة تتضمن تحديدا صريحا لفترة سريانها بحيث يبطل العمل بها تلقائيا بمجرد انقضاء هذه الفترة . ولما كانت الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من قانون العقوبات قد اقتصرت على الاشارة الى النوع الأخير من القوانين فان مؤدى هذا استبعاد قوانين الطوارىء من الخضوع لحكم هذه الفقرة وبقاؤها خاضعة لأحكام الفقرتين الثانية والثالثة الخاصة بسريان القانون الاصلح على الماضى . وعليه اذا كان قانون الطوارىء يجرم فعلا مباحا فى الأصل فان المتهم يستفيد من الغاء هذا القانون فلا توقع عليه عقوبة متى تم الالغاء أثناء قيام الدعوى ، واذا تم بعد انقضائها بحكم بات بالإدانة يوقف تنفيذ الحكم وتنتهى آثاره الجنائية . و إذا كان قانون الطوارىء يقتصر على تشديد العقوبة المفروضة للفعل بمقتضى القانون العام استفاد المتهم أيضا من الغاء قانون الطوارىء بشرط أن يقع الالغاء قبل صدور الحكم البات ، فلا توقع على المتهم حينئذ سوى العقوبة الأخف التى يقررها القانون العام .
 والتمييز بين قوانين الطوارىء والقوانين المؤقتة فى تطبيق حكم الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من قانون العقوبات والقول باستفادة المتهم من الغاء النوع الأول من القوانين على النحو المتقدم هو ما استقر عليه قضاء محكمة النقض . فقد قضت بأن الأوامر العسكرية التى تصدر لمناسبة الأحكام العرفية غير محددة بمدة معينة ، ولاجائزا ابطال العمل بها إلا بناء على قانون يصدر بالغائها ، لا يمكن اعبتارها من القوانين المؤقتة بالمعنى الذى تقصده الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من قانون العقوبات ، واذن فالمتهم يستفيد من الغاء هذه الأوامر فى أية حالة كانت عليها الدعوى أمام جهات الحكم فيها ، وبناء على هذا فالمتهم باحراز سلاح لا تصح معاقبته بمقتضى تلك الأوامر الملغاة بل تجب معاقبته على مقتضى أحكام القانون العام ، كما قضت بأن القوانين والقرارات الخاصة بالتسعير الجبرى غير محددة المدة بطبيعتها ما لم  ينص القانون صراحة على مدة محددة للعمل بها ، فاذا أصدر الوزير المختص قرارا بحذف سلعة من جدول التسعير الجبرى فان المتهم ببيعها بسعر يجاوز الثمن المحدد لها يستفيد من هذا القرار بحيث تتعين تبرئته اذا صدر القرار المذكور قبل الحكم النهائى .
 ويقول د/ عمر السعيد رمضان : على أن مذهب المشرع المصرى فى التمييز بين قوانين الطوارىء والقوانين المؤقتة وقصر حكم الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة على النوع الأول هو فى نظرنا بعيد عن التوفيق . وذلك لأن قوانين الطوارىء شأنها فى ذلك شأن القوانين المؤقتة انما تصدر لمواجهة ظروف عارضة وفى تقرير استفادة المتهم من الغائها ما يؤدى الى تفويت الغرض المقصود منها تماما كما تؤدى استفادة المتهم من انقضاء الفترة المحددة للعمل بالقوانين المؤقتة الى ضياع الغرض المقصود من هذه القوانين . ويقول د/ عمر السعيد رمضان : وعليه نرى أن التمييز فى الحكم بين القوانين المؤقتة وقوانين الطوارىء لا يستند الى علة مفهومة ، وكان من الأوفق أن يسوى المشرع بين النوعين من القوانين أسوة بما فعله التشريع الايطالى الذى استمد منه نص  الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة على ما جاء بالمذكرة الايضاحية لقانون العقوبات المصرى (10) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(9) ، (10) : د/ عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، ص141 وما بعدها .