الماده 339  عقوبات
كل من انتهز فرصة ضعف أو هوى نفس شخص وأقرضه نقوداً بأي طريقة كانت بفائدة تزيد عن الحد الأقصى المقرر للفوائد الممكن الاتفاق عليها قانوناً يعاقب بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه.
فإذا ارتكب المقرض جريمة مماثلة للجريمة الأولى في الخمس السنوات التالية للحكم الأول تكون العقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز سنتين وغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين فقط.
وكل من اعتاد على إقراض نقود بأي طريقة كانت بفائدة تزيد عن الحد الأقصى للفائدة الممكن الاتفاق عليها قانوناً يعاقب بالعقوبات المقررة بالفقرة السابقة.
========================================
الإقراض بالربا الفاحش
======================================== 
  الإقراض بالربا الفاحش (1)
الإقراض بالربا كجريمة بسيطة وجريمة الاعتياد على المراباة :
يعاقب القانون على الإقراض بالربا الفاحش بنصه عليها في المادة 339ع .
ويتبين من هذه المادة أنها تعاقب في الواقع على جريمتين متميزتين هما :
(أولا) استغلال ضعف شخص أو هوى نفسه وإقراضه نقودا بفائدة فاحشة.
(ثانيا) الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش.
والجريمة الأولى تدخل في طائفة الجرائم البسيطة التي لا تتطلب لقيامها تكرار الفعل المادي المكون لها، فيكفي أن يعقد الجاني قرضا واحدا بفائدة تزيد على الحد الأقصى المقرر قانونا للفوائد الاتفاقية حتى تلحقه العقوبة ، متى كان قد استغل في عقد هذا القرض ضعف المقترض أو هوى نفسه.
أما الجريمة الثانية فهي بالعكس من جرائم العادة ، إذ تتطلب لقيامها تكرار عملية الإقراض بالربا الفاحش على نحو يكشف لدى الجاني عن توافر حالة الاعتياد على هذه العملية ، ولا يشترط فيها بعد ذلك أن يكون الجاني قد استغل هوى أو ضعفا في المجني عليه.
وسنتكلم عن كل جريمة من الجريمتين المتقدمتين على حدة.
========================================
استغلال ضعف المجني عليه
======================================== 
  أركان الجريمة :
نصت على هذه الجريمة الفقرة الأولى من المادة 339 عقوبات ، وهي تستلزم لقيامها توافر أركان ثلاثة : 1ـ  الإقراض بفائدة فاحشة . 2- استغلال الجاني في ذلك ضعف المقترض أو هوى نفسه  . 3ـ  القصد الجنائي.
الإقراض بفائدة فاحشة :
يلزم أن يكون الجاني قد عقد قرضا بفائدة تزيد على الحد الأقصى المقرر قانونا للفوائد الاتفاقية .
فلا تقع الجريمة إلا بعقد قرض ربوي ، ونص القانون صريح في أنه ينبغي أن يكون موضوع القرض نقودا . فلا عقاب على من يقرض غيره شيئا آخر خلاف النقود كالغلال أو السلع أو نحوها من المثليات ولو توافرت بالنسبة له سائر أركان الجريمة. والقرض باعتباره من العقود الرضائية يتم بمجرد تلاقي إرادات أطرافه ، فتتم الجريمة منذ هذه اللحظة دون توقف على تسليم النقود إلى المقترض أو تقاضي المقرض للفائدة المتفق عليها .
كذلك لما كان القرض لا يتطلب لانعقاده  شكلاً معينا فلا يشترط فيه أن يكون مدونا بالكتابة بل يصح أن يكون شفويا. وتقوم الجريمة ولو كان القرض متفرعا عن عقد آخر، كما إذا منح البائع المشتري أجلاً لسداد الثمن مقابل فائدة ربوية. والعبرة بحقيقة العقد لا بالوصف الذي يخلعه عليه أطرافه ، فمتى كان العقد في حقيقته قرضا قامت الجريمة ولو كان المتعاقدان قد تعمدا إخفاءه تحت ستار عقد آخر كالبيع أو الإجارة . وعلى القاضي أن يتبين حقيقة العقد عن طريق البحث عن نية المتعاقدين وقصدهما الحقيقي وأن يعطي العقد وصفه الصحيح ، وتقديره في ذلك نهائي لا يخضع فيه لرقابة محكمة النقض . وتطبيقا لذلك قضى بأنه إذا كانت الواقعة التي اعتبرها الحكم إقراضا بالربا الفاحش هي أن المتهم قد استأجر بمقتضى عقد من المقترض فدانين بمبلغ 14 جنيها ثم أجرهما بدوره إلى ابن المقترض بمبلغ 19 جنيها وذلك لما استظهرته المحكمة من أن قصد العاقدين إنما كان في الواقع الإقراض بفوائد تجاوز الحد القانوني لا الاستئجار والتأجير، فلا يجوز التمسك بعبارات العقدين المذكورين والمناقشة في صحة التفسير الذي ذهبت إليه المحكمة مادام مبنيا على ما يسوغه.
ولا تقع الجريمة كذلك إلا إذا كانت الفائدة المتفق عليها تزيد على الحد الأقصى للفوائد الجائز الاتفاق عليها قانونا، وهو ـ طبقا للمادة 227/1 من القانون المدني - سبعة في المائة . فإذا كانت الفائدة لا تجاوز هذا الحد فلا جريمة حتى ولو كانت هذه الفائدة مرتفعة واستغل المقرض ضعف المقترض أو هوى نفسه في حمله على قبولها . ولهذا فإن بيان سعر الفائدة المتفق عليها ومدى مخالفته للقانون يُعد من البيانات الجوهرية التي ينبغي أن يشتمل عليها الحكم الصادر بالإدانة بحيث يترتب على إغفاله لها بطلانه . بيد أنه إذا كان نص المادة 339 عقوبات صريحا في استلزامه أن يكون موضوع القرض نقودا ، فقد جاء هذا النص بالعكس خاليا من التخصيص فيما يتعلق بنوع الفائدة . ولهذا كان من المتفق عليه أنه كما يصح أن تكون هذه الفائدة نقودا يجوز أن تكون أي شيء آخر مما يمكن تقويمه بالنقود . بل يصح أن تتخذ الفائدة صورة انتفاع بشيء مملوك للمقترض ، كأن يضع المقرض يده على عين للمقترض ويستغلها أو يؤجرها مدة القرض .
ولما كان الإقراض بالربا الفاحش هو الركن المادي في الجريمة فإن إثباته لا يتقيد بقواعد الإثبات المدنية ، وإنما يجوز إثباته بكافة الطرق بما فيها شهادة الشهود أيا كانت قيمة القرض أي حتى ولو زادت على عشرين جنيها . ويثبت الإقراض بإقامة الدليل على حصول الاتفاق عليه . أما تسليم النقود إلى المقترض بناء على هذا الاتفاق ، أو تقاضي المقرض بالفعل للفائدة المتفق عليها فنظرا لأنه لا يُعد شرطاً لتمام القرض ولا يدخل في تكوين الجريمة ، فلا تكون هناك حاجة لإثباته.
استغلال ضعف المجني عليه أو هوى نفسه :
لا يكفي لقيام الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 339 ع أن يعقد الجاني قرضا بفائدة فاحشة عن نحو ما تقدم إن لم يكن قد استغل في عقد هذا القرض ضعف المقترض أو هوى نفسه . وتوافر هذا الشرط هو في الواقع الذي يكشف لدى المقرض بالربا الفاحش - حيث لا تتوافر لديه عادة الإقراض بهذا - الربا - عن خطورة تدعو إلى تدخل المشرع بالعقاب.
ويقصد بالضعف الاستسلام الذي يرجع إلى قصور العقل أو اختلال التفكير بسبب المرض أو الشيخوخة أو صغر السن . أما هوى النفس فيراد به التعبير عن تلك الحالة التي يجد فيها الإنسان نفسه مدفوعا دفعا شديدا إلى أمر من الأمور تحت تأثير رغبة ملحة تتطلب إشباعا بأي ثمن . مثال ذلك حالة الشاب المتيم بحب غانية ويريد الحصول على المال من أي طريق لسد حاجاتها ، أو الشاب المستهتر الذي يستهين بكل شيء في سبيل الحصول على ملذاته وشهواته والذي يرث ثروة طائلة فيلتف حوله المرابون من كل جانب ويقرضونه إلى حين تصفية التركة بفوائد باهظة لا يتردد في قبولها اعتمادا على تلك الثروة التي هبطت عليه . والضعف أو هوى النفس بهذا المعنى يفترضان أن المقترض كان في حالة عقلية أونفسية  غير عادة فيستغل الجاني هذه الحالة بقصد الوصول إلى اقراضه بالربا الفاحش . فلا تقوم الجريمة المنصوص عليها في المادة 339 ع إذا ثبت أن أحوال المقترض العقلية والنفسية لا تختلف عن الأحوال العادية للإنسان المميز، وذلك لأنه لا يتأتى حينئذ القول بأن المقترض قد استغل ضعفا أو هوى في نفس المقترض فيتخلف أحد أركان الجريمة . ولا يغني عن توافر هذا الركن مجرد حاجة المجني عليه إلى الاقتراض ، ذلك لأن وراء كل قرض حاجة تدفع المقترض اليه ، ولم ينصرف قصد الشارع في تأثيم الفعل المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 339 ع إلا إلى حالة معينة هي التي يستغل فيها المقرض شهوة المقترض أو ضعفه العقلي أو الخلقي.
القصد الجنائي :
يتوافر القصد الجنائي في هذه الجريمة بانصراف إرادة الجاني إلى استغلال ضعف المقترض أو هوى نفسه في سبيل حمله على قبول الفائدة الفاحشة. ويفترض هذا علم الجاني بحالة الضعف العقلي أو عدم الاتزان النفسي لدى المقترض . فإذا كان يجهل هذه الحالة وتطلب فائدة فاحشة من باب الجشع فلا تقوم الجريمة لتخلف القصد الجنائي .
========================================
العقوبة
======================================== 
  العقوبة :
يعاقب على هذه الجريمة بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه ( م339/1 ع ) وتشدد العقوبة فتصبح الحبس الذي لا تزيد مدته على سنتين والغرامة التي لا يجاوز مقدارها خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين فقط إذا عاد المحكوم عليه وارتكب في خلال الخمس سنوات التالية للحكم النهائي  الصادر عليه جريمة مماثلة للجريمة الأولى ( م 339/2) .  ويقصد بالتماثل هنا التماثل الحقيقي بمعنى أن يعود المحكوم عليه ويرتكب نفس الجريمة لا جريمة تشبهها . وتطلب التماثل الحقيقي ظاهر من الصيغة الفرنسية للمادة حيث تتكلم صراحة عن " الحالة التي يدان فيها المحكوم عليه بذات الجريمة ".
(1) ، (2) : د/ عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، ص 620 وما بعدها .
========================================
الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش
======================================== 
  الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش (3)
أركان الجريمة :
نصت على هذه الجريمة الفقرة الثالثة من المادة 339 ع ، وهي تتكون من أركان ثلاثة :
1ـ إقراض نقود بفائدة تزيد على الحد الأقصى المقرر في القانون للفائدة الاتفاقية. 2- الاعتياد على هذا الاقراض .  3- القصد الجنائي .
وقد بينا المقصود بالركن الأول عند الكلام عن الجريمة السابقة فنكتفي بما قلناه بصدده. أما عن ركن القصد الجنائي فلا يلزم لتوافره سوى القصد الجنائي العام، ولا يثير أمره صعوبة في العمل نظرا لأن تكرار الإقراض بالربا الفاحش يتضمنه عادة ، ولهذا نقصر كلامنا على الركن الثاني ، وهو الاعتياد على الإقراض.
الاعتياد على الإقراض :
لا يعاقب القانون هنا على فعل الإقراض في ذاته وإنما على الاعتياد على هذا الفعل . وهذا هو الذي يميز الجريمة التي نحن بصددها عن الجريمة السابقة والتي يكفي لقيامها أن يعقد الجاني قرضا ربويا واحدا . أما هنا فيشترط أن تتعدد القروض التي يعقدها الجاني حتى يمكن القول بأنه اعتاد على الإقراض بالربا الفاحش . فإذا كان ما صدر من المتهم قرض واحد فلا يتوافر به ركن الاعتياد حتى ولو كان مبلغ القرض قد تم قبضه على دفعات ، أو كان المقرض قد استمر في الاستيلاء على الفوائد مدة طويلة.
وقد اختلف في عدد القروض التي تلزم لتوافر ركن الاعتياد . والرأي الذي استقر عليه القضاء هو الذي يكتفي في ذلك بحصول قرضين ربويين مستقلين : ويستوي أن يكون القرضان قد حصلا  لشخصين مختلفين أو لشخص واحد . إنما يلاحظ أنه في حالة الإقراض لشخص واحد ينبغي أن تختلف تواريخ القروض وإلا كنا بصدد عملية قرض واحدة ، وذلك بخلاف الحالة التي يحصل فيها الاقراض لعدة أشخاص إذا يتصور فيها استقلال القروض وتعددها رغم حصول الإقراض لهم في نفس الوقت.
ويثار البحث في حالة تجديد دين القرض لمعرفة ما إذا كان هذا التجديد يعد بمثابة قرض جديد فيحتسب في تكوين ركن الاعتياد أم لا. ويقصد بتجديد الدين مد أجله بمنح المدين في تاريخ الاستحقاق مهلة أخرى للوفاء تسري عليه في خلالها نفس الفوائد التي سبق الاتفاق عليها . وقد ذهب رأي إلى أن تجديد الدين بهذا المعنى لا يعتبر قرضا جديدا إذ هو لا يعدو أن يكون تعديلا للاتفاق الأول بالنسبة للأجل فقط . وذهب رأي آخر إلى أنه بحلول أجل الدين يسترد المقرض حريته الكاملة في التصرف في ماله وله أن يقرضه من جديد لنفس المقترض أو لشخص آخر، فلو أقرض نفس الشخص فإنه يتم بين المتعاقدين اتفاق جديد بالنسبة للأجل وبالنسبة للفوائد ، وهذا عقد جديد ، أما الأول فقد انقضت جميع آثاره . ويغلب القضاء الرأي الأول بدليل أنه يستلزم لتوافر ركن الاعتياد في الحالة التي يتفق فيها المقرض والمقترض على مد أجل الدين أن يدخل على الاتفاق الأصلي عنصر جديد كاختلاف مبلغ الدين أو سعر الفائدة أو احتساب الفوائد مركبة أي على أصل الدين والفوائد التي استحقت ولم تدفع بعد . ويقول د/ عمر السعيد رمضان : ومع ذلك يبدو لنا أن الرأي الثاني هو الأقرب إلى الصواب ، إذ لا فرق في الواقع بين أن يستلم المقرض مبلغ الدين يوم الوفاء ثم يقرضه ثانية للمدين في نفس اليوم وبنفس الشروط ، وهذه الحالة تعد بلا شك قرضا جديدا ، وبين ما إذا اتفقا على أن يبقى الدين لدى المقترض مدة أخرى بنفس الشروط .
وإذا كان تعدد القروض التي يعقدها الجاني ضروريا لتوافر حالة الاعتياد على الإقراض إلا أن هذا التعدد وحده لا يكفي ، إذ ينبغي أن تكون القروض المتعددة متقاربة على نحو ما أي لا يفصل بعضها عن بعض فترات زمنية طويلة . وقد جرى قضاء محكمة النقض على إسقاط القرض من حساب العادة إذا مضت بينه وبين القرض الذي يليه مدة ثلاث سنوات ، وهي نفس المدة المسقطة للدعوى العمومية في مواد الجنح .
وقد رتب هذا القضاء على ذلك أنه يشترط لصحة الحكم الصادر بالادانة أن يتضمن بيان تواريخ وقائع الإقراض للتحقق مما إذا كانت تلك الوقائع لها أثر قانوني باق وأنه لا يزال يصح الاعتماد عليها في تكوين ركن الاعتياد، فإذا قصر الحكم في هذا البيان كان معيبا متعينا نقضه . غير أن تحديد مدة الثلاث سنوات هذه تحديد تحكمي ، إذ ليس له في الواقع سند من القانون . ويقول د/ عمر السعيد رمضان : ولهذا نرى من الأصوب أن يترك الأمر لتقدير القاضي في كل حالة على حدة.
========================================
طبيعة الجريمة
======================================== 
  طبيعة الجريمة (4) :
اختلف الرأي حول طبيعة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش، هل هو جريمة وقتية أو مستمرة . والرأي الذي سار عليه القضاء في بادئ الأمر وأيده فيه جانب من الفقه هو أن الإقراض بالربا الفاحش جريمة مستمرة ، وذلك لأن القانون لا يعاقب فيها على القروض في حد ذاتها وإنما على العادة التي كانت هذه القروض مظهراً لها والعادة بطبيعتها حالة مستمرة . وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بأنه إذا استمر المحكوم عليه في تحصيل فوائد عن قروض سابقة على الحكم فإنه يمكن أن ترفع عليه الدعوى ثانية عن جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش " لأن هذه الجريمة تعتبر مستمرة طالما أن المقترض يتقاضى الفوائد غير القانونية ".
غير أن محكمة النقض عدلت بعد ذلك عن هذا الرأي وأكدت أن الإقراض بالربا الفاحش ليس من الجرائم المستمرة وإنما هو من جرائم الاعتياد تتم الجريمة فيه متى أقرض الجاني قرضين ربويين مختلفين لم تمض بينهما ثلاث سنين، ويسقط الحق في إقامة الدعوى العمومية في هذه الجريمة بمضي ثلاث سنين على القرض الأخير قبل إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى . كما قضت في حكم آخر بأن العبرة في جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا هي بعقود الإقراض وليست باقتضاء الفوائد الربوية ، وعليه فإن قول الحكم أن العملية الربوية واقعة مستمرة تتجدد وتتكرر كلما استولى المقرض على الفوائد ، هذا القول خاطئ. وحكم أيضا بأنه متى كان الثابت بالحكم أن الطاعن لم يعقد سوى قرض واحد بعد أن حكم عليه بالإدانة لاعتياده على إقراض نقوده بفوائد تزيد على الحد الأقصى ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئا فيما قضى به من إدانة الطاعن تأسيسا على أنه وإن لم يتعاقد بعد الحكم إلا عن قرض واحد ، إلا أن هذا منه يدل على أن عادة الإقراض بالفوائد الربوية لا تزال متأصلة فيه ، ذلك بأن الحكم السابق صدوره على الطاعن قد عاقبه على الوقائع السابقة عليه باعتبارها عنصرا من عناصر الاعتياد الذي دانه به ، ومن ثم فلا يصح اتخاذها عنصرا لاعتياد جديد وإلا لكان ذلك تكرارا للمحاكمة على ذات الوقائع الأمر الذي تنص المادة 454 من قانون الإجراءات صراحة على عدم جوازه .
ولما كان الأمر المعاقب عليه في جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش هو الاعتياد ذاته ، وهو وصف يقوم بذات الشخص المقرض ولا ضرر فيه بالمقترضين، فقد استقر قضاء محكمة النقض على أنه لا يقبل من المقترض في هذه الجريمة أن يرفع دعواه مباشرة أمام المحاكم الجنائية أو أن يدعي بحقوق مدنية في الدعوى المرفوعة من النيابة سواء كان قرضه واحدا أو أكثر، وذلك لأن الضرر الذي لحقه والذي ينحصر في قيمة ما دفعه زائدا عن الفائدة القانونية إنما ترتب على عملية الإقراض المادية فلم يكن ناشئا مباشرة عن الجريمة.
العقوبة :
يفرض القانون لجريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش نفس العقوبة التي يقررها للجريمة السابقة في حالة العود المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 339 ، أي الحبس الذي لا تزيد مدته على سنتين والغرامة التي لا يجاوز مقدارها خمسمائة جنيه أو أحدى هاتين العقوبتين فقط .
(3) ، (4) : د/ عمر السعيد رمضان ، مرجع سابق ، ص 625 وما بعدها .