تطبيقات قضائية هامة لدعاوى تعويض عن إجراءات التقاضي الكيدي والتي تعد أمثلة إساءة استعمال الحق في التقاضي
 
التطبيق الأول : دعوى التعويض عن إساءة استعمال حق التقاضي - حالة رد القضاة
 
قضت محكمة النقض : إذ كان المشرع قد خص القضاة بإجراءات حددها التقرير بعدم صلاحيتهم و ردهم و تنجيهم ضمنها المواد من 146 - 165 من قانون المرافعات فإنه لم يخرج بذلك عن القاعدة العامة التي استثناها لمساءلة من انحراف عن استعمال حق التقاضي على النحو السالف بيانه و هو ما أشار إليه حين نص فى المادة 165 من ذات القانون على إنه " إذا رفع القاضي دعوى تعويض على طالب الرد أو قدم ضده بلاغاً لجهة الاختصاص زالت صلاحيته للحكم فى الدعوى  و تعين عليه أن يتنحى عن نظرها " مؤكداً بذلك حق التقاضي الذى تقرر برده فى أن يلجأ إلى القضاء للحكم له على طالب الرد بالتعويض " لما كان ذلك و كان البين من الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه من الحكم المطعون فيه أنه أقام بإلزام الطاعنة بالتعويض المحكوم به على قوله أن " .......... الثابت للمحكمة من مطالعة سائر أوراق الدعوى و على الحكم الصادر فى طلب الرد الرقيم ..... و القاضي برفض طلب الرد المقدم من المدعى عليها الطاعنة فى الدعوى المطروحة أنه تضمن فى حيثياته أن الأسباب التى بنت عليها طالبة الرد طلبها ليست من الأسباب الواردة بنص المادة 148 مرافعات و تقيداً بقوة الأمر المقضي للحكم المذكور و أخذاً بما ثبت للمحكمة من باقي أوراق الدعوى فإنه يكون من الثابت لدى المحكمة أن المدعى عليها وهي تباشر حقها فى طلب رد المدعى قد انحرفت عن السلوك المألوف للشخص العادي و انحرفت بهذا الحق عما و ضع له و استعملته استعمالا كيدياً ابتغاء مضارة المدعى الأمر الذى يتوافر به الخطأ التقصيرى فى حقها و تسأل معه عما أصاب المدعى من أضرار مترتبة على هذا الخطأ ..... و أى  ضرر أقسى و أمر على نفس القاضى ..... أن تجعل المدعى عليها نزاهته و حيدته محل الشك من الخصوم و سمعته مضغة فى الأفواه ....... " و كان ما استند إليه هذا الحكم فى إثبات الخطأ فى جانب الطاعنة و علاقة السببية بينه و بين الضرر الذي أصاب المطعون عليه سائغاً كافياً لحمل قضائه فى هذا الخصوص و يؤدى إلى ما انتهى إليه من مساءلة الطاعنة عما أصاب المطعون عليه من جراء هذا الخطأ(18)  .
التطبيق الثاني : دعوى التعويض عن إساءة استعمال الحق في التقاضي -  حالة الإبلاغ الكاذب
قضت محكمة النقض : النص في المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية على أن " لكل من علم بوقوع جريمة ، يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب ، أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها " يدل- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن إبلاغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم والتي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية عنها بغير شكوى أو طلب يعتبر حقا مقررا لكل شخص وذلك حماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون، ومن ثم فإن استعمال هذا الحق لا تترتب عليه أدنى مسئولية قبل المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ عنها وان التبليغ قد صدر عن سوء قصد وبغية الكيد والنيل والنكاية بمن أبلغ عنه، أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط، أما إذا تبين أن المبلغ كان يعتقد بصحة الأمر الذي ابلغ عنه أو قامت لدية شبهات تبرر التبليغ فإنه لا وجه لمساءلته عنه مما يتعين معه أن يعنى الحكم القاضي بالمساءلة عن واقعة البلاغ الكاذب ببيان العلم اليقيني بكذب الواقعـة وتوافر قصد الكيد والأضرار بمـن أبلغ عنه(19)  .
 
كما قضت محكمة النقض : يكفى لعدم مساءلة من أبلغ كذباً عن التعويض عن الواقعة التى أبلغ بها أن تقوم لديه شبهات تبرر اتهام من اتهمه و تؤدى إلى اعتقاده بصحة ما نسبه إليه(20)  .
 
كما قضت محكمة النقض :تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطـأ تقصيرياً يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها و أن التبليغ صدر عن سوء قصد بغية الكيد و النيل و النكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صــدور التبليغ عن تسرع و رعونة و عدم احتياط(21)  .
مدي جواز الحكم بالتعويضات مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد
يجوز ذلك ، وفي ذلك تنص المادة  188الفقرة الأولي من قانون المرافعات : يجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد .
 
مدي حق محكمة الموضوع في الحكم بغرامة علي الخصم - سواء المدعي أو المدعي عليه - الذي يتخذ إجراء أو يبدى طلباً أو دفعاً أو دفاعاً بسوء نية
يجوز ذلك ، وفي ذلك تنص المادة  188الفقرة الثانية من قانون المرافعات : ومع عدم الإخلال بحكم الفقرة السابقة يجوز للمحكمة عند إصدار الحكم الفاصل فى الموضوع أن تحكم بغرامة لا تقل عن أربعين جنيه ولا تجاوز أربعمائة جنيه على الخصم الذى يتخذ إجراء أو يبدى طلباً أو دفعاً أو دفاعاً بسوء نية .
 
وفي جواز رفع دعوى تعويض عن النفقات التي بذلها الخصم بسبب خصمه   قضت محكمة النقض : لا محل للتحدى بأن الحكم المطعون فيه لم يعمل ما تقضى به المادة 188 من قانون المرافعات من جواز الحكم بالتعويض مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد ، ذلك أن هذا النص لا يحول بين المضرور من الإجراءات الكيدية من أن يرفع دعوى للمطالبة بالتعويض طبقاً للقواعد الواردة فى القانون المدني(22)  .
 
مـدي جواز مطالبة المضرور بنوعين من التعويضات في صحيفة واحدة " تعويـض عـن إساءة استعمال الحق في التقاضي - تعويض عن مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد "
يجوز الجمع بين أكثر من طلب تعويض في صحيفة واحدة استناداً إلى القواعد العامة في قانون المرافعات والتي تجيز تعدد الطلبات شريطة أن تكون متحدة السبب أو النوع ، والمطالبة بالتعويض سواء عن إساءة استعمال الحق في التقاضي أو عن مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد لهما طبيعة واحدة .
                                                                       
حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة  بشروط :
وحيث أن الثابت قانوناً وفقاً وقضاء أن حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة ، إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما وضع له و استعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة الغير و إلا حقت المساءلة بالتعويض - و سواء فى هذا الخصوص أن يقترن هذا القصد بنية جلب المنفعة لنفسه أو لم تقترن به تلك النية ، طالما أنه كان يستهدف بدعواه مضارة خصمه .
 
 
و في عدم جواز الانحراف بحق التقاضي  قضت محكمة النقض : حق الالتجاء إلى القضاء وإن كان من الحقوق العامة التي تثبت للكافة إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما شرع له واستعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة الغير وإلا حقت مساءلتـه عن تعويض الأضرار التي تلحـق الغير بسبب إساءة استعمـال هذا الحق(23)  .
 
و في التعويض عن التقاضي الكيدي قضت محكمة النقض : متى كانت المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من ظروف الدعوى و قرائن الحال فيها أن دعاوى الاسترداد التي رفعت من الغير و قضى فيها جميعاً بالرفض كانت دعاوى كيدية أقيمت بإيعاز من الطاعن و التواطؤ معه إضرارا بالمطعون عليه كما استدلت على كيدية الدعاوى التي رفعها الطاعن ـ على المطعون عليه بمضيه في التقاضي رغم رفض جميع دعاويه السابقة و باستمراره في اغتصاب الأطيان موضوع النزاع رغم الأحكام المتعددة الصادرة عليه . فإنه يكون في غير محله النعي على حكمها بالقصور في بيان ركن الخطأ في مسئوليه الطاعن(24)  .   
 
الأضرار التي تغطيها دعاوى التعويض
التعويض عن إساءة استعمال الحق في التقاضي
 
التعويض عن إساءة استعمال الحق في التقاضي : حق الالتجاء إلى القضاء مقيد بوجود مصلحة جدية ومشروعة ، فإذا ما تبين أن المدعى كان مبطلاً فى دعواه ولم يقصد بها إلا مضارة خصمه والنكاية به فإنه لا يكون قد باشر حقاً مقرراً فى القانون بل يكون عمله خطأ يجيز الحكم عليه بالتعويض .
الطعن رقم 174 لسنة 30  مكتب فني 16  صفحة رقم 178 جلسة18-02-1965
 
التعويض عن إساءة استعمال الحق في التقاضي : النص فى المادتين 25 ، 26 من قانون الإجراءات الجنائية يدل على إبلاغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم - التى يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية فيها بغير شكوى أو طلب - يعتبر حقاً مقرراً لكل شخص و واجباً على كل من علم بها من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء و بسبب تأدية عملهم و ذلك حماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون  و من ثم فإن استعمال هذا الحق أو أداء هذا الواجب لا تترتب عليه أدنى مسئولية قبل المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ عنها و أن التبليغ قد صدر عن سوء قصد بغيه الكيد و النيل و النكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع  و رعونه و عدم احتياط ، أما إذا تبين أن المبلغ كان يعتقد بصحة الأمر الذي أبلغ عنه أو قامت لديه شبهات تبرر التبليغ فإنه لا وجه لمساءلته عنه . و من ثم فلا تثريب على المبلغ إذا أبلغ النيابة العامة بواقعة أعتقد بصحتها و توافرت له من الظروف و الملابسات الدلائل الكافية و المؤديـة إلى اقتناعه بصحة ما نسب إلى المبلغ ضده .
الطعن رقم  1231 لسنة 48  مكتب فنى 30  صفحة رقم 236  جلسة30-04-1979
 
التعويض عن إساءة استعمال الحق في التقاضي :  المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول ، و تنص المادتان الرابعة و الخامسة من التقنين المدنى على أن من استعمل حقه استعمالا مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير و أن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير و هو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق ، كما أن حق التقاضى و الدفاع من الحقوق المباحة و لا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكاً أو زودا عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد فى الخصومة و العنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم .
الطعن رقم  1834  لسنة 51  مكتب فنى 33  صفحة رقم 1279 جلسة 30-12-1982
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(18)   الطعن رقم 183 لسنة 55  مكتب فنى 40  صفحة رقم 132 بتاريخ 15-01-1989
  (19) الطعن رقم 1775 لسنه 57 ق جلسة 25/6/ 1992
  (20) الطعن رقم 283 لسنة 47 ق  جلسة 11/3/ 1980
  (21) الطعن رقم  2273 لسنة 57  مكتب فنى 40  صفحة رقم 29 بتاريخ 07-11-1989
  (22) الطعن رقم 1456 لسنة 49 ق جلسة 1/6/ 1983.
  (23) الطعن رقم  310 لسنة 64  مكتب فني 18  صفحة رقم 1943بتاريخ 28-12-1997
  الطعن رقم 269 لسنة 60  مكتب فني 03  صفحة رقم 916 بتاريخ 10-04-1992