حالات العلانية فى الطعن فى الاعراض :
يتعين لتوافر جريمة الطعن فى الأعراض أن تقع علانية ، إذ أن خطورة هذه الجرائم لا تكمن فى العبارات المشينة ذاتها وأنما فى أعلانها ، ويستفاد ذلك من المادة 308 عقوبات التى نصت على أنه " إذا تضمن العيب أو الأهانة أو القذف أو السب الذى ارتكب بإحدى الطرق المبية فى المادة 171 الخ ". ويلاحظ أن حالات العلانية فى المادة 171 عقوبات لم ترد على سبيل الحصر ، وانما ذكرت على سبيل المثال ، فقد أشارت هذه المادة الى " أية وسيلة أخرى من وسائل العلانية" (23).
ويمكن تقسيم حالات العلانية فى المادة 171 الى: علانية القول وعلانية الفعل وعلانية الكتابة.
ـــــــــــــــــــــ
 (23) جاء بالمذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 97 لسنة 1931 الذى أعطى للمادة 171 عقوبات صيغتها الحالية أن “ تعريف العلانية التى يقصدها القانون فى هذا الباب وفى الباب السابع من الكتاب الثالث وذلك بسرد طرقها على سبيل البيان لا على سبيل الحصر وعلى وجه أدق وأكمل مما ورد فى القانون الحالى “ .
 
علانية القول
 
حالات علانية القول :
نصت المادة 171 /1 عقوبات على أنه " ويعتبر القول أو الصياح علنيا إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية فى محفل عام أو طريق عام أو أى مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به أو ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان فى مثل ذلك الطريق أو المكان أو إذا اذيع بطريق اللاسلكى أو بأية طريقة أخرى " .
كما نصت المادة 308 مكرراً على أن " كل من قذف غيره بطريق التليفون يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها فى المادة 303 .
وكل من وجه الى غيره بالطريق المشار اليه بالفقرة السابقه سبا لا يشتمل على أسناد واقعة معينة بل يتضمن بأى وجه من الوجوه خدشا للشرف أو الأعتبار يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 306 .
واذا تضمن العيب أو القذف أو السب الذى ارتكب بالطريق المبين بالفقرتين السابقتين طعنا فى عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة  308 " (24) . 
والمستفاد من النصين سالفى الذكر أن علانية القول تنقسم الى حالات أربعة هى :
1 - الجهر بالقول فى مكان عام .
2 - الجهر بالقول فى مكان خاص .
3 - اذاعة القول باللاسلكى .
4 - اذاعة القول بالتليفون .
وسوف نتناول  هذه الحالات بالشرح والتحليل .
ــــــــــــــــــــــــــ
(24) تضمنت المذكـــــرة الإيضاحية للمادة 308 مكرراً المعدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1955 ما يأتى :" كثرت أخيراً الأعتداءات على الناس بالسب والقذف بطريق التليفون ، واستفحلت مشكلة أزعاجهم فى بيوتهم ليلاً ونهاراً وأسماعهم أقذع الألفاظ وأقبح العبارات ، واحتمى المعتدون بسرية المحادثات التليفونية ، واطمأنوا الى أن القانون لايعاقب على السب والقذف بعقوبة رادعة ألا إذا توافر شرط العلانية وهو غير متوافر طبقاً للنصوص الحالية ، الأمر الذى يستلزم تدخل المشرع لوضع حد لهذا العبث والضرب على أيدى هؤلاء المستهترين .       
     وقد رؤى إضافه مادتين الى قانون العقوبات برقمى 166 مكررا و308 مكررا تعاقب الأولى منهما كل من تسبب عمدا فى أزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية ، وتعاقب المادة الثانية منهما على القذف بطريق التليفون بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 303 ، كما تعاقب على السب بالطريق المذكور بالعقوبة المنصوص عليها المادة 306. فإذا تضمن العيب أو القذف أو السب الذى ارتكب بطريق التليفون طعنا فى عرض الأفراد أو  خدشا لسمعة العائلات يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 308 ، ومن البديهى أنه لا يشترط العلانية لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها فى المادة 308 مكرراً. 
(أولاً) الجهر بالقول فى مكان عام :
ان المقصود بالقول كل ما ينطق به ولو كان بعبارات مقتضبة. وأيا كان الأسلوب شعرا أم نثرا ، أما الصباح فيراد به كل صوت ولو لم يكن مركبا من الفاظ واضحة ، ويتم الجهر أما بصوت مرتفع بحيث يستطيع أن يسمعه كل من فى المكان ، أو بترديده بصوت منخفض مع الاستعانة بوسيلة ميكانيكية لرفعه وجعلة مسموعا فى أرجاء المكان العام. ومحصلة النشاط فى الحالتين واحده ، وهى أن يصبح الصوت مسموعاً على نطاق واسع(25).
وتتوافر العلانية بالجهر بالقول أو بالصياح ، أما فى مكان عام بطبيعته ، أو مكان عام بالتخصيص ، أو  مكان عام بالمصادفة.
ــــــــــــــــــــــــــ
(25) أنظر 
Garraud (Rene) : Op . Cit.,T.5, No.875.
 
العلانية فى المكان العام بطبيعته :
المكان العام بطبيعته هو الذى يستطيع أى شخص أن يرتاده فى أى وقت ، سواء كان ذلك دون قيد أو شرط ، يستوى أن يكون ذلك نظير أداء رسم أو استيفاء شروط معينة. كما يستوى فى هذه الحالة أن يكون الجهر بالقول أو الصياح فى وجود بعض الناس أو فى عدم وجودهم ، فتوافر العلانية مرجعه احتمال أن يسمع أى شخص هذا القول أو الصياح(26).
ـــــــــــــــــــــــــ
(26) أنظر نقض 21 أكتوبر سنة 1963 مجموعة أحكام محكمــــــــة النقض س 14 رقم 116 ص 632 .
 
العلانية فى المكان العام بالتخصيص :
المكان العام بالتخصيص هو الذى يباح لجمهور الناس دخوله فى أوقات معلومة ، ويحظر عليهم ارتياده فيما عدا هذه الاوقات . واذا جهر المتهم بقوله أو صياحه فى المكان العام بالتخصيص فإن العلانية تتوافر إذا صدر عنه فعل فى الوقت الذى كان مصرحا فيه الناس بالدخول فيه فى اجزاء المكان التى يصرح لهم بالدخول فيه فى أجزاء المكان التى يصرح لهم بالدخول فيها .
وتتوافر العلانية حتى لو لم يوجد أى شخص طالما كان مصرحا بإرتياد المكان ، وعلى خلاف ذلك فلا تتوافر العلانية الاوقات التى لا يصرح للجمهور فيها بإرتياد المكان ، أو فى اجـزاء المكان التى لا يصرح للجهور بالدخـول فيها(27).
ــــــــــــــــــــــــ
(27) أنظر عكس هذا الرأى الدكتور محمود محمود مصطفى إذ يرى سيادته أن العلانية لاتتوافر إلا إذا حصل الجهر حال اجتماع الجمهور ، لأن المحل لم يكتسب صفة العمومية ألا من وجود ذلك الجمهور .      
 أنظر المرجع السابق : بند 319 ، ص 335 .
 
العلانية فى المكان العام بالمصادفة :
المكان العام بالمصادفة هو مكان خاص أصلا ولكن يباح لجمهور الناس على وجه عارض الدخول فيه. ومثاله المطاعم والمقاهى والمحال ، وإذا جهر المتهم بقوله أو صياحه فى خلال الوقت الذى يتواجد فيه جمهور الناس تحققت العلانية ، وعليه فإذا صدر الجهر أو الصياح فى وقت كان المكان فيه خاليا من الناس أو كان فيه شخص أو عدد قليل من الناس فلا تتحقق العلانية. وعلى قاضى الموضوع فى كل حالة أن يحدد ما إذا كان عدد الحاضرين قد بلغ من الأهمية القدر الذى يجعل منه جمهورا(28).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(28) أنظر نقض 22 مايو سنة 1961 مجموعة أحكام محكمة النقض س 12 رقم 112 ص 590 .
المحفل العام :
أما المحفل العام فهو كل مجتمع احتشد فيه عدد كبير من الناس لم يدعوا اليه بصفه خاصة ، ولا حرج على أى أنسان من الاشتراك فيه ، وذلك بغض النظر عن صفة المكان الذى احتشد فيه الجمع ، كالأفراح والموالد التى يباح لكل شخص أن يشترك فيها . ويشترك المحفل العام مع المحل العمومى بالمصادفة فى حكم علانية الجهر أو الصياح فيهما(29).
وإذا كان بين المجتمعين صلة سابقة وتحقق أنه لا يوجد من بينهم من لا تجمعه بهم هذه الصلة فالأجتماع خاص ، ولا يحول دون اعتباره خاصا أن يكون عدد المشتركين فيه كبيرا.  وتطبيقا لذلك ، فالعبارات التى يجهر بها فى قاعة محاكمة سرية أو فى اجتماع مجلس كلية أو مجلس ادارة شركة أيا كان تخصصها أو نادى رياضى أو اجتماعى لا تتوافر فيها العلانية ، فثمة صلة تجمع بين المجتمعين فى هذا الاجتماع(30).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(29)  قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة قد حصلت قيام العلانية من أن المتهم ألقى خطابه الذى يتضمن العيب فى جمع من الناس (أعضاء اتحاد خريجى الجامعة) ولم ترقى الرابطة التى تربطهم بعضهم ببعض ما ينفى وصف العلانية عن هذا الخطاب ، فهذا الفهم من جانبها سائغ وتحصيله فى حدود سلطتها .        
 أنظر نقض 12 مايو سنة 1947 مجموعــة أحكام محكمة النقض ج 7 رقم 358 ص 336 .
(30) وتعتبر قاعات الدرس فى المدرسة أو الكلية ، وكذلك أمكنة الرياضة من الأماكن الخاصة مقصورة على المقيدين بها وأن اندست بينهم قلة من غيرهم .       
 أنظر الدكتور محمود محمود مصطفى : المرجع السابق ، ص 356 ، بند 3 .
 
(ثانيا) الجهر بالقول فى مكان خاص:
تتحقق العلانية بالجهر بالقول أو الصياح فى محل خاص إذا كان يستطيع سماعه من كان فى مكان عام .  والعبرة فى تحديد العلانية ليست بطبيعة المكان الذى صدر فيه الجهر أو الصياح ، وانما بطبيعة المكان الذى تحققت فيه أثارة وهى الاستمتاع الى القول (31).
وتطبيقا لذلك فإن الفاظ السب الصادرة من المتهم وهو فى داخل المنزل تعتبر علنية إذا امكن أن يسمعها من يمرون فى الشارع العمومى(32). أما إذا حصل الجهر بالقول فى مكان خصوصى بحيث لا يستطاع سماعه من مكان فى عام فلا تتحقق العلانية ، وقد قضت محكمة النقض بأن السب الذى يحصل فى فناء المنزل لا تتوافر فيه العلانية ، ولو كان سكان المنزل قد سمعوه ، فإذا كانت الواقعة هى أن المتهمة سبت المجنى عليها بمجرد دخولها الى المنزل أو صعودها على السلم أمام من كانت ترافقها هى وابنها فإن هذا يعتبر مخالفة سب غير علنى يعاقب عليها بالمادة 394 فقرة أولى عقوبات (33).
أما المنزل فهو بحكم الأصل محل خاص وسماع السكان عبارات القذف أو السب لا يجعل من المنزل محلا عاما بالصدفة ولا يتحقق به ركن العلانية(34).
كما قضى بأن السب يعتبر علنيا إذا حصل من المتهم فى بلكونة مطلة على الشارع العام على مسمع من المارين (35) ، وبأن الفاظ السب الصادرة من المتهم وهو فى داخل المنزل تعتبر علنية إذا سمعها من يمرون فى الشارع العمومى(36).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(31)  أنظر نقض 24 مارس سنة 1941 مجموعــة أحكام محكمة النقض ج 5 رقم 333 ص 426 .
(32)  أنظر نقض 15 فبراير سنة 1943 مجموعــة أحكام محكمة النقض ج 6 رقم 108 ص 106 .
(33)  أنظر نقض 18 أكتوبر سنة 1943 مجموعــة أحكام محكمة النقض ج 6 رقم 236 ص 315 .
(34) أنظر نقض 26 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام محكمة النقض س 2 رقم 318 ص 851 .
(35) أنظر نقض 9 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام محكمة النقض س 1 رقم 78 ص 235 .
(36) أنظر نقض 12 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام محكمة النقض س 3 رقم 346 ص 925 .
 
(ثالثا) إذاعة القول باللاسلكى :
تتحقق العلانية فى هذه الحالة إذا استعمل الجانى وسيلة اللاسلكى. والحكمة من تجريم استعمال هذه الوسيلة أنها تؤدى الى انتشار القول أو الصياح بحيث يسمعه عدد كبير من الناس ، وبذلك فإن هذه الطريقة تتسع لتشمل الأذاعه والتليفزيون ، وكل وسيلة من شأنها نقل الصوت من مكان الى مكان وذلك كالأنترنت . ولم يشترط المشرع فى هذه الحالة أن تتحقق استطاعة السماع لمن يوجد فى مكان عام وذلك خلافاً لحالة الجهر فى مكان خاص (37).
ــــــــــــــــــــــــــ
(37) أنظر  الدكتور أحمد فتحى سرور : المرجع السابق ، بند 474 ، ص 674  .
 
(رابعا) اذاعة القول بالتليفون :
لا يعتبر التليفون من إحدى وسائل العلانية ، فهو بطبيعته وسيله اتصال ذات طابع سرى ، فالأصل أن المكالمة التليفونية لا يعرف مكنونها سوى طرفى الأتصال ، ولكن نظرا لأن حوادث الأعتداء على الناس بالسب والقذف قد اسفحلت ، وأصبحت تمثل مشكلة للناس فى بيوتهم ليلا ونهارا ، لذا فقد أثر المشرع أن يتدخل بتعديل تشريعى سنة 1955 ساوى فيه بين وسائل العلانية المنصوص عليها ف المادة 171 عقوبات وبين الطعن فى الأعراض الذى يقع بطريق التليفون .
ولا يهم فى هذا المجال أن يتصل المتهم تليفونيا بالمجنى عليه نفسه أو أن يتصل بهذا الطريق بشخص سواه ويطلب منه أبلاغ المجنى عليه عبارات الطعن فى الأعراض .
نص قانونى :
تنص الم ادة 171/4 عقوبات على أنه " ويكون الفعل أو الإيماء علنيا إذا وقع فى محفل عام أو طريق عام أو فى أى مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان فى مثل ذلك الطريق أو المكان ".
 
 
 
ضابط علانية الفعل أو الإيماء :
قد يحدث الطعن فى الأعراض بالفعل ، ولا يخرج الإيماء أو الأشارة عن أن يكون فعلاً ، ويستوى أن يكون الفعل ايجابيا أو سلبيا. والطعن على هذا النحو نادر الوقوع بطبيعة الحال . ولكنه متصور ، فمن يضع يده على رأس ويمثل بأصابعه شكل القرون التى يكون مدلولها لدى العامة هو فعل القوادة يكون قد جعل الناس يعتقدون بأن المشار اليه هو مرتكب هذا الفعل ، وفى هذا المثال تعد الأشارة أسنادا لواقعة القوادة الى ذلك الشخص. وقد تضمن نص المادة 171 /4 عقوبات صورتين لوقوع الطعن فى الأعراض عن طريق الفعل ، الأولى أن يقع فى محفل عام أو طريق عام أو أى مكان آخر مطروق ، والثانية أن يقع بحيث يستطيع رؤيته من مكان فى مثل ذلك المكان أو الطريق.
علانية الكتابة
 
نص قانونى :
 تنص المادة171 /5 عقوبات على أنه " وتعتبر الكتابة والرسوم والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون فى الطريق العام أو أى مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع فى أى مكان.
 
طرق علانية الكتابة :
يبين من نص المادة171 /5 عقوبات أن طرق علانيـــة الكتابــة هى : " التوزيع - التعريض للانظار - البيع أو العرض للبيع " ولم ينص المشرع على هذه الحالات على سبيل الحصر ، ولذلك فأنه ليس هناك ما يمنع من وجود حالات أخرى من العلانية خلاف ما تضمنه نص القانون (38).
(أولاً) التوزيع :
ويتحقق بتسليم المادة التى تحمل الكتابة سواء كانت مطبوعات أو مكاتيب أو صور الى عدد من الأفراد بغير تمييز ، وذلك بقصد الأطلاع على ما تحمله هذه الأشياء من معانى ، ولا يشترط أن يقوم الجانى نفسه بهذا التوزيع مادام الفعل الذى أتاه يؤدى حتما اليه. وتأسيسا على ذلك فإذا أفضى المتهم الى عدد من الناس بما تتضمنه الورقة المكتوبة من معان ، أو اكتفى بأن يطلع الغير على الورقة دون أن يسلمها اليه ، فلا تتوافر العلانية بهذه الطريقة. ولا تتحقق العلانية بالتوزيع على عدد من الناس بغير تمييز ، وبناء عليه فقد حكم بأن ارسال خطاب الى رئيس جمعية واطلاع الرئيس واعضاء الجمعية على محتويات الخطاب التى تتضمن وقائع قذف لا يحقق ركن العلانية (39)، ويقصد المشرع بعبارة تمييز أن يكون المكتوب قد تداولته أيد متعددة واطلع على مضمونه جمله أشخاص منهم من لا شأن له بموضوعه ومن لا تربطه بصاحب المكتوب صلة خاصة تبرر أن يكاشفه هو بضمونه ويخصه بفحواه ، الأمر الذى يرجح معه اتجاه النية الى نشر فحوى المكتوب واذاعته (40).
ولكن لا يشترط أن يبلغ التوزيع حدا معينا ، وبناء عليه فقد قضى بأن العرائض التى تقدم الى جهات الحكومة المتعددة بالطعن فى حق موظف ، مع علم مقدمها بأنها بحكم الضروره تتداول بين أيدى الموظفين المختصين ، تتوافر فيها العلانية لثبوت قصد الاذاعه لدى مقدمها ووقوع الاذاعة فعلاً بتداولها بين أيد مختلفة (41).
ويكفى لتحقق التوزيع أن يكون المكتوب قد وصل الى عدد من الناس ولو كان قليل ، سواء كان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه أم بوصول عدة صور مادام ذلك لم يكن ألا بفعل المتهم أو كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصور أنه كان يجهلها (42). 
وبناء على ذلك فقد قضى بأنه إذا كانت المحكمة قد أثبتت فى حكمها بالأدانة أن المذكرة التى يحاكم من أجلها المتهم - وهو محام لما حوته من عبارات القذف والسب قد كتبت بالألة الكاتبة من ثلاث نسخ بقيت أحداها بدوسيه المحامى عن المتهم وسلمت الثانية لمحامى المدعين بالحق المدنى وقدمت الثالثة لهيئة المحكمة لتودع ملف القضية ، فهذا يدل على أن المذكرة قد اطلع عليها المحامى عن المقذوف فى حقه وهيئة المحكمة وكاتب الجلسه أيضاً بحكم وظيفته والمتهم بوصفه محاميا كما ذكر الحكم - لم يكن بجهل تداول المذكرة بين الموظفين المختصين بالمحكمة كنتيجة طبيعية للأيداع الذى يستدعى بالضرورة أطلاعهم عليها - وبهذا كله تتوافر العلانية فى جريمتى القذف والسب كما عرفها القانون ، لتداول المذكرة بين محامى المقذوف فى حقه وهيئه المحكمة وغيرهم ممن تقتضى طبيعة عملهم أن يطلعوا عليها ولثبوت قصد الاذاعة ووقوع الاذاعه بفعله (43).
وينفى عن الفعل صفة العلانية أن تكون الوسيلة التى استعملها الشخص بطبيعتها غير قابلة للزيوع والأنتشار ، وبناء عليه فقد قضى بأنه إذا أرسل شخص تلغرافا لرئيس مصلحة يشكو فيه أحد مرؤسيه وينسب اليه أنه يلفق عليه قضية ، فلا يمكن اعتبار المرسل قاذفا بما ورد فى التلغراف معاقبا على فعلته لعدم توافر ركن العلانية فيها من جهة ولأن طبيعة المراسلة التلغرافية لا تدل على قصد اذاعة محتوياتها من جهة أخرى ، ولكن يصح النظر فى فعلة المرسل من جهة جواز انطباقها على جريمة البلاغ الكاذب (44).
ويترك لقاضى الموضوع فى كل الحالات سلطة تقدير توافر التوزيع حتى لو كان قد اتجه الى شخصين فقط ، وتقدير القاضى فى هذا الصدد خاضع لرقابة محكمة النقض (45).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(39) أنظر
 Crim 24 Juin 1950 , D . 1950. 1. 514.
(40) أنظر  نقض مختلط 22 ديسمبر سنة 1941 - مجلة التشريع والقضاء س 54 ض 73 .
(41) أنظر نقض 21 مارس سنة 1938 مجموعة القواعد القانونية  ج 4 رقم 81 ص 169 ؛  نقض 7 أبريل سنة 1969 مجموعة أحكام محكمة النقض س 20 رقم 96 ص 458 .
(42) أنظر نقض 26 فبراير سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية  ج 5 رقم 116 ص 69 ؛ 23 مارس سنة 1942 ج 6 رقم 367 ص 628 ؛ 21 مارس سنة 1955 مجموعة أحكام محكمة النقض س 6 رقم 323 ص 688 .  
(43) أنظر نقض 23 مارس سنة 1942 مجموعة القواعد القانونية  ج 5 رقم 367 ص 629 .
(44) أنظر نقض 22 فبراير سنة 1931 مجموعة القواعد القانونية  ج 2 رقم 190 ص 247 .
(45)
  Crim 18 Janv 1950 , D . 1950. 1. 281.
(ثانيا) التعريض للأنظار :
تضم هذه الحالة صورتين : الأولى عرض الكتابة أو ما فى حكمها فى المكان العام بحيث يستطيع أن يطلع عليها من يكون فى هذا المكان . والثانية عرض الكتابة فى مكان خاص ولكن بحيث يستطيع أن يطلع عليها من يكون فى مكان عام . ويستوى فى الصورتين أن يكون أحد قد رأها فعلاً أو ألا يكون قد رأها (46).
ويشترط فى هذه الحالة أن توضع الكتابة أو الرسوم فى مكان ظاهر ، فلا يتوافر التعريض إذا وجدت الكتابة داخل مظروف ولو كان موضوعا فى الطريق العام . ولا يهم أن يكون المكان عاما بطبيعته أو بالتخصيص أو بالمصادفة. وتطبيقا لذلك لا تتحقق هذه الحالة بفعل من دون عبارات القذف فى بطاقه بريد أودعها أو فى ورقة أودعها فى مظروف غير مغلق ثم أرسلها بالبريد ، أو بفعل من سجل عباراته فى دفتر للشكايات فى إحدى المصالح الحكومية.
ـــــــــــــــــــــــــ
(46) أنظر الدكتور محمود محمود مصطفى : المرجع السابق ، بند 325 ، ص 362 .
 
(ثالثا) البيع والعرض للبيع :
يعرف البيع بأنه نقل ملكية شئ مقابل ثمن ، ويرد البيع فى هذه الحالة على الكتابة أو الرسم ، ويعقب البيع التسليم بما يعنيه من انتقال الحيازة الى المشترى واطلاعه على المادة المكتوبة ، وتتوافر العلانية ولو كان المبيع نسخة واحدة أو كان المشترى واحدا واشترى عدة نسخ مادام القصد هو النشر(47).
ولا يشترط أن يتم البيع فى مكان عام ، فيمكن أن يقع فى مكان خاص كمدخل منزل . ولكن العلانية لا تتحقق إذا باع المتهم من مكتبته الخاصة نسخة لا يمتلك سواها. 
أما العرض للبيع فيعنى إيجاب المتهم على نفسه بيع المادة التى تحمل الكتابة الى من يدفع الثمن المطلوب . وقد يكون العرض صريحا سواء كان شفويا أو كتابيا ، أو ضمنيا ويتمثل فى وضع المادة التى تحمل الكتابة فى واجهة المحل أو فى أرفف الكتب المعروضة للبيع. ويعد عرضا للبيع مجرد نشر أعلان عن الكتاب فى الصحف أو أرسال نشرة عنه بالبريد ، ولكن لا يعد عرضا للبيع مجرد اختزان المتهم المطبوعات دون أن يصطحب ذلك بالأعلان عن وجودها وأبداء استعداد لبيعها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(47) أنظر  
Crim 20 Nov 1957 , D . 1958. 1. 121.
رقابة محكمة النقض على العلانية :
على محكمة الموضوع أن تقدر ما يعتبر من قبيل العلانية فهى ركن فى الجريمة ويجب بيانه فى الحكم القاضى بالأدانة. وتثبت العلانية بكافة الطرق ، كأن تضبط الأوراق أو النشرات المتضمنة للقذف حال بيعها أو عرضها للبيع ، كما يجوز إثبات ها بشهادة الشهود ، ولا يخضع القاضى فى ذلك لرقابة محكمة النقض ألا من حيث القصور فى تسبيب الحكم (48).
أما فهم معنى العلانية فهو مسألة قانونية يخضع فى تحديدها القاضى لرقابة
محكمة النقض حتى تستوثق من صحة تطبيق القانون .
كما يتعين على القاضى أن يبين فى حكمه طريقة تحقيق العلانية لكى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة صحة تطبيق القانون ، واغفال هذا الحكم يعيبه ويستوجب نقضه (49).
وقد حكم بأنه لا يكفى بيان المحل المدعى بوقوع القذف فيه دون أن يذكر أنه بدائرة قسم كذا ، لأن هذا البيان لا يمكن معه معرفة صفة هذا المكان أعام هو فتكون العلانية متوفرة أم خاص فلا تكون (50).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(48) أنظر نقض 14 أكتوبر سنة 1948 مجموعة القواعد القانونية  ج 6 رقم 78 ص 776 .
(49) أنظر نقض 9 ديسمبر سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية  ج 5 رقم 161 ص 295 .
(50) أنظر نقض 17 أكتوبر سنة 1929 مجموعة القواعد القانونية  ج 1 رقم 298 ص 351 .
تطبيقات من أحكام النقض على ركن العلانية:
* إذا كان من وقائع القذف المرفوعة بها الدعوي علي المتهم أنه نشر تقرير الطبيب المعين من المجلس الملي للكشف علي المدعية بالحق المدني الوارد فيه أنها مصابة بإرتخاء خلقي في غشاء البكارة ناشيء عن ضعف طبيعي في الأنسجة مما يجعل إيلاج عضو الذكر ممكناً من غير إحداث تمزق و لا يمكن طبياً البت فيما إذا كان سبق أحد مباشرتها ، و ذلك بطريقة توزيع صور من هذا التقرير علي عدة أشخاص بقصد التشهير بالمدعية - إذا كان ذلك ، و كان كل ما ذكرته محكمة الموضوع عن هذه الواقعة هو " أنها تري أنه لم يحدث طبع و لا نشر للتقرير كما تتطلبه المادة 171 عقوبات دون أن تبين المقدمات التي رتبت عليها هذه النتيجة ، في حين أن الدفاع لم يقل صراحة بعدم حصول توزيع بل كل ما قاله هو أنه إذا كان ثمة توزيع فإن ما وزع هو تقرير الطبيب ، فإن هذا منها يكون قصوراً في بيان الأسباب التي أقيم عليها الحكم ، إذ كان من الواجب أن تبحث المحكمة في مدي توزيع التقرير و في الغرض من توزيعه حتي إذا ثبت لديها أنه وزع علي عدد من الناس بغير تمييز بقصد النشر و بنية الإذاعة كان ركن العلانية متوافراً ، و كانت دعوي المدعية صحيحة ، و لا يقلل من صحتها أن هذا التقرير غير ثابت به إزالة بكارة المدعية ، و لا مقطوع فيه بسبق إفتراشها ، إذ الإسناد  في القذف يتحقق أيضاً بالصيغة التشكيكية متي كان من شأنها أن تلقي في الروع عقيدة أو ظناً أو إحتمالاً أو وهماً ، و لو عاجلاً في صحة الواقعة أو الوقائع المدعاة . 
(نقض 3 أبريل سنة 1944 طعن رقم 118 سنة 14  قضائية)
* يكفي لتوافر ركن العلانية في جريمة القذف في حق موظف عمومي أن يصل المكتوب إلي عدد من الناس و لو كان قليلاً بتداول نسخة واحدة متي كان ذلك نتيجة حتمية لعمل القاذف . 
(نقض 21 مارس سنة 1955 طعن رقم 36 سنة 25  قضائية) 
* متي كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن ركن العلانية واستظهر الدليل علي أن الطاعن قصد إذاعة ما نسبه إلي المجني عليه بما إستخلصه الحكم من أن الطاعن تعمد إرسال شكواه إلي عدة جهات حكومية متضمنة عبارات القذف و السب . و كان من المقرر أن إستظهار القصد الجنائي في جريمة القذف و السب علناً من إختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوي و ظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع و الظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الإستنتاج
فإن الحكم إذا إستخلص علي النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليه يكون قد دل علي سوء نية الطاعن و توافر ركن العلانية بما يسوغ الإستدلال عليه وتنحسر به دعوي القصور في التسبيب .
(نقض 21 مايو سنة 1980 طعن رقم 2264 سنة 49 قضائية)
* لما كان من المقرر أن العلانية في جريمة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات ، لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين ، أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف علي عدد من الناس بغير تمييز ، وثانيهما ، إنتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب ، و لا يتطلب القانون أن يكون التوزيع بالغاً حداً معيناً ، بل يكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلي عدد من الناس ، و لو كان قليلاً ، سواء أكان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه ، أم بوصول عدة نسخ أو صور منها ، ما دام ذلك لم يكن إلا بفعل المتهم ، أو كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصور أنه كان يجهلها ، و لما كان مفاد ما أورده الحكم في مدوناته من إقدام الطاعن علي إرسال برقيتين إلي كل من رئيس الجمهورية و وزير العدل ، تضمنتا أن المجني عليه خرج علي نزاهة القضاء و إستغل نفوذه و توسط لدي المحاكم للحصول علي حكم طرد ضده ، و دون دليل يظاهر ذلك ، و علي الرغم من إقراراه أنه لم يحصل إلتجاء إلي القضاء ، و إقرار بتسليم كافة حقوقه ، فإن هذا من الحكم يتوافر به عنصرا العلانية في جريمة القذف ، لما هو معلوم بالضرورة من أن كلتا البرقيتين تداولتها أيدي الموظفين المختصين في رياسة الجمهورية و وزارة العدل بحكم وظائفهم ، كنتيجة حتمية للإبراق بهما و ضرورة الإطلاع عليهما منهم ، و من ثم يكون النعي علي الحكم في هذا الصدد علي غير سند .
(نقض 4 يونية سنة 1986 طعن رقم 6297 سنة 55 قضائية) 
*  لما كان من المقرر أن العلانية في جريمة القذف لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف علي عدد من الناس بغير تمييز والأخري انتواء الجاني اذاعة ما هو مكتوب، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه لا يفيد سوي افتراض علي الطاعن بتداول المذكرة التي قدمها إلي مجلس نقابة المحامين بالبحيرة بين أيدي الموظفين، وكان هذا الذي ذهب إليه الحكم لا يفيد حتما وبطريق اللزوم أن الطاعن انتوي ما هو ثابت في المذكرة، فإنه يكون قد خلا من استظهار هذا القصد، المر الذي يعيبه بالقصور ويوجب نقضه.  
(نقض 7 ديسمبر سنة 1994 طعن رقم 40031 سنة 59 قضائية)
*  لما كان من المقرر أن العلانية في جريمة القذف لا تتحقق الا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات السب علي عدد من الناس دون تمييز وثانيهما انتواء الجاني إذاعة ماهو مكتوب وأنه يجب لسلامة الحكم بالادانة في جريمة القذف أن يبين الحكم عناصر العلانية وطريقة توافرها في واقعة الدعوي حتي يتسني لمحكمة النقض القيام بوظيفتها في مراقبة تطبيق القانون علي الوجه الصحيح وكان ما حصله الحكم المطعون فيه في صدد بيانه لواقعة الدعوي وفحوي الخطاب الذي وجهه الطاعن الي المدعي بالحقوق المدنية لا يتوافر به عنصر العلانية وذلك لما هو مقرر من أنه لا يكفي لتوافر العلانية أن تكون عبارات القذف قد تضمنها خطاباً تداولته أيدي موظفين بحكم علمهم بل يجب أن يكون الجاني قد قصد الي إذاعة ما أسنده الي المجني عليه . وكان الحكم قد أغفل بيان مقصد الطاعن من فعله فإنه يكون معيباً بالقصور .
(نقض 12 نوفمبر سنة 1996 طعن رقم 11803 سنة 60 قضائية) 
* من المقرر أن العلانية في جريمة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات لا تتحقق الا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف علي عدد من الناس بغير تمييز وثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب ولا يتطلب القانون أن يكون التوزيع بالغاً حداً معيناً ، بل أن يكون المكتوب قد وصل الي عدد من الناس ولو كان قليلاً سواء أكان ذلك عن طريق تدوال نسخة واحدة منه أم بوصول عدة نسخ أو صور منها ما دام لم يكن الا بفعل المتهم أو كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصور أنه كان يجهلها ولما كان مفاد ما أوردة الحكم في مدوناته من أن الطاعن أقدم علي تقديم شكوي الي جهة عمل المجني عليه تضمنت اغتصابه أرضاً ليست له وإنكاره لديونه وأنه يحمل معول التخريب هو وزوجته وأن التحاقه وظيفياً بمركز البحوث قد جاء وفقا لتقديرات خاطئة فإن هذا من الحكم يتوافر عنصرا العلانية في جريمة القذف لما هو معلوم بالضرورة من أن تلك الشكوي تدوالتها أيدي الموظفين المختصين زملاء المجني عليه بالعمل كنتيجة حتمية لإرسال الشكوي وضرورة الاطلاع عليها منهم ومن ثم يكون النعي علي الحكم في هذا الصدد علي غير سند .   (نقض 15 ديسمبر سنة 1996 طعن رقم 11632 سنة 60 قضائية) 
* من المقرر أن مجرد إدلاء شخص بأقواله في شكوي لا يعد قذفاً ما دام الجاني لم يقصد التشهير بمن أدلي بأقواله في شأنه للنيل منه، ولا يكفي لتوافر ركن العلانية في جريمة القذف أن تكون عبارات القذف قد تضمنتها شكوي تداولت بين أيدي الموظفين بحكم عملهم بل يجب أن يكون الجاني قد قصد إلي إذاعة ما أسنده إلي المجني عليه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المتهم مجرد أحد ورثة مالك العقار الواقعة به عيادة الطبيب المتوفي المتنازع علي تركته بين المدعية الثانية وباقي ورثته، فلا شأن له بهذا النزاع ولم يدل بأقواله في المحضر المار ذكره إلا بناء علي طلب أحد الورثة المتنازعين وهما تستخلص منه المحكمة أن المتهم لم يقصد من إدلائه بأقواله التشهير بالمدعين لهم في المدنية أو النيل منهما ولم يقصد إلي إذاعة ما أسنده إليهما، ومن ثم فلا يتوافر في حقه ركن العلانية الواجب توافره في جريمة القذف، بما يتعين معه تبرئته من هذه التهمة. 
(نقض 8 يناير سنة 1997 طعن رقم 17902 سنة 61 قضائية) 
*  لما كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن ركن العلابية واستظهر الدليل علي أن الطاعن قصد إذاعة ما نسبه الي المجني عليه بما استخلصة الحكم من أن الطاعن تعمد إرسال شكواه الي عدة جهات حكومية متضمنة عبارات القذف ، وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة القذف علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصة من وقائع الدعوي وظروفها دون معقب عليها مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن الحكم إذا استخلص علي النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليه يكون قد دل علي سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوي القصور في التسبب والفساد في الاستدلال .  
(نقض 22 فبراير سنة 1998 طعن رقم 15970 سنة 55 قضائية)