هتك العرض بغير قوة أو تهديد
نص جريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد:
تنص المادة 269 عقوبات على أن " كل من هتك عرض صبى أو صبيه لم يبلغ سن كل منهما ثمانى عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالحبس وإذا كان سنه لم يبلغ سبع سنين كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم فى الفقـرة الثانيـة من المـادة 267 تكون العقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة " .
ومفاد هذا النص أن جريمة هتك العرض بدون قوة أو تهديد لها صورتان : الأولى : صورة بسيطة. الثانية : صورة مشددة .
هتك العرض بغير قوة أو تهديد فى صورته
يفترض المشرع فى هذه الجريمة أن المجنى عليه لا يتمتع بالخبرة الكافية التى تمكنه من مقاومة اغراء الغواية الجنسية ، ولذلك فإن رضاه يكون مشوبا بالبطلان وذلك لعدم تمام نضوجه الذهنى. ولذلك فإن سن المجنى عليه يعتبر ركنا فى هذه الجريمة ، بالاضافة الى الركنين المادى والمعنوى،
وعلى ذلك فإننا سوف نعالج هذا الموضوع من خلال مطلبين ، نخصص الأول لأركان الجريمة ، والثانى للعقوبة المقررة.
(أولاً) الركن المادى لجريمـة هتك العرض بغير قوة أو تهديد :
يقوم الركن المادى فى هذه الجريمة على فعل يستطيل الى جسم المجنى عليه ، ويخل على نحو جسيم بحيائه العرضى(1). ولما كان المشرع قد اشترط فى جريمة الإغتصاب المؤثمة بالمادة 267عقوبات أن تكون مواقعة الأنثى بغير رضاها ، ونظرا لأن فعل الوقاع فى هذه الحالة يعد هتكا للعرض فى أبلغ درجاته ، لذا فإن اتيان الأنثى التى لم تبلغ الثامنة عشرة من سنها بالرضا وأن لم يعتبر اغتصابا ، ألا أنه يعتبر هتكا لعرضها دون قوة أو تهديد وفقا للمادة 269 عقوبات .
بيد أنه يلاحظ أن هذه الجريمة لا تقوم إلا إذا كانت الصلة الجنسية غير مشروعة ، ولذلك فإذا تم اتصال بين زوج وزوجته دون سن الثامنة عشرة فإن الجريمة لا تقوم ، لأن الأفعال قد وقعت فى إطار علاقة شرعية ، وذلك بشرط أن يكون الزواج صحيحا . ويستوى بعد ذلك أن يكون المجنى عليه قد أحاط بطبيعة الأفعال التى وقعت عليه من عدمه - فقد يكون لصغر السن تأثير فى عدم المام المجنى عليه بطبيعة الأفعال الجنسية التى تقع عليه(2).
ــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر .
Chaveau (Adolphe) & Helie (Faustin) : Theorie de code Penal . Paris , 6e ed , Revu Par Villey et Mesnarc . 1888 - 1908 , T.4 , No.1537.
(2) أنظر .
Garcon (Emile) : Op . Cit., Art 331 a 333 , No. 59.
(ثانيا) سن المجنى عليه :
لا تكتمل أركان هذه الجريمة ألا إذا كان المجنى عليه لم يبلغ من عمره الثامنة عشرة ، ولا يعتبر ظرف السن فى هذه الجريمة بمثابة ظرف مشدد ، ولكن ركن أساسى فى الجريمة لا تقوم ألا به.
والعبرة فى السن فى جريمة هتك العرض هى بالسن الحقيقية للمجنى عليه
ولو كانت مخالفة لما قدره الجانى أو قدره غيره من رجال الفن اعتمادا على مظهر المجنى عليه وحاله نمو جسمه أو على أى سبب آخر (3).
وإذا دفع المتهم بأنه يجهل السن الحقيقية للمجنى عليه ، نظرا لما تبين له من أن المجنى عليه تجاوز هذا السن ، فإن دفعه لا يقبل (4).
وفى ذلك قالت محكمة النقض ذلك لأن من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة فى ذاتها أو التى تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقه الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعلته ، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب عن الجريمة التى تتكون منها ، ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن فى مقدوره بحال أن يقف على الحقيقة (5).
والمعول عليه فى تقدير السن ، وفقا لقضاء محكمة النقض هو السن الحقيقية التى تثبت بشهادة الميلاد أو مستخرج رسمى منها (6)، ولا يجوز للمحكمة أن تلجأ الى أثبات السن عن طريق انتداب طبيب تقدير السن فى حاله وجود شهاده الميلاد ، إذ أن ذلك يعتبر بمثابة إهدار لما هو ثابت بورقة رسمية ، يجب الاعتداد بما جاء بها طالما أنها صحيحة ولا يشوبها عيب (7).
اما إذا لم توجد شهاده ميلاد صحيحة ، أو مستخرج رسمى منها جاز للمحكمة الاستدلال على سن المجنى عليه بأية طريقة من طرق الأثبات ، ويعتبر قاصرا الحكم الذى يدين المتهم دون أن يثبت أن المجنى عليــه دون الثامنة عشرة (.
والتقويم الذى يعتد به فى احتساب سن المجنى عليه هو التقويم الهجرى ، ويرجع ذلك فى رأى محكمة النقض الى أنه هو الذى يتفق مع صالح المتهم أخذا بالقاعدة فى تفسير القانون الجنائى والتى تقضى بأنه إذا جاء النص العقابى ناقصا أو غامضا فينبغى أن يفسر بتوسع لمصلحه المتهم وبتضييق ضد مصلحته ، وأنه لا يجوز أن يؤخذ فى قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحــة المتهم (9).
وقد انقسم الفقه المصرى فى صدد هذا القضاء ، فشايعه فريق منهم ، اعتمادا على ما أوردته محكمة النقض من حجج فى قضائها (10) . بينما رأى فريق آخر من الفقه أن ما نصت عليه المادة 560 من قانون الاجراءات الجنائيه بأن " جميع المواد المبينه فى هذا القانون تحسب بالتقويم الميلادى " يعتبر بمثابة نص كاشف لقاعدة عامة فى المواد الجنائية ، وهو يقيد القضاء فى تفسير النصوص سواء كان فى صالح المتهم أو ضد مصلحته ، وذلك التفسير يدور فى فلك قصد الشارع ، ونحن نتجه صوب هذا الرأى ونرى الاعتداد بالتقويم الميلادى
عند تقرير سن المجنى عليه (11).
ويعتبر دفع المتهم بأن المجنى عليه قد بلغ الثامنة عشرة دفعا جوهريا ، ومن ثم تلتزم المحكمة بتحقيقه والرد عليه (12) ، والفصل فى سن المجنى عليه هو فصل فى مسأله موضوعية متروك تقديرها لمحكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض طالما كان تقديرها سائغا (13).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) أنظر نقض 25 مارس سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 86 ص 154 .
(4) أنظر نقض 11 نوفمبر سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 146 ص 272 .
(5) أنظر نقض 31 مايو سنة 1943 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقم 205 ص 277 .
(6) ولايشترط أن تطلع المحكمة على شهادة الميلاد ، بل يكفى أن تطلع على ورقة رسمية أخرى نقلت بياناتها عن شهادة الميلاد كمستخرج رسمى منها أة أفادة من المدرسة .
أنظر نقض 8 مارس سنة 1970 مجموعة أحكام محكمة النقض س 21 رقم 87 ص 351 .
(7) أنظر نقض 27 مارس سنة 1968 مجموعة أحكام محكمة النقض س 19 رقم 121 ص 608 .
( أنظر نقض 24 يناير سنة 1914 - الشرائع س 1 ص 111 .
(9) أنظر نقض 4 ديسمبر سنة 1967 مجموعة أحكام محكمة النقض س 18 رقم 254 ص 1208 .
(10) أنظر الأستاذ أحمد أمين : المرجع السابق ، ص 454 ؛ الدكتور محمود محمود مصطفى : المرجع السابق ، بند 285 ، ص 322 ؛ الدكتور عبد المهيمن بكر : المرجع السابق ، بند 341 ، ص 703 .
(11) أنظر الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ، بند 767 ، ص 568 ؛ الدكتور أحمد فتحى سرور : المرجع السابق ، بند 436 ، ص 621 ؛ الدكتور أدوارد غالى الذهبى : المرجع السابق ، بند 94 ، ص 164 .
(12) أنظر نقض 24 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام محكمة النقض س 3 رقم 236 ص 636 .
(13) أنظر نقض 11 نوفمبر سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 146 ص 272 .
تأخر النمو العقلى للمجنى عليه :
إذا بلغ المجنى عليه سن الثامنة عشرة ولكن تبين أن قدراته العقلية دون هذا السن ، فهل يعول على سنه الحقيقى أم يجب الاعتداد بسنه العقلى الذى قد يقل كثيرا عن ذلك . ذهبت محكمة النقض الى وجوب الأخذ بالعمر العقلى للمجنى عليه (14)، دون سنه الحقيقى ، وعله ذلك أن إرادة المجنى عليه تكون غير متكاملة ، ومن ثم فإنها تكون غير قادره على الاختيار الصحيح ، ولا يكون له القدرة على استعمال حريته الجنسية (15).
ـــــــــــــــــــ
(14) أنظر نقض 14 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام محكمة النقض س 15 رقم 62 ص 318 .
(15) وكذلك اتجه الفقه الى الأخذ بالعمر العقلى للمجنى عليه . أنظر الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ، بند 768 ، ص 568 ؛ الدكتور أدوارد غالى الذهبى : المرجع السابق ، بند 101 ، ص 171 .
(رابعا) الركن المعنوى :
ان هذه الجريمة من الجرائم العمدية ولذلك فإن ركنها المعنوى يتخذ صورة القصد الجنائى . ويقوم القصد على عنصرى العلم والإرادة. فيجب أن يعلم الجانى بان السلوك المادى الذى قارفه قد أخل بالحياء العرضى للمجنى عليه ، وبأن هذا العمل غير مشروع ، وبأن سن المجنى عليه دون الثامنة عشرة ، فإذا تبين أن الجانى يجهل أن فعله مخل بالحياء العرضى للمجنى عليه ، أو أن فعله مشروع وذلك بأن واقع أنثى يربطه بها عقد زواج باطل أو فاسد ، جاهلاً سبب البطلان أو الفسخ ، فإن قصده الجنائى ينتفى. أما بالنسبة لعلم الجانى بسن المجنى عليه فقد افترضت محكمة النقض علم الجانى بذلك فقررت بأنه لا يقبل من المتهم الدفع بجهله بهذه السن ألا إذا اعتذر عن ذلك بظروف قهرية أو استثنائية ، وتقدير هذه الظروف من شأن محكمة الموضوع ولا دخل لمحكمة النقض فيه مادام مبينا على ما يسوغه من الأدلة وذلك لأن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة فى ذاتها أو التى تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخـلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الكافية الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعلتـه ، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب عن الجريمـة التى تتكون منها ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن فى مقدوره بحال أن يقف على الحقيقة (16).
ويستوى بعد ذلك الباعث الذى دفع الجانى الى ارتكاب الجريمة ، فسواء كان الفعل راجع الى ارضاء شهوة عارمة ، أو الأنتقام من المجنى عليه أو أسرته ، أو غيره من البواعث فإن محكمة النقض قد استقرت على أن الباعث ليس له أثر فى تكوين القصد الجنائى (17).
ـــــــــــــــــــــــــ
(16) أنظر نقض 11 نوفمبر سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 146 ص 272 ؛ نقض 25 مارس سنة 1940 ج 5 رقم 86 ص 154 ؛ 31 مارس سنة 1943 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقــم 205 ص 277 ؛ 11 أبريل سنة 1971 مجموعـة أحكام محكمة النقض س 22 رقم 86 ص 350 .
(17) أنظر نقض 27 يونية سنة 1961 مجموعة أحكام محكمة النقض س 12 رقم 144 ص 747 ؛ 15 فبراير سنة 1976 س 27 رقم 44 ص 221 .
عقوبة جريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد فى صورتها
عقوبة الجريمة :
رصد المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس بين حديه الأدنى 24 ساعة والأقصى 3 سنوات . ويترك للقاضى سلطه تقدير العقوبة فى كل الحالات دون معقب عليه ، ويسترشد القاضى فى ذلك بأحوال الجانى والمجنى عليه وظروف الجريمة . وعلى ذلك فإن يمكن النزول بالعقوبة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بناء على رغبه المجنى عليه ، أو إذا كانت سنه قد اقترتب من الثامنة عشرة ، أو كان سيء الخلق ، أو إذا تـزوج الجانى من المجنى عليها(18).
اما الأعتبارات التى تؤدى الى الأرتفاع بالعقوبة فمنها أن يكون المجنى
عليه قد أكمل سبع سنوات ولكنه دون الثامنة عشر بكثير ، أو أن تكون المجنى عليها حسنة السمعة ، أو أن تكون قد ارتكبت الفعل تحت تأثير أغراء قوى من المتهم مع وعد منه بالزواج ثم نكث بوعده بعد ارتكاب الفعل . ونظراً لأن هذه الجريمة جنحة فلا عقاب على الشروع فى ارتكابها ، لأن القاعدة العامة أنه لا عقاب على الشروع فى الجنح ألا بنص خاص .
ـــــــــــــــــــــــ
(18) أنظر الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ، بند 277 ، ص 571 .
هتك العرض بغير قوة أو تهديد فى صورته
الظروف المشددة للجريمة :
تنص المادة 269 عقوبات على أنه " وإذا كان سنه (أى المجنى عليه) لم يبلغ سبع سنين كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 فتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة". ومفاد هذا النص أن لجريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد ظرفان مشددان هما صغر سن المجنى عليه - أو صفة فى الجانى.
(أولاً) صغر سن المجنى عليه :
العبره بسن المجنى عليه وقت ارتكاب الفعل ، وتحتسب السن وفقا التقويم الهجرى حسبما استقر قضاء النقض على ذلك (19) ، ويفترض علم الجانى بهذه السن ، وإذا ادعى جهله بها فلا يقبل منه أى دليل ، وأنما يتعين أن يثبت أن جهله يرجع الى ظروف قهرية أو استثنائية.
ويكاد يجمع الفقه المصرى على أن المشرع لم يكن بحاجه للنص على صورة هتك العرض الذى يقع على مجنى عليه لم يبلغ السابعة من العمر ، فهذه الصورة تدخل فى حكم المادة 268، اذ أن انعدام التمييز يفيد انعدام الرضا . ولذلك فإنه كان أحرى بالمشرع أن يلحق هذه الحالة بجريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد بإعتبارها احدى صورها(20).
ـــــــــــــــــــــــ
(19) أنظر نقض 4 ديسمبر سنة 1967 مجموعة أحكام محكمة النقض س 18 رقم 254 ص 1208 .
(20) أنظر الدكتور محمود محمود مصطفى : المرجع السابق ، بند 268 ، ص 322 ؛ الدكتور عبد المهيمن بكر : المرجع السابق ، بند 334 ، ص 706 ؛ الدكتور أدوارد غالى الذهبى : المرجع السابق ، بند 108 ، ص 175 .
(ثانيا) صفة الجانى :
والمقصود بذلك أن يكون الجانى ممن نصت عليهم المادة 267، وهم أصول
المجنى عليه أو المتولون تربيته أو ملاحظت ه، أو ممن لهم سلطة عليه ، أو الخادم بالأجره عنده ، أو ضد أحد ممن تقدم ذكرهم . وقد سبق لنا بيان ذلك تفصيلا فى جريمة الإغتصاب.
وإذا توافر أحد الظرفين صغر السن أو صفة الجانى تشدد العقوبة لتصبح الأشغال الشاقة المؤقتة بين حديها الأدنى وهو ثلاث سنوات والأقصى وهو خمس عشرة سنة ، كما أن اجتماع الظرفين المشددين معا لا يؤدى الى مزيد من تشديد العقوبة .
ولذلك وفى ظل النصوص القائمة حاليا فإنه من الأفضل تقديم المتهم بهتك عرض دون قوة أو تهديد إذا كان المجنى عليه دون الســابعة من عمره بالمادة 268 /2 عقوبات التى ترفع العقوبة الى الأشغال الشاقة المؤبدة ، وذلك حتى لا يقدم بالمادة 269 عقوبات التى تقصر العقوبة على الأشغال المؤقتة .
ونرى تعديل التشريع بحيث تخرج صورة جريمة هتك العرض بدون قوة أو تهديد التى تقع على صبى لم يبلغ السابعة من عمره من المادة 269 واخضاعها لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 268 عقوبات .
تطبيقات من احكام النقض على عقوبة الجرائم المرتبطة :
* إذا كانت الواقعة ، كما هي ثابتة بالحكم المطعون فيه ، تتوافر فيها جميع العناصر القانونية لجريمة الفعل الفاضح المنصوص عليها في المادة 278 من قانون العقوبات ، و كانت العقوبة التي قضي بها علي المتهم تدخل في نطاق العقوبة الواردة في هذه المادة ، فإن مصلحته من الطعن علي الحكم الصادر عليه بإدانته في جريمة هتك عرض المجني عليها بالقوة بمقولة إنه لم يبين عنصر القوة بياناً كافياً تكون منتفية .
( نقض 17 مايو سنة 1948 طعن رقم 427 سنة 18 قضائية )
* متي كان الحكم قد دان الطاعن بجريمتي هتك العرض بالقوة والنصب و أوقع عليه عقوبة الجريمة الأولي بإعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره بصدد إنتفاء جريمة النصب .
( نقض 4 يناير سنة 1971 طعن رقم 1697 سنة 40 قضائية )
* متي كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إعتبر الجرائم المسندة إلي الطاعن جريمة واحدة و عاقبـه بالعقوبة المقررة لأشدها . فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جرائم هتك العرض . والشروع والوقاع الإحتجاز بغير حق ما دامت المحكمة قد أدانته بجريمة الخطف بالإكراه و أوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .
( نقض 15 مايو سنة 1980 طعن رقم 197 سنة 50 قضائية )
* لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إعتبر الجرائم المسندة إلي الطاعنين جريمة واحدة و عاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة لهم فيما يثيرونه بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة قد دانتهم بجريمة الخطف بالتحيل و الإكراه و أوقعت عليهم عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .
( نقض 29 مايو سنة 1986 طعن رقم 384 سنة 56 قضائية )
* من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد إنتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الاجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه علي نحو ما سلف بيانه - تفيد أن ما وقع من الطاعن من شروع في قتل المجني عليه كان قد وقع في اليوم التالي لإرتكابة جريمة هتك عرضة بالقوة وفي مكان آخر غير الذي ارتكب فيه الجريمة الأخيرة مما لا يوفر وحدة النشاط الاجرامي بين الجريمتين اللتين دين بهما ولا يحق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع علي الطاعن عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
( نقض 18 فبراير سنة 1992 طعن رقم 17201 سنة 60 قضائية )
* لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أعتبر الجرائم المسندة إلي الطاعن وأخر جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد - وهي جريمة الخطف بالتحايل- فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات.
( نقض 17 يناير سنة 1993 طعن رقم 7344 سنة 61 قضائية )
* لما كان البين أن الحكم المطروح بعد أن دلل علي توافر جناية هتك العرض في حق المحكوم عليه عرض لظرف الإقتران وإستظهر توافر - من إستقلال جناية هتك العرض عن جناية القتل وتميزها عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما - بما يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات.
( نقض 17 يناير سنة 1994 طعن رقم 14725 سنة 62 قضائية )
* لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة الي الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها فإنه لا مصلحة لهم فيما يثيرونه بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة قد دانتهم بجريمة الخطف بالتحيل والاكراه وأوقعت عليهم عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد.
( نقض 19 أبريل سنة 1994 طعن رقم 5249 سنة 62 قضائية )
نص جريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد:
تنص المادة 269 عقوبات على أن " كل من هتك عرض صبى أو صبيه لم يبلغ سن كل منهما ثمانى عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالحبس وإذا كان سنه لم يبلغ سبع سنين كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم فى الفقـرة الثانيـة من المـادة 267 تكون العقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة " .
ومفاد هذا النص أن جريمة هتك العرض بدون قوة أو تهديد لها صورتان : الأولى : صورة بسيطة. الثانية : صورة مشددة .
هتك العرض بغير قوة أو تهديد فى صورته
يفترض المشرع فى هذه الجريمة أن المجنى عليه لا يتمتع بالخبرة الكافية التى تمكنه من مقاومة اغراء الغواية الجنسية ، ولذلك فإن رضاه يكون مشوبا بالبطلان وذلك لعدم تمام نضوجه الذهنى. ولذلك فإن سن المجنى عليه يعتبر ركنا فى هذه الجريمة ، بالاضافة الى الركنين المادى والمعنوى،
وعلى ذلك فإننا سوف نعالج هذا الموضوع من خلال مطلبين ، نخصص الأول لأركان الجريمة ، والثانى للعقوبة المقررة.
(أولاً) الركن المادى لجريمـة هتك العرض بغير قوة أو تهديد :
يقوم الركن المادى فى هذه الجريمة على فعل يستطيل الى جسم المجنى عليه ، ويخل على نحو جسيم بحيائه العرضى(1). ولما كان المشرع قد اشترط فى جريمة الإغتصاب المؤثمة بالمادة 267عقوبات أن تكون مواقعة الأنثى بغير رضاها ، ونظرا لأن فعل الوقاع فى هذه الحالة يعد هتكا للعرض فى أبلغ درجاته ، لذا فإن اتيان الأنثى التى لم تبلغ الثامنة عشرة من سنها بالرضا وأن لم يعتبر اغتصابا ، ألا أنه يعتبر هتكا لعرضها دون قوة أو تهديد وفقا للمادة 269 عقوبات .
بيد أنه يلاحظ أن هذه الجريمة لا تقوم إلا إذا كانت الصلة الجنسية غير مشروعة ، ولذلك فإذا تم اتصال بين زوج وزوجته دون سن الثامنة عشرة فإن الجريمة لا تقوم ، لأن الأفعال قد وقعت فى إطار علاقة شرعية ، وذلك بشرط أن يكون الزواج صحيحا . ويستوى بعد ذلك أن يكون المجنى عليه قد أحاط بطبيعة الأفعال التى وقعت عليه من عدمه - فقد يكون لصغر السن تأثير فى عدم المام المجنى عليه بطبيعة الأفعال الجنسية التى تقع عليه(2).
ــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر .
Chaveau (Adolphe) & Helie (Faustin) : Theorie de code Penal . Paris , 6e ed , Revu Par Villey et Mesnarc . 1888 - 1908 , T.4 , No.1537.
(2) أنظر .
Garcon (Emile) : Op . Cit., Art 331 a 333 , No. 59.
(ثانيا) سن المجنى عليه :
لا تكتمل أركان هذه الجريمة ألا إذا كان المجنى عليه لم يبلغ من عمره الثامنة عشرة ، ولا يعتبر ظرف السن فى هذه الجريمة بمثابة ظرف مشدد ، ولكن ركن أساسى فى الجريمة لا تقوم ألا به.
والعبرة فى السن فى جريمة هتك العرض هى بالسن الحقيقية للمجنى عليه
ولو كانت مخالفة لما قدره الجانى أو قدره غيره من رجال الفن اعتمادا على مظهر المجنى عليه وحاله نمو جسمه أو على أى سبب آخر (3).
وإذا دفع المتهم بأنه يجهل السن الحقيقية للمجنى عليه ، نظرا لما تبين له من أن المجنى عليه تجاوز هذا السن ، فإن دفعه لا يقبل (4).
وفى ذلك قالت محكمة النقض ذلك لأن من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة فى ذاتها أو التى تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقه الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعلته ، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب عن الجريمة التى تتكون منها ، ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن فى مقدوره بحال أن يقف على الحقيقة (5).
والمعول عليه فى تقدير السن ، وفقا لقضاء محكمة النقض هو السن الحقيقية التى تثبت بشهادة الميلاد أو مستخرج رسمى منها (6)، ولا يجوز للمحكمة أن تلجأ الى أثبات السن عن طريق انتداب طبيب تقدير السن فى حاله وجود شهاده الميلاد ، إذ أن ذلك يعتبر بمثابة إهدار لما هو ثابت بورقة رسمية ، يجب الاعتداد بما جاء بها طالما أنها صحيحة ولا يشوبها عيب (7).
اما إذا لم توجد شهاده ميلاد صحيحة ، أو مستخرج رسمى منها جاز للمحكمة الاستدلال على سن المجنى عليه بأية طريقة من طرق الأثبات ، ويعتبر قاصرا الحكم الذى يدين المتهم دون أن يثبت أن المجنى عليــه دون الثامنة عشرة (.
والتقويم الذى يعتد به فى احتساب سن المجنى عليه هو التقويم الهجرى ، ويرجع ذلك فى رأى محكمة النقض الى أنه هو الذى يتفق مع صالح المتهم أخذا بالقاعدة فى تفسير القانون الجنائى والتى تقضى بأنه إذا جاء النص العقابى ناقصا أو غامضا فينبغى أن يفسر بتوسع لمصلحه المتهم وبتضييق ضد مصلحته ، وأنه لا يجوز أن يؤخذ فى قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحــة المتهم (9).
وقد انقسم الفقه المصرى فى صدد هذا القضاء ، فشايعه فريق منهم ، اعتمادا على ما أوردته محكمة النقض من حجج فى قضائها (10) . بينما رأى فريق آخر من الفقه أن ما نصت عليه المادة 560 من قانون الاجراءات الجنائيه بأن " جميع المواد المبينه فى هذا القانون تحسب بالتقويم الميلادى " يعتبر بمثابة نص كاشف لقاعدة عامة فى المواد الجنائية ، وهو يقيد القضاء فى تفسير النصوص سواء كان فى صالح المتهم أو ضد مصلحته ، وذلك التفسير يدور فى فلك قصد الشارع ، ونحن نتجه صوب هذا الرأى ونرى الاعتداد بالتقويم الميلادى
عند تقرير سن المجنى عليه (11).
ويعتبر دفع المتهم بأن المجنى عليه قد بلغ الثامنة عشرة دفعا جوهريا ، ومن ثم تلتزم المحكمة بتحقيقه والرد عليه (12) ، والفصل فى سن المجنى عليه هو فصل فى مسأله موضوعية متروك تقديرها لمحكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض طالما كان تقديرها سائغا (13).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) أنظر نقض 25 مارس سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 86 ص 154 .
(4) أنظر نقض 11 نوفمبر سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 146 ص 272 .
(5) أنظر نقض 31 مايو سنة 1943 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقم 205 ص 277 .
(6) ولايشترط أن تطلع المحكمة على شهادة الميلاد ، بل يكفى أن تطلع على ورقة رسمية أخرى نقلت بياناتها عن شهادة الميلاد كمستخرج رسمى منها أة أفادة من المدرسة .
أنظر نقض 8 مارس سنة 1970 مجموعة أحكام محكمة النقض س 21 رقم 87 ص 351 .
(7) أنظر نقض 27 مارس سنة 1968 مجموعة أحكام محكمة النقض س 19 رقم 121 ص 608 .
( أنظر نقض 24 يناير سنة 1914 - الشرائع س 1 ص 111 .
(9) أنظر نقض 4 ديسمبر سنة 1967 مجموعة أحكام محكمة النقض س 18 رقم 254 ص 1208 .
(10) أنظر الأستاذ أحمد أمين : المرجع السابق ، ص 454 ؛ الدكتور محمود محمود مصطفى : المرجع السابق ، بند 285 ، ص 322 ؛ الدكتور عبد المهيمن بكر : المرجع السابق ، بند 341 ، ص 703 .
(11) أنظر الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ، بند 767 ، ص 568 ؛ الدكتور أحمد فتحى سرور : المرجع السابق ، بند 436 ، ص 621 ؛ الدكتور أدوارد غالى الذهبى : المرجع السابق ، بند 94 ، ص 164 .
(12) أنظر نقض 24 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام محكمة النقض س 3 رقم 236 ص 636 .
(13) أنظر نقض 11 نوفمبر سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 146 ص 272 .
تأخر النمو العقلى للمجنى عليه :
إذا بلغ المجنى عليه سن الثامنة عشرة ولكن تبين أن قدراته العقلية دون هذا السن ، فهل يعول على سنه الحقيقى أم يجب الاعتداد بسنه العقلى الذى قد يقل كثيرا عن ذلك . ذهبت محكمة النقض الى وجوب الأخذ بالعمر العقلى للمجنى عليه (14)، دون سنه الحقيقى ، وعله ذلك أن إرادة المجنى عليه تكون غير متكاملة ، ومن ثم فإنها تكون غير قادره على الاختيار الصحيح ، ولا يكون له القدرة على استعمال حريته الجنسية (15).
ـــــــــــــــــــ
(14) أنظر نقض 14 أبريل سنة 1964 مجموعة أحكام محكمة النقض س 15 رقم 62 ص 318 .
(15) وكذلك اتجه الفقه الى الأخذ بالعمر العقلى للمجنى عليه . أنظر الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ، بند 768 ، ص 568 ؛ الدكتور أدوارد غالى الذهبى : المرجع السابق ، بند 101 ، ص 171 .
(رابعا) الركن المعنوى :
ان هذه الجريمة من الجرائم العمدية ولذلك فإن ركنها المعنوى يتخذ صورة القصد الجنائى . ويقوم القصد على عنصرى العلم والإرادة. فيجب أن يعلم الجانى بان السلوك المادى الذى قارفه قد أخل بالحياء العرضى للمجنى عليه ، وبأن هذا العمل غير مشروع ، وبأن سن المجنى عليه دون الثامنة عشرة ، فإذا تبين أن الجانى يجهل أن فعله مخل بالحياء العرضى للمجنى عليه ، أو أن فعله مشروع وذلك بأن واقع أنثى يربطه بها عقد زواج باطل أو فاسد ، جاهلاً سبب البطلان أو الفسخ ، فإن قصده الجنائى ينتفى. أما بالنسبة لعلم الجانى بسن المجنى عليه فقد افترضت محكمة النقض علم الجانى بذلك فقررت بأنه لا يقبل من المتهم الدفع بجهله بهذه السن ألا إذا اعتذر عن ذلك بظروف قهرية أو استثنائية ، وتقدير هذه الظروف من شأن محكمة الموضوع ولا دخل لمحكمة النقض فيه مادام مبينا على ما يسوغه من الأدلة وذلك لأن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة فى ذاتها أو التى تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخـلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الكافية الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعلتـه ، فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب عن الجريمـة التى تتكون منها ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن فى مقدوره بحال أن يقف على الحقيقة (16).
ويستوى بعد ذلك الباعث الذى دفع الجانى الى ارتكاب الجريمة ، فسواء كان الفعل راجع الى ارضاء شهوة عارمة ، أو الأنتقام من المجنى عليه أو أسرته ، أو غيره من البواعث فإن محكمة النقض قد استقرت على أن الباعث ليس له أثر فى تكوين القصد الجنائى (17).
ـــــــــــــــــــــــــ
(16) أنظر نقض 11 نوفمبر سنة 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 146 ص 272 ؛ نقض 25 مارس سنة 1940 ج 5 رقم 86 ص 154 ؛ 31 مارس سنة 1943 مجموعة القواعد القانونية ج 6 رقــم 205 ص 277 ؛ 11 أبريل سنة 1971 مجموعـة أحكام محكمة النقض س 22 رقم 86 ص 350 .
(17) أنظر نقض 27 يونية سنة 1961 مجموعة أحكام محكمة النقض س 12 رقم 144 ص 747 ؛ 15 فبراير سنة 1976 س 27 رقم 44 ص 221 .
عقوبة جريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد فى صورتها
عقوبة الجريمة :
رصد المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس بين حديه الأدنى 24 ساعة والأقصى 3 سنوات . ويترك للقاضى سلطه تقدير العقوبة فى كل الحالات دون معقب عليه ، ويسترشد القاضى فى ذلك بأحوال الجانى والمجنى عليه وظروف الجريمة . وعلى ذلك فإن يمكن النزول بالعقوبة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بناء على رغبه المجنى عليه ، أو إذا كانت سنه قد اقترتب من الثامنة عشرة ، أو كان سيء الخلق ، أو إذا تـزوج الجانى من المجنى عليها(18).
اما الأعتبارات التى تؤدى الى الأرتفاع بالعقوبة فمنها أن يكون المجنى
عليه قد أكمل سبع سنوات ولكنه دون الثامنة عشر بكثير ، أو أن تكون المجنى عليها حسنة السمعة ، أو أن تكون قد ارتكبت الفعل تحت تأثير أغراء قوى من المتهم مع وعد منه بالزواج ثم نكث بوعده بعد ارتكاب الفعل . ونظراً لأن هذه الجريمة جنحة فلا عقاب على الشروع فى ارتكابها ، لأن القاعدة العامة أنه لا عقاب على الشروع فى الجنح ألا بنص خاص .
ـــــــــــــــــــــــ
(18) أنظر الدكتور محمود نجيب حسنى : المرجع السابق ، بند 277 ، ص 571 .
هتك العرض بغير قوة أو تهديد فى صورته
الظروف المشددة للجريمة :
تنص المادة 269 عقوبات على أنه " وإذا كان سنه (أى المجنى عليه) لم يبلغ سبع سنين كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 فتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة". ومفاد هذا النص أن لجريمة هتك العرض بغير قوة أو تهديد ظرفان مشددان هما صغر سن المجنى عليه - أو صفة فى الجانى.
(أولاً) صغر سن المجنى عليه :
العبره بسن المجنى عليه وقت ارتكاب الفعل ، وتحتسب السن وفقا التقويم الهجرى حسبما استقر قضاء النقض على ذلك (19) ، ويفترض علم الجانى بهذه السن ، وإذا ادعى جهله بها فلا يقبل منه أى دليل ، وأنما يتعين أن يثبت أن جهله يرجع الى ظروف قهرية أو استثنائية.
ويكاد يجمع الفقه المصرى على أن المشرع لم يكن بحاجه للنص على صورة هتك العرض الذى يقع على مجنى عليه لم يبلغ السابعة من العمر ، فهذه الصورة تدخل فى حكم المادة 268، اذ أن انعدام التمييز يفيد انعدام الرضا . ولذلك فإنه كان أحرى بالمشرع أن يلحق هذه الحالة بجريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد بإعتبارها احدى صورها(20).
ـــــــــــــــــــــــ
(19) أنظر نقض 4 ديسمبر سنة 1967 مجموعة أحكام محكمة النقض س 18 رقم 254 ص 1208 .
(20) أنظر الدكتور محمود محمود مصطفى : المرجع السابق ، بند 268 ، ص 322 ؛ الدكتور عبد المهيمن بكر : المرجع السابق ، بند 334 ، ص 706 ؛ الدكتور أدوارد غالى الذهبى : المرجع السابق ، بند 108 ، ص 175 .
(ثانيا) صفة الجانى :
والمقصود بذلك أن يكون الجانى ممن نصت عليهم المادة 267، وهم أصول
المجنى عليه أو المتولون تربيته أو ملاحظت ه، أو ممن لهم سلطة عليه ، أو الخادم بالأجره عنده ، أو ضد أحد ممن تقدم ذكرهم . وقد سبق لنا بيان ذلك تفصيلا فى جريمة الإغتصاب.
وإذا توافر أحد الظرفين صغر السن أو صفة الجانى تشدد العقوبة لتصبح الأشغال الشاقة المؤقتة بين حديها الأدنى وهو ثلاث سنوات والأقصى وهو خمس عشرة سنة ، كما أن اجتماع الظرفين المشددين معا لا يؤدى الى مزيد من تشديد العقوبة .
ولذلك وفى ظل النصوص القائمة حاليا فإنه من الأفضل تقديم المتهم بهتك عرض دون قوة أو تهديد إذا كان المجنى عليه دون الســابعة من عمره بالمادة 268 /2 عقوبات التى ترفع العقوبة الى الأشغال الشاقة المؤبدة ، وذلك حتى لا يقدم بالمادة 269 عقوبات التى تقصر العقوبة على الأشغال المؤقتة .
ونرى تعديل التشريع بحيث تخرج صورة جريمة هتك العرض بدون قوة أو تهديد التى تقع على صبى لم يبلغ السابعة من عمره من المادة 269 واخضاعها لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 268 عقوبات .
تطبيقات من احكام النقض على عقوبة الجرائم المرتبطة :
* إذا كانت الواقعة ، كما هي ثابتة بالحكم المطعون فيه ، تتوافر فيها جميع العناصر القانونية لجريمة الفعل الفاضح المنصوص عليها في المادة 278 من قانون العقوبات ، و كانت العقوبة التي قضي بها علي المتهم تدخل في نطاق العقوبة الواردة في هذه المادة ، فإن مصلحته من الطعن علي الحكم الصادر عليه بإدانته في جريمة هتك عرض المجني عليها بالقوة بمقولة إنه لم يبين عنصر القوة بياناً كافياً تكون منتفية .
( نقض 17 مايو سنة 1948 طعن رقم 427 سنة 18 قضائية )
* متي كان الحكم قد دان الطاعن بجريمتي هتك العرض بالقوة والنصب و أوقع عليه عقوبة الجريمة الأولي بإعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره بصدد إنتفاء جريمة النصب .
( نقض 4 يناير سنة 1971 طعن رقم 1697 سنة 40 قضائية )
* متي كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إعتبر الجرائم المسندة إلي الطاعن جريمة واحدة و عاقبـه بالعقوبة المقررة لأشدها . فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جرائم هتك العرض . والشروع والوقاع الإحتجاز بغير حق ما دامت المحكمة قد أدانته بجريمة الخطف بالإكراه و أوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .
( نقض 15 مايو سنة 1980 طعن رقم 197 سنة 50 قضائية )
* لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إعتبر الجرائم المسندة إلي الطاعنين جريمة واحدة و عاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة لهم فيما يثيرونه بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة قد دانتهم بجريمة الخطف بالتحيل و الإكراه و أوقعت عليهم عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .
( نقض 29 مايو سنة 1986 طعن رقم 384 سنة 56 قضائية )
* من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد إنتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الاجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه علي نحو ما سلف بيانه - تفيد أن ما وقع من الطاعن من شروع في قتل المجني عليه كان قد وقع في اليوم التالي لإرتكابة جريمة هتك عرضة بالقوة وفي مكان آخر غير الذي ارتكب فيه الجريمة الأخيرة مما لا يوفر وحدة النشاط الاجرامي بين الجريمتين اللتين دين بهما ولا يحق به الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينهما فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع علي الطاعن عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
( نقض 18 فبراير سنة 1992 طعن رقم 17201 سنة 60 قضائية )
* لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أعتبر الجرائم المسندة إلي الطاعن وأخر جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد - وهي جريمة الخطف بالتحايل- فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات.
( نقض 17 يناير سنة 1993 طعن رقم 7344 سنة 61 قضائية )
* لما كان البين أن الحكم المطروح بعد أن دلل علي توافر جناية هتك العرض في حق المحكوم عليه عرض لظرف الإقتران وإستظهر توافر - من إستقلال جناية هتك العرض عن جناية القتل وتميزها عنها مع قيام المصاحبة الزمنية بينهما - بما يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات.
( نقض 17 يناير سنة 1994 طعن رقم 14725 سنة 62 قضائية )
* لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة الي الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها فإنه لا مصلحة لهم فيما يثيرونه بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة قد دانتهم بجريمة الخطف بالتحيل والاكراه وأوقعت عليهم عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد.
( نقض 19 أبريل سنة 1994 طعن رقم 5249 سنة 62 قضائية )