جرائم استعمال المحال للفجور
 
تعتبر محال الفجور أو الدعارة أقدم صور استغلال البغاء التي عاقبت عليها القوانين ، ولم يزل النص علي تحريمه يشغل المكان الأول بين النصوص القانونية التي تعاقب علي أفعال القوادة.
ولا تخرج المحال التي تستعمل للبغاء عن أن تكون من المحال الخاصة التي أعدها أصحابها للبغاء وهي ما تسمي " بيوت البغاء " ، أو أن تكون من المحال الخاصة التي يؤجرها أصحابها أو يقدمونها للغير بأية طريقة كانت ليستعملها هذا الغير للبغاء. وعلي ذلك فإننا سوف نتناول هذا الموضوع علي النحو التالي : 
المبحث الأول : فتح أو إدارة محل للفجور أو الدعارة أو المعاونة علي ذلك (مادة 8 من قانون مكافحة الدعارة). 
المبحث الثاني :  تأجير أو تقديم محل للفجور أو الدعارة (مادة 9 فقرة أولي من قانون مكافحة الدعارة). 
المبحث الثالث : تسهيل الفجور أو الدعارة في الأماكن المفروشة والمحال المفتوحة للجمهور (مادة 9 فقرة ب من قانون مكافحة الدعارة). 
المبحث الرابع : استخدام الذين يمارسون الفجور أو الدعارة في المحال العمومية أو الملاهي العمومية أو المحال الأخري المفتوحة للجمهور (مادة 11 من قانون مكافحة الدعارة). 
المبحث الخامس : الإشتغال أو الإقامة عادة في محل للفجور أو الدعارة مع العلم بذلك (مادة 13 من قانون مكافحة الدعارة) . 
 
 
المبحث الأول
فتح أو إدارة محل للفجور أو الدعارة أو المعاونة علي ذلك
 
   نص قانوني :
تنص المادة الثامنة من قانون مكافحة الدعارة علي أن " كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأية طريقة كانت في إدارته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد علي ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد علي ثلاثمائة جنيه في الإقليم المصري ولا تقل عن ألف ليرة في الإقليم السوري ، ويحكم بإغلاق المحل ومصادرة الامتعة والأثاث الموجود به. وإذا كان مرتكب الجريمة من أصول من يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته أو ممن لهم سلطة عليه تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد علي أربع سنوات بخلاف الغرامة المقررة " .
 
تمهيد وتقسيم : 
تقوم هذه الجريمة علي أركان ثلاثة  الأول : الركن المفترض ، وهو محل الفجور أو الدعارة ، والثاني : الركن المادي ، والثالث : الركن المعنوي.
وسوف نتناول هذا الموضوع علي النحو التالي : 
المطلب الأول : الركن المفترض (محل الفجور أو الدعارة). 
المطلب الثاني : الركن المادي. 
المطلب الثالث : الركن المعنوي. 
المطلب الرابع : عقوبة الجريمة . 
المطلب الأول
 الركن المفترض (محل الفجور
 
تعريف محل الفجور أو الدعارة : 
تنص المادة العاشرة من قانون مكافحة الدعارة علي أن " يعتبر محلاً للدعارة أو الفجور في حكم المادتين 8 ، 9 كل مكان يستعمل عادة لممارسة دعارة الغير أو فجوره ولو كان من يمارس فيه الدعارة أو الفجور شخصاً واحداً ".  ويبين من هذا التعريف أن عناصر محل الفجور أو الدعارة هي : 
أولاً  : ماهية محل الفجور أو الدعارة. 
ثانياً : ارتكاب الفجور أو الدعارة في المحل. 
ثالثاً :  فتح المحل لإدارته لدعارة الغير أو فجوره .
رابعاً : فتح المحل للفجور أو الدعارة عادة. 
وسوف نتناول فيما يلي كل عنصر من هذه العناصر بالشرح والتحليل .
(أولاً) ماهية محل الفجور أو الدعارة : 
وصف المشرع محل الفجور أو الدعارة بأنه " كل مكان " ، وبذلك يبين أن المشرع لم يشترط توافر شروط معينة في المكان الذي يفتح أو يدار للفجور أو الدعارة. 
وتأسيساً علي ذلك فإنــه يصلح أن يكون مكانـاً للفجور أو الدعارة ما يأتي :
أ - المساكن المعدة لإرتكاب الفجور والدعارة والمخصصة لذلك ، والمؤثثة بشكل يؤدي الي تحقيق هذا الغرض " كبيوت الدعارة "، والتي تجهز بتجهيزات خاصة لمراقبة المترددين عليها وتسهيل ارتيادهم لها. 
ب - الأماكن التي يمكن فيها ارتكاب أفعال الفجور أو الدعارة كحجرة حارس المنزل أو كشك بالطريق العام أو بأرض فضاء يديره صاحبه للفجور أو الدعارة ، أو باخرة نهرية أو حانوت ، أو خيمة ، أو بناء لم يتم استكمال تشطيبه ، أو ملهي متنقل ، أو أي مكان آخر محاط بسياج ولو كان غير مسقوف ، وفي جميع الحالات فإن أي مكان يصلح لممارسة الفجور أو الدعارة حتي لو كان لشخص واحد فقط فإنه يصلح لإعتباره محلاً للفجور أو الدعارة. 
 
(ثانياً) إرتكاب الفجور أو الدعارة في المحل : 
اشترط الشارع أن يكون فتح المحل أو إدارته بغرض ممارسة الفجور أو
الدعارة ، وبذلك فإن ممارسة أفعال الفسق لا تكفي لتوافر هذا الشرط (1).  وتأسيساً علي ذلك فإذا كان الغرض من فتح المحل أو إدارته تهيئة مكان للقاءات العاشقين ، حتي تتم خلسة بعيداً عن الأنظار ، فإن ما يرتكب من أفعال لا يعتبر في عداد الفجور أو الدعارة. بيد أنه لا يشترط لقيام فعل ممارسة الفجور أو الدعارة في المحل أن يضبط من كانوا بداخل المحل حال ممارسة الفحشاء فعلاً ، فيكفي أن يكون الرجال أو النساء الذين ضبطوا في حالة تبذل دالة علي تهيئهم لغرض الدعارة (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) قالت محكمـة النقض وهي بصدد تطبيق المادة 270 عقوبات ملغاة ، والتي كانت تعاقب علي كل من تعرض لإفساد أخلاق الشبان عادة بتحريضهم علي الفسق والفجور .... الخ " أن كلمة الفجور أو الفسق الواردة بالمادة ليست قاصرة علي اللذة الجنسية ، بل تشمل أيضاً إفساد الأخلاق بأية طريقة كانت كإرسال والد ابنته للرقص فى محلات الملاهي أو لمجالسة الرجال والتحدث إليهم فى محل للدعارة أو غير ذلك من طرق إفساد الأخلاق ، وليس من الضروري ارتكاب الفحشاء فعلاً .     
 أنظر نقض 23 ديسمبر سنة 1940 مجموعـة القواعــد القانونيــة جـ 5 رقم 174 ص 324 .
(2) أنظر نقض 10 مايو سنة 1954 مجموعـــة أحكـــام محكمــة النقض س 5 رقم 202 ص 595 .
 
 (ثالثاً) فتح المحل أو إدارته لدعارة الغير أو فجوره : 
لا تتكامل عناصر هذه الجريمة إلا إذا كان المحل أو إدارته لدعارة الغير أو فجوره وليس لدعارة أو فجور من قام بفتح المحل أو إدارته ، ولذلك فإذا مارست أنثي الدعارة في مسكنها واستقبلت فيه عملائها دون غيرها فإن نص المادة العاشرة لا ينطبق ، ويكون النص الواجب التطبيق هو الفقرة (ج) من المادة 9 من القانون التي تعاقب كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة. 
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه إذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن الطاعنة ضبطت في منزلها ترتكب الفحشاء مع شخص أجنبي عنها ، وأنه لم يضبط بالمنزل إمرأة أخري سواها ، وكانت المحكمة لم تقم دليلاً آخر علي أنها أدارت منزلها لممارسة الغير للدعارة فيه ، فإن جريمة إدارة منزل للدعارة لا تكون متوافرة الأركان(3). 
والمقصود بالغير في حكم المادة العاشرة من القانون كل شخص آخر غير صاحب المحل أو مديره أو المسئول عنه ، ومن ثم فإن فروع الجاني يعتبرون من الغير بالنسبة له ، كما أن الزوجة تعتبر من الغير بالنسبة له(4) ، بل أن علاقة القرابة قد تكون ظرفاً مشدداً للعقاب. 
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه إذا كانت الفتاة التي تمارس البغاء في البيت هي ابنة صاحبة البيت فإن ذلك لا يمنع من توافر أركان جريمة فتح البيت للبغاء بمقولة أن الفتاة لا تعتبر من الغير بالمعني المقصود في القانون ، إذ أن الغير يجوز أن يكون من فروع من يتولي إدارة المحل للبغاء ، بدليل ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 8 من عقاب مدير محل البغاء إذا كان من أصول من يمارس البغاء أو من المتولين تربيته أو ملاحظته ، أو ممن لهم سلطة عليه ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(3) أنظر نقض 27 يناير سنة 1953 مجموعـة أحكـام محكمـة النقض س 4 رقم 168 ص 439 .
(4) أنظر نقض 26 ديسمبر سنة 1960 مجموعـة أحكام محكمة النقض س 11 رقم 186 ص 954 .
(5) أنظر نقض 16 مايو سنة 1955 مجموعـة أحكـام محكمة النقض س 6 رقم 296 ص 991 .
 
 
 (رابعاً) فتح المحل للفجور أو الدعارة عادة :
اشترط المشرع أن يقع محل فتح أو إدارة محل الفجور أو الدعارة علي سبيل الاعتياد(6).  وترجع علة اشتراط توافر ركن الاعتياد في هذه الجريمة الي رغبة المشرع في تهيئة الفرصة للجاني للتوبة عند مقارفة الفعل لأول مرة وعدم الإنزلاق الي هذا الفعل مرة أخري. ويلاحظ أن المشرع لم يضع معياراً للإستهداء به في تحديد ركن الاعتياد ، كما لم تفعل محكمة النقض ذلك(7) ، وتأسيساً علي ذلك فإنه يترك لقاضي الموضوع تحديد ركن الاعتياد من خلال ظروف كل واقعة.
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر هذا الركن بما استخلصه من شهادة الشاهد من سبق تردده علي مسكن الطاعن لإرتكاب الفحشاء ، وكان تقديره في ذلك سليماً ، فلا تثريب علي المحكمة إن هي عولت في إثبات هذا الركن علي شهادة هذا الشاهد التي اطمأنت اليها طالما أن القانون لا يستلزم لثبوت طريقة معينة من طرق الإثبات ، ومن ثم فإن النعي علي الحكم المطعون فيه لعدم استظهار ركن الاعتياد يكون في غير محله(Cool
كما قضي بأنه متي كان الحكم قد أثبت بأدلة سائغة أن المتهمة تدير منزلها للدعارة كما أورد مضمون ما جاء بمحضر التفتيش من أن نسوة عديدات ورجالاً قد ضبطوا بالمنزل واعترف النسوة بأنهن يمارسن الدعارة في المنزل كما أقر الرجال بأنهم يترددون عليه في أوقات متباينة لإرتكاب الفحشاء نظير أجر تستوفيه منهم المتهمة ، فإن ما أثبته الحكم تتوافر به في حق المتهمة عناصر جريمة الاعتياد علي إدارة منزلها للدعارة (9). 
ولكن إذا كان من المقرر أن تحقق ثبوت الإعتياد علي الدعارة هو من الأمور التي تخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، بيد أنه يشترط أن يكون تقديرها في ذلك سائغاً. وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأن تكرار الفعل ممن تأتي الدعارة في مسرح واحد للإثم لا يكفي لتكوين العادة ولو ضم المجلس أكثر من رجل ، ذلك أن الاعتياد إنما يتميز بتكرار المناسبة أو الظرف ، ولما كان الحكم بما أورده لا يكفي لإثبات توافر ركن الاعتياد الذي لا تقوم الجرائم المتقدم بيانها عند تخلفه فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة للطاعنة(10).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) وقد كانت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 68 لسنة 1951 الملغي تشترط توافر هذا الركن أيضاً لقيام الجريمة ، إذ كانت تنص علي أنه " يعتبر محلاً للدعارة أو الفجور كل مكان يستعمل عادة لممارسة دعارة الغير أو فجوره ولو كان من يمارس فيه الدعارة أو الفجور شخصاً واحداً " .
(7) أنظر الأستاذ السيد حسن البغال : المرجع السابق ، بند 461 ص 268 .
(Cool  أنظر نقض 11 يناير سنة 1965 مجموعـة أحكـام محكمة النقض س 16 رقم 12 ص 50 .
(9)  أنظر نقض 3 أبريل سنة 1956 مجموعـة أحكام محكمـة النقض س 7 رقم 143 ص 489 .
(10) أنظر نقض 22 نوفمبر سنة 1984 مجموعة أحكام محكمة النقض س 35 رقم 182 ص 807 .
المطلب الثانى
 
    عناصر الركن المادي:
يتكون الركن المادي فى هذه الجريمة من عناصر ثلاثة :
الأول : فعل فتح أو إدارة المحل. 
الثاني : المعاونة في إدارة المحل. 
الثالث : أن يكون فتح أو إدارة المحل لعموم الناس.  وسوف نتناول فيما يلي هذه الموضوعات بالشرح والتحليل .
 
 (أولاً) فتح أو إدارة المحل :
ويقصد به اعداد وتهيئة المحل لإستخدامه في أغراض الفجور أو الدعارة وتنظيم العمل فيه أي استخدامه فعلاً في الغرض المفتوح من أجله(11). 
والمقصود بالإعداد هو تجهيز المحل بالأدوات والإمكانيات التي تكفل ممارسة الفجور أو الدعارة ، ويختلف ذلك بإختلاف مستوي المحل ومستوي المترددين عليه ، فقد يكفي وضع بعض سواتر لحجب أنظار المترددين عن بعضهم في بعض المحال ، بينما يتم تجهيز البعض الآخر بالأسرة والغرف المؤثثة تأثيثاً فاخراً ، بل قد يكون المحل مجهزاً بأدوات للمراقبة (كالعيون السحرية) أو ما شابه ذلك من التجهيزات التي تكفل راحة المترددين ومراقبة سلطات الأمن المختصة. 
ويلاحظ أن من يقوم بفتح المحل قد يكون متخفياً ولا تعرف شخصيته علي وجه التحديد ، ويترك لغيره مهمة تشغيل وإدارة المحل حتي إذا ضبط المحل استطاع من فتحه الهرب والفرار من أيدي سلطات الضبط.
أما الإدارة فيقصد بها كل عمل إيجابي يكون من شأنه تشغيل المحل وتسيير حركته (12) ، ويستوي أن يكون بأجر أم بغير أجر (13) ، ولا يشترط أن يكون المدير منقطعاً لهذا العمل وحده فيكفي أن تتم إدارة المحل بإشرافه ولو كان بعيداً عنه ولا يتردد عليه مطلقـاً. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(11) أنظر الدكتور محمد نيازي حتاته : المرجع السابق ، بند 293 ص 546 .
(12) أنظر الدكتور ادوار غالي الدهبي : المرجع السابق ، بند 186 ص 277 .
(13) وتختلف إدارة المحل للبغاء عن مجرد السماح بالبغاء فى البيت ، إذ تقتضي الإدارة عملاً إيجابياً لا يحققه مجرد التسامح أو التغاضي .      
 أنظر الدكتور محمد نيازي حتاتة : المرجع السابق ، بند 293 ص 547 .
 
(ثانياً) المعاونة في إدارة المحل : 
يقصد بالمعاونة في إدارة المحل الرشتراك الفعلي في تهيئة المحل المعد للدعارة بقصد استغلاله (14) ، ويعتبر المستخدمون وأقارب صاحب المحل الذين
يساعدون أو ينوبون عنه من المعاونين في إدارة المحل ، حتي لو كان عملهم لبعض الوقت فقط ، أو كان عملهم بالإضافة الي أعمالهم الأصلية التي يؤدونها ، ويشترط في كل الحالات أن يكون عمل المعاون منصرفاً الي الرقابة علي المحل وممارسة قسط من السيطرة عليه (15).
أما بالنسبة للقوادين الذين يجلبون العملاء لمحل البغاء فإن الرأي الراجح أنهم من المعاونين علي فتح وإدارة محل البغاء ، وذلك لأنهم يزودونه بالعناصر التي لا يمكن اعتبار المحل مفتوحاً بغيرها ، ولا يقدح في ذلك أنهم لا يباشرون قسطاً كافياً من الإدارة الفعلية للمحل من حيث الرقابة أو تنظيم العمل فيه ، وهي العناصر اللازمة لإعتبار الشخص معاوناً في إدارة المحل ، ويرجع ذلك الي توسع المشرع في تعريف المعاونة التي وصفتها عبارة القانون بأنها " بأية طريقة كانت " ، ولو كان المشرع يقصد غير ذلك لإستغني عن هذا النص وترك تجريم المعاونة في إدارة محل البغاء للقواعد العامة للإشتراك في الجرائم (16).
وقد استقر قضاء النقض علي عدم مسئولية مرتكب البغاء عن إدارة المحل تأسيساً علي أن مجرد ارتكاب الفحشاء لا يجعله قد عاون في إدارته (17). 
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه إذا تبين من التحقيقات أن امرأتين تصيدتا الرجال من الطريق لإرتكاب الفحشاء في بيت معروف لهما من قبل بأنه يدار للدعارة نظير أجر تقتسمانه مع صاحب المنزل فإن ذلك لا يجعلهما قد عاونتا صاحب البيت في إدارته للدعارة بجلب الاشخاص الذين يرغبون ارتكاب الفحشاء ، وذلك لأن المساهمة والمعاونة المقصودة في القانون تقتضي الإشتراك في تهيئة وإعداد المحـل ذاته للغرض الذي خصص له أو تنظيم العمــل فيه أو نحـو ذلك (18). 
ولا يجوز مساءلة العملاء الذين يرتادون محل الفجور أو الدعارة لمباشرة أعمال الفحش فيه عن جريمة المعاونة علي فتح أو ردارة المحل. وعلي ذلك فالرجل الذي يدخل بيت البغاء لممارسة الفاحشة فيه لا يعتبر أنه عاون أو ساهم في إدارته. كما لا يجوز معاقبة مرتكبي البغاء إلا إذا ثبت اعتيادهم علي ممارسة البغاء ، فإن تخلف هذا الشرط امتنع مساءلتهم وزصبحوا كعملاء هذه المحال .
ولكن يمكن استنتاج هذا الشرط من طبيعة محل الفجور أو الدعارة وكونه مشروعاً يقصد من إدارته تمكين الناس بغير تمييز من مباشرة الفحشاء فيه ، ولا يفهم من ذلك أنه يباح دخول هذا المكان لكل الناس بدون تمييز ، فيجوز أن يضع صاحب المحل بعض القيود أو الشروط التي تتعلق بالمترددين عليه ، سواء من حيث المستوي المادي أو الاجتماعي ، أو كيفية استخدام هذا المحل بأن يكون المترددين من الموثوق فيهم. 
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه لا يقدح في اعتبار المنزل الذي أجري تفتيشه محلاً للدعارة أنه مسكن خاص للزوجية ، مادام أن الحكم المطعون فيه قد انتهي الي أن المتهمة أعدت هذا المسكن في الوقت ذاته لإستقبال نساء ورجال لإرتكاب الفحشاء فيه (19).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(14) أنظر نقض 6 يناير سنة 1964 مجموعة أحكام محكمة النقض س 15 رقم 2 ص 10 .
(15) أنظر الدكتور ادوار غالي الدهبي : المرجع السابق ، بند 186 ص 278 .
(16) أنظر الدكتور محمد نيازي حتاته : المرجع السابق ، بند 298 ص 553 .
(17) وكان القضاء قد اتجه قبل صدور القانون رفم 68 لسنة 1951 الي مسائلة مرتكبي البغاء فى محل البغاء عن تهمة المعاونة في إدارة محل البغاء تأسيساً علي أن عملهم متمم لفتحه وإدارته فلا يتصور وجود محل البغاء دون وجود المرأة التي تحترف أعمال الدعارة في هذا المكان ، وقد تم العدول عن هذا الرأي بعد صدور القانون رقم 68 لسنة 1951 الذي أوضحت الأعمال التحضيرية له أن المشرع قد استبعد اشتراك مرتكبي البغاء في محل البغاء مكتفياً في شأنهم بالعقوية المنصوص عليها لممارسة البغاء عادة .     
 أنظر الدكتور محمد نيازي حتاتة : المرجع السابق ، بند 298 ص 554 .
(18) أنظر نقض 13 مارس سنة 1952 مجموعـة أحـكام محكمة النقض س 3 رقم 220 ص 594 .
(19) أنظر نقض 8 مايو سنة 1961 مجموعـة أحكـام محكمـة النقض س 12 رقم 102 ص 546 .
 
المطلب الثالث
 
عناصر الركن المعنوى :
إن هذه الجريمة عمدية ، يقوم القصد الجنائي فيها علي عنصري العلم والإرادة. فيجب أن تتجه إرادة الجاني الي ارتكاب السلوك المادي المؤثم وذلك إما بفتح المحل لأعمال الفجور أو الدعارة أو إدارة المحل أو المعاونة علي ذلك بأية طريقة من طرق المعاونة.
ولا عبرة بما إذا كان الجاني يقصد من فتح المحل أو إدارته الحصول علي كسب أو أجر ، وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأن القانون لا يستوجب تقاضي أجر لتجريم فعل إدارة منزل للدعارة ، ومن ثم فلا جناح علي المحكمة إن لم تتحدث استقلالاً عن الأجر أو المقابل وهو لا يعد ركناً من أركان الجريمة المستوجبة للعقوبة (20).
ولا تقوم جريمة فتح أو إدارة محل للفجور أو الدعارة إذا اتجهت نية الجاني الي ممارسة الفجور أو الدعارة بنفسه فيه ، أو إذا اتجهت نيته لأن يستقبل فيه مرتكبي الفجور أو الدعارة بنفسه بقصد تقديمهم الي عملائهم الذين يمارسون الفحشاء في أماكن اخري يتخذونها لهذا الغرض .
ـــــــــــــــــــــــــــ
(20) أنظر حكم النقض السالف بيانه .
 
المطلب الرابع عقوبة الجريمة
 
 (أولاً) عقوبة الجريمة في صورتها البسيطة :
رصد المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس الذي لا يقـل عن سنة ولا يزيد علي ثلاث سنوات ، والغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد علي ثلاثمائة جنيه. ويستتبع الحكم بالإدانة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطـة مدة مساوية لمدة العقوبة وذلك دون الإخلال بالأحكام الخاصة بالمتشردين.
كما أوجب المشرع في المادة الثامنة أن يحكم بإغلاق المحل ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود به (21) ، ولكن يراعي حقوق الغير حسن النية إعمالاً للمادة 30 / 1 من قانون العقوبات ويجوز للنيابة العامة بمجرد ضبط الواقعة في الأحوال المنصوص عليها في المواد 8 ، 9 ، 11 أن تصدر أمراً بإغلاق المحل أو المنزل المدار للدعارة أو الفجور.
وتعتبر الأمتعة والأثـاث المضبوط في المحال المنصوص عليها في المواد 8 ، 9 ، 11 في حكم الأشياء المحجوز عليها إدارياً بمجرد ضبطها حتي يفصل في الدعوي نهائياً وتسلم بعد جردها وإثباتها في محضر الي حارس يكلف بالحراسة بغير أجر من الأشخاص الآتي ذكرهم : من فتح المحل أو أداره أو عاون في إدارته أو مالكه أو مؤجره أو أحد المقيمين أو المشتغلين فيه ولا يعتد برفضه اياها ، فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء توكل حراسة مؤقتة بأجر الي من تري الشرطة أنه أهل لذلك الي حين حضور أحدهم وتسليمها اليه. 
ويكلف الحارس علي المضبوطات بحراسة الأختام الموضوعة علي المحل المغلق فإن لم توجد مضبوطات كلف بالحراسة علي الأختام أحد المذكورين بالفقرة السابقة وبالطريقة ذاتها ، وفي جميع الأحوال السابقة تفصل المحكمة في الدعوي العمومية علي وجه الاستعجال في مدة لا تجاوز ثلاثة أسابيع ويترتب علي صدور الحكم فيها بالبراءة سقوط أمر الإغلاق. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(21) ولا يجوز تحديد مدة معينة لعقوبة الغلق ، وقد قضي تطبيقاً لذلك بأنه لما كان الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده بإدارة محل للدعارة قد وقت عقوبة الغلق لمدة ثلاثة أشهر فى حين أن القانون أطلقها من التوقيت ، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه وتصحيحه .      
     أنظر نقض 4 نوفمبر سنة 1968 مجموعة أحكام محكمة النقض س 19 رقم 184 ، ص 925 .
 
 (ثانياً) عقوبة الجريمة في صورتها المشددة :
رصد المشرع لهذه الجريمة في صورتها المشددة عقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين ولا تزيد علي أربع سنوات بخلاف الغرامة المقررة إذا كان مرتكب الجريمة من أصول من يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته أو ممن لهم سلطة عليه ، ولا يخل هذا التشديد بالعقوبات التكميلية والتبعية الأخري مثل مراقبة الشرطة أو الغلق أو مصادرة الأمتعة والأثاث الموجود بالمحل.