حجية المحررات فى الإثبات :
من المحررات ماقد يكون منطويا علي جسم الجريمة ، كالأوراق التي تحمل تهديداً أو تتضمن القذف أو السب أو البلاغ الكاذب ، أو تلك التي تكون محلاً للتزوير ، ومنها ما قد يكون مجرد دليل علي وقوع الجريمة ونسبتها الي المتهم ، كخطاب يتضمن اعترافاً من المتهم ، أو إقرار كتابي من شاهد علي الواقعة .
وتعد المحاضر أهم أنواع المحررات في الدعوي الجنائية ، ويراد بها " المحررات التي يحررها الموظفون المختصون وفق الشروط والأشكال التي حددها القانون لإثبات ارتكاب الجرائم أو الإجراءات التي اتخذت في شأنها ".
ويمكن تقسيم المحـــاضر من حيث قوتها فى الإثبات الي أنواع ثلاثة :
 
 
القسم الأول - محاضر لاحجية لها :
وتتضمن محاضر جمع الإستدلالات والتحقيق الإبتدائي ، وهذه المحاضر ليست لها حجية خاصة في الإثبات–  برغم أنها أوراق رسمية - وذلك تطبيقاً لمبدأ " الإقتناع القضائي " ، وآية ذلك
مانصت عليه المادة 300 / إ. ج من قولها " لا تتقيد المحكمة بما هو مدون في التحقيق الابتدائي أو في محاضر جمع الاستدلالات ، إلا إذا وجد في القانون نص علي خلاف ذلك ". 
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه " إن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي بإقتناع المحكمة وإطمئنانها إلي الدليل المقدم إليها فالقانون لم يقيد القاضي بأدلة معينة بل خوله بصفة مطلقة أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة تقدم إليه فله إذن أن يأخذ بأقوال الشاهد متي إطمأن إليها ، ولو كان هذا الشاهد قريباً للمجني عليه أو كان هو المجني عليه نفسه إذ مرجع الأمر يرجع في الواقع إلي تقديره هو لقوة الدليل في الإثبات بعد بحثه وتمحيصه والوقوف علي جميع الظروف والملابسات المحيطة به. فإذا رأي أن الشاهد صادق ، وأن القرابة لم تحمله علي تغيير الحقيقة ، حق له التعويل علي شهادته ، ولا يكون هناك محل للنعي عليه بأنه إعتمد في قضائه علي أقـوال قريب للخصم (2). 
كما قضي بأن " الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في إدانة المتهم أو براءته هي بإقتناع القاضي بناء علي التحقيقات التي يجريها بنفسه ، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون أخر أو مطالبته بالركون إلي محاضر جمع الإستدلالات أو التحقيق ، ذلك بأن ما تحويه هذه المحاضر من بيانات لا تعدو أن تكون من عناصر الإثبات التي تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي وتحتمل الجدل والمناقشه كسائر الأدلة ، فللخصوم أن يفندوها دون أن يكونوا ملزمين بسلوك سـبيل الطعن بالتزوير. وللمحكمة بحسب ما تري أن تأخذ بها أو تطرحها (3).
ــــــــــــــــــــــــــ
(2) أنظر الطعن رقم 42 - لسنة 13 ق - تاريخ الجلسة 11 / 1 / 1943 .
(3) أنظر الطعن رقم 1667 - لسنة 31 ق - تاريخ الجلسة 12 / 3 / 1962 .
 
 
 
القسم الثاني - محاضر لها حجية لحين إثبات عكس ماورد فيها :
وقد نصت المادة 301 / إ. ج علي أن " تعتبر المحاضر المحررة في مواد المخالفات حجة بالنسبة للوقائع التي يثبتها المأمورون المختصون الي أن يثبت ما ينفيها ". وطبقاً لهذا النص يكون للمحكمة أن تسلم بصحة الوقائع المثبتة في مواد المخالفات ولاتلتزم بإعادة تحقيقها في الجلسة ، بيد أنه إذا دفع بعض الخصوم بعدم صحة ما جاء في هذه المحاضر تعين علي المحكمة أن تفسح لهم السبيل لإثبات عكسة بكافة طرق الإثبات ، دون أن تلزمهم بسلوك طريق الطعن بالتزوير.
ويشترط لكي يكتسب محضر المخالفة هذه الحجية أن يكون مستوفياً لشروط صحته ، كما أن حجية محاضر المخالفات تقتصر علي الوقائع المادية المتعلقة بالمخالفة والتي يكون محرر المحضر قد شاهدها بنفسه ، فلا يكون للمحضر أدني حجية بالنسبة لما يدونه فيه محرره من رأي يتعلق بتقدير هذه الوقائع كأستنباطه منها ثبوت نسبة الجريمة للمتهم (4).
ــــــــــــــــــــــــــ
(4) أنظر حكم محكمة الإستئناف المختلط فى 28 / 2 / 1901 - مجلة التشريع والقضاء ، 1901، ص 172 .
القسم الثالث - محاضر لها حجية لحين إثبات عكس ماورد فيها عن طريق التزوير :
وتتضمن هذه الطائفة محاضر الجلسات ومحاضر الأحكام ، فهي حجة بما ورد فيها ، ولايجوز إثبات عكسها إلا بإتباع إجراءات معينة وهي طريق الطعن بالتزوير وذلك طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، علي أن هذه الحجية تقتصر علي ما يثبت في الحكم أو في محضر الجلسة دون ذلك من الوقائع التى تحدث في الجلسة.