سلطة المحكمة في تقدير الشهادة :
للمحكمة مطلق الحرية في وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم ، ولم يضع القانون نصاباً للشهادة يتقيد به القاضي في المواد الجنائية بل ترك له تقدير الشهادة بحسب اطمئنانه اليها وبغض النظر عن عدد الشهود الذين سمعهم (4).
وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه يجوز إن تأخذ المحكمة بأقوال شاهد ولو كان قريباً للمجني عليه أو كان هو المجني عليه نفسه - ذلك موكول إلي إطمئنانها وحدها وإستقرار عقيدتها (5) ، كما قضي بأنه للمحكمة - بما لها من سلطة التقدير - أن تعتمد علي أقوال الشاهد في التحقيقات الأولية متي إطمأنت إليها وأن تطرح أقواله أمامها ما دامت لا ترتاح إليها (6) ، كما قضي بإن صلة القرابة أو المصاهرة بين شاهد والمجني عليه لا تمنع المحكمة من الأخذ بشهادة الشاهد متي كانت قد إطمأنت إليها (7) ، كما قضي بإن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع ، ولا تثريب عليها إذا هي أخذت بقول للشاهد في مرحلة من مراحل التحقيق دون قول أخر له قاله في مرحلة أخري ، و هي متي أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الإعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها علي عدم الأخذ بها ، ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض (Cool.
كما قضي بأن لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشهود ، فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم أخر ، دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ، ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقوال وغير صادق في شطر آخر منها ، وما دام تقدير الدليل موكول إلي إقتناعها وحدها ، ولا يحق المجادلة في هذا الأمر أمام محكمة النقض (9) ، كما قضي بأنه للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في خصوص واقعة معينة ، وأن تطرح ما شهد به في واقعة أخري منسوبة إلي نفس المتهم (10) ، كما قضي بأنه لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد في حق أحد المتهمين ، وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر ، دون أن يعد هذا منها تناقضاً يعيب حكمها ، لأن تقدير الدليل موكـول إليها وحدها (11).
كما قضي بأن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشهود في التحقيق الإبتدائي ، وإن خالفت أقوالهم بالجلسة ، دون أن تكون ملزمة ببيان سبب ذلك أو تعليل عدول الشهود عن أقوالهـم الأولي (12) ، كما قضي بأنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ بشهادة منقولة عن شاهد أنكر صحتها و صدورها عنه ، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة و لو كانت منقولة هو إلي محكمـة الموضـوع وحدها (13) ، كما قضي بأن الأصل أن لا يشترط أن تتطابق أقوال الشهود علي الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها علي وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلي تلك الحقيقة بإستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلائم به ما قاله كل منهم بالقدر الذي رواه الآخر (14).
ـــــــــــــــــــــــــ
(4) أنظر الدكتور محمود نجيب حسنى : شرح قانون الإجراءات الجنائية. القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1980 ، بند 494 ، ص 456 .
(5) أنظر الطعن رقم 1114 - لسنة 20 ق - تاريخ الجلسة 28 / 11 / 1950 .
(6) أنظر الطعن رقم رقم 1129 - لسنة 20 ق - تاريخ الجلسة 28 / 11 / 1950
(7) أنظر الطعن رقم 1516 - لسنة 24 ق - تاريخ الجلسة 27 / 12 / 1954 .
(Cool أنظر الطعن رقم 2169 - لسنة 32 ق - تاريخ الجلسة 29 / 1 / 1963 .
(9)   أنظر الطعن رقم 2755 - لسنة 32 ق - تاريخ الجلسة 8 / 4 / 1963 .
(10) أنظر الطعن رقم 1121 - لسنة 24 ق - تاريخ الجلسة 22 / 11 / 1954 .
(11) أنظر الطعن سالف الإشارة اليه . (12) أنظر الطعن رقم 1458 - لسنة 26 ق - تاريخ الجلسة 9 / 4 / 1957 .
(13) أنظر الطعن رقم 196 - لسنة 27 ق - تاريخ الجلسة 9 / 4 / 1957 .
(14) أنظر الطعن رقم 774 - لسنة 33 ق - تاريخ الجلسة 28 / 10 / 1963 .