التمسك بالبطلان :
-------------------
الأصل أن البطلان لا يقع بقوة القانون وإنما يجب أن تقضي به المحكمة بناء على طلب صاحب الشأن فيه . فالإجراء المعيب يبقى قائما منتجا كل آثاره الى أن يحكم ببطلانه .
ولا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع لمصلحته ، ولا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذي تسبب فيه . (م21 من القانون الجديد)
وذلك كله فيما عدا الحالات التي يتعلق فيها البطلان بالنظام العام .
وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون 13 لسنة 1968 : " أما المادة 21 فتتناول بيان قاعدة مستقرة في الفقه والقضاء مؤداها أن البطلان لا يتمسك به إلا من شرع لمصلحته ولا يجوز أن يتمسك به من تسبب فيه ، ويستوي أن يكون من تسبب في البطلان هو الخصم نفسه أو شخص آخر يعمل باسمه ، كما يشترط أن يكون قد صدر من الخصم غش أو خطأ بل تكفي مجرد الواقعة التي تؤكد نسبة البطلان الى الخصم أو من يعمل باسمه ، ومن ناحية أخرى فإنه لا يقصد بعبارة (من تسبب) أن يكون فعل الخصم هو السبب الرئيسي أو الوحيد أو السبب العادي لوجود العيب في الإجراء ، كما لا يشترط أن يكون هو السبب المباشر ، وقد حرصت المادة ذاتها على استثناء البطلان المتعلق بالنظام العام ، إذ أن هذا البطلان لا يقتصر التمسك به على من شرع لمصلحته ، ويجوز التمسك به حتى من الخصم الذي تسبب فيه رعاية للمصلحة العامة التي تعلو أى اعتبار آخر " .
ويلاحظ بالنسبة الى البطلان المتعلق بالنظام العام التفرقة بين حكم هذه المادة وحكم الفقرة الأخيرة من المادة 20 التي تمنع عند تحقق الغاية الحكم بالبطلان ولو كان متعلقا بالنظام العام إذ في هذه الحالة الأخيرة يكون تحقق الغاية دليلا على عدم المساس بالنظام العام ، وبمعنى آخر فإن إعمال المادة 21 يفترض قيام موجب البطلان وعدم تحقق الغاية لأنه إذا تحققت الغاية امتنع الحكم بالبطلان سواء كان متعلقا بالنظام العام أو غير متعلق به .
ونجد أن التمسك بالبطلان الذي لا يتعلق بالنظام العام المقرر لحماية المصلحة الخاصة تحكمه قاعدتان أساسيتان : أولاهما : أن الحق في التمسك بالبطلان يقتصر على من شرع البطلان لمصلحته فلا يكون لغيره ولا للنيابة العامة التمسك به كما لا يكون للقاضي إثارته من تلقاء نفه وهو ما جرى عليه القضاء في ظل القانون الملغي (5/1/1967 - م نقض م - 18 - 92 - 25/5/1967 - م نقض م - 18 - 1102 - 31/5/1956 - م نقض م - 7 - 622) وتطبيقا لذلك فإنه لا يجوز لمن صح إعلانهم من الخصوم التمسك ببطلان إعلان غيرهم ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة إذ أن إفادتهم من هذا البطلان مرهونة بثبوته بالطريق القانوني وهو ما يستلزم أن يتمسك به من تعيب إعلانه وأن تقضي به المحكمة (12/1/1977 - م نقض م - 28 - 229 - 26/10/1965 - م نقض م - 16 - 902 - 25/4/1963 - م نقض م - 14 - 579)
وقد قضت محكمة النقض بأنه " مفاد المادة 21/1 من قانون المرافعات أن الحق في التمسك بالبطلان إعلان أوراق المحضرين يقتصر على من شرع البطلان لمصلحته فلا يكون لغيره التمسك به ولا يجوز لمن صح إعلانهم من الخصوم التمسك ببطلان إعلان غيرهم إلا أنه إذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة فإن لمن صح إعلانهم من الخصوم الإفادة من هذا البطلان إذا تمسك به من تعيب إعلانه وقضت به المحكمة" (16/5/1981 طعن 6380/1094 سنة 47ق - م نقض م - 33 - 15/11/1981 طعن 514 سنة 46ق الخمسين عاما المجلد الثاني - 1586 - 259 - 16/2/1982 طعن 6 سنة 51ق - 15/2/1984 طعن 353 سنة 50ق - 27/3/1985 طعن 972 سنة 51ق - 28/2/1985 طعن 886 سنة 51ق - 26/2/1985 طعن 264 سنة 59ق) وبأنه " لا يجوز للخصم التمسك بالبطلان لعدم إعلان غيره بتعجيل الدعوى أو بإيداع تقرير الخبير (5/12/1985 طعن 300 سنة 52ق - 15/5/1984 طعن 393 سنة 50ق - م نقض م - 35 - 1310) أو بالبطلان المترتب على قرار المحكمة التصريح بمذكرات ومستندات قبل إعادة إعلان غيره (15/1/1989 طعن 2134 سنة 52ق) أو ببطلان إعلان غيره بأوراق التكليف بالحضور (16/2/1982 طعن سنة 51ق) ومنا إنذار إبداء الرغبة في الشفعة (8/2/1984 طعن 491 سنة 47ق) أو بالبطلان المترتب على عدم إعلان غيره بقرار إعادة الدعوى للمرافعة إذ مادامت الخصومة قد انعقدت صحيحة فإن البطلان بسبب الإجراءات اللاحقة بطلان نسبي (12/1/1977 طعن 403 لسنة 43ق - م نقض م - 28 - 224) أو ببطلان إعلان غيره بصحيفة الاستئناف لإجرائه في غير موطنه (5/1/1967 - م نقض م - 18 - 92) أو بالبطلان المترتب على عدم إعلان غيره بحكم التحقيق (5/1/1967 - م نقض م - 18 - 92) أو بالبطلان المترتب على إغفال أخبار النيابة بوجود قصر في الدعوى لأنه حكم مقرر لمصلحتهم (15/5/1967 - م نقض م - 18 - 1102)
وتمسك صاحب الشأن بالبطلان الذي لا يتعلق بالنظام العام يخضع لحكم المادة 108 مرافعات فيجب التمسك به قبل التعرض للموضوع أو إبداء الدفع بما لم يتمسك له فيها مع قيام سبب وإذا تعددت أوجه الدفع الواجب وجب التمسك بها كلها معا وإلا سقط الحق في التمسك بالوجه الذي أغفل التمسك به ، كما يسقط الحق في الدفع أو الوجه الذي يغفل التمسك به في صحيفة الطعن ، ولازم ذلك أن المحكمة لا تملك التعرض للبطلان من تلقاء نفسها ، كما أنها لا تملك التعرض لغير الدفع أو الوجه الذي تمسك به صاحب الشأن .
وقد قضت محكمة النقض بأنه " لا يجوز القضاء ببطلان الإعلان النسبي لغير الود الذي تمسك به صاحب الشأن فإذا كان قد اقتصر في النعى على الإعلان بالبطلان على عدم صحة البيان الخاص بإخطاره بتسليم الصورة إلى جهة الإدارة ، فلا يجوز القضاء ببطلان الإعلان استنادا إلى إغفال المحضر إثبات الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى جهة الإدارة " (9/5/1978 - م نقض م - 29 - 1197)
ومن جهة أخرى فإنه إذا كان الأصل في الإجراءات الصحيحة فإنه إذا لم يتمسك صاحب الشأن بالبطلان الذي لا يتعلق بالنظام العام أو سقط حقه في التمسك به فإن الإجراء يعتبر قائما صحيحا منتجا لآثاره .
وقد قضت محكمة النقض بأنه " البطلان الناشئ عن عدم مراعاة إجراءات الإعلان بطلان نسبي لا يعدم الحكم بل يظل قائما موجودا وإن كان مشوبا بالبطلان فينتج آثاره ما لم يقض ببطلانه بالطعن عليه بإحدى طرق الطعن المقررة قانونا فإن مضت مواعيد الطعن أو كان غير قابل لهذا الطعن فقد أضحى بمنحى من الإلغاء حائزا لقوة الشيء المقضي دالا بذاته على صحة إجراءاته " (23/4/1970 -
 م نقض م - 21 - 689 - 5/4/1977 طعن 119 لسنة 43ق - م نقض م - 28 - 909) ولا يجوز التمسك بالبطلان لأول مرة أمام محكمة النقض (25/12/1971 - م نقض م - 22 - 234) ولا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها (5/4/1977 - م نقض م - 18 - 909 - 16/3/1977 - م نقض م - 28 - 697)
وثانيهما : أنه ليس لمن كان سببا في بطلان العمل الإجرائي أن يتمسك ببطلانه سواء كان هو الذي تسبب فيه بنفسه أو كان الذي تسبب فيه شخص يعمل باسمه كالمحامي أو المحضر أو النائب القانوني أو النائب العام الاتفاقي ، وقد أوضحت المذكرة الإيضاحية أنه لا يشترط لذلك أن يقع من الشخص غش أو خطأ أو أن يكون فعله هو السبب الرئيسي أو الوحيد أو العادي أو المباشر وإنما يكفي أن تقوم بين عمله وبين العيب الذي لحق الإجراء رابطة سببية وهى تقوم إذا كان العمل لازما لوجود العيب فتتوافر من ثم الرابطة ولو كان فعله هو الذي أدى إلى وقوع الخصم في خطأ أدى إلى بطلان إجراء قام به هذا الأخير ، وقد قضى تطبيقا لذلك بأن الخصم الذي يتسبب في تأجيل إجراء التحقيق لا يجوز له أن يتمسك بعدم جواز إجرائه لفوات ميعاده .
وقد قضت محكمة النقض بأنه " إذا كانت المادة 128 مرافعات بعد أن أجازت وقف الدعوى باتفاق الطرفين أوجبت في فقرتها الثانية تعجليها في ثمانية الأيام التالية لنهاية أجل الإيقاف وإلا اعتبر المدعى تاركا لدعواه والمستأنف تاركا لاستئنافه ، وكانت المادة 12 من ذات القانون قد نصت في فقرتها الثانية على أنه إذا ألغى الخصم موطنه الأصلي أو المختار ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه وتسلم الصورة عند الاقتضاء إلى جهة الإدارة ، وإذا كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة كانت قد اتخذت موطنا لها بمدينة القاهرة منذ بدء الخصومة إلا أنها قامت بتغييره أثناء فترة الوقف ولم تخطر المطعون ضده الأول بهذا التغيير فقام بتوجيه إعلان تعجيل الاستئناف إليها في موطنها المعروف له في ميعاد ثمانية الأيام التالية لنهاية أجل الوقف وإذ جاءت الإجابة بانتقالها إلى الإسماعيلية وجه إليها إعلانا آخر بتلك المدينة فجاءت الإجابة بعدم الاستدلال عليها ، فقام بإعلانها أخيرا في موطنها الذي انتقلت إليه ببور سعيد وكان ميعاد التعجيل قد انقضى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يجوز للشخص أن يفيد من خطئه أو إهماله وكانت المادة 21/2 من قانون المرافعات لا تجيز التمسك بالبطلان من الخصم الذي تسبب فيه إلا إذا تعلق بالنظام العام وكان لا يشترط لإعمال هذه القاعدة أن يكون فعل الخصم هو السبب الرئيسي أو السبب الوحيد أو السبب العادية لوجود العيب في الإجراء كما لا يشترط أن يكون هو السبب المباشر ، وكانت الطاعنة قد خالفت القانون بعدم إخطارها المطعون ضده الأول بتغيير موطنها أثناء فترة الوقف مما أدى إلى تعذر قيامه بإعلانها بتعجيل الاستئناف من الإيقاف في الميعاد المقرر في القانون فلا يكون لها أن تتمسك باعتبار المطعون ضده الأول تاركا لاستئنافه إذ لا يجوز لها أن تفيد من خطئها الذي تسببت فيه فيما شاب إجراء التعجيل من عيب (5/12/1983 طعن 1289 سنة 49ق) وبأنه " مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 21 من قانون المرافعات - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - أن البطلان لا يجوز أن يتمسك به من تسبب فيه ، ويستوي أن يكون من تسبب في البطلان هو الخصم نفسه أو شخص آخر يعمل باسمه كما أنه لا يشترط أن يكون قد صدر من الخصم غش أو خطأ ، بل تكفي مجرد الواقعة التي تؤكد نسبة البطلان إلى الخصم أو من يعمل باسمه " (31/5/1980 - م نقض م - 31 - 1619)