البطلان غير المنصوص عليه :
-------------------------------
فإنه لا يكفي لمن يتمسك بقيان موجب البطلان أن يثبت تعيب شكل العمل الإجرائي بل عليه أن يثبت فوق ذلك توافر أمرين آخرين أولهما الغاية من العمل الإجرائي وثانيهما قيام رابطة سببية بين العيب الذي أثبت أنه شاب العمل وبين تخلف الغاية منه .
وقد قضت محكمة النقض بأنه " النص في المادة 20 من قانون المرافعات على أنه " يكون الإجراء باطلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لن تتحقق بسببه الغاية من الإجراء - ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء " يدل - وعلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية في خصوص هذه المادة - أن المشرع قرر التفرقة بين حالة البطلان الذي يقرره القانون بعبارة صحيحة منه وحالة عدم النص عليه ، فإذا نص القانون على وجوب إتباع شكل معين أو أوجب أن تتضمن الورقة بيانا معينا وقرر البطلان صراحة لجزاء على عدم احترامه ، فإن الإجراء يكون باطلا - وليس على من تقرر الشكل لمصلحته من الخصوم إلا أن يثبت تحقيق غاية معينة في الخصومة ، فالقانون عندما يتطلب شكلا معينا أو بيانا معينا قائما يرمى إلى تحقيق غاية يحققها توافر هذا الشكل أو البيان ، فإن من بين التمسك بالشكليات القضاء بالبطلان ومؤدى ذلك أن ربط شكل الإجراء بالغاية منه إنما يستهدف جعل الشكل أداة نافعة في الخصومة ، وليس مجرد قالب كالشكليات التي كانت تعرفها بعض القوانين القديمة ، هذا إلى أن الشكل ليس هو الإجراء ، ذلك أن الإجراء أو العمل الإجرائي هو عمل قانوني يجب أن تتوافر فيه شروط معينة من بينها الشكل الذي يحدده القانون - وترتيبا على ما تقدم فإنه إذا أوجب القانون توافر الشكل أو بيان في الإجراء فإن مناط الحكم بالبطلان هو التفطن إلى مراد المشرع من هذه البيانات وما يستهدفه من تحقيق غاية معينة " (10/5/1980 - م نقض م - 31 - 1325) وبأنه " لئن كان الشكل أو البيان وسيلة لتحقيق غاية معينة في الخصومة وكان لا يقضي بالبطلان ولو كان منصوصا عليه ، إذا أثبت المتمسك ضده فه ، تحقق الغاية عملا بالفقرة الثانية من المادة 20 مرافعات ، إلا أن التعرف على الغاية من الشكل أو البيان وتحديد ماهية هذا الغاية ، مسألة قانونية يتعين على محكمة الموضوع التزام حكم القانون بشأنها فإذا أجنحت عنها إلى غاية أخرى وانتهت في حكمها إلى ثبوت تحقق الغاية ، ورتبت على ذلك رفض القضاء بالبطلان لتحقق الغاية فإن حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون " (10/4/1983 طعن 1728 سنة 49ق - م نقض م - 33 - 921) وبأنه " النص في الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون المرافعات مفاده أن المشرع قدر أن الشكل ليس سوى وسيلة لتحقيق غاية معينة من توافر هذا الشكل أو البيان ، فإذا ثبت تحقق الغاية رغم تخلف الشكل أو البيان فإنه من التمسك بالشكليات القضاء بالبطلان "
(20/2/1986 طعن 1184 لسنة 52ق - م نقض م - 37 الجزء الأول - 246)
والمقصود هو الغاية الموضوعية المجردة ، أى التي قصد الشارع إلى تحقيقها فيتعين النظر إلى الغاية - في معرض قيام موجب البطلان - كوظيفة للشكل حسبما قصد القانون من تقريره دون نظر للغاية الشخصية التي قد يستهدفها القائم بالعمل .
والخلاصة أن القانون الجديد جعل العبرة في الحكم بالبطلان سواء كان منصوصا عليه أو غير منصوص عليه يتحقق الغاية من الشكل المعيب أو عدم تحققه والمقصود بالغاية هى الغاية الموضوعية أى الوظيفة الإجرائية التي قصد الشارع من تقرير الشكل توافرها .
ويقوم موجب البطلان بأن يثبت المتمسك بالبطلان المنصوص عليه أن عيبا لحق أحد أشكال العمل الإجرائي الذي قام به خصمه فتقوم لصالحه قرينة بسيطة على تخلف الغاية من الشكل المعيب أو أن يثبت التمسك بالبطلان غير المنصوص عليه أن عيبا قد لحق بأحد أشكال العمل الإجرائي الذي قام به خصمه وأنه مثل هذا العيب تترتب عليه في الخصومة المجردة - بغض النظر عن الواقعة المعروضة - تخلف الغاية من هذا الشكل ، ولكن من قام بالعمل الإجرائي يملك في الحالين تجنب الحكم بالبطلان بإثبات قيام سبب التصحيح ، وذلك بأن يثبت أنه رغم تعيب الشكل - سواء كان البطلان منصوص عليه - فقد تحققت في خصوص الواقعة المعروضة الغاية الموضوعية التي يستهدفها الشارع من تقرير ذلك الشكل .
يتضح من ذلك عدم دقة إطلاق القول بأن كل الفارق بين البطلان المنصوص عليه والبطلان غير المنصوص عليه يتحدد في عبء إثبات تخلف أو تحقق الغاية ، والصحيح أن الفارق يتحدد في مدى هذا العبء ، إذ أن كل ما على من يتمسك بالبطلان غير المنصوص ع ليه زيادة على حالة البطلان المنصوص عليه ، أن يثبت أن الغاية لا يتحقق في الخصومة المجردة بسبب ما أثبته من تعيب الشكل .