إسقاط حق التمسك بالدفوع الشكلية :
-------------------------------------
يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي بتقديم دفع شكلي آخر عليه أو بتقديم مذكرة بدفاع الخصم دون أن تتضمن تمسكه به ، كما يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي إذا طلب الخصم رفض طلبات خصمه ، أو ناقش هذه الطلبات ، أو عرض دفع كل المطلوب منه أو بعضه ، أو فوض الأمر للمحكمة ، أو أبدى طلبا عارضا في مواجهة المدعى ، أو طلب إدخال ضامن في الدعوى ، أو طلب تأجيلها لتقديم المستندات التي تثبت براءة ذمته من الدين كله أو بعضه ، أو طلب التأجيل للإطلاع على مستند معين قدمه خصمه ، وحكم بأنه إذا تعرض المدعى عليه للموضوع ثم شطبت القضية ، فلا يجوز له بعد تعجيلها التمسك بعدم اختصاص المحكمة اختصاصا محليا ، وحكم بأنه إذا دفع المدعى عليه بعدم الاختصاص المحلي ثم طلب التأجيل ليثبت بتقديم مستندات معينة - براءة ذمته من جزء من الدين ، وقدم هذه المستندات ، فإنه يكون قد عدل عن حقه في التمسك بعدم الاختصاص وحكم أيضا بأنه إذا طلب المدعى عليه في أول جلسة محددة لنظر الدعوى تأجيلها لتحقيق الصلح وأجبت الدعوى بناء على هذا الطلب - فلا يجوز له بعد ذلك التمسك بعدم اختصاص المحكمة ، وحكم أيضا بأنه إذا أعلن المدعى عليه خصمه - قبل الجلسة - بمذكرة تتضمن التكلم في الموضوع فلا يجوز له أن يتمسك في الجلسة الأولى بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها .
ويسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي طلب المدعى عليه ضم الدعوى إلى أخرى إذا كانت القضيتان أمام دائرتين في محكمة واحدة ، هذا على الرغم من أن التمسك بالضم (للارتباط أو لقيام ذات النزاع أمام الدائرتين لا يعتبر دفعا بالإحالة ، وعلة سقوط الحق في التمسك بالدفع الشكلي هنا هى أن المدعى عليه بإبداء ما تقدم يسلم ضمنا بصحة إجراءات الخصومة وبقيامها أمام محكمة مختصة ، هذا فضلا عن أن التمسك بالضم يعتبر بمثابة دفع شكلي ، ويسقط أيضا بالتمسك بوقف الدعوى حتى يفصل في مسائل أولية لا تدخل في اختصاص المحكمة اختصاص متعلقا بالوظيفة أو اختصاصا نوعيا .
كذلك يسقط حق الخصم في التمسك بالدفع الشكلي إذ تمسك بما من شأنه أن يؤدي الى زوال الخصومة بغير حكم في موضوعها . كما إذا تمسك بإسقاط الخصومة عملا بنص المادة 134 وما بعدها ، أو بانقضاء الخصومة بالتقادم عملا بنص المادة 140 ، أو باعتبارها كأن لم تكن بسبب بقائها مشطوبة ستين يوما . (م82) ، وكل هذه من الدفوع الشكلية عملا بنص المادة 108 .
ويسقط حق الخصم في التمسك بالدفع الشكلي مبادرته بإبداء دفع بعدم قبول الدعوى ، لعدم رفعها مثلا في الميعاد أو المناسبة المحددة لذلك ، أو لرفعها من غير ذي صفة ، أو لانتفاء المصلحة القانونية في رفعها ، أو لسبق الفصل في موضوعها .
ويسقط حق الخصم في التمسك بالدفوع الشكلية تمسكه بانتفاء أهلية خصمه للتقاضي ، سواء عند من يرى أن التمسك بانتفاء الأهلية من الدفوع الشكلية ، أو عند من يرى أنه من الدفوع بعدم القبول ، لأنه في الحالتين يكون أسقط حقه في التمسك بالدفوع الشكلية عملا بالمادة 108 .
وإذا أغفلت المحكمة الفصل في طلب موضوعي ، وتقدم المدعى بطلبه عملا بالمادة 193 فإن حق المدعى عليه - في التمسك بعدم اختصاص المحكمة محليا - يسقط إذا كان قد تكلم في الموضوع عند نظر الطلبات الأخرى من قبل ، وذلك حتى لا يضار المدعى من إغفال الفصل في الطلب الموضوعي ولم يكن له يد في هذا الصدد ، وحتى تفصل المحكمة في جميع طلبات المدعى وكثيرا ما تكون مرتبطة بحيث توجب العدالة أن تفصل فيها هيئة واحدة . هذا فضلا عن أن إعادة تقديم الطلب إلى ذات المحكمة التي أغفلته ينشئ حالة قانونية ، هى في الواقع استمرار للخصومة الأولى التي انتهت بصدور الحكم الذي أغفله ، وتعود للخصوم حقوقهم بصددها ، ويعتد بما سقط منها .
وإذا دفع المدعى عليه بوجوب عرض النزاع على محكمين (لسبق الاتفاق على ذلك) فلا يجوز له بعدئذ أن يبدي دفعا شكليا ، سواء عند من يرى أن التمسك بالتحكيم يعتبر دفها بعدم الاختصاص أو دفعا بعدم القبول .
وإذا أقرت المحكمة اتفاق الخصوم على عدم السير في الدعوى مدة لا تزيد على ستة أشهر عملا بالمادة 128 فلا يجوز بعد تعجيلها التمسك بأى دفع شكلي ، وذلك لأن الغرض المقصود من الوقف هو تمكين الخصوم من تحقيق غرض مشترك لتحقيق صالح أو إحالة على التحكيم ، وقد ينجح هذا الغرض المشترك وقد يفشل ، وظاهر أن المشرع إذ يجيز لطرفى الخصومة الاتفاق على وقفها يفترض أنها قد انعقدت صحيحة ، وظاهر أيضا أن المدعى عليه لا تكون له مصلحة في وقف الخصومة إذا كانت إجراءاتها مشوبة ، إذ تكون من مصلحته في هذه الحالة أن يتمسك أولاً - وقبل الرضاء بالوقف - بالدفوع الشكلية فيتخلص من الخصومة بغير حكم في موضوعها ، وتؤيد الاتجاه المتقدم المادة 128 التي تقرر أن الوقف لا يؤثر في أى ميعاد حتمي يكون القانون قد حدده إجراء ما ، ويلاحظ أن الدفع ببطلان صحيفة افتتاح الدعوى أو صحيفة الاستئناف يسقط في بعض الأحوال بمجرد حضور الخصم الجلسة المحددة لنظر الدعوى .
وعلى ذلك فالتعرض للموضوع من جانب خصم لا يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي من جانب خصم آخر .
كما أن مجرد حضور الخصم إلى المحكمة - لا يسقط حقه في التمسك بالدفوع الشكلية ما لم ينص القانون على ما يخالف ذلك .
ولا يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي ، أيضا ، قيام المدعى عليه بإعلان المدعى الذي تخلف عن الحضور ، في الجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى بالجلسة الجديدة لنظر الدعوى ، أو طلب المدعى عليه تأجيل النظر في الخصومة لانقطاعها ليتمكن من إعلان من يقوم مقام المدعى (الذي قام به بسبب من أسباب الانقطاع) بقيام الخصومة حتى لا يصدر الحكم في الدفع الشكلي في غفلة منه ويكون مشوبا بالبطلان ، أو طلب من يختصم باعتباره وارثا تأجيل الدعوى حتى ينقضي الميعاد المحدد في قانون بلده لقبول الصفة التي اختصم بها ، أو طلب المعقود زواجها على نظام اشتراك الأموال تأجيل نظر الدعوى (التي رفعت عليها بعد انتهاء المشاركة في الأموال بسبب الوفاة أو الطرق أو الفرقة) حتى ينقضي الميعاد المحدد في قانون بلدها لتختار بين بقاء الشركة بينها وبين زودها أو ورثته وبين قسمة المال ، وقد أشارت إلى هذه القواعد المادة الرابعة من قانون المرافعات .
وقد قضت محكمة النقض بأن " طلب التأجيل للإطلاع على المستندات المقدمة أو لتبادل المذكرات أو طلب شطب الاستئناف لا يعتبر تعرضا للموضوع أو تنازلا عن الدفع بسقوط الخصومة " (نقض 4/12/1985 رقم 1011 سنة 52ق)
ولا يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي مجرد التمسك بتأجيل الدعوى لاستعداد ، وذلك على تقدير أن الخصم إنما يطلب التأجيل ليتمكن هو أو محاميه من الإلمام بكل ما تعلق بالخصومة سواء من حيث الشكل أو من حيث الموضوع .
وحكم بأنه يجوز التمسك بدفع شكلي بعد التمسك بتأجيل الدعوى لتقديم مستند معين أو الإطلاع عليه ، إذا كان الغرض من ذلك إثبات صحة الدفع الشكلي  أما التمسك بالتأجيل الذي يسقط الحق في التمسك بالدفع الشكلي فهو ذلك الذي يقصد به الاستعداد لمواجهة إجراء معين باشره الخصم مما يشف عن التسليم بصحة انعقاد الخصومة ، أو ذلك الذي يقصد به الاستعداد لمواجهة موضوع الدعوى على النحو السابق الإشارة إليه .
ولا يسقط الحق فش التمسك بالدفوع الشكلية طلب رد القاضي عن نظر الدعوى لقيام سبب من أسباب الرد التي وردت في القانون ، وتقتضي هذا الفهم المادة 151 التي توجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أى دفع أو دفاع وإلا سقط حق طالبه فيه ، وعلة هذا النص هى أن إبداء أى دفع أو التكلم في الموضوع يتنافى حتما مع طاب الرد لأنه رضاء يتولى القاضي الفصل في الدعوى
ولا يسقط الحق في التمسك بالدفوع الشكلية سبق تكلم المدعى عليه في خصومة سابقة انقضت بغير حكم في الموضوع لأى سبب من الأسباب (كالحكم باعتبارها كأن لم تكن أو ببطلان صحيفتها) وجددت بعدئذ ذات الخصومة أمام ذات المحكمة ، كما لا يسقط الحق في التمسك بالدفوع الشكلية سبق تكلم المدعى عليه في الموضوع في خطاب أو إنذار (ولو كان على يد محضر) وجهه الى المدعى ، ولو كان تالياً لعلمه بإقامة الدعوى عليه ، وذلك لأن الذي يسقط هذه الدفوع هو التكلم في الموضوع أمام المحكمة .
ولا يسقط الحق في التمسك بالدفوع الشكلية المنازعة في أن المحامي عن المدعى لا يحمل توكيلا يخول له الحضور عنه ، أو أن توكيله الذي يحمله لا يشمل تخويله سلطة الحضور في الدعوى القائمة ، أو أن الوكيل الذي حضر عن الخصم ليس محاميا وليس في درجة القرابة أو المصاهرة التي تسمح له بتمثيله في الجلسة ، وذلك لأن البديهي أن يبدأ الخصم أولاً بالتحقق من سلطة هذا الذي يحضر نيابة عن خصمه ، كما يتعين على المحكمة أن تتحقق منه قبل البحث في شكل الدعوى أو موضوعها .