جروح الصدر
جميع انواع الجروح قد تحدث فى الصدر الا ان بعضا منها له أهمية بالغة نظرا لوجود القلب والرئتين والاوعية الدموية الرئيسية فى الصدر وسنذكر جروح الجدار الصدرى وحدها ثم نتبعها بجروح محتويات الصدر.
 
1-جروح الجدار الصدرى
        وتشمل السحجات والكدمات فى الجلد وكسور الاضلاع والقص كما تشمل الجروح النافذة  كالطعنات وجروح الرصاص وغيرها وهذه كلها لا تختلف فى شئ عن مثيلاتها فى اى موضع اخر من الجسم . الا ان كسور الاضلاع تحتاج الى بعض التوضيح ذلك انها قد تحدث من اصابة مباشرة فى موضع الكسر كالضربات او السقوط او سقوط الاجسام الثقيلة على الصدر كما تحدث من مجرد الضغط على الصدر كما فى حالات الهرس أو الدوس .
        وتتميز الكسور الناشئة عن الاصابة المباشرة بأنها تحدث فى مكان الاصابة وتصيب ضلعا واحدا او اكثر وتندفع اطراف الضلوع المكسورة للداخل عادة فتؤدى الى ثقب الحنبة او الرئة - اما الكسور الناشئة عن الهرس فيغلب ان تكون فى ضلوع متعددة فى اضعف مكان من الضلوع عند الخط الابطى الاعلىالمتوسط او عند الزاوية الخلفية للضلوع وكثيرا ما تكون الكسور فى الناحيتين فى وقت واحد وتنثنى اطراف الضلوع المكسورة للخارج فى معظم الحالات - واكثر الضلوع تعرضا للكسر بهذه الطريقة هى ما بين الضلع الرابع والتاسع إذ أن الضلوع العليا قصيرة وعليها حماية عضلية كافية والسفلى سائبة سهلة الحركة .
        وقد تنكسر الضلوع من عنف خفيف وخاصة فى كبار السن او بعض مرضى العظام حيث تحدث الكسور من مجرد الحركات العضلية المباغتة مثل السعال او العطس ، وكثيرا ما تكسر ضلوع الجثث فى المشرحة عند تعريتها من الملابس ولذلك يجب العناية بفحص كسور الاضلاع لوجود كدمات واضحة حولها تدل على حيويتها.
        وقد ينكسر عظم القص من ضربة مباشرة - ويندر ان ينكسر من فرط قعس الجسم.
       وأهمية كسور الاضلاع تنحصر فى ما يصحبها من إصابة محتويات الصدر أما الكسور فى حد ذاتها إذا لم يصحبها أى أذى لما فى الصدر من أعضاء فإنها قليلة الخطر سريعة الالتحام فى بضعة اسابيع دون أن تترك أى عجز او عاهة.
2-جروح القلب
        قد تصيب الجروح الطعنية فى الصدر موضع القلب وقد ينزف الجرح الى جدار القلب الى تجويفه ، وكثيرا ما يخترق الجرح القلب من جهة الى أخرى وعندئذ ينزف الدم فى تجويف التامور او الجنبة ويندر ان ينزف الدم للخارج . وليست جروح القلب مؤديه دائما الى موت المباغت السريع بل كثيرا ما يعيش المصاب فترة قد تطول الى بضع ساعات او بضعة أيام وربما لبضعة اسابيع او أكثر بل ربما شفى الجرح تماما ولم يؤد أبدا للوفاة حتى يموت المصاب من سبب اخر -  وجروح الاذنينين عادة تقتل فى ثوان معدودة وكذلك جروح الاوعية الدموية اما جروح  البطينين وبخاصة اذا كانت فى اتجاه مائل على سمك العضلات فانها قد لا تقتل الا بعد فترة زمنية تطول أو تقصر تبعا لا تساع الجروح وموضعه من القلب وغير ذلك .
        وقد يتمزق القلب نتيجة دخول طرف مكسور فيه - وكثيرا ما يتمزق القلب حتى دون وجود اى كسر فى الاضلاع او القص وقد يحصل هذا التمزق دون اى علامة ظاهرة فى جدار الصدر وذلك فى مثل حالات السقوط من علو او حوادث الدهس بالسيارات او تصادم السيارات حين يدفع سائق السيارة الى الامام بعنف فيصطدم بعجلة القيادة او ينحشر صدره بين المقعد وعجلة القيادة.
        ومعظم هذه الحالات تموت سريعا من النزف داخل التامور الذى يؤدى الى انضغاط القلب وتوقفه ، او النزف داخل الجنبة - ولكن بعض هؤلاء المصابين قد يعيشون مدة تصل الى بضعة ايام يموت المصاب بعد ذلك ، وفى كل هذه الحالات يكون التمزق فى القلب غير نافذ لتجويفه او ربما كان مجرد كدم بعضلة القلب ثم نفذ بعد مدة نتيجة ارتفاع ضغط الدم او ليونة عضلة القلب .
        ويجب ان يفرق بين كل هذه التمزقات القلبية الاصابية وبين انفجار القلب المرضى الذى قد يحدث تلقائيا ضعف مقاومة العضلة نتيجة مرض - ويعرف هذا الاخير بوجود التمزق فى مكان من القلب به علامات ظاهرة لمرض متقدم مثل تليف العضلة او احتشاؤها "infarclion" او تشحمها او وجود انيورزمة بها وهكذا .
        ويلاحظ ان هذا الانفجار التلقائى للقلب قد يحدث عقب مشاجرة او عراك نتيجة الارتفاع المفاجئ لضغط الدم ، وحينئذ يجب ان لا يخلط بين هذا الانفجار التلقائى المرضى الذى يكون عادة مفردا وفى موضع فيه علامات مرضية ظاهرة ويبين التمزق الاصابى السابق وصفه.
3-جروح الرئة
          قد تكون جروح الرئة ناتجة عن طعن او خز وتنفذ الالة فى الرئة كليا أو جزئيا فتؤدى الى الموت السريع من نزف صدرى "haemothorax" او استرواح صدرى "pneumothorax" وقد لا يموت المصاب الا بعد فترة طويلة او قصيرة تبعا لسبب الوفاة .
           وقد تتمزق الرئة بغير جرح نافذ فى مثل حالات الهرس الصدرى نتيجة نفاذ أطراف الاضلاع المكسورة فيها او بغير ان توجد اى كسور فى الاضلاع اطلاقا وبخاصة فى الاطفال حين تسمح مرونة الضلع بسحق الرئة او القلب بين الضلوع والصلب دون حصول اى كسر - وهذا التمزق ايضا قد يقتل سريعا من النزف الصدرى  وقد لايقتل الا بعد فترة نتيجة المدوى القيحية او غيرذلك من المضاعفات .
        وتتميز جروح الرئة بأنها تتضاعف بنفاذ الهواء الرئوى الى الانسجة حول الصدر او الرقبة محدثا امفزيمة جراحية "lnterstitial or surgical emphysema" او بنفاذه الى احد فروع الاوردة الرئوية فيؤدى الى الوفاة العاجلة من الانحذاف الهوائى الشريانى "arterial air embolism" وفى هذه الحالة يكفى دخول كمية قليلة جدا من الهواء ( بضعة سنتيمترات مكعبة) فى الدم لاحداث الوفاة ، ذلك ان هذا الهواء يسرى مع الدم الى الناحية اليسرى من القلب ثم يخرج فى الشريان الوتين (الاورطة) ومنه الى الشرايين التاجية او الشرايين السابتية فتحدث الوفاة من انيمية القلب او المخ . وقد يحدث هذا الانحذاف الهوائى الشريانى عقب مجرد وخز الرئة بابرة صغيرة كما فى عملية الاسترواح الصدرى الصناعى حتى قبل ان يبدأ الطبيب بحقن الهواء متى ثقبت الابرة وريدا مجاورا لشعبة هوائية فتؤدى الحركات التنفسية الى دفع الهواء من الشعبة الهوائية الى الوريد ويموت المريض موتا مباغتا - ويعرف هذا السبب بعد الوفاة من وجود فقاعات هوائية متعددة فى مجرى الشرايين السباتيةوعلى سطح المخ والشرايين التاجية - ويجب أن نحذر هنا من الخلط بين الفقاعات الهوائية الناشئة عن الانحذاف وبين الفقاعات الناشئة عن العدوى بيكتريا مكونة للغازات مثل باسيل ولشاى "clost. Welchii" او الناشئة عن ظهور التعفن الميتى فى الجثة وتعرف هذه الحالات الاخيرة بعلاماتها الاخرى السابق وصفها .
         وقد تتضاعف جروح الرئة او التهابات الجنبة ويجب عندئذ التميز بين هذه الالتهابات المضاعفة للجروح وبين الالتهابات الرئوية الاولية المعروفة ( الفصية او الشعبية) عند تحديد مسئولية المتهم باحداث الاصابة.