جريمة احداث الجروح
إن جريمة احداث الجروح عمدا لا تتطلب غير القصد الجنائى العام ،و هو يتوافر كلما ارتكب الجانى الفعل عن ارادة وعن علم هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه او صحته . ( نقض 16/10/1961-مجموعة احكام النقض - س 12 رقم 159 ص823) .
          ونخلص من ذلك بأن القصد فى جرائم الجرح والضرب واعطاء المواد الضارة تقوم على عنصرين  هما العلم  والارادة كما يلى :
 
 
 
ينبغى ان يعلم الجانى ان فعله ينصب على جسم انسان حى ، فإن انتفى علمه بذلك انتفى القصد الجنائى لديه ، فلا يسأل عن جرح عمدى الطبيب الذى يبتر عضو فى جسم شخص اغمى عليه معتقدا انه قد مات ، بينما هو لم يلفظ انفاسه بعد ، ولا من يطلق الرصاص فى الهواء كى يعبر عن سروره ، فاذا بالرصاص تصيب انسانا بجراح ، وان جاز معاقبة كل منما عن جرح خطأ اذا توافرت سائر شروطه .
       كذلك ينبغى ان يعلم الجانى بأن فعله يترتب عليه التماس بسلامة جسم المجنى عليه ، فاذا اعطى الجانى للمجنى عليه مادة ضارة لا بادة الحشرات متوقعا ان يستعملها فى هذا الغرض، ولكنه تناولها ظنا منه بأنها نافعه واصيب من جراء ذلك بأضرار صحية ، فإن القصد الجنائى لا يتوافر فى حق الجانى .
       ويلاحظ ان الغلط فى علاقة السببية - فى جرائم الجرح والضرب واعطاء المواد الضارة - هو غلط غير جوهرى لا ينبغى القصد ، لان الشارع لا يحفل الا بتحقيق النتيجة الاجرامية ( المساس بستلامة الجسم ) ايا كان السبب الذى افضى اليها : فمن يريد ان يضرب شخصا بقضة خنجره فينحرف منه ويصيبه بوجهه الحاد ، يسأل عن جريمة جرح عمدية   ( د/حسنين عبيد ص130) .
وقد استقر قضاء النقض على ان :
      إن جريمة احداث الجرح عمدا لا تتطلب سوى القصد الجنائى العام وهو يتوفر كلما ارتكب الجانى الفعل عن ارادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه او صحته . وقول الطاعن ان دفعه للمجنى عليه كان بقصد فض شجار بينهما انما يتصل بالباعث وهو لا يؤثر فى قيام الجريمة ولا عبرة به فى المسئولية . ( نقض جلسة 6/3/1978 س 29 ص 235 ) . وبأنه "  متى كان الثابت من الوقائع ان الجانى لم يتعمد الجرح وانه اتى فعلا لا يترتب عليه عادة حصول الجرح ، ثم تنشأ عن هذا الفعل جرح بسبب سوء العلاج او بسبب اخر فلا يمكن اعتباره محدثا لهذا الجرح عن عمد وارادة ، وكل ما تصح نسبته اليه فى هذه الحالة هو انه تسبب بخطئه فى احداث هذا الجرح ، ومن ثم فإذا كان بالفعل المادى الصادر من المتهم وهو تمرير مرود يعين المجنى عليها لم يكن مقصودا به احداث جرح وان استعمال المرود على هذا النحو ليس من طبيعته احداث الجرح وان الجرح انما نشأ عن خطئه فلا يمكن القول بعد ذلك ان القصد الجنائى فى جريمة الجرح المحدث للعاهة متوفر لدى المتهم "( نقض جلسة 16/4/1957 س80ص428) . وبأنه " لما كانت جريمة الضرب او احداث جرح عمدا لا تتطلب غير القصد الجنائى العام وهو يتوفر كلما ارتكب الجانى الفعل عن ارادة وعن علم بان هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه او صحته"( الطعن رقم 4402 لسنة52ق - جلسة 7/10/1982 س33 ص336) . بأنه "  أن القصد الجنائى فى جريمة الجرح العمد انما بتحقيق بإقدام الجانى على احداث الجرح عن ارادة واختيار، وهو عالم بأن فعله يحظره القانون ومن شأنه المساس بسلامة المجنى عليه او بصحته ، ولا يؤثر فى قيام المسئولية ان يكون المتهم قد اقدم على اتيان فعلته مدفوعا بالرغبة فى شفاء المجنى عليه" ( نقض جلسة
 15 /10 /1957 س 8 ص786) .
     توافر القصد الجنائى فى الضرب لا يستلزم من الحكم بيانا خاصا وانما يكفى ان يستفاد من عبارته . ( نقض جلسة 3/3/1958 س9 ص220) .
     لا تلتزم المحكمة فى جريمة إحداث جرح عمدا بأن تتحدث استقلالا عن القصد الجنائى لدى المتهم بل يكفى ان يكون هذا القصد مستفادا من وقائع الدعوى كما اوردها الحكم . ( النقض جلسة 11 /10 /1971 س 22 ص530) . وبأنه " أنه مع التسليم بأن المجنى عليه قد استفز الجانى لاحداث الضرب فلا تأثير لهذا الاستفزاز على قيام الجريمة التى ارتكبت تحت هذا العامل " ( نقض جلسة 12/12/1938 مجموعة القواعد القانونية ج4 ص387) . وبأنه "إن جريمة الضرب لا تقتضى قصدا جنائيا خاصا يتعين على المحكمة التحدث عنه ،اذ ان فعل الضرب يتضمن بذاته العمد ، واذن فالطعن على الحكم الذى أدان المتهم فى جريمة الضرب بأنه لم يذكر ان الضرب حصل عمدا هو طعن لا وجه له. ( نقض جلســة 12/ 6 /1950 س1 ص737) وبأنه"   ان ركن القصد الجنائى فى جرائم الضرب العمد عموما يتحقق بإرتكاب الجانى فعل الضرب عن علم بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه" (نقض جلسـة 31 /5/ 1955 س 6 ص1056) . وبأنه"  من المقرر ان جريمة احداث الجروح عمدا لا تتطلب غير القصد الجنائى العام ، وهو يتوافر كلما ارتكب الجانى الفعل عن ارادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه او صحته ، وكانت المحكمة لا تلزم بأن تتحدث استقلالا عن القصد الجنائى فى هذه الجرائم بل يكفى ان يكون القصد مستفادا من وقائع الدعوى كما اوردها الحكم"( الطعن رقم 4217 لسنة52ق جلسة 1/11/1982 س 33 ص830) . وبأنه "اعمال الاعتداء لا تستلزم توفر نية إجرامية خاصة .ويكفى فيها مجرد تعمد الفعل لتكوين الركن الادبى للجريمة . فيعتبر حكم مستوفيا لكل الشرائط القانونية متى اثبت توفر هذا العمد ولو بطريقة ضمنية"  ( نقض جلسة 12/6/1930 مجموعة القواعد القانونية2ص48) . وبأنه" الجرح الذى يحدثه حلاق بحقن المجنى عليه بإجرائه له عملية إزالة الشعرة غير المرخص له بإجرائها يكون جريمة الجرح العمد ، ولا يلقى قيام القصد الجنائى رضاء المجنى عليه بإجراء العملية أو ابتغاء المتهم ساءه فإن ذلك متعلق بالبواعث التى لا تأثير لها فى القصد الجنائى الذى يتحقق بمجرد تعمد احداث الجرح " ( نقض جلسة 11/1/1937) مجموعة القواعد القانونية ج  ص31) . وبأنه "  ذكر لفظ العمد ليس ضروريا فى الحكم متى كان العمد مفهوما من عبارته"( نقض جلسة 12/12/1932 مجموعة القواعد القانونية ج ص60) . وبأنه " ان جريمة احداث الجروح عمدا لا تتطلب غير القصد الجنائى العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجانى الفعل عن ارادة وعن علم بان هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه او صحته ، ويكفى ان يكون هذا القصد مستفادا من وقائع الدعوى"  ( نقض جلسة 10/12/1978س29 ص901) . وبأنه" من الثابت ان جريمة احداث الجروح عمدا لا تتطلب غير القصد الجنائى العام ويتوافر كلما ارتكب الجانى الفعل عن ارادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه او صحته ، ويكفى ان يكون هذا القصد مستفادا من وقائع الدعوى كما اوردها الحكم "( الطعن رقم 2090 لسنة49ق - جلسة 13/3/ 1980 س 31 ص 377) .وبأنه " يتوافر القصد الجنائى فى جريمة الضرب او الجرح العمد متى ارتكب الجانى فعل الضرب او الجرح عن ارادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم الشخص المصاب او صحته ولا عبرة بالبواث " ( نقض الجلسة 24/10/1932 مجموعة القواعد القانونية ج  ص602) .
 
 
ينبغى ان تتصرف ارادة الجانى الى ارتكاب الفعل الذى يعلم انه يمس سلامة جسم المجنى عليه ، فاذا لم تتصرف الارادة الى الفعل لانه ارتكب تحت تأثير اكراه مثلا ، فلا يعد القصد الجنائى متوافرا ، كما لو اصيب شخص بإغماء مفاجئ اثناء سيره فوقع على طفل كان الى جواره واصابة بجراح (د/ محمود نجيب حسنى - د/عمر السعيد ص 304) .
      كذلك ينبغى ان تتصرف الارادة الى ترتيب النتيجة الاجرامية وهى المساس بسلامة الجسم على اية صورة من الصور ، فإن ثبت عدم انصراف الارادة اليها ، فلا يعد القصد الجنائى متوافرا كمن يطلق عيار ناريا فى الهواء كى يعبر عن سروره فاذا بالنار تصيب انسانا بجراح ، او من يمرر مرودا بعين شخص للتطهير فيترتب على ذلك احداث جرح له بالعين ، واذا كان القصد الجنائى ينتقى فى هذه الحالات ، فإن ذلك لا يمنع من معاقبة الجانى عن جريمة غير عمدية اذا ثبت توافر الخطأ فى حقه .
 
وقد قضت محكمة النقض بأن : إذا كان الفعل المادى الصادر من المتهم وهو تمرير مرود يعين المجنى عليها لم يكن مقصودا به احداث جرح وان استعمال المرود على هذا النحو ليس من طبيعته احداث الجرح وأن الجرح انما نشأ عن خطئه فلا يمكن القول بعد ذلك ان القصد الجنائى فى جريمة الجرح المحدث للعاهة متوافر لدى المتهم ، وكل تصمم نسيته اليه فى هذه الحالة هو انه تسبب بخطئه فى احداث هذا الجرح. (نقض16 ابرايل سنة1957 مجموعة احكام النقض س8 رقم 116ص428) وبأنه "  اذا كانت الواقعة الثابته بالحكم هى ان المجنى عليه شعر بألم عند التبول فقصد الى منزل المتهم الذى كان يعمل تمورجيا بعيادة احد الاطباء فتولى هذا المتهم علاج المجنى عليه بأن ادخل بقبله قسطرة، ولكن هذا العمل قد أساء الى المجنى عليه وتفاقمت حالته الى ان توفى وظهر من الكشف التشريحى انه مصاب بجرحين بالمثانة وبمقدم القبل نتيجة ايلاج قسطرة معدنية بمجرى البول بطريقة غير فنية ، وقد نشأ عن هذه الجروح تسمم دموى عفن ادى الى الوفاة ، فهذه الواقعة لا تكون الجريمة المنصوص عنها بالمادة 200ع (236 الحالية).
     وهى جريمة احداث جرح عمد لم يقصد به القتل ولكنه افضى الى الموت ، وانما هى تكون جريمة القتل الخطأ ( نقض 27 مايو سنة 1935 مجموعة القواعد القانونية ج3 رقم 382 ص484)
       ونلخص من كل ماسبق الى ان المتهم فى جريمة الضرب يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها عن الاصابة التى احدثها ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراجى فى العلاج او الاهمال فيه ما لم يثبت انه كان متعمدا لتجسيم المسئولية .
 
وقد قضت محكمة النقض بأن : من المقرر ان الجانى فى جريمة الضرب او احداث جرح عمدا يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى ولو كانت عن طريق غير مباشر ، ما لم تتداخل عوامل اجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة ، ومرض المجنى عليه انما هو من الامور الثانوية التى لا تقطع هذه الرابطة .  ( نقض جلسة 15/5/1986 س37 ص 553) وبأنه" فى جريمة الضرب او احداث جرح عمدا فإن الجانى يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى - كاطالة أمد علاج المجنى عليه او تخلف عاهة مستديمة به او الافضاء الى موته - ولو كانت عن طريق غير مباشر مادام لم تتداخل عوامل اجنبية غير مباشر مادام لم تتداخل عوامل اجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجانى والنتيجة ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على ان وفاة المجنى عليها كانت نتيجة اعتداء الطاعن ، وقد دفاعه فى هذا الشأن بما أثبته من ان المجنى عليها ظلت تعانى من الحروق المبرحة التى اصيبت بها منذ وقوع الحادث ونقلها الى المستشفى فى 22/2/1977 وحتى مغادرتها لها فى 8/5/1977 واعادتها الى بلدتها ووفاتها اثر ذلك مباشرة فى 10/5/1977 ، وكان الطاعن لا يمارى فى أن ما أقام الحكم عليه قضاءه له معينه الصحيح من الاوراق ، فإن ما أثاره عن انقطاع علاقة السببية تأسيسا على فوات الفترة السالفة ما بين اصابة المجنى عليه ووفاتها لا محل له ما دام انه لا يدعى بوقوع اهمال متعمد فى علاجها " (الطعن رقم 4402 لسنة 52 ق جلسة 7/10/1982 س33 ص336) .