خيانة الأمانة فى الأوراق الممضاة أو المختومة على بياض
 
نصت المادة 340 عقوبات على : " كل من ائتمن على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب فى البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقبت بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا .
وفى حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة إلى الخائن وإنما استحصل عليها بأي طريقة كانت فإنه يعد مزوراً ويعاقب بعقوبة التزوير"
والصورة الواردة بهذه المادة لا تخرج عن أن تكون تزوير ماديا بطريق اصطناع السند أو المحرر ، وأيضا تعد أحدى الجرائم الملحقة بخيانة الأمانة وقد أدرجها المشرع ضمن جرائم النصب وخيانة الأمانة دون أن يدرجها ضمن جرائم التزوير .
وتقول الدكتورة فوزية عبد الستار : أن علاقة هذه الجريمة بخيانة الأمانة فى كون الشخص قد أودع ثقته فى آخر فاتمنه على ورقة بيضاء موقع عليها منه ليتولى ملئ الفراغ الذى فوق التوقيع بأمر اتفق معه عليه كالطلب أو شكوى أو تعاقد فخان متسلم هذه الورقة ، وملأ الفراغ بأمر آخر غير المتفق عليه ينال صاحب التوقيع بضرر مادى كاثبات دين أو مخالصة "  .
ويتضح من ذلك أن هذه الجريمة تنقسم إلى :
1.محل الجريمة      
 2. الركن المادى        
3.الركن المعنوى
 
 
يشترط فى محل الجريمة توافر الشروط الآتية :
1. ورقة ممضاه أو مختومة عل بياض
لا يلزم لتحقيق الجريمة أن تكون الورقة خاليه بالمرة من كل كتابه فوق الأمضاء أو الختم ، بل تتحقق أيضا بمل بعض الفراغ لذى ترك قصداً لملئه فيما بعد بكتابه يترتب عليها حصول ضرر لصاحب التوقيع .
وكذلك لا تعد ورقة موقعة عليها على بياض بالمعنى المقصود هنا توقيع شخص على ورقة دون أن يقصد ملء ما فوق التوقيع فيما يعد بيانات معينة ، كتوقيع شخص على تذكار أو فى كراسة أحد هواة جمع الإمضاءات ، وما إلى ذلك .
وقد قضى " إذا تسلم شخص سندين بمبلغ معين ترك فيه أسم الدائن على بياض للبحث عمن يقرض الموقعين عليه المبلغ الوارد به لسداده لبنك معين حتى إذا وجد من يقبل الإقراض وضع أسمه فى الفراغ المتروك بالسند ، فبدلا من أن يعمل الأمين ذلك وضع أسمه هو فى الفراغ مع انه لم يسدد الدين للبنك تنفيذا للاتفاق ، ثم طلب الموقعين بقيمة السند ، فهذه الواقعة تتحقق فيها الجريمة المنصوص عليها بالمادة 340 ( 1 ) " ، وقد قضى أيضا " يشترط أن يكون الفراغ قد ترك ليملا فيما بعد ، أما إذا انتهز الجانى فرصة فراغ بين السطور أو فى أخرها ، لم يقصد تركه ليملا فيما بعد ، فملاه بكتابه ضاره فإن الفعل يعد تزويرا ( 2 ) " .
2 - تسليم الورقة على سبيل الأمانة .
يشترط أن تكون الورقة الممضاة أو المختومة على بياض قد سلمت إلى الجانى من صاحب التوقيع أو الإمضاء ، وسواء سلمت يدا بيد أو بواسطة شخص أخر ، أما إذا كان الجانى قد تحص على الورقة بطريق آخر فإن ملء البياض يعد تزويرا ، وكذلك إذا سلمت على سبيل الحيازة العارضة أو على سبيل الحيازة النهائية فإن المستلم لا يرتكب هذه الجريمة وإنما يرتكب بملئه الفراغ .
ولكن إذا روعى أن تسليم الورقة كان على سبيل الأمانة فإنه لا يحول دون تطبيق المادة 340 عقوبات ، أن يكون الجانى قد تسلم الورقة بناء على طرق احتيالية ، وتسليم الورقة واقعة مادية تثبت بكافة طرق الإثبات .
وقد قضى " أن اختطاف ورقة ممضاة على بياض وملأها بسند دين أو مخالصة أو لغير ذلك من الالتزامات التى يترتب عليها ضرر لصاحب الإمضاء يعد تزويرا فى محرر عرفى ( 3 ) .
_____________________________
( 1 ) نقض 15/2/1937 مجموعة القواعد القانونية جـ 4، رقم 49 ، ص 48
( 2 ) نقض 3/1/1959 أحكام النقض ، س 10، رقم 31 ، ص 143
( 3 )  نقض 28/2/1935 مجموعة القواعد القانونية ـ جـ 3، رقم 326 ص 416
 
 
المطلب الثانى : فعل الخيانة
 
فعل الخيانة هو الركن المادى فى هذه الجريمة التى نصت عليها الماد 340 حيث قالت " وكتب فى البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله " .
وفى هذا ما يدل بوضوح على أن النص يتناول بالعقاب كل من يكتب فوق التوقيع كتابه يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب التوقيع أو ماله أو يكون من شأنها الإضرار به كائنا ما كان هذا الضرر ماديا أو أدبيا ، محققا أو محتملا فقط .
كما هو الحال تماما بالنسبة ركن الضرر فى جريمة التزوير ، مع فارق واحد هو أن الضرر أو احتماله هنا يجب أن يكون واقعا على صاحب التوقيع ذاته لا على غيره ، وتسليم الورقة الممضاة على بياض هو واقعة مادية لا تقتضى من صاحب الإمضاء إلا إعطاء إمضائه المكتوب على تلك الورقة إلى شخص يختاره ، وهذه الواقعة المادية منقطعة الصلة بالاتفاق الصحيح المعقود بين المسلم وأمينة على ما يكتب فيما بعد فى تلك الورقة بحيث ينصرف إليه الإمضاء ، وهذا الاتفاق هو الذى يجوز أن يخضع لقواعد الإثبات كشفاً عن الحقيقة .
ولا يشترط أن تكون هذه البيانات التى سطرها الجانى مخالفة لما أتفق عليه ، بل يكفى أن يكون بعضها مخالفا ولو كان البعض الآخر صحيحا ما دامت البيانات المخالفة تعود بالضرر على صاحب التوقيع أما إذا كانت البيانات التى سطرها الفاعل مطابقة لما حصل الاتفاق عليه فلا جريمة .
 
المطلب الثالث : القصد الجنائى
 
جريمة خيانة الائتمان على توقيع جريمة عمديه ذات قصد جنائى عام ألا يشترط أن تتجه إرادة المتهم إلى إثبات البيانات التى وضعها فوق الإمضاء أو الختم ، والى الضرر ولو فى صورته الاحتمالية (1).
وأن يعلم الجانى أن ما كتبة فوق التوقيع أو الإمضاء يخالف ما عهد إليه به ، وأن هذه الكتابة تضر بصاحب التوقيع أو من شأنها الإضرار به
ولا يشترط أن يكون العلم بالضرر واقعيا أو فعليا بل يكفى أن يكون علما فرضيا ، ويجب أن يكون القصد الجنائى متوافرا وقت الجريمة .
العقوبة : الحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد عن ثلاث سنوات ويجوز أن يعاقب كذلك بالغرامة بما لا تزيد إلى خمسين جنية .
ولا عقاب على الشروع فى هذه الجريمة ، ولا يوقع على الجانى عقوبة مراقبة الشرطة فى حالة العود .