الشروع فى جريمة خيانة الأمانة
 
الأمر المعاقب عليه فى خيانة الأمانة يتم باختلاس المال محل التعاقد أو بتبديده ، أو باستعماله استعمالا يعد فى حكم التبديد ، ويعتبر الفعل المادى فى جريمة خيانة الأمانة لا يتطلب فى الواقع شيئا أكثر من تغيير وجهة المال ، فهو لا يتطلب من الجانى انتزاع حيازته ، لأنه صاحب هذه الحيازة مؤقتا ، بل كل ما تتطلبه الجريمة هو ظهور نية الاستيلاء على المال ، أى مجرد تغيير صفة الحيازة من مؤقتة إلى تامة لا أكثر ، أو كما يقول جارو " فى السرقة على الجانى أن ينتزع الحيازة من المجنى عليه حتى يتملك المال ، ومن الجائز أن يضبط نتيجة ظرف قهرى خاص يفاجئ به ، أو أن يخالف فيهرب ، أما فى خيانة الأمانة فإن المال بين يدى الجانى ، ولا يوجد عائق مادى يحول دون تملكه إياه فالإرادة والتنفيذ غير قابلين للفصل ولا يغير من ذلك شيئا القول بأن نية تغيير صفة الحيازة تثبت عادة بأعمال مادية خارجية ، قد تكون إيجابية كبيع المنقول أو عرضه للبيع ، كما قد تكون سلبية كمجرد الامتناع عن إعادته إلى صاحبه رغم طلبه .
وقد قضى " أن خيانة الأمانة تتحقق " بكل فعل يدل على أن الأمين اعتبر المال الذى أؤتمن عليه مملوكا يتصرف فيه تصرف المالك ، ولا يشترط لتحققها خروج المال بالفعل من حيازة الأمين بناء على التصرف الذى أوقعه " (1) .
وبقولها فى حكم آخر إن خيانة الأمانة تتم " بمجرد خروج الأمين عن مقتضى عقد الأمانة ، وانعقاد عزمه على التصرف فيما أؤتمن عليه تصرف المالك ، أم محاولته التصرف فيه بعد ذلك فإنها لا تخرج عن كونها من أدلة الإثبات " ( 2) .
وقد قضى بأن " مجرد تغيير النية أمر تتم به الجريمة ، فإن الشروع يكون غير متصور فيها ، وقد استقر قضاؤها كذلك على هذا الرأى منذ زمن بعيد ، فذهب إلى أنه لا يشترط أن يكون الجانى قد تصرف فى الشئ الذى أؤتمن عليه تصرفا نهائيا لإمكان القول بتمام الجريمة ، بل يكفى أن يكون قد باعه بالفعل ولو يسلمه إلى المشترى بعد ، أو حتى عرضه للبيع مجرد عرض ، ولم تلق المحكمة بالا إلى ما قيل من أن مثل هذه الأفعال تعد شروعا غير معاقب عليه .
كما قضى " بأنه إذا سلم الأمين الأمانة إلى الغير لبيعها لكان ذلك منه اختلاسا تقوم به الجريمة التامة لثبوت التغيير الطارئ على نية الحيازة ( 3 )
ولا يحول دون القول بقيام الجريمة رد الشئ أو ما يقابله بعد تبديده بالفعل إذا كان قيميا ، وتعد الواقعة جريمة تامة لا مجرد شروع .
أما إذا كان من المثليات ، ففرض من اثنين ، أما أن يكون الجانى - وقت التصرف فيه - راغبا فى الرد قادرا عليه ، وحينئذ لا تقوم الجريمة مطلقا ، وأما ألا يكون كذلك ، وحينئذ تعد الواقعة أيضا جريمة تامة لا مجرد شروع منذ ذلك الوقت .
ولذلك فإن الفعل التحضيرى فى هذه الجريمة غير متصور كذلك  شأنه شأن الشروع فيها ، ولنفس الأسباب .
 _____________________________
(1) نقض 19/2/1945 القواعد القانونية ج6 رقم 506 ص650
( 2) نقض 7/10/1947 مجموعة عاصم الكتاب الأول رقم 83 ص178
( 3 )  نقض 20/5/1935 رقم 1285 س5 ق