الضـــرر فى جريمه خيانه الامانه
 
أن كل جريمة يترتب عليها ضرر مباشر هو الذى يحظره القانون ويعاقب عليه ، وأن هذا الضرر قد يكون نتيجة مفترضة ومتصلة بالفعل المادى أوثق صلة بحيث لا يمكن فصلها عنه بحكم طبيعة الأشياء .
كما قد يكون الضرر أحيانا عنصرا مندمجا فى الركن المعنوى للجريمة أى ينبغى أن تتوافر فيها نية الإضرار ، كما هى الحال فى جرائم تزييف المسكوكات وتزوير الأختام والدمغات والعلامات وما فى حكمها والبلاغ الكاذب ، فيعاقب عليها الجانى متى قامت لديه هذه النية ، ولو لم يتحقق الضرر الذى يحظره القانون ولذا يسمى هذا النوع من الجرائم أحيانا بالجرائم الشكلية .
إلا أن هناك طائفة من الجرائم تستلزم الضرر ركنا موضوعيا مستقلا عن الركن المعنوى للجريمة ، كما هو مستقل عن الفعل المادى فيها وقائم بذاته ، وذلك لأن الضرر فيها قد يتحقق أحيانا ، وقد لا يتحقق رغم قيام الفعل المادى بما تنتفى معه المحكمة من العقاب ، كما هى الحال فى تزوير المحررات وشهادة الزور مثلا ،
وقد عبر المشرع عن ركن الضرر فى المادة 341 التى قالت  "كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ إضرارا بمالكيها أو أصحابها أو واضعى اليد عليها " .
ولا عبرة بمقدار الضرر ، فالجريمة تقوم مهما كان مقداره من الضآلة ولا أهمية لما إذا كان الجانى قد استفاد من الجريمة أم لم يستفد طبقا للقاعدة العامة ويستوى أن يكون الضرر ماديا كتبديد مال ، أم أدبيا كتبديد أوراق لها قيمة عائلية أو تذكارية .
ومن صور الضرر الأدبى ما قضى به " من أنه متى كان الحكم قد أثبت وجود عجز فى أكياس السماد التى سلمت إلى مشتريها من الجمعية الزراعية ، ثم أدان أمين الشونة ومساعده فى تبديد السماد ، فلا يجدى فى دفع التهمة عنهما القول بأن ركن الضرر غير متوفر فى الجريمة إذ أن الجمعية الزراعية قد حصلت على كامل حقها ، لأن هذا القول مردود بأنه يكفى لتحقق الجريمة أن يلحق بالمشترين من الجمعية ضرر حتى يتعدى الضرر إليها هى أيضا " ( 1 ) .
كما يستوى أن يكون الضرر محققا ، أم محتملا فحسب ( 2 ) ، ومن صور الضرر المحتمل أن يرد الجانى المال الذى بدده أو قيمته بعد وقوع التبديد بالفعل وبعد مطالبته بمدة طالت أو قصرت ، ومن باب أولى بعد إقامة الدعوى عليه فحينئذ يمكن القول بأنه وقت المطالبة بالرد كان الضرر محتملا بقدر احتمال عجز المتهم عن الرد نتيجة للتبديد ، وذلك فضلا عن أن جزءا من الضرر قد تحقق فعلا نتيجة التأخير فى تنفيذ الالتزام بالرد فى الميعاد أو فور المطالبة بحسب الأحوال ، وتعتبر الجريمة قائمة رغم رد نفس الشئ عينا أو تعويض المجنى عليه بما يوازى قيمته وكل أثر الرد أنه يجوز أن يعد ظرفا قضائيا مخففا للعقوبة .
أما انتفاء الضرر كلية فصورته أن يقع التبديد بالفعل من المتهم ، ولكنه يتمكن من استعادة المال ورده إلى المجنى عليه قبل التاريخ المحدد للرد ، وكذلك إذا زال الالتزام بالرد بأن أصبح الأمين مالكا الأمانة أثر ظرف مجهول ، أو إذا أنفق الوكيل المال الذى قبضه على ذمة الموكل ، ثم اتضح من عمل الحساب بينهما فيما بعد أنه قد صار دائنا للموكل بدلا من أن يكون مدينا له .
ولا يحول دون تحقق الضرر أن يقال أن المبدد ملئ قادر على دفع التعويض المناسب ، مادام قد عجز عن الرد عينا فى الميعاد ، والتعويض الذى يجئ متأخرا وبعد المطالبة لا ينفى الضرر كما قلنا ، ومن باب أولى ذلك الذى يجئ بعد المقاضاة .
المضرور من الجريمة ؟
أشارت المادة 341 إلى أن الإضرار يكون " بمالكى السلعة أو أصحابها أو واضعى اليد عليها " والضرر يلحق بصفة أصلية مالك السلعة ، وهو عادة شخص معلوم ، وقد يكون غير معلوم كشخص تودع عنده أموال لتوزيعها على جهات بر فيبددها قبل أن يتم اختيار هذه الجهات ، أو كشخص يودع عنده مال مفقود من صاحبه المجهول فيبدده .
كما قد يلحق الضرر المباشر الحائز السابق ، كالتبديد إضراراً بمستأجر أو بمودع عنده أو بمستعير سابق ، ومن المحتمل أن يتحمل هذا الحائز السابق الضرر كله - دون المالك - إذا رأى من جانبه تعويض هذا الأخير عنه ، أو شراء سلعة له بدلا من تلك التى بددت .
وأخيراً قد يلحق الضرر واضع اليد على السلعة ، ولو كانت يده عارضة كالخادم الذى يعير سلعة مملوكة لمخدومه إلى جار أو يسلمها إلى صانع فيختلسها هذا أو ذاك إضراراً بالخادم أو بالمخدوم .
________________________
( 1 ) نقض 15/1/1952 أحكام النقض س 3 رقم 165 ص436
( 2 ) نقض 28/4/1969 أحكام النقض س 20 رقم 126 ص616