صور مخففه من التزوير
نصت المادة 224 من قانون العقوبات على ما يأتى : " لا تسرى أحكام المواد 211 ، 212 ، 213 ، 214 ، 215 على أحوال التزوير المنصوص عليها فى المواد 216 ، 217 ، 218 ، 219 ، 220 ، 221 ، 222 ولا على أحوال التزوير المنصوص عليها فى قوانين عقوبات خاصة " . وهذا البيان ينقصه الإشارة إلى المادتين 226 ، 227 من قانون العقوبات ، فهما تنصان على صورتين مخففتين للتزوير ، وقد اعتبر القانون الأحوال المشار إليها جنحاً وقرر لها عقوبات أخف من عقوبة التزوير فى المحررات العرفية ، مع أن بعضها تنطبق عليه صفات التزوير فى المحررات الرسمية ، وعلة ذلك على ما يظهر أن خطر التزوير فى هذه الأحوال أقل منه فى أحوال التزوير الأخرى .
وصور التزوير المخففة فى قانون العقوبات هى :
1. التزوير فى تذاكر السفر وتذاكر المرور م (  216 : 218، 220)
2. التزوير فى دفاتر المحال المعدة لإسكان الناس بالأجرة م 219
3. التزوير فى الشهادات الطبية ( المواد 221 - 223 )
4. التزوير فى أعلامات تحقيق الوفاة والوراثة ( المادة 226 )
5. التزوير فى سن الزوجين فى وثائق الزواج ( المادة 227 )
         
التزوير فى تذاكر السفر والمرور
محل الجريمة
يشترط أن يقع التزوير فى تذاكر السفر والمرور ، والمقصود بتذاكر السفر " هى ورقة رسمية تصدر من الدولة الى شخص معين متضمنة التصريح له باجتياز حدودها ، بينما يقصد بتذاكر المرور " هى ورقة رسمية تصدر من الدولة الى شخص معين متضمنة التصريح له بالانتقال داخل إقليم الدولة من مكان الى آخر استثناء من حظر مفروض على هذا التنقل .
وقد قضى " أن ورقة الإعفاء من أجرة السكة الحديدية هى من الأوراق الرسمية والعبث بها ضار بخزانة الحكومة . فالتزوير فيها واستعمالها مع العلم بتزويرها يكون جناية يقع فاعلها تحت متنأول المواد 179 و180 و182 عقوبات . ولا يجوز فى هذه الحالة تطبيق المادة 185 بإعتبار الجريمة جنحة . ذلك بأن هذه الورقة ليست من قبيل تذاكر المرور " Permis de route " ولا تذاكر السفر " جوازات السفر " ( Passeports ) ولا أوراق الطريق ( feuilles de route ) المنصوص عليها بالمادة 185 المذكورة ، لأن هذه التذاكر فى جملتها إنما هى أوراق منشأة تحت فكرة أساسية هى فك قيد الحرية العالق ببعض الأشخاص وتركهم يروحون ويغدون على الوجه المأذون لهم به فى الورقة . أما ورقة الإعفاء من الأجرة فليس الغرض منها إلا إعفاء حاملها من دفع الأجرة فقط ، وشتان ما بين هذا وبين إطلاق حرية السفر ( 1 ) .
وهذه الأوراق فى جملتها منشاة تحت فكرة أساسية هى رفع ما يكون عالقاً من القيود بحرية الأشخاص فى التنقل من مكان إلى آخر بغض النظر عن الأسماء التى اصطلح على تسمية هذه الأوراق بها ، فلا يعد من قبيلها الأوراق التى تعطيها مصلحة السكك الحديدية للترخيص فى استخدام قطاراتها فى الأسفار بأجر أو بغير أجر ( 2 ) ، وتذاكر الترام ( 3 ) ، ورخص السيارات ( 4 ) .
وقد فرقت محكمة النقض بين تزوير تذاكر السفر والمرور الوطنية والأجنبية قاصرى التحقيق على الوطنية منها دوى الأجنبية حيث تخضع الأخيرة للأحكام العامة للتزوير ومن ثم فإن عقوبتها تكون أشد من تلك التى تتعلق بالوطنية ، وهو أمر منتقد لما يترتب عليه من إسباغ حماية جنائيـة أكبـر لتذاكر المرور والسفر الأجنبية عن الوطنية ( 5 ).
جرائم التزوير التى تقع فى تذاكر السفر والمرور
يعاقب القانون بعقوبة مخففة على نوعين من التزوير ، التزوير المعنوى بالتسمى باسم غير حقيقى ، والتزوير المادى باصطناع التذكرة أو التغيير فيها ، كما يعاقب على استعمال التذكرة المزورة تزويرا مادياً  وعلى استعمال التذكرة الصحيحة التى لا تخص من استعملها .
1. التزوير المعنوى 
نصت المادة 216 على أن " كل من تسمى فى تذكرة سفر أو فى تذكرة مرور باسم غير اسمه الحقيقى أو كفل أحداً فى استحصاله على الورقة المشتملة على الاسم المذكور وهو يعلم ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تتجأوز عشرين جنيهاً " .
ونصت المادة 220 على أن " كل موظف عمومى أعطى تذكرة سفر أو تذكرة مرور باسم مزور مع علمه بالتزوير يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغـرامة لا تتجاوز خمسين جنيها فضلا عن عزله " .
والنصان لا يطبقان إلا فى حالة تغيير الاسم ، فلا عقاب أصلا على من يذكر اسمه الحقيقى لدى استخراجه تذكرة سفر أو مرور ولكنه يعطى بيانات أخرى مكذوبة ، ولو كانت مما أعد المحرر لإثباتها به ، كأن يغير فى جنسيته ( 6 ) ، أو يذكر سنا غير سنه أو محل إقامة غير محله الحقيقى ، ولو أدى ذلك إلى إخفاء شخصيته وكان الإخفاء مقصودا ، وقد يقال إن مثل هذا التغيير تسرى عليه الأحكام العامة ، ولكن لا يمكن أن ينصرف قصد الشارع إلى اعتبار التغيير فى الاسم جنحة والتغيير فى بيانات أقل أهمية جناية ، فالصحيح أن القانون لا يجرم فى هذا المقام سوى تغيير الحقيقة فى الأسم ( 7 ) .
2. التزوير المادى
تنص المادة 217 على أن " كل من صنع تذكرة مرور أو تذكرة سفر مزورة ، أو زور فى ورقة من هذا القبيل كانت صحيحة فى الأصل ، أو استعمل إحدى الأوراق المذكورة مع علمه بتزويرها ، يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنيهاً مصرياً " .
ويلاحظ أن القانون يفرق بين التزوير المادى والتزوير المعنوى فى عدة أمور ، فهو يعاقب على نوع معين من التزوير المعنوى بينما يعاقب على التزوير المادى بكل طرقه ، ويعاقب على التزوير المادى بعقوبة أشد ، ولا يجعل من صفة الموظف ظرفاً لتشديد العقاب عليه ، وأخيراً يعاقب على استعمال الورقة المزورة تزويراً مادياً بينما يغفل معاقبة من يستعمل الورقة المزورة تزويراً معنوياً ، وهذه التفرقة بين نوعى التزوير فى ورقة واحدة لا مبرر لها .
3. استعمال تذكرة الغير
نصت المادة 218 على أن " كل من استعمل تذكرة مرور أو تذكرة سفر ليست له يعاقب بالحبس مدة لا تتجأوز ستة شهور أو بغرامة لا تزيد على عشرين جنيهاً " ، والفرض أن يستعمل شخص تذكرة غير مزورة ولكنها ليست له ، وهى جريمة لا علاقة لها بالتزوير وإنما ألحقها الشارع حكما باستعمال التذاكر المزورة ، ولوحظ فى تخفيف العقاب أن الفاعل أخف جرما ممن يستعمل تذكرة مزورة .
_______________________
( 1 ) طعن رقم 1728 ، للسنة القضائية 47 ، بجلسة 30/10/1970 .
( 2 ) نقض 30 أكتوبر سنة 1930 مجموعة القواعد القانونية ج 2 رقم 78 ص 69 .
( 3 ) نقض 10 ديسمبر سنة 1945 مجموعة القواعد القانونية ج 7 رقم 30 ص 24 .
( 4 ) نقض 29 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض س 2 رقم 433 ص 1185 .
( 5 ) د/ محمود طه ، المرجع السابق صـ 346 .
( 6 )  نقض 25 فبراير سنة 1935 مجموعة القواعد القانونية ج 2 رقم 340 ص 435 .
( 7 )  د/ محمود مصطفى ، المرجع السابق صـ 172 .