·        توزيع الاختصاص بين محاكم القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية :
فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن " القضاء الإداري ومحاولته توسيع اختصاصه ليشمل النقل أو الندب ذهب تارة إلى أن الذي يخرج من اختصاصه هو تلك القرارات التي اتجهت فيها الإدارة إلى إحداث الأثر القانوني بالنقل أو بالندب فقط أما إذا صدر القرار دون استيفاء للشكل أو لإجراءات التي أستوجبها القانون أو صدر بالمخالفة لقاعدة التزمت بها الإدارة في النقل أو الندب خضع لرقابة القضاء الإداري وهذا يعني أن هذا الاتجاه إنما أستهدف فقط إخراج قرارات النقل أو الندب السليمة من اختصاص القضاء الإداري بما يفيد بسط رقابته على كل قرار منها صدر معيباً بما قد ينتهي إلى إلغائه . ومن حيث أنه وقد صدر القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وأصبح القضاء الإداري هو صاحب الاختصاص الأصيل بالمنازعة الإدارية عدا ما أخرجه المشرع من ولايته فإن قرارات النقل أو الندب  تدخل في اختصاص القضاء الإداري بصفتها من المنازعات الإدارية . فإن شابها انحراف بأن تثبت أن القرار لم يستهدف الغاية التي شرع من أجلها وهي بصفة أساسية إعادة توزيع العاملين بما يحقق سير العمل بالمرفق بل تغياً أمراً آخر كالتعين أو الندب أو إفادة عال على حساب حق مشروع لآخر كان ذلك جمعيه في الاختصاص الأصيل للقضاء الإداري شأن قرارات النقل أو الندب في شأن ذلك أي قرار إداري آخر مما يخضع لرقابة القضاء من حيث الاختصاص والشكل والسبب والغاية وغير ذلك و أوجه الرقابة على القرارات الإدارية وعلى هذا الوجه وإذا كان قضاء مجلس الدولة الأول أبان كان اختصاصه محدداً على سبيل الحصر قد أجتهد فتوسع في تفسير النصوص المحددة لاختصاصه فأبتدع فكرة الجزاء المقنع ليمد اختصاصه ليشمل قرارات النقل أو الندب حتى لا تصبح هذه القرارات بمنأى عن رقابة القضاء فإنه وقد تعدل الوضع بصدور القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه وجعل مجلس الدولة صاحب ولاية عامة في المنازعات الإدارية فقد أضحى ولا محل لمثل هذا التأثير ذلك أن الطعن في قرار النقل أو الندب هو منازعة إدارية توفر للعامل كل الضمانات إذا لو صدر منها وكان ساتراً لعقوبة مقنعة قصد توقيها على العامل فإن القرار في هذه الحالة يكون أستهدف غير مصلحة العامل وغير الغاية التي شرع لها فيكون معيباً الانحراف . ومن حيث أن القانون رقم 47 لسنة 1972 قد نص في الفقرة الأخيرة في المادة 15 على اختصاص المحاكم التأديبية بما ورد في البندين تاسعاً وثالث عشر من المادة 10 وأولهما الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية وثانيهما الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً ونص في المادة 19 على أن توقيع المحاكم التأديبية الجزاءات التي يجوز توقيعها على العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة وحدد في المادة 21 الجزاءات التأديبية التي توقع على من ترك الخدمة فإن ما يستفاد من ذلك أن المشرع قد أراد بالقرارات النهائية لسلطات التأديبية تلك القرارات الصادرة بالجزاءات مما يجوز لتلك السلطات توقيعها طبقاً لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وهو الذي حدد هذه السلطات وما تملكه كل سلطة منها توقيعه من جزاءات وذات المعنى هو المقصود بالجزاءات التي توقع على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً وهو قانون نظام العاملين بالقطاع العام والذي حدد ه  الآخر السلطات التأديبية وما يجوز لكل سلطة توقيعه من جزاءات وهو ذات المقصود من المادتين 19 ،21 من القانون ومن ثم فإن تعبير الجزاء التأديبي لا يمكن أن يقصد به غير هذا المعنى المحدد وقد حدد كل من قانوني العاملين بالحكومة والقطاع العام هذه الجزاءات على سبيل الحصر وعلى هذا الوجه وإذا كان اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في الجزاءات على نحو ما سلف إيضاحه بالمراحل التشريعية المحددة لذلك قد أنتقل إلى هذه المحاكم استثناء من الولاية العامة للقضاء العادي "  المحاكم العمالية" كما جاء كذلك استثناء من الولاية العامة للقضاء الإداري بالنسبة للموظفين العموميين لذلك وإذا كانت القاعدة المسلمة أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره خاصة بعد زوال موجبه فما كان يجوز سلوك هذا الاجتهاد مع صراحة النصوص المحددة للجزاءات التأديبية على سبيل الحصر طبقاً لما سلف البيان والقول بغير ذلك يؤدي إلى خلق جزاء جديد "هو الندب أو النقل" وإضافته إلى قائمة الجزاءات التي حددها القانون صراحة وعلى سبيل الحصر وهو ما لا يتفق مع أحكام القانون . وفي ظل النظر باختصاص المحاكم التأديبية بالجزاء المقنع بالنقل أو بالندب بعد العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ولوضع معيار في تحديد الاختصاص بين هذه المحاكم وبين القضاء الإداري والعمالي بالنقل أو الندب فإن القول بوجود الجزاء المقنع كان يفرض البدء بالتعرض لموضوع الطعن والفصل فيه للتوصل إلى التحقق من وجود جزاء مقنع أو عدم وجوده فكان على المحكمة التأديبية لتحديد اختصاصها أن تبدأ بالفصل في الموضوع فإن تيقنت وجود جزاء مقنع كانت مختصة وإذا انتهت إلى عدم وجود الجزاء المقنع لم تكن مختصة وهو مسلك يخالف أحكام القانون في عدم توقف تحديد الاختصاص في الفصل في الموضوع وخروجاً من هذا المأزق القانوني قيل بأن العبرة في تحديد الاختصاص هو بما يحدده الطاعن في طالباته فإن وصف طعنه بأن محله جزاء مقنع اختصت المحكمة التأديبية وإذا يقم طعنه على فكرة الجزاء المقنع لم تكن تلك الحكمة مختصة هذا بينما الذي يتولى تحديد ما يعتبر جزاء تأديبي صريحاً هو القانون وحده وما يضفه المدعي على طالباته من أوصاف قانونية العبرة فيها بما يقرره القانون وتقضي به المحكمة صاحبة القول الفصل في إنزال التكييف السليم دون التزام بما يسنده صاحب الشأن من أوصاف قانونية فالقانون هو الذي حدد صراحة ما يعتبر جزاءاً تأديبياً أو قراراً نهائياً صادراً من سلطة تأديبية " (طعن رقم 3272 لسنة 29ق "إدارية عليا" جلسة 2/11/1986) وبأنه "اختصاص القضاء التأديبي ورد محدوداً كاستثناء من الولاية العامة للقضاء الإداري في المنازعات الإدارية - الاستثناء يفسر في أضيق الحدود ويجب الالتزام بالنص وحمله على المعنى الذي قصده المشرع - يقتصر الاختصاص القضاء التأديبي على الفصل في المنازعات المتعلقة بالجزاءات التي حددتها القوانين واللوائح صراحة على السبيل والحصر والتي يجوز توقيعها على العاملين كعقوبات تأديبية - اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بجزاءات غير تلك المحددة في القوانين واللوائح صراحة - أساس ذلك - القضاء الإداري صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية - القرار الصادر بجزاء مقنع لا يخرج عن كونه تعبيراً غير دقيق لعيب الانحراف بالسلطة وهو أحد العيوب التي يجوز الطعن من أجلها في القرار الإداري بصفة عامة - مثال بالنسبة لقرار النقل " (طعن رقم 414لسنة 27ق "إدارية ليا" جلسة 3/4/1984) وبأنه "إقامة العامل دعواه بالطعن على قرار الندب أمام محكمة القضاء الإداري - صدور حكم محكمة القضاء الإداري بعدم الاختصاص وإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية - إنه وإن كانت المنازعة تدخل أساساً في اختصاص القضاء العادي إلا أن حكم الاختصاص يقيد المحكمة التأديبية ويلزمها بالفصل في الدعوى- أساس ذلك : المادة 110 مرفعات " (طعن رقم 1271 لسنة 25ق "إدارية عليا" جلسة 7/2/1984) وبأنه "المادتان 13، 15 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 حدتا اختصاص كل محكمة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية - المحاكم التأديبية ذات اختصاص محدود استثناء من الاختصاص العام لمحكمة القضاء الإداري في المنازعات الإدارية - يتعين تفسير الاختصاص في أضيق الحدود . قصر اختصاص المحاكم التأديبية على الطعون في قرارات الجزاء المقنعة هي وهي الجزاءات المستوردة بإجراء أو تصرف إداري تختص بنظر المنازعات فيها محكمة القضاء الإداري - الطعن في هذه القرارات والنعي عليها بعيب الانحراف بالسلطة ومنه أن تستهدف جهة العمل بالإجراء أو التصرف الانتقام من الموظف العام أو معاقبته - أو بعيب الخروج على قاعدة تخصيص الأهداف - بأن تستهدف جهة العمل تحقيق مصلحة عام بغير الطريق الذي رسمه القانون خصيصاً لتحقيقها - تطبيق بالنسبة لقرارات نقل العاملين المدنيين بالدولة " (طعن رقم 640 لسن 25ق "إدارية عليا" جلسة 3/1/1984) وبأنه "قواعد توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية - المحاكم التأديبية صاحبة الولاية العامة في مسائل التأديب - صدور قرار نقل عام يستر في حقيقته جزاء تأديبي - الاختصاص بنظر الطعن فيه بمحكمة التأديبية المختصة دون محكمة القضاء الإداري " (طعن 267 لسنة 26ق "إدارية عليا" جلسة 6/11/1982) وبأنه "فقدان شرط من الشروط اللازمة للتعيين في وظائف الخفر - تعلقه بفقدان الصلاحية أصلاً للاستمرار في الوظيفة وحمل أمانتها بما لا سبيل معه سوى إنهاء الخدمة - هو إجراء منبت الصلة بأوضاع التأديب وإجراءاته وأداته القانونية ولا يدخل في باب الجزاءات إنها الخدمة لفقد شرط من شروط التعيين في وظائف الخفر وكله المشرع إلى مدير الأمن ذاته باعتباره فصلاً بغير الطريق التأديبي ولم يسنده إلى السلطات التأديبية - نتيجة ذلك أن القرار الصادر في هذا الشأن ينأى الطعن فيه عن اختصاص المحكمة التأديبية وتنعقد الولاية فيه للمحكمة الإدارية " (طعن 9 لسنة 24ق "إدارية عليا" جلسة 13/5/1978) وبأنه "إسقاط العضوية عن الأعضاء المنتخبين أو المختارين للمجلس القروي سواء على سبيل الاستقالة المقررة في المادة 66 أو الفصل المنصوص عليه في المادة 67 من القانون 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية - لا يعتبر فصلاً تأديباً وإنما هو إنهاء لعضوية المجلس القروي وإسقاط لها لفقدان صلاحية الاستمرار فيها سواء بتكرار الانقطاع غير المقبول عن جلسات المجلس أو بفقدان أسباب الثقة و الاعتبار كشرط لازم لعضوية المجلس - لا أثر لهذا القرار على المركز الوظيفي للعضو الذي اسقط عضويته - نتيجة ذلك- خروج الطعن في قرار إنهاء العضوية عن اختصاص المحاكم التأديبية - اختصاص محكمة القضاء الإداري باعتبار أن القرار من قبيل قرارات الفصل بغير الطريق التأديبي التي تدخل في اختصاصها قانوناً - أساس ذلك" (طعن 209 لسنة 23ق "إدارية عليا" جلسة 31/12/1977)