يصعب في الواقع وضع تعريف جامع مانع للإجراءات التحفظية والوقتية ، وذلك راجع إلى تعدد أشكال الحماية التي توفرها هذه الإجراءات للخصوم في الواقع العملي ، وهو ما حدا بالفقهاء إلى محاولة تجميع كافة أشكال هذه الإجراءات وتقسيمها حسب شكلها أو حسب الغرض منها بدلا من وضع تعريف محدد لها ، فاتجه جانب فقهي إلى أن هناك ثلاثة أقسام من الإجراءات التحفظية والوقتية :
1.إجراءات تهدف الى حفظ الأدلة اللازمة للفصل في النزاع ويمكن أن يطلق عليها (إجراءات تحقيق) .
2.إجراءات تهدف الى حفظ أو توازن العلاقات القانونية بين الخصوم أثناء الخصومة .
3.إجراءات تهدف الى خلق أو إحداث حالة واقعية أو قانونية لضمان تنفيذ الحكم الذي سيصدر ، ويمكن أن تسمى (إجراءات تحفظية) .
ويرى جانب فقهي آخر أن هناك شكلين أو مفهومان للإجراءات الوقتية ، الأول : مفهوم موسع بمقتضاه يعد إجراء وقتيا لكل إجراء يهدف الى تأمين السير الطبيعي لإجراءات الخصومة ، والثاني : مفهوم ضيق يقصر هذا التعريف على تلك الإجراءات التي تسبق تنفيذ الحكم ، أى التي يكون الغرض منها ضمان تنفيذ الحكم ، في حين يقتصر جانب ثالث من الفقهاء على ذكر بعض الأمثلة على تلك الإجراءات دون وضع تقسيم لها ، كتعيين حارس على العقار أو استبداله أو الأمر بإنهاء الحراسة ، أو إثبات الحالة أو استدعاء خبير ، أو تسليم عين بصفة مؤقتة والقيام بالصيانة اللازمة لمصنع ما ، أو إجراءات المحافظة على السلع موضوع النزاع وطلب إيداعها في مكان أمين ، أو الأمر ببيعها إذا كانت قابلة للتلف ، أو الأمر بالحجز التحفظي على أموال أحد الأطراف أو على حقوقه ومستحقاته لدى الغير .
والإجراءات الوقتية والتحفظية - وإن كان من الصعب وضع تعريف محدد لها - فإنها تشترك في الخصائص التالية :
أ‌)إن لها طابعا تبعيا ، فهى لا توجد إلا بصدد نزاع وجد أو سيوجد حول الموضوع الأصلي الذي اتفق بشأنه على التحكيم .
ب‌) إنها إجراءات وقتية وليست نهائية أو قطعية وبقاؤها متوقف على بقاء الخصومة الأصلية ، وليس لها أى حجية أمام قاضي الموضوع .
ج) أنها رغم ارتباطها بالدعوى الأصلية ، إلا أنها تختلف عن غرضها عن هذه الدعوى ، فهى لا تهدف إلى حل النزاع بصورة مباشرة ، وإنما تهدف إلى تسهيل تحقيق غرض الخصومة الأصلية ، وهو إصدار الحكم وضمان تنفيذه مستقبلا ، ولذا فإن إجراءات إصدارها تختلف عن الإجراءات التي تتم أثناء نظر موضوع النزاع . (راجع في كل ما سبق والي ، الوسيط ص622 - د/ سامية راشد ، التحكيم في إطار المركز الإقليمي بند 75)
هذه الإجراءات التحفظية والوقتية تهدف الى حفظ الأدلة اللازمة للفصل في النزاع أى إجراءات التحقيق . كما أنها تشمل الإجراءات التي تهدف الى حفظ توازن العلاقات القانونية بين الخصوم ، كما تشمل أيضا الإجراءات التي تهدف الى خلق أو إحداث حالة واقعية أو قانونية لضمان تنفيذ الحكم الذي سيصدر . (على بركات ، مرجع سابق ص404) .
         
 
لم يثر هذا الفرض أدنى مشكلة ، فقد أجمع الفقه في مصر وفرنسا على أن مجرد الاتفاق على التحكيم - شرطا كان أو مشارطة - لا يمنع الخصوم من الالتجاء الى قاضي الأمور المستعجلة طلبا لاتخاذ أى إجراء تحفظي أو وقتي أو الفصل في الأمور المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت ، طالما أن هيئة التحكيم لم تتشكل بعد .
 
في مثل هذه الحالة تختص هيئة التحكيم وحدها بالمسائل التحفظية والوقتية لانتفاء الحكمة من اللجوء لقاضي الأمور المستعجلة . كما أن هيئة التحكيم هو الأقدر على الحكم في المسائل الوقتية . كما أن الخصوم يقبلون الحكم الصادر في المسألة الوقتية من المحكم .
وتنص المادة 14 من قانون التحكيم على اختصاص المحكمة المختصة بنظر النزاع بناء على طلب أحد طرفة الاتفاق على التحكيم بالأمر باتخاذ تدابير وقتية قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها .
وأجازت المادة 24 من هذا القانون لطرفى التحكيم الاتفاق على أن يكون لهيئة التحكيم بناء على طلب أحدهما الأمر باتخاذ ما تراه منها - الإجراءات الوقتية والتحفظية - مع تقديم ما يضمن تغطية النفقات اللازمة لاتخاذ هذه الإجراءات وتنص المادة 42 من هذا القانون أيضا على أنه يجوز أن تصدر هيئة التحكيم أحكاما وقتية أو في جزء من الطلبات وذلك قبل إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها ، وعلى ذلك يمكن القول بأن الاختصاص المسائل المستعجلة يكون مشتركا بين هيئة التحكيم والمحكمة المختصة وفقا للمواد 14 ، 24 ، 42 من قانون التحكيم .