احكام نقض فى التحكيم (2)
 
"        المحكمة- بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث أن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم ....... لسنة ...... مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي مبلغ مليوم وخمسمائة وستة وستين ألف وخمسمائة وتسعة عشر فرنكاً سويسرياً و75 سنتيما ، وقالت بياناً لدعواها أنها تداين المطعون عليها بهذا المبلغ نتيجة لما أسفرت عنه عملية مقاولة من الباطن في مجال المسح والتصوير الجوي الخرائط طبقا للثابت من إقرارها المؤرخ 22/10/1978 ، وإذ امتنعت المطعون عليها عن سداده رغم إنذارها بتاريخ 15/12/1984 فقد أقامت الدعوى بتاريخ 10/1/1988 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص هيئة التحكيم بجنيف بنظرها طبقاً لعقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1974 . استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2041 سنة 102ق ، وبتاريخ 8/11/1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث أن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه أمام محكمة الاستئناف بدفاع حاصله أن الحكم الابتدائي أخطأ- إذ قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص هيئة التحكيم في جنيف بالفصل فيها على ما ذهب إليه من أن مبنى المديوينة هو عقد المقاولة المبرم بين الطرفين في 31/7/1974 والذي تضمن شرط التحكيم في حين أن الدعوى مطالبة بدين سندها إقرار المطعون عليها بالمديونية المؤرخ 22/10/1978- الملزم لها- ولا تعتبر في تكييفها القانوني الصحيح منازعة ناشئة عن ذلك العقد مما يدور حول تنفيذه أو تفسيره أة وقفه أو إنهائه غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً وارداً وقضى بتأييد الحكم المستأنف معتنقاً الأسباب الالتي أقيم عليها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث أن هذا النعى في غير محله ذلك أن مفاد ما نصت عليه المادة 501 من قانون المرافعات- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء الى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً ، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساساً الى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة على اتفاق الطرفين ، وأنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج وعلى يد أشخاص غير مصريين ، ولأن التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات . قوامه . الخروج على طرق التقاضي العادية فه مقصور على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم ، يستوي في ذلك أن يكون الاتفاق على التحكيم في نزاع معين أو وثيقة خاصة أو انصرف الى جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين فلا يمتد نطاق التحكيم الى عقد لم تنصرف إرادة الطرفين الى فض النزاع بشأنه عن طريق التحكيم ، أو الى اتفاق لاحق له ما لم يكن بينهما رباط لا ينفصم بحيث لا يستكمل- دون الجمع بينهما- اتفاق ، أو يفض- مع الفصل بينهما- خلاف ، كما أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الوقائع في الدعوى وإعطائها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها واستظهار نية طرفيها بما تراه أو في بمقصودها مادامت قد أقامن قضائها على أسباب سائغة ، وطالما أنها لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الظاهر لعباراتها . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم الابتدائي- المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه خلص وفي نطاق ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية- الى أن المديوينة الثابتة بالمحرر المؤرخ 22/10/1978 ناشئة عن عقد المقاولة المؤرخ 31/7/1974 المبرم بين الطرفين والذي تضمن البند 24 منه تنظيم وسيلة التحكيم في جميع المنازعات والخلافات التي تثور بينهما عند تنفيذ هذا العقد أو تفسيره أو التي تنشأ بسببه أو في حالة وقفه أو إنهائه مطرحاً دفاع الطاعنة بأن المطالبة محل الدعوى سندها إقرار بالمديونية مستقل بذاته عن العقد ورتبت على ذلك قضائها بقبول الدفع المبدي من المطعون عليها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى واختصاص هيئة التحكيم بجنيف بالفصل فيها طبقا لشرط التحكيم المتفق عليه بالعقد سالف الإشارة ، وكان هذا الاستخلاص سائغا وله سنده من أوراق الدعوى ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه والرد على دفاع الطاعن الذي تمسك به فإن النعى على الحكم بما ورد بسبب الطعن يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 52 لسنة 60ق جلسة 27/2/1994 س45 ص445)
"        المسائل التي انصب عليها التحكيم وبالتالي كانت سبباً للالتزام في السند إنما تتناول الجريمة ذاتها وتستهدف تحديد المسئول عنها وهى من المسائل المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز أن يرد الصلح عليها وبالتالي لا يصح أن تكون موضوعاً لتحكيم وهو ما يستتبع أن يكون الالتزام المثبت في السند باطلاً لعدم مشروعية سببه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه .
(نقض 2/12/1980 ، الطعن رقم 625 لسنة 47ق ج2 س31 ص1989)
"        الاتفاق على التحكيم- اشتماله على منازعات لا يجوز فيها التحكيم . أثره . بطلان هذا الشق وحده ما لم يثبت مدعى البطلان أن هذا الشق لا ينفصل عن جملة الاتفاق .
(نقض 19/11/1987 ، الطعن رقم 1479 لسنة 53ق)
"        التحكيم هو مشارطة بين متعاقدين أى اتفاق على التزامات متبادلة بالنزول على حكم المحكمين ، وبطلان المشارطات لعدم الأهلية هو بحكم المادتين 131 ، 132 من القانون المدني بطلان نسبي يخص عديم الأهلية فلا يجوز لذي الأهلية التمسك به .
(نقض ، الطعن رقم 73 لسنة 71ق جلسة 18/11/1948)
"        تنص المادة 501 من قانون المرافعات في فقرتها الرابعة (المقابلة للمادة 11 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994) على أنه  " لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح .... وفي المادة 551 من القانون المدني على أنه " لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام ... فإن مفاد ذلك- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه لا يجوز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية وإلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام ، ولما كان البين من محضر التحكيم والصلح المؤرخ 12/4/1984- محل التداعي- أنه فصل في مسألة جنائية هى ما أسند الى شقيق الطاعن الثاني من اتهام بقتل المطعون عليه الأول- منتهياً الى ثبوت هذا الاتهام في حقه على ما قالة أنه تبين للمحكمين أن المتهم ...... (شقيق الطاعن الثاني) هو القاتل الحقيقي للمجني عليه ........ (شقيق المطعون عليه الأول) وأن باقي المتهمين وهم .............. فلم يثبت لديهم اشتراكهم في الجريمة إذ نفى شقيق المجني عليه اشتراكهم في قتله أو اتهامه لهم ، وأنه تاسيسا على ذلك حكموا على الطاعنين بدفع عشرين ألف جنيه للمطعون عليه بشرط ألا يرد الاعتداء ، بما مؤداه أن التحكيم انصب على جريمة القتل العمد ذاتها واستهدف تحديد المتهم بالقتل وثبوت الاتهام في حقه ، وأنها كانت سبباً للإلزام بالمبلغ المحكوم به على نحو ما أورده حكم المحكمين ، وإذ كانت هذه المسألة تتعلق بالنظام العام لا يجوز أن يرد الصلح عليها وبالتالي لا يصح أن تكون موضوعاً لتحكيم مما لازمه بطلان الالتزام الذي تضمنه حكم المحكمين لعدم مشروعية سببه .
(نقض مدني ، الطعن رقم 795 لسنة 60ق جلسة 26/5/1996
مجموعة الأحكام س47)