تنص المادة (102 مكرراً) من قانون العقوبات على أنه "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز مائتى جنيه كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة .
وتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب .
ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرة الأولى كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن شيئا مما نص عليه في الفقرة المذكورة ، إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها ، وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية المخصصة ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر ".
هذه المادة أضيفت بالقانون رقم 112 لسنة 1957 الصادر في 19/5/1957 والمنشور في الوقائع المصرية في 19/5/1957 العدد 39 مكرر ، وقد عدلت بالقانون رقم 34 لسنة 1970 الصادر في 24 مايو سنة 1970 والمنشور بالجريدة الرسمية في 28/5/1970 العدد 22 .
وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 112 لسنة 1957 بشأن هذه المادة أنها مادة جديدة رؤى سنها للضرب على أيدي العابثين من يعمدون الى ترويج الأكاذيب أو بث الدعايات المثيرة التي يكون من شأنها تكدير الأمن أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة ويقصد بهذا النص الحرص على استقرار السكينة في ربوع البلد لتنصرف الجهود الى العمل المثمر دون يأس أو تخلف – وقد كان الأمر العسكري رقم 46 الصادر في 20 سبتمبر سنة 1952 يعاقب على هذه الجريمة بالسجن فرؤى أن يكون عقابها في النص المقترح بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين للموازنة بين حكمها وبين العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها في المادة 188 عقوبات .
واشتملت المادة المقترحة على فقرة ثانية (المقصود بها الفقرة الثالثة بعد التعديل بالقانون رقم 34 لسنة 1970) تعاقب على حيازة أو إحراز المحررات أو المطبوعات المتضمنة شيئا مما نص عليه في الفقرة السابقة إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها ولابس ضبطها حالة الظروف أو ظرف لا يمكن معه إلا اعتبار هذه المحررات أو المطبوعات معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير كما تعاقب على حيازة أو إحراز وسائل الطبع والتسجيل والإذاعة التي تخصص لتكون أدارة لترويج الأكاذيب أو بث الدعايات وغني عن البيان أن عبء إثبات هذا التخصص يقع على عاتق النيابة العامة.
•        إذاعة إشاعات كاذبة أو بث دعايات مثيرة من شأنها تكدير الأمن العام أو إحراز مطبوعات تتضمنها أو وسائل  طبع أو تسجيل أو علانية مخصصة ولو وقتيا لها :
•        طبيعة الجريمة :
الجريمة في صورتها الأولى من الجرائم الشكلية والحدث فيها نفسي مجرد هو طرق الأخبار أو البيانات أو الإشاعات الكاذبة أو المغرضة أو الدعايات المثيرة نفسيات الآخرين دون أن يتطلب القانون أن ينشأ عنها فعلا تكدير الأمن العام أ و إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة  وما الى ذلك من ضرر ولا أن يتشكل في الواقع خطر ينذر بذلك ويقام الدليل على نشوئه ، إذ يكفي حسب نموذج الجريمة أن تكون الأخبار أو البيانات أو الإشاعات أو الدعايات من شأنها في عدد ذي بال من الحالات وحسب المجرى المعتاد للأمور أن تحدث تلك النتيجة ، ولو لم تقع بالفعل ولو لم يمثل خطر وقوعها .
والصورة الثانية : تكون الجريمة فيها كذلك شكلية ، وإنما ذات حدث مادي مجرد هو إيجاد الفاعل صلة بين شخصه وبين محررات أو مطبوعات تتضمن ذلك النوع من الأخبار أو البيانات أو الإشاعات الكاذبة أو المغرضة أو الدعايات المثيرة ، متى كانت هذه المحررات أو المطبوعات معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها .
والصورة الثالثة : تكون الجريمة فيها شكلية أيضا ذات حدث مادي مجرد هو إيجاد الفاعل صلة بين شخصه وبين وسائل طبع أو تسجيل أو علانية مخصصة ولو وقتيا لطبع منشورات أو تسجيل أحاديث أو إذاعة تصريحات تتضمن أخبارا أو بيانات أو إشاعات أو دعايات من ذلك القبيل .
•        الركن المادي للجريمة :
السلوك المكون ماديا للجريمة في صورتها الأولى سلوك ذو مضمون نفسي هو الإذاعة أى الإعلان بطريق التخاطب مع الغير أو استعمال مذياع ، وهذا المضمون النفسي الذي ينتج عن السلوك بلوغه نفسيات الآخرين ، أخبار أو بيانات أو إشاعات تتميز بأنها كاذبة أى يعلم الفاعل مغايرتها للحقيقة ، أو مغرضة أى يهدف الفاعل من ورائها الى غرض آخر غير مجرد التبصير بالحقائق ، أو دعايات تتميز بأنها مثيرة أى مما يحدث في النفوس إهاجة وتوترا وتلزم خصيصة أخرى في تلك الأخبار أو البيانات أو الإشاعات أو الدعايات ، هى أن تكون حسب ما علمته التجربة والخبرة مما يحدث تكديرا للشعور بالأمن العام أو يلقى الرعب بين الناس أو يلحق ضررا بالمصلحة العامة .
فمن قبيل الخبر الكاذب الذي من شأنه ذلك ، إذاعة حدوث حرب أهلية جاد بها خيال المذيع ، ومن قبيل الخبر المغرض المغالاة في تصوير حادث وقع فعلا بإعطائه على غير الحقيقة صورة الحرب الأهلية .
أما البيان الكاذب فهو إفصاح عن أمر شخصي مكذوب ،  يعلن فيه صاحب البيان عن شيء عاينه شخصيا مع أنه لم يحدث مثل مقتل أحد القادة السياسيين ، والبيان المغرض أن يفصح صاحبه عن كونه شاهد عشرات القتلة في واقعة لم يكن ضحية لها سوى قتيل واحد .
 والإشاعة الكاذبة هى التعليق على واقعة  حدثت فعلا بما لا يتفق مع حقيقتها بخصوص الدافع عليها ومن كان طرفا فيها ، والإشاعة المغرضة هى التعليق على واقعة بأمر له ظل من الحقيقة وإنما مبالغ فيه .
والدعاية المثيرة من قبيلها التعليق على مسلك برئ بما يضفي عليه ظلالا من الشبهة  ويثير الغبار المصطنع حول صاحبه ويجلب له الزراية بدلا من التقدير .
ومن البديهي أنه كلا تكون الأخبار أو البيانات أو الإشاعات الكاذبة أو المغرضة أو الدعايات المثيرة من شأنها تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق  ضرر بالمصلحة العامة ، يجب أن تكون دائرة حول أحداث عامة  أو حول شخصيات عامة أو حول واقعة فردية لها أصداؤها العامة أو تتصل بتلك الشخصيات العامة ، وأن تلهب في العادة شعورا عاما مستكنا قابلا لأن ينبثق منه انفعال عام لدى الجمهور يؤدي به الى هياج محل بالأمن أو الى تقاتل وتصارع بين فئاته أو يحدث لدى أفراده رعبا ، أو ينال من حماس الناس في سبيل المصلحة العامة .
ولا تلزم في الإذاعة طريقة من طرق العلانية لأن القانون لم يتطلب ذلك ويكفي حدوثها ولو شخص واحد لأن هذا سينقل ذات المضمون الى  غيره من الناس.
وفي الصورة الثانية للجريمة ، تتمثل الجريمة في مجرد حيازة شيء محظور عن علم بطبيعته وكنهه ، أى في مجرد إيجاد صلة بين هذا الشيء وبين شخص من أدخله  أو رضى بدخوله في حوزته ، والشيء هنا محررات أو مطبوعات تتضمن أخبارا أو بيانات أو إشاعات أو دعايات من النوع المتقدم بيانه ، بشرط أن تكون هذه المحررات أو المطبوعات معدة لتوزيعها على الآخرين أو لاطلاع الآخرين عليها ، فإن كانت معدة لإهلاكها أو إحراقها للحيلولة بينها وبين مدارك الآخرين ، لا تتوافر الجريمة بحيازتها .
ويلاحظ هنا أن القانون سوى بين الحيازة والإحراز ، وكانت تكفي كلمة الحيازة ، لأن الإحراز مجرد صورة منها تتميز باستطالة الأمد على وجود الشيء في حوزة الحائز ، ويستوي لدى القانون كذلك أن يحوز بنفسه أو أن يحوز شخص آخر لسحابه هو ، يسمى بالواسطة .
ويسري هنا ما سبق قوله من أمور في الركن المادي لما سبق الكلام عليه من جرائم الحيازة .
والسلوك المكون ماديا للصورة الثالثة في الجريمة ، هو أن يوجد الفاعل صلة بين شخصه وبين وسيلة طبع أو تسجيل أو علانية يعلم أنها معدة ولو وقتيا  لطبع أو تسجيل أو إذاعة تصريحات تتضمن أخبارا أو بيانات أو شائعات دعايات من قبيل ما تقدم ذكره .
•        الركن المعنوي :
عبرت م102  مكررا عن هذا الركن بكلمة (عمدا) ، ورغم  أن العمد ذكر  بمناسبة إذاعة الأخبار أو البيانات أو الشائعات أو الدعايات ، فإنه يصدق كذلك حتى في الصورتين الأخرتين للجريمة وفيهما تكون جريمة حيازة .
 ففي الصورة الأولى ، يجب أن تنصرف إرادة الجاني الى إذاعة الأخبار أو البيانات أو الإشاعات وهو عالم يقينا بأنها كاذبة أو مغرضة ، أو الى بث الدعايات المثيرة ، فإذا سجل لنفسه في حجرة مغلقة وعلى سبيل تمضية الوقت أخبارا أو بيانات أو إشاعات أو دعايات في شريط وأهمل بعد ذلك في الحيلولة دون وصوله الى أيدي الآخرين ، فتصادف أن وجده شخص وأداره في جهاز لمعرفة محتواه فكان أن ذاع هذا المحتوي ، فإنه لا يسأل لا الشخص الذي سجل ولا الشخص الذي أذاع ، الأول لأنه لم يقصد الإذاعة إذ لم تكن لديه نيتها ، والثاني لأنه وإن قصد الإذاعة لم يكن لديه وعى بمحتواها ، ومن ثم تخلف لديه القصد الجنائي لانتفاء شق الوعى فيه وإن وجد شق النية ، والمراد به الوعى بملابسة تطلب وصف الجريمة أن تحيط بالسلوك في سبيل أن يكون السلوك الجريمة .
وبالمثل يلزم في الصورة الثانية للجريمة أن يتوافر لدى الحائز الوعى بأن المحررات أو المطبوعات التي تسلمها بنفسه أو تسلمها غيره لحسابه تتضمن الأخبار أو البيانات أو الإشاعات أو الدعايات المحظورة في نموذج الجريمة وبأنها معدة لتوزيعها على الغير أو لاطلاع الغير عليها .
 وفي الصورة الثالثة : يلزم أن يتوافر لدى حائز وسيلة الطبع أو التسجيل أو العلانية الوعى بأنها مخصصة ولو وقتيا لطبع أو تسجيل أو إذاعة تلك الأخبار أو البيانات أو الشائعات أو الدعايات المحظورة .
•        عقوبة الجريمة :
تقرر المادة 102 مكررا للمذيع عقوبة الحبس وغرامة لا تقل عن خمسين جنيه ولا تجاوز مائتين كما تقرر ذات العقوبة لحائز المحررات أو المطبوعات ولحائز وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية .
وإذا وقعت جريمة الإذاعة في زمن الحبر والبلاد في أشد الحاجة الى تماسك جبهتها الداخلية ، صارت العقوبة على المذيع السجن وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه . (راجع في كل ما سبق الدكتور رمسيس بهنام ، مرجع سابق ص194 وما بعدها)